محرك البحث أسفله خاص بموقع بني يزناسن فقط
ذ. مجيد خروبة
ذ.مجيد خروبة باحث في ماة الجيولوجيا العيون الشرقية
قـائمـة محتـويـات الصفحـة - ثاغنسث أو الغنسة: رداء التراث والهوية - الختان من تحت ظلال شجرة " ثاخليجث نحدجام" العريقة - الأشجار المعمّرة حول الأضرحة بين سلطة الأولياء وقدسية المكان: دراسة أنثروبولوجية - نوستالجيا الزمن الجميل: الطقوس التي تسبق العيد - التعاونية الفلاحية: دراسة جغرافية وتاريخية - المونوليث الصخري في بني يزناسن - الغرب التافوغالتي سيمفونية الطبيعة - منتزه حرازة بوفلجات: مشهد طبيعي وتاريخي فراشة بشارت الخير ، اوثابشيرث ن لخبار.. الدوائر الحجرية في مقبرة سيدي علي موسى: قراءة أركيولوجية في ضوء الممارسات الجنائزية القديمة غابة تناريث: مكون بيئي استراتيجي ضمن المجال الغابوي لجماعة مشرع حمادي العيون الشرقية.. - تدبير الموارد المائية في المناطق الجبلية : قراءة في وظائف الجبّ ونظام تدبير ماء لغذير - الشيميلي في السياقات التقليدية والمعاصرة - أزرو ن خلاد: معلم طبوغرافي-جيولوجي بارز في شمال بني محيو - مستحاثات بحرية في بني يزناسن: دليل جيولوجي على الغمرات البحرية المتعاقبة - "ثاعزيلت" في المجال الجبلي اليزناسني -"اليغن" ن بني محيو: تدبير تقليدي مبتكر لمواجهة ندرة المياه.. الهياكل الحجرية العمودية اختيار المواقع السكنية في البوادي بين المعرفة الشعبية والتفسير العلمي المونوليث الصخري في بني يزناسن
ثاغنسث أو الغنسة: رداء التراث والهوية
في عمق التراث الأمازيغي، تتجلى ثاغنسث كقطعة نسيجية ينسج بين خيوطها عبق العادات العريقة وأصالة الماضي. لم تكن مجرد لباس يستر الجسد، بل امتدادًا للحياة اليومية، إذ جمعت بين البساطة والوظيفة، وعكست في تفاصيلها مزيجًا من الحنان والقوة. يُصنع هذا الرداء التقليدي عادةً من القطن أو الصوف، مما يضفي عليه طابعًا عمليًا يتلاءم مع مختلف الظروف المناخية. وتختلف طرق ارتدائه حسب المناطق والعادات؛ إذ تستخدمه بعض النساء كغطاء يشمل الرأس، بينما يكتفي البعض الآخر بلفّه حول العنق. لكن دوره يتجاوز كونه مجرد قطعة ملابس، ليصبح أداة أساسية في حياة المرأة الأمازيغية، حيث يُستخدم لحمل الأطفال على الظهر، مانحًا إياهم الدفء والأمان، أو يُستغل لنقل الأمتعة أثناء التنقل والعمل، في تجسيد لدور المرأة المحوري في المجتمع التقليدي. تحمل ثاغنسث في دلالاتها معاني الشدّ والربط، فهي ليست مجرد رداء، بل صلة وثيقة بين المرأة وواقعها، وبين الحاضر والماضي. وقد شهد هذا الرداء تطورات عبر الزمن، حيث أُدخلت عليه تحسينات في الزخرفة والخياطة، ليُعرف اليوم بأسماء متعددة مثل "الكاب" أو "الغنسة" أو "ثاغنسث"، في محاولة للحفاظ على جوهره التقليدي مع مواكبة متطلبات العصر. وهكذا، تظل ثاغنسث أكثر من مجرد قطعة قماش؛ إنها رمز لهوية متجذرة، تحكي قصة نساء حملن التراث فوق أكتافهن، ونقلنه عبر الأجيال. فهي نسيج مادي وثقافي، يشهد على صمود التقاليد التي لا تندثر و رمضان كريم للجميع.. الصور المرفقة من ويكيبيديا.
الختان من تحت ظلال شجرة " ثاخليجث نحدجام" العريقة
من تحت ظلال شجرة " ثاخليجث نحدجام" العريقة، تجتمع الذاكرة الجماعية، حيث تترابط الأسطورة بالتاريخ، وتتشابك الطقوس بالموروث الثقافي العميق. هذه الشجرة ليست مجرد نبات ضارب في الأرض، بل كيان رمزي يختزن حكايات الأجيال، شاهدة على تقاليد كانت تقام منذ عقود، حيث كان الأهالي الزناسنيون يلتئمون في حضنها، في ذلك الفضاء المقدس الذي تماهت فيه الطبيعة مع الإنسان. كانت "ثاخليجث نحدجام" ملتقىً روحيا واجتماعياً، حيث يأتون بالحجّام ليختن الصغار، وسط طقوس تحاكي امتداد الجذور في الأرض، كأنما الختان لم يكن فقط عبوراً إلى الرجولة، بل انغراساً أعمق في الهوية الجمعية. هناك، بين همسات النسوة، وأناشيد الفرح، وصرخات الأطفال الأولى، كانت هذه الشجرة تحتضن لحظات التحول، رمزاً للأمان والتقاليد الراسخة. وربما لم تكن مصادفة أن تُختار هذه الشجرة بالذات، فهي ليست مجرد عرعارٍ مسنّ( اخليج أملزي)، بل كائنٌ حيّ، حمل ذاكرة المكان، ورسّخ حضور الماضي في الحاضر، حيث لا تزال جذورها تغوص عميقاً في الأرض كما تغوص الأساطير في الوجدان الشعبي. إنها ليست مجرد شجرة، بل أرشيفٌ حيّ لثقافةٍ شفوية، متوارثة، تحكي عن تقاطع الإنسان مع الطبيعة، وعن طقوس اجتماعية تجعل من كل عنصر طبيعي جزءاً من النسيج الثقافي والرمزي للأمة. الصورة لأخليج أو ثاخليجث نحدجام من منطقة ثازقا شمال قبيلة لعشاش بني محيو.. قرب الحدود مع اولاد سعيد العرعار.
الأشجار المعمّرة حول الأضرحة بين سلطة الأولياء وقدسية المكان: دراسة أنثروبولوجية
تمثّل الأضرحة في المخيال الشعبي مراكز للسلطة الروحية، حيث يُنظر إلى الأولياء باعتبارهم وسطاء بين العالم الدنيوي والعالم الغيبي. وتمتد هذه السلطة لتشمل الفضاء المحيط بالأضرحة، مما يكرّس مفهوم "المكان المقدس"، الذي لا يقتصر على البعد المادي فقط، بل يشمل أيضًا العناصر الطبيعية المحيطة به. وتُعَدّ الأشجار المعمّرة أحد أبرز هذه العناصر، إذ يعتقد الناس أن البركة المتصلة بالأولياء تمتد إليها، مما يمنحها بُعدًا روحانيًا ويجعل المساس بها أو قطعها أمرًا محفوفًا بالمحاذير والمحرمات. في العديد من المواقع التي تحتضن أضرحة الأولياء، تكتسب الأشجار المعمّرة قدسية مستمدة من المكان نفسه. ففي مناطق مثل ضريح سيدي بلعباس (لعثامنة)، وسيدي امحمد أويحي (طريق ماسين العيون)، وسيدي عمر الشرعي وسيدي حمو (تيزي نتاسا)، وسيدي عقبة (الشرايع) ضمن تراب بني محيو، تحظى هذه الأشجار بمكانة خاصة لدى البعض من السكان المحليين. فهم يعتقدون أن لهذه الأشجار "بركة" نابعة من قربها من الأولياء المدفونين، مما يجعلهم يحجمون عن قطعها أو الإضرار بها، خشية فقدان البركة أو التعرض لعقوبات غيبية. بعض الطقوس والممارسات المرتبطة بتقديس الأشجار: 1. التبرك بالتربة والأوراق والأغصان: يعتقد الزوار أن هذه العناصر الطبيعية تحمل "بركة" الأولياء، ويمكن استخدامها لأغراض علاجية أو وقائية. 2. تعليق الملابس أو التمائم ("لحروز"): تمثل هذه العادة وسيلة لتحقيق الأمنيات (مثل الزواج) أو دفع الشرور، كالعين والحسد والسحر. 3. الامتناع عن الإضرار بالأشجار: تُعتبر الأشجار المحيطة بالأضرحة امتدادًا لسلطة الولي، لذلك يُحجم السكان عن قطعها أو استخدامها لأغراض دنيوية، خوفًا من العقاب الغيبي. ملاحظة: "هذه الدراسة تتناول الموضوع من منظور أنثروبولوجي بحت. أما من الناحية الشرعية، فالأمر محسوم بوضوح. ولله الحمد، فإن الوعي الديني قد ترسخ، وأصبحت المفاهيم واضحة، مما ساهم في بناء فكر قوي ومناعة دينية مكّنت الأفراد من التمييز بين ما ينبغي فعله وما يجب تركه، مع وجود بعض الاستثناءات."
نوستالجيا الزمن الجميل: الطقوس التي تسبق العيد
تتجلى في الذاكرة الشعبية مشاهد لا تُمحى، تحمل في طياتها روح العيد ودفء الاستعداد له، حيث كانت الطقوس التي تسبقه تعكس أنماط الحياة الاجتماعية وتقاليد المجتمعات، خاصة في البيئات الريفية. كانت النسوة، رغم مشقة الصيام، يضطلعن بمهمة إعداد المنازل وتجديدها، إذ لم تقتصر هذه الاستعدادات على التنظيف فحسب، بل امتدت لتشمل إصلاحات هيكلية، سواء داخل البيت أو في محيطه، بما في ذلك الزريبة، الحوش، والكعدة، مما يضفى على المكان طابعًا احتفاليًا خاصًا، يعبّر عن العناية والاهتمام. احتلت عمليات الترميم والصيانة حيزًا مهمًا في هذه التحضيرات، حيث كانت النساء يقمن بإصلاح التشققات في الجدران، وترميم الأبواب والنوافذ، قبل أن يشرعن في طلاء الجدران بالجير الأبيض أو تلوينها بألوان زاهية، تتناغم مع الزخارف التقليدية التي تعكس الثقافة المحلية والذوق الجمالي الخاص بكل أسرة. ولم يكن طلاء الأبواب والنوافذ مجرد عملية تجميلية، بل كان يحمل دلالة احتفالية، إذ يضفي على البيوت إشراقًا يعكس فرحة العيد المنتظر. أما الصغار، فكان لهم نصيب من هذه الطقوس، حيث يكُلّفون بمهمات بسيطة ينجزونها بحماسة طفولية، تاركين بصماتهم على الجدران المطلية حديثًا، وكأنهم يخلدون لحظات الفرح في ذاكرة المكان. وبعد الانتهاء من الإصلاحات، كل الاهتمام يتجه نحو تنظيف الأواني والخزانات وترتيب البيوت، في مشهد يعكس روح النظام والتجدد. لكن من أكثر الطقوس رسوخًا في الذاكرة، تلك الرحلة الجماعية إلى الوادي أو العين، حيث تحمل النساء الفُرُش والأغطية والملابس على الدواب، في موكب أشبه بمهرجان طقوسي، يعبق برائحة الصابون المعطر ونسيم الطبيعة المنعش. عند ضفاف الوادي، كانت الأغطية المفروشة على الصخور تتلقى دفء الشمس بعد تنظيفها، مما يخلق مشهدًا بصريًا مميزًا، يكتمل بإيقاع ضربات الأقدام على الأفرشة المبتلة، وضحكات النساء المتبادلة، وأحاديثهن التي تنسج خيوطًا من الحنين، تتراوح بين أخبار القريب والبعيد. أما الأطفال، فقد وجدوا في هذا الفضاء الطبيعي عالمهم الخاص، متنقلين بين اللعب في التراب، وجمع الأحجار المصقولة بالمياه، والسباحة في الجدول الرقراق، وكأنهم جزء من سيمفونية تناغمت فيها الطبيعة مع الإنسان. وها أنا اليوم أستعيد هذه الذكريات، فيما يخفق قلبي مع كل صورة تعود إلى ذلك الزمن، الذي لم يكن مجرد ماضٍ عابر، بل كان شاهدًا على نمط حياة ساده التعاون والتكافل، حيث لم يكن الاستعداد للعيد مجرد تحضير مادي، بل طقسًا اجتماعيًا يحمل في طياته روح البهجة، ويعكس قيمًا أصيلة قامت عليها مجتمعات الأمس، حيث كان الفرح يُبنى بتكاتف الأيدي، وكانت البساطة في حد ذاتها عيدًا.
التعاونية الفلاحية: دراسة جغرافية وتاريخية
تقع التعاونية الفلاحية في محيط بني يزناسن ضمن تراب جماعة مستكمر، شمال الطريق الوطنية رقم 06، بين النقطتين الكيلومتريتين 17 و20 غرب مدينة العيون الشرقية. تمتد على طول يقارب ثلاثة كيلومترات، بين سيدي عقبة شرقًا وسهل العصلة غربًا، ويحدها واد القصب شمالًا وتلال تاكرومت جنوبًا. تبلغ مساحتها حوالي 350 هكتارًا (مع إضافة 10 هكتارات وفق بعض الروايات)، وتضم أراضي مسقية وأخرى بورية، مما يتيح تنوعًا زراعيًا يساهم في تنمية الأنشطة الفلاحية المختلفة. تم استغلال هذه الأراضي وتأهيلها زراعيًا خلال فترة الاستعمار الفرنسي، حيث كانت تُعرف باسم ،"فيرمة ديبوا " "Ferme de Dubois"، وقد أُسندت إدارتها آنذاك إلى الإسباني"ميگيل" "Miguel". في 19 دجنبر 1976، انتقلت ملكية هذه الأرض إلى شركة صوجيطا، قبل أن تتم إعادة توزيعها لاحقًا في إطار سياسة الإصلاح الزراعي، لتُخصص لصغار الفلاحين. أسفر توزيع الأراضي عن تشكيل تعاونية فلاحية تتألف من 24 ضيعة، مُنحت إلى 24 عائلة. وزعت هذه العائلات بين أربع أسر من بني وكيل، وعائلة واحدة من بني يزناسن، بينما ينتمي باقي المستفيدين إلى بني بوزكو، حسب شهادات السكان المحليين. وفقًا للمصادر الشفوية المعتمدة، هناك اختلاف في التواريخ المتعلقة بانتقال ملكية الأرض، حيث ذُكرت سنوات 1976، 1978، و1979 كمحطات زمنية لهذا التحول. اعتقد أن العملية تمت على مرحلتين رئيسيتين: الأولى عند انتقالها من المعمرين إلى صوجيطا، والثانية عند إعادة توزيعها على العائلات المغربية، وربما تم ذلك عبر مراحل متعددة. ويبقى المجال مفتوحًا لتصحيح او اضافة أي معطيات جديدة. تُظهر الصور الميدانية اثار العديد من المنشآت الزراعية التي تعود إلى الفترة الاستعمارية، مثل أطلال الآبار، المباني القديمة، الإسطبلات، والسواقي، مما يعكس تاريخ استغلال هذه الأراضي ودورها في الإنتاج الفلاحي على مدى العقود الماضية.
المونوليث الصخري في بني يزناسن: دراسة جيولوجية لتكوين جيومورفولوجي فريد من نوعه..
يشكل "المونوليث" الصخري الواقع على مشارف باب زكزل من الجهة الغربية ، نموذجًا جيومورفولوجيًا نادرا في (جبال بني يزناسن)، ويعرف جيومورفولوجيا بـ "المونوليث المعزول" (monolithe isolé)، وهو تكوين صخري ضخم قائم بذاته، ناتج عن سلسلة معقدة من العمليات الجيولوجية الممتدة عبر ملايين السنين. ينتمي هذا المونوليث إلى تكوينات صخرية ذات أصل كربوناتي، تتكون أساسًا من الصخور الجيرية (calcaires) والكالسيت، بالإضافة إلى (السليس)، ويُرجَّح أن تعود هذه الصخور إلى العصر الجوراسي (Jurassique)، وذلك وفقًا للمعطيات المتوفرة في الخريطة الجيولوجية للجهة الشرقية . وتشير الأدلة الجيولوجية إلى أن هذه الصخور قد ترسّبت في بيئة بحرية ضحلة خلال حقبة امتدت ما بين 200 و146 مليون سنة،حسب. (السلم الاستراتيغرافي) ،وهي فترة تميزت بنشاط رسوبي كثيف وتنوع بيئي غني.. عقب هذه المرحلة الرسوبية، خضعت المنطقة إلى عدة مراحل من الحركات التكتونية (mouvements tectoniques) . وقد ساهمت هذه الحركات في رفع التكوينات الرسوبية نحو السطح، وخلقت شبكات من الفوالق (failles) والانكسارات، التي أدت إلى عزل كتل صخرية معينة عن محيطها. ويُرجّح أن المونوليث الموجود في زكزل ربما هو نتيجة مباشرة لعملية رفع موضعي (soulèvement localisé)، جعلته في موقع أكثر عرضة لعوامل التعرية من الكتل المجاورة. وربما بعد هذا الرفع التكتوني، تدخلت عوامل التعرية الطبيعية (agents d’érosion naturelle) مثل مياه الأمطار والرياح، والتغيرات الحرارية اليومية والموسمية، في تفكيك الصخور المحيطة به ذات الصلابة البنيوية الأدنى. وفي المقابل، حافظت الكتلة المركزية، المكونة من صخور جيرية كثيفة وصلبة مدعّمة بعينات السليس والكالسيت، على تماسكها البنيوي، بفضل مقاومتها العالية للتعرية. هذه الظاهرة تُعرف علميًا بـ التعرية التفاضلية (érosion différentielle)، وهي المسؤولة عن بروز التكوينات المعزولة من هذا النوع.(بتحفظ) تجدر الإشارة إلى وجود عدة مونوليثات أخرى موزعة على امتداد جبال بني يزناسن، مما يعكس التراكم الجيولوجي المركب لهذه السلسلة، ويوفر أرضية خصبة للبحث العلمي الجيومورفولوجي والجيولوجي في المنطقة، خاصةً في ظل ضعف التوثيق الأكاديمي لهذه الظواهر محليًا. هذه النماذج من المونوليث وأخرى أعرفها لم أدرجها ...من الناحية الانثروبولوجيا نسيت أكثرها (لعروسة 'ثاسليت، لعروسة الممسوخة ،عروسة عين الببوشة وهكذا .. تبقى قيد الدراسة ،وفي منشور مستقل إن توفرت المعلومات الكافية إن شاء الله ...
الغرب التافوغالتي سيمفونية الطبيعة
عبر الطريق الجهوية P6012، غرب قرية تافوغالت، يمتدّ مسار فاتن يشقّ صدور الجبال المعمّدة بالخضرة، في مشهد يأسر الحواس ويوقظ مكامن الخيال. على جانبيه، تنتشر أشجار البلوط، والزيتون البري، والعرعار، والخروب، والضرو، مشكلةً غطاءً غابويًا بالغ الثراء والتنوع، كأنها آياتٌ من جمال، نسجها الخالق سبحانه في ملكوته، بإتقان لا يُجارى وجمال لا يُضاهى. قرب بني كمكام، تنساب الطريق المعبّدة برشاقة بين منعرجات صخرية شاهقة، تبدو كأنها حراس الزمن، تراقب العابرين بصمت مطمئن، وتفتح لهم دروب الاكتشاف. ليست الصخور الجيرية والكلسية مجرد كتل جامدة، بل ذاكرة جيولوجية نابضة، تخبّئ في تجاويفها أسرارًا ضاربة في عمق الأزمنة، كأنها هدايا الطبيعة تُكشف لأول مرة في طقس احتفالي صامت، لا تدركه إلا الأرواح المُرهفة. وعبر المنحدرات المتعرّجة، ترسم المدرجات الزراعية كأنها لوحة فنية تأسر الطبيعة البكر الزائرَ بهيبتها. إلى حدود مشارف دوار أولاد يحيى، تتبدّد التضاريس الوعرة ليفتح المشهد على سهل يزناسني فسيح، يدهش العين بانبساطه الأخضر، حيث تنتظم المزارع في تنسيق هندسي دقيق، وتمتد بين دواوير أولاد اعمر والزعارة، كأنها جنّات مصغّرة تنعم بالسكينة في حضن الجبال. الحقول، بتنوع مغروساتها من أشجار وحبوب وقطاني وخضروات موسمية، ترسم لوحة فنية متقنة، كأن الأرض تبوح فيها بمكنون جمالها في رقعة شطرنج طبيعية متناهية الدقة. وعلى جانب الطريق، تفاجئك "عين افساسن" بمائها الزلال، وقد أوقفها أهل الإحسان ابتغاء الأجر، فغدت محطة للارتواء والاستراحة. الطرقات المعبّدة التي تخترق المنطقة لم تيسّر فقط سبل التنقل، بل فتحت آفاقًا جديدة لاكتشاف هذا الفردوس المنسي، وجعلت السير في ربوعه، خاصة في فصل الربيع، أشبه بنزهة في جنات الأرض. الأزهار البرية تتفتح على جانبي الطريق، بألوان زاهية وروائح عطرة، وكأن الطبيعة ارتدت فستان عروس في كامل زينتها وبهائها. أما التربة، فتميل إلى الحمرة في معظم مناطقها، وتتدرج نحو اللون الأصفر الصلصالي كلما اتجهنا جنوبًا نحو أولاد اعمرو، في لوحة جيولوجية نادرة تنطق بتنوعها وغناها الباطني. وأما ثمار الأرض من فواكه وخضر، فهي ذات طعم لا يُنسى؛ من يقتنيها أو يتذوقها مرة، يحمل في ذاكرته الحسية حنينًا دائمًا للعودة. بعض الصور يوم التقاطها مرفقة بشروحات .
منتزه حرازة بوفلجات: مشهد طبيعي وتاريخي
يقع منتزه حرازة بوفلجات في أقصى الجنوب الشرقي لقبائل بني يزناسن، بمحاذاة الحدود الإدارية لجماعة وجدة أنكاد، كان يفصل بين المنطقتين وادٍ صغير يُعدّ بمثابة حدّ طبيعي قبل اعتماد التقسيمات الإدارية الحديثة. وتشكّل اليوم الطريق الجهوية غير المصنّفة الحدّ الفاصل بين أراضي أهل أنكاد وبني يزناسن، علماً بأن بعض الأسر من الشحالفة، أحد بطون بني يزناسن، لا تزال تستوطن أطراف المنتزه، بعدما كانت تستغل أراضيه زراعيًا قبل المرحلة الاستعمارية. يتجلى المنتزه اليوم في صورة غابة كثيفة، يغلب عليها غطاء نباتي من الصنوبر الحلبي وأشجار الأوكالبتوس،وبعض الأشجار الاخرى ،وتُعرف محليًا باسم "غابة المقتلة"، وهو اسمٌ موغل في التاريخ، يحيل إلى صراعات دامية نشبت في الماضي بين بني يزناسن وبعض القبائل المجاورة حول الأرض. خلال فترة الاحتلال الفرنسي، صادرت الإدارة الاستعمارية هذه الأراضي الخصبة، التي كانت تُقدّر مساحتها بنحو 650 هكتارًا، وضمّتها إلى أملاك الدولة الاستعمارية، وقد استغلها معمّرين فرنسيين، "توري" و"ناشر"، بحسب مصدر محلي (الأسماء بتحفظ). وأقام هؤلاء منشآت فلاحية متطورة نسبيًا آنذاك، لا تزال بعض آثارها إلى اليوم، من بقايا الاسطبلات والمرافق... ومع نهاية الحقبة الاستعمارية واسترجاع السيادة الوطنية، اندلعت نزاعات محلية حول ملكية الأرض، مما دفع الدولة المغربية إلى ضمّها إلى أملاك إدارة المياه والغابات. ومنذ ذلك الحين، خضعت المنطقة لبرامج تشجير وإعادة تأهيل، اعتمدت أساسًا على غرس أنواع غابوية ، مثل الصنوبر الحلبي والأوكالبتوس وغيرها .. ورغم التغيرات المناخية التي عرفتها المنطقة، خاصة موجات الجفاف المتكررة خلال السنوات الأخيرة، ما تزال الغابة تحافظ على كثافتها النسبية وتضطلع بأدوار بيئية محورية، كما تُشكّل متنفسًا طبيعيًا واجتماعيًا لسكان مدينة وجدة وضواحيها، وفضاءً ترفيهيًا يرتاده الزوار من مختلف المناطق المجاورة.
فراشة بشارت الخير ، أوثابشيرث ن لخبار..
المعروفة ب عثة أبو الهول أو فراشة الصقر، – تتميز أفراد هذه الفصيلة بأجسامها الانسيابية وأجنحتها الضيقة والقوية التي تمكنها من الطيران السريع والثابت، بل وبعض الأنواع قادرة على التحليق في مكانها كما تفعل الطيور الطنانة. – ثايتشة ن تيزگي الدودة ديال تيزگي..وقد تختلف الأسماء والمسمى واحد.. هي اليرقات (أو الديدان القرنية) لهذه الفصيلة معروفة بالزوائد القرنية الموجودة عادة في نهاية البطن، وهو ما يميزها بصريًا عن يرقات العثث الأخرى.تكاد تجدها اليوم في كل مكان فيه الاعشاب...
الدوائر الحجرية في مقبرة سيدي علي موسى: قراءة أركيولوجية في ضوء الممارسات الجنائزية القديمة
تُعدّ مقبرة سيدي علي موسى، الواقعة في أقصى الجنوب الغربي لمنطقة بني يزناسن، نموذجًا استثنائيًا ضمن الخارطة الجنائزية المحلية، لما تحتويه من معالم معمارية متميزة، أبرزها القبور المحاطة بدوائر حجرية غير منتظمة. وتثير هذه المعالم تساؤلات عميقة حول أصولها ودلالاتها الثقافية والاجتماعية، ما يستدعي تناولًا أركيولوجيًا وأنثروبولوجيًا يُسهم في تفكيك رموزها وفهم أدوارها داخل النسيج الطقوسي. الدوائر الحجرية: بين البنية الاجتماعية والدلالة الرمزية كشفت المعاينة الميدانية للموقع عن وجود تنظيم شبه محكم يتمثل في دوائر حجرية تحيط بالقبور، تتفاوت أقطارها بين ثلاثة وخمسة أمتار، وتُشيّد باستخدام أحجار محلية غير مصقولة، وتشير شهادات محلية إلى أن هذه الدوائر تُخصّص غالبًا لأفراد من العائلة نفسها، ما يُضفي عليها طابعًا اجتماعيًا يُجسد استمرارية الرابط الأسري حتى بعد الموت، ويؤسس لبنية جنائزية تُكرّس الانتماء الجماعي. وعلى المستوى الرمزي، اعتقد ان هذه الدوائر تحيل إلى ممارسات جنائزية موغلة في القِدم، شبيهة بتقليد الميغاليث، ولا سيما الدولمن الموجود في شمال غرب بني يزناسن. ورغم اختلاف الشكل المعماري، إلا أن الوظيفة الرمزية تبدو متقاطعة، إذ تعمل كلتاهما على ترسيم المجال المقدس المرتبط بالموت، وتجسيد مفهوم الخلود من خلال توظيف الحجر كمادة دائمة. ومن هنا يمكن طرح فرضية مفادها أن هذه الدوائر تمثل استمرارية محلية مُحوّرة لممارسات جنائزية ضاربة في القدم، أعادت الجماعة أو الساكنة تشكيلها وفق خصوصياتها البيئية والعقائدية. تبقى قراءة شخصية غير مدعمة...
غابة تناريث: مكون بيئي استراتيجي ضمن المجال الغابوي لجماعة مشرع حمادي العيون الشرقية..
غابة تناريث: مكون بيئي استراتيجي ضمن المجال الغابوي لجماعة مشرع حمادي العيون الشرقية.. تُعد غابة تناريث من أبرز التشكيلات البيئية الطبيعية الواقعة شمال جماعة مشرع حمادي بإقليم تاوريرت. وتمتد على نطاق جغرافي واسع يغطي الجزء الشمالي من الجماعة، حيث تنطلق حدودها من منطقة حجرة السبع غربًا إلى مشارف جبل سرغين شرقًا، ويحدّها من الشمال مجال جماعة الشويحية. ويمنح هذا الامتداد الطبيعي الغابة تنوعًا طبوغرافيًا ومناخيًا يساهم في تشكيل نظام بيئي متكامل، يتميز بخصوصيات إيكولوجية فريدة. أولًا: الخصائص الطبيعية والتنوع النباتي تتموقع غابة تناريث ضمن مجال تلّي هضبي في مجمله ،يخضع لمناخ متوسطي شبه جاف، وتغطيها تربة سطحية إلى متوسطة العمق، تتنوع في طبيعتها وتُعد ملائمة لنمو غطاء نباتي متنوع. وتتميز هذه الغابة بوجود تشكيلات نباتية طبيعية غنية، تعكس تفاعل العوامل المناخية والجيولوجية مع أنماط التدخل البشري التقليدي الذي لم يخلّ بشكل كبير بالتوازن البيئي العام. ويغلب على الغابة حضور أنواع نباتية مقاومة للجفاف، من أهمها: اشجار البلوط ، الضرو، الصنوبر الحلبي، الأوكالبتوس، العرعار، الخروب...ووووإلخ النباتات الرعوية وشبه الشجيرية: ثوزالت، الكندول، الأورم، الحلفاء، الدوم...وووإلخ النباتات العطرية والطبية: الفليو، الخزامى، الزيوشن، إكليل الجبل، الشيح، المريوة، الشنگورة.امليلس،السالمية بوزفور..وووالخ ثانيًا: التنوع الحيواني (الوحيش) تلعب الغابة دورًا مهمًا كملاذ طبيعي للعديد من أصناف الوحيش، مما يعزز من أهميتها البيئية والسياحية. ومن بين الكائنات الحيوانية المعروفة أو المحتمل تواجدها داخل هذا المجال: الثدييات: الأرنب البري، الحجل، الخنزير البري، الثعلب، الذئب، الضربان، القط البري،القنفذ، السلاحف البرية، السحالي، وأنواع أخرى من الزواحف الصغيرة.ووإلخ الطيور الجارحة: البومة، الصقور، الحدأة ، الغراب.ووإلخ الصور من غابة تناريث
"تدبير الموارد المائية في المناطق الجبلية : قراءة في وظائف الجبّ ونظام تدبير ماء لغذير..
في ظل سياق تاريخي واجتماعي اتسم بالهشاشة الأمنية، خلال مرحلة السيبة، اضطرت العديد من القبائل اليزناسنية إلى التمركز في المناطق الجبلية، اتقاءً للأخطار المحدقة في السهول والفضاءات المكشوفة. هذا النزوح العمودي فرض عليها التعايش مع بيئة طبيعية قاسية، اتسمت بضعف التساقطات وتذبذبها الزمني، إضافة إلى غياب موارد مائية قارة كالينابيع أو المياه السطحية الجارية. مع مرور الوقت وفي مواجهة هذه الإكراهات، أبدعت الساكنة المحلية في تطوير تقنيات تدبيرية بديلة، أبرزها اعتماد نظام تقليدي وهي الخزانات الأرضية المعروفة بالجب لتجميع مياه الأمطار،المعروفة محليًا باسم "أمان ن لغذير"، أو "مياه الغذير" أو "مياه الامطار الصافية نسبيا "، باعتبارها موردًا استراتيجيا . يشكل الجبّ أو الخزان الأرضي العنصر المركزي في هذا النظام التقليدي، ويُبنى في مواقع منتقاة بعناية، غالبًا في المنحدرات او قرب المنازل او في المنخفضات القريبة من المجاري ، بغية ضمان أكبر قدر من تجميع مياه الأمطار الأخيرة الصافية. ويتكون الخزان من عدة عناصر معمارية ووظيفية دقيقة: الخزان او الجب المغطى: يُحفَر في الأرض بعمق يتراوح بين 3 و5 أمتار حسب الحاجة وطبيعة التربة، ويبنى فوق سطح الأرض حسب الضرورة ،ويأخذ غالبًا شكلًا مستطيلا. تُبطن الأرضية والجدران الداخلية بالخراسانة و الحجارة المحلية مما يُقلص من النفاذية ويمنع ضياع المياه. عند المدخل السفلي للخزان توجد حفرة ترسيب صغيرة تُعرف بـ "بيت الطين"، تعمل على تجميع الرواسب والوحل قبل دخول الماء إلى الخزان، مما يقلل من نسبة التوحّل. ويُركب عند المدخل السفلي شباك معدني ، يُمنع بواسطته دخول الشوائب أو الحشرات.او الحيوانات الصغيرة التي تبحث عن الماء.. يضم الجبّ كذلك منفذًا علويًا يُستخدم لاستخراج المياه بواسطة دلو ، ويُستغل أيضًا في التهوية والتنظيف. وتُغلق الفتحة العلوية بـغطاء خشبي أو معدني ثقيل ، يُؤمن ضد السقوط العرضي للأطفال أو الحيوانات الساقية الجالبة للمياه تُشيَّد من الحجر والطين واحيانا بالاسمنت ، وتكون موجهة بزاوية متعامدة أو مائلة مع المنحدر تُستعمل خلال فترات الأمطار لتوجيه مياه الجريان السطحي نحو الجبّ الرئيسي يُراعى في تصميم الساقية استخدام الانحدار الطبيعي لتسريع الجريان، كما تُحاط أحيانًا بجدار طيني او اسمنتي لمنع المياه من تجاوزها الخزانات الثانوية المكشوفة (الساريج ): تُستخدم لتجميع مياه الغذير (مياه شبه صافية) او مياه الحمولة الاولى( محملة بالأتربة) وتُخصص غالبًا لسقي المغروسات أو كاحتياط إضافي.غالبًا ما تكون أقل عمقًا، ومبنية بالإسمنت . يتغير لون الماء فيها سريعًا بسبب تعرضها للعوامل الخارجية ، ومعرضة للتبخر ما يستدعي استعمالها في وقت وجيز. لا يُعدّ "الجبّ" مجرد بنية تحتية مخصصة لتخزين المياه، بل يمثل عنصراً محورياً في منظومة التدبير المائي المحلي، وركيزة من ركائز التنظيم الاجتماعي في الأوساط الريفية الجبلية. وتختلف أشكاله بين خزانات فردية مملوكة للأسر، وأخرى جماعية تخضع لمنطق الملك المشترك، وتدار وفق أعراف محلية صارمة ومنظمة، تزداد فعاليتها في سياقات الندرة، لاسيما خلال سنوات الجفاف. ويعكس هذا التدبير الجماعي نوعاً من الاقتصاد الاجتماعي التقليدي، القائم على مبادئ التضامن والتكافل. وتتقاطع هذه الأعراف مع ثقافة العمل الجماعي، إذ تنخرط الجماعة المحلية في عمليات دورية لصيانة الجبّ وتنقيته، عادة مع بداية الموسم المطري، بما يضمن جاهزيته لاستقبال مياه الأمطار وتخزينها، في انسجام تام مع إيقاع الطبيعة ومتطلبات العيش في بيئة جبلية هشة. غير أنّ هذا النظام التقليدي بدأ يشهد في السنوات الأخيرة مؤشرات تراجع واضحة في فعاليته، نتيجة التحولات المناخية التي مست نمط التساقطات، سواء من حيث انخفاض عدد الأيام الممطرة أو اختلال توزيعها الزمني والمكاني. وقد أفضى هذا الوضع إلى اضطرار العديد من الأسر إلى اللجوء إلى وسائل بديلة لجلب المياه، كالشاحنات الصهريجية، ما يعكس هشاشة المنظومة التقليدية أمام الضغوط الجديدة ويطرح هذا التغير تحديات مستقبلية تتعلق بإمكانات استدامة هذا الإرث المائي، ويفرض ضرورة التفكير في دمجه ضمن استراتيجيات أوسع للتكيف مع التغيرات المناخية، تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات البيئية والاجتماعية للمجال القروي الجبلي الصور من منطقة بني محيو ،جماعة مشرع حمادي .. البعض منها مرفق بشروحات..
الشيميلي في السياقات التقليدية والمعاصرة
تعد المدخنة أو الشيميلي عنصرًا معماريًا وظيفيًا تبنى غالبًا في زاوية المطبخ، وتقع مباشرة فوق موقد النار التقليدية. وهي عبارة عن قناة رأسية تُوجّه إلى أعلى، تهدف إلى تسهيل تصريف الدخان والبخار الناتجَين عن عمليات الطهي أو احتراق الحطب والفحم، مما يُسهم في الحفاظ على جودة الهواء داخل الفضاءات السكنية، ويحدّ من أخطار التلوث الهوائي الداخلي والاختناق. في السياقات التقليدية، كانت المدخنة تضطلع بدور محوري يتجاوز البُعد الوظيفي، إذ اقترنت بمنظومة معيشية متكاملة في البيوت الريفية والجبلية. فقد كانت المواقد التقليدية تمثل مصدرًا رئيسيًا للتدفئة، لاسيما في المناطق ذات المناخ البارد او في الفصل الممطر ، حيث ساعدت على التدفئة في غياب وسائل التدفئة الحديثة. كما استُخدمت هذه المواقد لأغراض الطهي، من قبيل إعداد الخبز وغلي الماء وطهي الأطعمة اليومية ... إضافة إلى ذلك، ارتبطت المدخنة والموقد بوظيفة اجتماعية وثقافية، إذ تحوّل الموقد إلى مركز للتجمع العائلي، حيث يتقاسم أفراد الأسرة لحظات الدفء، وتدور حوله الأحاديث والسمر وتبادل القصص وشرب الشاي في الأمسيات الباردة، ما منح لهذا الفضاء رمزية خاصة في المخيال الجمعي الريفي. أما في السياقات المعاصرة، فقد شهدت المدخنة أو الشيميلي تحوّلات جمالية ووظيفية، إذ لم تعد تُستخدم فقط لأغراض التدفئة أو الطهي، بل غدت عنصرًا زخرفيًا في تصميم المنازل العصرية، تُصمَّم وفق أنماط معمارية حديثة أو مستوحاة من الطراز التراثي، وتُزيَّن أحيانًا بنقوش أو خامات فنية تضفي طابعًا دافئًا على الفضاء الداخلي. في المقابل، تطوّرت المطابخ الحديثة لتشمل نُظُم تهوية متقدمة، حيث استُبدلت المدخنة التقليدية بأنظمة شفط آلية تعمل بالكهرباء، وتُثبّت عادة فوق مواقد الغاز أو الكهرباء، لتقوم بسحب الأبخرة والروائح الناتجة عن الطهي وطردها خارج المنزل عبر قنوات تهوية مدمجة، وهو ما يعكس التقدّم التقني في هندسة المطابخ المعاصرة. الصور مرفقة بشروحات
أزرو ن خلاد: معلم طبوغرافي-جيولوجي بارز في شمال بني محيو
يقع جرف (ألاغ) خلاد في أقصى الشمال الجغرافي لقبيلة بني محيو، ضمن المجال الترابي لجماعة مشرع حمادي (إقليم تاوريرت)، ويُعد من أبرز العناصر البنيوية والطبوغرافية في المنطقة . يتميز بارتفاعه النسبي حيث تبلغ اعلى قمة فيه 1033 مترًا عن سطح البحر.. من الناحية الجيولوجية، يتكون جرف خلاد أساسًا من صخور جيرية صلبة تعود إلى العصر الجوراسي، وقد تراكمت هذه الرواسب في بيئة بحرية ضحلة قبل أن تخضع لاحقًا لتشوهات بنيوية ناتجة عن الحركات التكتونية. وتُظهر هذه الصخور هيئة جدارية واضحة، إذ يمتد الجبل على شكل قوس صخري طبيعي يصعب اختراقه، نتيجة انحداراته الحادة، ووجود الجروف الصخرية العمودية التي تتخللها شقوق ومفاصل رأسية ناجمة عن الضغوط التكتونية للمرحلة الألبية. ويُبرز الجبل ميلاً ظاهريًا عامًا نحو الجنوب ، يعكس انتظام التطبق الأصلي للطبقات الجيرية وتأثرها بالحركات التكتونية. وتُضفي هذه البنية على الجبل طابعًا دفاعيًا طبيعيًا، حيث يشكّل حافة بنيوية حادة تُعيق الولوج البشري والحيواني، وتكبح تأثير الرياح الشمالية الباردة . رغم الصلابة البنيوية وصعوبة التضاريس، تتخلل المنحدرات العليا والمتوسطة والجنوبية من جبل خلاد جيوب من التربة الرقيقة تسمح بنمو غطاء نباتي متوسّط الكثافة، يغلب عليه الطابع المتوسطي شبه الجاف. وتضم هذه التشكيلة النباتية أنواعًا مثل: العرعار، البلوط ، الدوم، الحلفاء، والكندول ازير ثوزالت وووو، إلى جانب أعشاب موسمية رعوية، ما يجعل الجبل مجالًا رعويًا مهما، كما تُستغل منحدراته الجنوبية من قِبل بعض الساكنة المحلية للاستغلال الفلاحي...
مستحاثات بحرية في بني يزناسن: دليل جيولوجي على الغمرات البحرية المتعاقبة
تُعد المستحاثات البحرية من الأدلة المحورية التي يعتمد عليها علم الجيولوجيا في إعادة بناء البيئات القديمة وتتبع تاريخ الغمرات البحرية عبر العصور الجيولوجية. وفي هذا الإطار، توفر منطقة بني يزناسن سجلًا أحفوريًا غنيًا يعكس تعدد هذه الغمرات وتنوع البيئات البحرية التي غمرت المنطقة. تنتشر المستحاثات في مواقع عدة من أبرزها: أقصى الجنوب الشرقي، عثرت في منتزه حرازة على أصداف بحرية، بعضها محفوظ بشكل جيد، تُظهر تشابهًا في بنيتها الشكلية والتركيبية، بتلك التي وجدتها في منطقة تيزي نتاسا مما يدل على وجود وحدة بيئية وترسيبية بحرية قديمة شملت كلا الموقعين خلال نفس الفترة الجيولوجية. أقصى الجنوب الغربي، وتحديدًا في سيدي علي موسى، عثرت على مستحاثات لاصداف بحرية مهشّمة مدمجة داخل مصفوفة صخرية، ما يعكس تعرضها لظروف ترسيبية مضطربة ناتجة عن عمليات النقل أو إعادة الترسيب. في جبل بلعيان، تم توثيق مستحاثات بحرية على السطح من طرف الرحالة سي سفيان يحياوي، اصداف متنوعة، ما يدل على تعرية الطبقات الحاملة والانكشاف السطحي اللاحق. في منطقة الشرائع، استخرجت عينات من أصداف بحرية على أعماق مختلفة، وكذالك بقايا أسماك في مدينة العيون الشرقية، وهو ما يعكس توزيعًا عموديًا متنوعًا للمستحاثات يشير إلى توالي أكثر من غمرة بحرية، فصلت بينها فترات من الانحسار أو التحول البيئي. تشير هذه المكتشفات إلى بيئة بحرية ضحلة، دافئة، وغنية بالكائنات ، شبيهة بالمنصات القارية الساحلية. كما أن التباين بين المستحاثات المهشّمة وتلك المحفوظة يشير إلى اختلاف في ظروف الترسيب من موقع إلى آخر، وربما بين مراحل زمنية مختلفة. وبالاعتماد على المقارنة مع تكوينات جيولوجية مشابهة في المغرب الشرقي، يُرجّح أن هذه الترسيبات تعود إلى حقبة الحياة المتوسطة والعليا، لا سيما الطباشيري الأعلى، مع احتمال امتداد بعض التراكمات إلى العصر الثلاثي (الإيوسين – الميوسين). منطقة بني يزناسن تأثرت بسلسلة من الحركات التكتونية الناتجة عن تقارب الصفيحتين الإفريقية والأوراسية. وقد أدى هذا التقارب إلى: هبوط محلي ساهم في توغل مياه البحر إلى الداخل، تبعه رفع تدريجي للطبقات الرسوبية بعد انحسار البحر، ما أدى إلى انكشاف هذه الطبقات وتعرضها لعوامل التعرية، وهو ما يفسر وجود المستحاثات البحرية على السطح في عدة مواضع كما توثقها الصور الميدانية.
"ثاعزيلت" في المجال الجبلي اليزناسني
تُعدّ "ثاعزيلت" (وجمعها ثيعزّال) من المصطلحات المتجذرة في الثقافة الزراعية واللسانية المحلية لدى ساكنة قبيلة بني محيو، وعلى وجه الخصوص في مجال قبيلة لعشاش (دوار ذراع لبرواگ)، الذي يتّسم القسم الشمالي منه بتضاريس وعرة تتخللها الفجاج، الشعاب، والأودية الموسمية. ويُطلق هذا المفهوم على قطع أرضية صغيرة، معزولة ومحدودة المساحة، يتم استصلاحها بعناية وسط المنحدرات أو على جنبات المجاري المائية، بغرض زراعتها بمحاصيل تقليدية، وعلى رأسها الحبوب البعلية (كالقمح والشعير والقطاني احيانا)، التي تتلاءم مع التربة الجبلية ونظام الأمطار غير المنتظم. وتتسم "ثاعزيلت" بعدة خصائص مجالية وسوسيولوجية تجعلها وحدة زراعية مميزة داخل المشهد الفلاحي التقليدي، نذكر منها: غالبًا ما تكون محاطة بأحجار مرصوفة يدويًا، تُستعمل كعلامات حدودية تُحدّد الملكية بشكل عرفي. وقد يتم رسم حدودها أحيانًا عن طريق المحراث التقليدي فقط، خاصة في الحالات التي لا تُستعمل فيها الحجارة كمعالم. من الناحية السوسيولوجية، تُعتبر "ثاعزيلت ن فلان" (أي قطعة الأرض التابعة لشخص بعينه) تجليًا للملكية الفردية الصغرى ضمن الفضاء المشاعي، لكنها محمية عرفيًا، ومبنية على الجهد الفردي في الاستصلاح والاستغلال. إنها شكل من أشكال التملك العرفي المحلي الذي يعكس علاقة حميمة بين الفلاح وأرضه، ضمن نسق يقوم على الكدّ الشخصي والعمل اليدوي. ولا تنحصر "ثاعزيلت" في معناها المادي والزراعي فقط، بل تتسع دلاليًا لتُشير في التداول الشعبي إلى نوم قصير محدود المدة، (القيلولة )،مما يدل على ارتباط المصطلح بالحيز الزمني والمكاني المحدود. وتُعرف في بعض المناطق بمسميات مرادفة مثل "ثامطيرث"، خاصةً عندما تكون مزروعة.. ماذا عن باقي مناطق بني يزناسن..؟ الصورة من شمال دوار ذراع لبرواگ
"اليغن" ن بني محيو: تدبير تقليدي مبتكر لمواجهة ندرة المياه..
تُعدّ منطقة بني محيو من المجالات القروية الواقعة ضمن نطاق المناخ المتوسطي و شبه الجاف، وتتميّز بخصوصيات بيئية وهيدرولوجية مركبة. إذ تعاني من هشاشة ملحوظة في مواردها المائية، حيث تتسم المياه الجوفية بالضعف الشديد من حيث الوفرة والعمق، وقد تنعدم تمامًا في بعض المواضع، ويزيد من حدة هذا الوضع غياب الموارد السطحية الدائمة كالعُيون والمجاري القارة، بفعل الطابع الموسمي للتساقطات وضعف الانتظام الهيدرولوجي الطبيعي. في مواجهة هذا الواقع البيئي الحرج، طوّرت الساكنة المحلية حلولًا تقليدية فعّالة، تُجسّد خبرتها المتراكمة في تدبير الماء، من أبرزها اعتماد أحواض تجميع مياه الأمطار، المعروفة محليًا باسم "أليغ". وهو حوض ترابي أو سدّ تلي صغير يُشيَّد يدويًا في المناطق المنحدرة أو بمحاذاة المجاري الموسمية، بغرض تجميع مياه الجريان السطحي. أثناء الحفر يُستعمل الطين المستخرج من قاع الحوض لبناء حاجز في الجهة المنخفضة، بحيث يبنى به سدا طبيعيًا يساهم في حجز المياه. وفي بعض الحالات، تُدعم هذه المنشآت بطبقة إسمنتية، خاصة في الأراضي ذات النفاذية العالية للحفاظ على المياه مدة أطول. من بين النماذج المحلية لهذه الأحواض نذكر: أليغ نسفيون، اليغن نسيدي بلعباس، وأليغ نسيدي ميمون، والغن نتناريث ،واليغن ن المقسم ...،والتي تعكس التنوع في المواقع والوظائف حسب الحاجة. تُراعى في اختيار مواقع "أليغ" مجموعة من المعايير الطبوغرافية والهيدرولوجية، كدرجة الانحدار، طبيعة التربة، القرب من التجمعات السكنية ومناطق الرعي كالجبال والغابات، ومدى تعرّض الموقع للسيول. ويختلف حجم هذه الأحواض حسب الطاقة الاستيعابية المطلوبة وظروف التربة، ويتراوح عمقها عمومًا بين 1 و3 أمتار طبعا حسب الحاجة... تُستغل مياه "أليغ" أساسًا في سقي المواشي وبعض المغروسات القريبة، وقد تُستخدم أحيانًا في بعض الأغراض المنزلية غير الأساسية كالغسل والتنظيف. ورغم تراجع الاعتماد على هذه الأحواض مع توفر شبكات الماء القروي في عدة دواوير، إلا أن دورها لا يزال قائمًا، خاصة خلال فترات الجفاف أو في المناطق غير المزودة بهذه الشبكات، ما يجعلها مكونًا حيويًا ضمن منظومة التكيّف المحلي مع التغيرات المناخية. بعض الصور للأستاذ البشير معروف ،والأستاذ ابراهيم يعقوبي مشكورين .
الهياكل الحجرية العمودية
عندما يتحول النشاط الفلاحي في البادية إلى إنتاج بصري،فلا يقتصر على مجرد تمثيل الواقع، بل يصبح مرآةً تعكس قيمة العمل والعامل على حد سواء. فالأبنية الحجرية التي يبنيها الفلاح، سواء كانت أسوارًا حجرية، مساحات مستصلحة، أو منشآت لترسيم الحدود، تتجلّى فيها روح مفعمة بالحيوية والتعلق العاطفي بالأرض. هذه التشكيلات، بفضل براعة الفلاح وحسه الجمالي، تتحول إلى لوحات فنية نابضة بالحياة، تنطق بالجهد الإنساني والإبداع، وتبرز تقدير العامل لموارده الطبيعية. ومن هذا المنظور، يمكن النظر إلى الفعل الزراعي في البادية كتجربة فنية متكاملة، تتماهى فيها الدقة الهندسية مع المعرفة التقنية بالمجال الطبيعي، لتنسج رؤية جمالية تجسد العلاقة العميقة بين الإنسان والأرض. بعض الصور للهيكل الحجري العمودي من منطقة لعشاش الشمالية ،جبل ثيسطرث. الصور الأخرى جنوب منطقة لعشاش الجنوبية ،جنوب شرق تلال تاكرومت ..
اختيار المواقع السكنية في البوادي بين المعرفة الشعبية والتفسير العلمي
اختيار المواقع السكنية في البوادي بين المعرفة الشعبية والتفسير العلمي منذ أقدم العصور، اعتمد الإنسان القروي على خبرة تراكمية في اختيار مواقع الاستقرار، مستندًا إلى الملاحظة الدقيقة للبيئة الطبيعية دون توفر أدوات القياس الحديثة. وقد شكّلت هذه الخبرة الشعبية أساسًا لاتخاذ قرارات عمرانية تتقاطع في جوهرها مع ما تؤكده اليوم العلوم التطبيقية في مجالات الهيدرولوجيا والجيومورفولوجيا والطبوغرافيا . كان الوعي بالمخاطر الطبيعية حاضرًا بقوة؛ إذ تجنّب السكان البناء في بطون الأودية والمنخفضات، حيث تتجمع السيول المفاجئة. وبدلًا من ذلك، فضّلوا الربى والمرتفعات أو السفوح المعتدلة الانحدار، لضمان تصريف طبيعي للمياه وتقليل الأخطار. كما استُخدم الغطاء النباتي كمؤشر طبيعي على خصائص الموقع؛ فظهور نباتات محبة للرطوبة مثل الدفلى أو السمار كان دليلاً على ارتفاع منسوب المياه أو على انخفاض طبوغرافي ينبغي تفاديه. ولمواجهة الضرورات التي فرضت البناء في مجالات أكثر هشاشة، لجأ القرويون إلى ابتكار تقنيات تقليدية مثل السواتر الترابية لحماية المساكن من السيول. هذه التدابير البسيطة تمثل في جوهرها أشكالًا أولية من الهندسة الهيدروليكية. كما أخذوا في الاعتبار اتجاهات الرياح ومسار الشمس عند تشييد مساكنهم، بما يضمن التهوية صيفًا والحماية شتاءً، وهو ما يوازي مبادئ التصميم البيئي المعتمد في التخطيط الحديث. إلى جانب الممارسة، لعب الموروث الشفوي دورًا بارزًا في ترسيخ هذه الخبرات، حيث تلخص الأمثال الشعبية مثل: "ازرع في الواد واسكن في لعلالي" أو "الواد متيقش فيه ولو نشف مائة عام" حكمة جغرافية جماعية، تُشبه في مضمونها ما تكشفه اليوم النماذج الرقمية للارتفاعات (DEMs) وصور الأقمار الصناعية. إن ما مارسه الإنسان القروي بشكل فطري يمكن اعتباره شكلًا بدائيًا من التحليل الجغرافي-الهندسي: قراءة للتضاريس، فهم لمسارات المياه، واستعمال للمؤشرات النباتية والمناخية. ومع تطور العلوم، أعيد توثيق هذه الخبرة الشعبية بأدوات دقيقة مثل نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والنماذج الهيدرولوجية. غير أن الجوهر يظل واحدًا: التكيف مع الطبيعة وتفادي المخاطر عبر فهم المجال. وتبقى الصور الميدانية التوضيحية من بني محيو أصدق شاهد على هذه الممارسات، حيث تُبرز بجلاء كيف اختار الإنسان مواقع الاستيطان في انسجام مع قوانين الطبيعة. DEMs Digital Elevation Models GIS Geographic Information Systeml
المونوليث الصخري في بني يزناسن: دراسة جيولوجية لتكوين جيومورفولوجي فريد من نوعه
المونوليث الصخري في بني يزناسن: دراسة جيولوجية لتكوين جيومورفولوجي فريد من نوعه.. يشكل "المونوليث" الصخري الواقع على مشارف باب زكزل من الجهة الغربية ، نموذجًا جيومورفولوجيًا ناذرا في (جبال بني يزناسن)، ويعرف جيومورفولوجيا بـ "المونوليث المعزول" (monolithe isolé)، وهو تكوين صخري ضخم قائم بذاته، ناتج عن سلسلة معقدة من العمليات الجيولوجية الممتدة عبر ملايين السنين. ينتمي هذا المونوليث إلى تكوينات صخرية ذات أصل كربوناتي، تتكون أساسًا من الصخور الجيرية (calcaires) والكالسيت، بالإضافة إلى (السليس)، ويُرجَّح أن تعود هذه الصخور إلى العصر الجوراسي (Jurassique)، وذلك وفقًا للمعطيات المتوفرة في الخريطة الجيولوجية للجهة الشرقية . وتشير الأدلة الجيولوجية إلى أن هذه الصخور قد ترسّبت في بيئة بحرية ضحلة خلال حقبة امتدت ما بين 200 و146 مليون سنة،حسب. (السلم الاستراتيغرافي) ،وهي فترة تميزت بنشاط رسوبي كثيف وتنوع بيئي غني.. عقب هذه المرحلة الرسوبية، خضعت المنطقة إلى عدة مراحل من الحركات التكتونية (mouvements tectoniques) . وقد ساهمت هذه الحركات في رفع التكوينات الرسوبية نحو السطح، وخلقت شبكات من الفوالق (failles) والانكسارات، التي أدت إلى عزل كتل صخرية معينة عن محيطها. ويُرجّح أن المونوليث الموجود في زكزل ربما هو نتيجة مباشرة لعملية رفع موضعي (soulèvement localisé)، جعلته في موقع أكثر عرضة لعوامل التعرية من الكتل المجاورة. وربما بعد هذا الرفع التكتوني، تدخلت عوامل التعرية الطبيعية (agents d’érosion naturelle) مثل مياه الامطار والرياح، والتغيرات الحرارية اليومية والموسمية، في تفكيك الصخور المحيطة به ذات الصلابة البنيوية الأدنى. وفي المقابل، حافظت الكتلة المركزية، المكونة من صخور جيرية كثيفة وصلبة مدعّمة بعينات السليس والكالسيت، على تماسكها البنيوي، بفضل مقاومتها العالية للتعرية. هذه الظاهرة تُعرف علميًا بـ التعرية التفاضلية (érosion différentielle)، وهي المسؤولة عن بروز التكوينات المعزولة من هذا النوع.(بتحفظ) تجدر الإشارة إلى وجود عدة مونوليثات أخرى موزعة على امتداد جبال بني يزناسن، مما يعكس التراكم الجيولوجي المركب لهذه السلسلة، ويوفر أرضية خصبة للبحث العلمي الجيومورفولوجي والجيولوجي في المنطقة، خاصةً في ظل ضعف التوثيق الأكاديمي لهذه الظواهر محليًا. هذه النماذج من المونوليث واخرى اعرفها لم ادرجها ...من الناحية الانثروبولوجيا نسبت اكثرها (للعروسة 'ثاسليت,لعروسة الممسوخة ،عروسة عين الببوشة وهكذا .. تبقى قيد الدراسة ،وفي منشور مستقل ان توفرت المعلومات الكافية ان شاءالله... منشور بسيط في انتظار مداخلات الاساتذة لزيادة معطى غفلت عنه او تصحيح.. سأكون ممتن لمدخلاتكم التقويمية...