محرك البحث أسفله خاص بموقع بني يزناسن فقط
قصص من مقاومة ياث يزناسن
بقلم الأستاذ محمد مهداوي
ارتأيت العمل على إخراج مجموعة من الأحداث والقصص والحكايا اليزناسنية الخاصة بالمقاومة في ثوب أدبي وحكائي، وهي طبعا ستجمع بين الحقائق التاريخية والخيال الأدبي، ليسهل للقارئ تتبعها بشغف والتعرف على جزء من تاريخه اليزناسني المهمش... فقط ...مدوا لي يد العون ببعض القصص التي سمعتموها من أجدادكم وآبائكم ...ليتسع لي مجال الحكي...وسأحاول تقليب صفحات يزناسنية للخروج بقصص تليق بمقامكم ومقام ياث يزناسن البواسل... يدا في يد لخلق تاريخ يصنعه الرجال....
قــــــــائمـــــــة محتــــــويــــــــات الصفحــــــــــة أنا فخور بك أبي ؟؟!! حين افتقد اليوطي أحلامه بوشتة لخبارجي لقد خدعني ضامن البندقية الشاف حمو
أنا فخور بك أبي ؟؟!!
لم يكن يغمض له جفن،ولم يكن يهدأ له بال،كانت كل تساؤلاته لأمه حول موت أبيه تؤرقه،خاصة حينما بلغ مسمعه أن أباه مات موتة المغدور، مما زاد في تأجيج نير الحقد والانتقام في قلبه،كل الأسئلة تذوب وتنمحي أمامه ،لكن يبقى السؤال الأكبر مدويا: -من قتل أبي؟ ولماذا قتله؟ هكذا عاش محمد فترة طفولته وشبابه، لا تحلو له جلسة ،ولا يغمض له جفن، إلى أن التقى بأحد أفراد عائلته وحكى له القصة الكاملة، دون نقصان، فاطمأن قلبه وخفت شرارة الغضب لديه: - أبوك يا ولدي مات شهيدا. -كيف ذلك ؟..أخبرني ..أرجوك…؟ في الفترة الاستعمارية، انتقلت أسرتك من مدينة بركان إلى قرية مداغ، لوجود فرص للعمل بشكل أكبر، حيث كان المعمرون يملكون حقولا شاسعة من الكروم، يستغلون فيها كل المستضعفين من أهالي المنطقة ،يشغلونهم بأثمان بخسة، ومدة لا تقل عن اثني عشر ساعة، ومع ذلك كان الجميع يرضخ لقوانين الكولونات ولا أحد يجرؤ على معارضتهم، لأن الجوع والفقر أحيانا يجعل المرء يتنازل عن كثير من حقوقه... في صباح يوم باكر، استقل والدك دراجته الهوائية مع ستة من أبناء القرية، قاصدين السوق الأسبوعي لمدينة بركان، لقضاء مآربهم .كلهم أمل في قضاء وقت ممتع مع إخوة وأصدقاء ،سيتقاطرون من كل ناحية، للتعرف على أحوال بعضهم البعض والتزود بأخبار المقاومة في كل ربوع المنطقة… لكن حين توسط الركب منتصف الطريق، تم إيقافهم من طرف الكولون ف.ب والكولون ت.س، بادرهم الأخير بالسؤال: -أين أنتم ذاهبون؟ -للسوق الأسبوعي مسيو... في مدينة بركان. -ماذا تحملون في قففكم؟ -لاشيء سيدي ذو قيمة...بضع دحاجات ..بيض..نخالة...فول...وهذا صديقنا بونوار يرافق بقرته لبيعها...هذا كل ما في الأمر… -ارفعوا أيديكم للأعلى...أنتم فدائيون...وتحملون أسلحة… قبل أن يستمع مسيو ت.س ومسيو ف.ب ردهم ... أمطروهم بوابل من الرصاص وأردوهم صرعى، غارقين في دمائهم، حتى البقره المسكينة لم تسلم من عجرفة ودموية الكولون… ركب المعمران سيارتهما ببرودة دم، وانطلقا نحو مداغ يسابقون الريح، تاركين وراءهم مجزرة جماعية، بكت الغربان والحمائم لهذا الأمر الجلل، وتداولت قصصهم فيما بعد في الدواوير والمداشر المجاورة، تأسف الجميع لموتهم بهذه الطريقة الوحشية، وقرر بعضهم الانضمام للمقاومة للانتقام ورد الاعتبار لهؤلاء المظلومين … من عجائب الصدف أن الشخص الذي كان يرافق بقرته لم يمت، لأن جميع الرصاصات تلقتها بقرته، التي سقطت عليه، فأتى بعض المنقذين وخلصوه من تحتها…. هكذا بني مات والدك مع خمسة من أبناء القرية، ماتوا على حين غرة، ولا زلنا نتذكر حفل التأبين الذي أقامته القرية لهم، لقد اعتقدت حينها وأنا شاب أنهم يزفون إلى الحور العين...زغردات ،أناشيد وطنية وطلقات نارية في الهواء، تحتفي بعرس الشهداء الأبرار… وضع محمد رأسه بين يديه وأجهش في البكاء مدة طويلة ،شهقات وزفرات حارقة كادت تقتله، اعتقد كل من في المجلس أنه لن تقوم له قائمة… أخيرا رفع رأسه إلى الأعلى ،مسح دموعه بكمي قميصه ، استجمع جميع فرائصه وتلا قول الله عز وجل : ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169… ثم غادر المكان مطمئنا، باحثا عن قبر أبيه ليخبره أنه فخور به وبصحبه وأنه مشتاق لرؤيته... ...................... أشكر الأخ م.ش الذي حكى لي قصة والده وهي قصة جد مؤثرة ...رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه...
حين افتقد اليوطي أحلامه
الجنرال اليوطي: تم اغتيال الطبيب موشان بمراكش. السارجان: وهي مناسبة للانتقام. اليوطي: صدقت ،هي ذريعة لاحتلالهم وتركيعهم… السارجان: كما ترى فأهل السهول استسلموا لنا دون مقاومة!!! اليوطي:المشكلة في الأقوام الذين يسكنون الجبال،فهم ذوو بأس شديد، لا يرتدون للوراء أبدا… السارجان:من تقصد سيدي الجنرال؟ اليوطي: أهالي بني يزناسن ، إنهم قوم عنيدون وشرسون،كل المعلومات التي جمعتها عنهم تؤكد أنهم لن يستسلموا لنا بسهولة… السارجان:مدفعياتنا كفيلة بتركيعهم… اليوطي: لقد أمطرنا جبال بني يزناسن بوابل من الطلقات المدفعية منذ يومين ومع ذلك لا زلنا نسمع أزيز رصاصهم بين الفينة والأخرى،إنهم يتوالدون كالنحل…حرب العصابات أرهقتنا... السارجان: حكى لي أحد الجنود قصةعن مقاومة أب وثلاثة من أبنائه نواحي أغباال وهي قصة طريفة حقا: أشعل السارجان سيجارة ،تنهد قليلا وقال: أب وثلاثة من أبنائه قاوموا فيلقا من جنودنا ليلة كاملة،حتى اعتقدنا أن عددهم يفوق العشرة،لكن حين انبلج الصبح وانتهت ذخيرتهم استطعنا قتلهم، لما اقتربنا من جثثهم وجدناهم قد قيدوا أرجلهم إلى جذع شجرة السدر حتى لا يتراجعوا...فضلوا الموت على الانسحاب…قوم غريبي الأطوار... اليوطي:ألم أقل لك أننا نتعامل مع طينة فريدة من البشر ،يحبون الموت كحبنا للحياة… السارجان: اختبئ...اختبئ وراء المدفعية…فقد سمعت صوتا مدويا قريبا منا… اليوطي:ما مصدره؟ السارجان:الفدائيون هاجموا ثكنتنا العسكرية في تافوغالت...لقد دمروا أحد مركباتنا وقتلوا سبعة من جنودنا ونفذوا بجلودهم ….انتهت المكالمة الهاتفية… اليوطي:سننتقم منهم وسنسبي نساءهم ونأخذ بهائمهم ومحاصيلهم الزراعية..سنجعلهم يركعون لنا ... سنذلهم ونمتطي ظهورهم كالحمير… السارجان: احذر رأسك...لا زال الرصاص يلعلع بالقرب منا...هيا نحتمي بثكنتنا ونترك أحلامنا لليل…. اليوطي:هههه...أحلام….منذ أن وصلنا إلى بني يزناسن لم نعد نحلم...رصاص بالنهار وكوابيس في الليل… السارجان: اخفض صوتك ...فقد يسمعنا الجنود فينهاروا أمامنا ،فمعظم جنودنا مرتزقة ،من جنوب الصحراء،لا وطنية لهم ولا يحسون بقدسية معركتنا...فلتباركهم الآلهة…. اليوطي: فلتباركنا الآلهة…
بوشتة لخبارجي
ذاع صيته بين دواير ومداشر بني يزناسن،وفاحت رائحته،الكل يشير إليه بأصبع الاتهام،لأنه باع كرامته بثمن بخس،تنكر لأصوله وجذورها وارتمى بين أحضان لاليجو،يقتات من دماء المقاومين وشرف النساء العفيفات،فأصبحت كل القبائل تنظر إليه نظرة الريبة والشك. إنه بوشتة،رغم أنه من حفظة القرآن الكريم،ومن أسرة مقاومة،أبى إلا أن يكون مخبرا للفرنسيين وعينهم التي لا تنام في دواوير بني يزناسن،فكم من مقاوم اختطف في جوف الليل،وكم من جماعة تم تفكيكها وكم من أسلحة للفدائيين تم الاعلان عنها في وضح النهار...كان بوشتة خبارجيا (مخبرا)من الدرجة الأولى، استطاع في ظرف وجيز تنمية تركته وكسب ثقة لفرنسيس،متنكرا لأبناء عمومته ،ضاربا عرض الحائط بالروابط االدموية التي تربطه بقبيلته… لقد عانى الكثير من تصرفاته، ذاع نعيقه بين فجاج بني يزناسن الشامخة،حيث جرد الكثير من نعاجه ودجاجه ومحصوله الزراعي من حبوب وزيتون ولوز وعسل وزبدة ولبن وتم تقديمه لللاليجو ،الذين كانوا يملكون ثكنة عسكرية في تافوغالت،منها يسيرون تدخلاتهم ويحققون مع كل مشتبه ،بل ويسجنون كل من اشتموا فيه رائحة النخوة والرجولة… حقيقة،ضاق ذراع الفدائيين بتصرفاته المشينة وقرروا تصفيته،دون رحمة،لأنه تنكر للجميل،وباع وطنه بثمن بخس،حتى أشجار العرعار واللوز والتين يئست من تصرفاته ولم تعد تحتمل رؤيته،أوتسحلي جلوسه تحت ظلالها أو الاقتيات من ثمارها… اجتمع فصيل المقاومة في غار معزول،واتفقوا على تكليف معمر والعياشي لتصفيته… في ليلة ظلماء،التقى معمر بالعياشي في جوف الوادي السحيق،واتجها نحو منزل بوشتة ،يحتسبون خطواتهما ويوقفون تنهيداتهما لكي لا يحدثا ضجيجا،لما وصلا منزله وكان من الطين والتبن،علوه لا يزيد عن ثلاثة أمتار،تسلقاه بسهولة،وفي رمشة عين وجدا أنفسهما وسط فناء الدار،كسرا باب البيت وأخرجا بوشتة الكوراط إلى فناء البيت...وهولا يزال في عباءته،بدأ يتوسل لهما ويستعطفهما،وذكرهما بعلاقات العمومة والأخوال.. لكن معمر تدارك الأمر بسرعة وقال لصاحبة العياشي : -هو لك اقتله...فقد كان سببا في قتل ابنك وتلطيخ شرف عائلتك. رفع العياشي بندقيته ووجهها نحو صدر بوشتة لخبارجي،لكن بعدما استنفذ بوشتة جميع فرص نجاته،خاطب معمر قائلا: قال الله تعالى: {ولا تقتلوا النَّفسَ الَّتي حرَّمَ الله إلاَّ بالحقِّ )،حين سمع العياشي هذه الآية تراجع خطوتين للوراء،وأخفى بندقيته تحته إبطه،لكن معمر،ودون تردد أفرغ رصاصتين في قلب بوشتة وتركه جثة هادمة على الأرض يتخبط في دمائه…ثم غادرا المكان بسرعة حتى لا يفتضح أمرهما… وسط الطريق قال معمر للعياش: - أتعرف على من الدور غدا؟ أجابه: -نعم ...لكن اخفض صوتك فالحيطان لها آذان.... ………………………………………………………. ملاحظة: أغلب الأسماء مستعارة تفاديا لأية متابعات...
لقد خدعني ضامن البندقية
كان محمد بنصالح يأتي بالجرائد من الناظور، وهي تستقبلها بدورها من مطابع تطوانية، حيث كانت دور النشر نشيطة هناك وقتها،فيتم توزيعها على المجاهدين في مختلف مناطق تريفة وبني يزناسن ،لأن المجاهدين كانوا يتشوقون لمعرفة أخبار بعضهم البعض، رغم أن هذه الجرائد كانت ممنوعة من طرف لفرنسيس ،كما أن عقوبتها كانت توازي عقوبة مروجي الأسلحة... يحكى أن تجارة الأسلحة كانت رائجة في حوض قابوياوا، أحد السودانيين واسمه ابراهيم كان تاجرا نشيطا ،يعمل على إيصالها للمقاومين بطرق مختلفة، وكان يردد دوما على أسماع الفدائيين: إلقاء الأحجار على الجنود الفرنسيين يعتبر مقاومة...هي دعوة معنوية من أجل الرفع من منسوب الروح القتالية للمجاهدين….بل كان رجال المقاومة يلقون جلاميد الصخر من أعالي جبال بني يزناسن على قوافل الجنود الفرنسية لدحض توغلات لاليجو إلى عمق المناطق اليزناسنية… ومما يروى أن محمد بنصالح الواونوتي جرح قرب واد شراعة،فتمكن الجنود الفرنسيون من إلقاء القبض عليه،فأودعوه مستشفى الدراق ،تحت حراسة مشددة.رغم ذلك تمكن من فتح نافذة غرفته ليلا،ولاذ بالفرار رغم الجراح الغائرة،لف إزارات المستشفى كحبل للهروب من جحيم السجن القسري،فاتجه نحو واد ملوية،مختبئا هناك،يعمل على ضخ الامدادات الحربية للمقاومين...شجاعته جعلت منه رجلا فريدا من نوعه،تناسلت القصص حول تدخلاته الغريبة والعجيبة….ويحكى أن قصة مماته تحمل بين طياتها قصة غريبة ،لا زال الشيوخ يحكونها بنوع من التأسف والحسرة… كان محمد بنصالح شجاعا، يجابه فيلقا بأكمله بمفرده ودون مساعدة من أحد،لم يكن يخشى الموت...في يوما ما فاجأه لا ليجو في منطقة تافوغالت ،وكان وحيدا،أخرج عشاريته وهي ألمانية الصنع،وأراد تفريغها في صدور الجنود الفرنسيبن، لكن الضامن خدعه هذه المرة،فانحبست الرصاصات داخل البندقية،فأدركه لاليجو وقتلوه،فتم دفنه في غابة تافوغالت معزولا...لكن بعد مدة غير يسيرة تم نقل جثمانه إلى مقبرة الشهداء بتافوغالت ،حيث أعيد مواراته وسط أصدقائه وذويه من الشهداء والأبطال… عاش محمد بنصالح عفيفا شريفا ومات شهيدا من أجل شرف بلده وكرامة أهله...رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.
الشاف حمو
هناك الكثير من يستهين بالمقاومة اليزناسنية،ويعتبرها مقاومة عصابات أو مقاومة عشائرية وقبائلية،والحقيقة أنها كانت منظمة ومهيكلة في كثير من أجهزتها وعملياتها الفدائية،حيث كانت تمنح شارة الاشراف لرجال أبلوا البلاء الحسن أو لرجال لهم سلطة قبائلية وسياسية ،علاوة على السلطة الدينية….والدليل أن مقاومتنا كان لها باع كبير في استيراد الأسلحة من الخارج،وكان حوض قابوياوا نشيطا ومنفذا سريا ،مكن المقاومين من أسلحة مهمة ،وقع خلاف حول مصدرها،هناك من ينسبها لمصر،خاصة وأن جمال عبد الناصر،كان رجل تحرير ومقاومة وعروبة،كما أرجعها البعض الآخر لجيش التحرير بالمغرب العربي،الذي كان له تنسيق مع جميع فصائل المقاومة بالمغرب العربي،وهناك من أرجعها لسماسرة الأسلحة ،الذين كانوا يدخلون الأسلحة من أوروبا بطرق غير شرعية...لقد أسر لي أحد المقاومين أن الأسلحة التي كانت تلج عن طريق قابوياوا ،يستغل ثلثها من طرف المقاومة اليزناسنية والثلثان ترسل خفية للمقاومة الجزائرية ،رغم اعتراض بعض الغيورين على ذلك ،حيث فضل قسمة الأسلحة بالعدل ،لكن المسؤولين عن خلية التنظيم اعترضوا على ذلك وتم حبس المعترض بدعوى أننا الأقرب للسلاح ،ونستطيع التزود منه متى شئنا… يحكى أن الشاف حمو التازي وهو من بني وراين،كان يعمل مع الجيش الفرنسي ،كجندي متمرس،لكن المقاومة اليزناسنية استمالته إليها،لحاجتها الملحة لمدرب محنك وخبير في الأسلحة.اغتنم الشاف حمو فرصة سانحة لهروبه،فحمل معه مجموعة من العدة والعتاد والتحق بفصيل المقاومة اليزناسنية،،ويحكى أنه كان يملك رشاشا كبيرا،يحرس به مقاومينا ليلا ،ويغطي ظهورهم عند كل هجوم...ولقد كان له الفضل العظيم في تلقين مقاومينا فنون القتال وعمليات الكر والفر ،التي كانت الظروف العسكرية تتطلبها… لكن مما يؤسف له أن معظم مقاومينا همشوا تهميشا خلال فترة الاستقلال،فانقض بعضهم على بطاقات المقاومة لمعرفتهم بأصول الخداع،وركن البغض الآخر في ديارهم،باعتبار المقاومة شرف لا يؤدى عنها…. بعد الاستقلال،حصل الشاف حمو على شاف لمخازنية،وكان مخلصا في عمله...في يوم ما ذهب للقنص بالسعيدية بمقربة من الحدود،وضع رجله على لغم،فأحس به،لمعرفته الشديدة بأصول الحرب،تريث للحظات لتفكيك اللغم،لكن حين وجد الأمر مستعصيا ،قفز قفزة قوية نحو الوادي،لكن اللغم بطر إحدى رجليه،فأصبح مقعدا،ومما يحكى أن القايد بومدين (يعقوبي) الذي كان مسؤولا بالسعيدية تنكر له ،بذريعة أن العملية تمت خارج أوقات العمل… تراجعت حياته رأسا على عقب،حيث لم يعد يجد ما يقتات به،تنكرت له كل الجهات،ولم يجد إلا براكة من القصدير،بناها قرب سوق سيدي احمد أبركان (مقر اللقلاق حاليا)،فكان بعض المحسنين يساعدونه على العيش،وبعضهم يواسيه ويرفع من معنوياته،لمعرفتهم الكبيرة بفضائله الجمة على المقاومة…ولقد شفع له السيد وسعيدي الحسن المعروف بالديوانيي لدى الجهات المختصة،ليتم الاعتراف به وبأمجاده وفضائله على المقاومة اليزناسنية….. بعد مراسلات عدة للجهات الوصية،تم منحه تقاعد شاف لمخازنية،لتتحسن حالته نسبيا،حيث أرجعت له بعض من كرامته... عاش الشاف حمو لورايني عفيفا كريما،كانت له حمولة كبرى في سجل المقاومة،رغم أنه لم يتم منحه القيمة اللائقة التي يستحقها ،منح كل شيء لبلده،أهداها أحد ساقيه عربون محبة ووفاء لتربة ،لا يمكن أن تنبت فيها الخيرات إلا بارتوائها بدم الشهداء….