محرك البحث أسفله خاص بموقع بني يزناسن فقط
الحـكـــايـات الخرافيـة
الحكاية الخرافية عبارة عن نوع من أنواع القصص الشعبي وهي ذات عناصر محددة، فهي شديدة القصر في أغلب نماذجها ويتفق معظم دارسيها على أن بناءها بسيط يتكون عادة من قسمين إثنين تعرض في الأول الحادثة المجسدة للمغزى ويركز في الثاني على الموقف الأخلاقي الصريح كما أن أبطالها لا أسماء لهم وهم قلة لا يتجاوزون الثلاثة في الغالب، ويتعلق الأمر بالمعتدي والضحية والوسيط، وغالبا ما يكونون من الحيوان أو النبات أو الجماد وتسقط عليهم الضرورة الخصائص البشرية رغم احتفاظهم بالسيمات الطبيعية الأصلية بل قد يكون البشر من أبطالها أيضا كما أنها تتكئ على الزمان والمكان لكن بشكل مكثف ومضغوط.(مصطفى يعلى : القصص الشعبي بالمغرب دراسة مورفولوجية ص108 ) وترمي الحكاية الخرافية من حيث وظيفتها إلى التربية الأخلاقية والوعظية أساسا وذلك عن طريق تجسيد الحكم والأمثال والمواعظ والأقوال المأثورة وما شابه ذلك مما يتطابق مع التجارب الإنسانية المتوارثة ويكرس القيم المثالية ولا غرو فقد كانت الحكاية الخرافية دائما من أهم أنماط الأدب التعليمي إطلاقا. (مصطفى يعلى : نفس المرجع) ومما لا شك فيه أن الأدب الشعبي المغربي يزخر بكثير من الحكايات الخرافية خاصة الحيوانية منها والتي يتكلم فيها الحيوان ويصور فيها أخلاق الإنسان عبر سلوكه مع العلم أنها تختلف في التفاصيل ونوعية الشخوص وطبيعة العلاقات والمقصديات وغيرها مما يخضع للحذف والزيادة والاستبدال التشكيلي ...إلخ ومن هنا تعدد الروايات للحكاية الخرافية الواحدة بين الأمم أو داخل الأمة الواحدة. (مصطفى يعلى : نفس المرجع ، ص170 ) وعلى غرار باقي مناطق المغرب لا يخلو الوسط الشعبي من حكايات خرافية حيوانية يراد من خلالها التعبير عما يجول بخاطر الإنسان الفركلي بطريقة رمزية جميلة تحمل في طياتها جملة من العبر والمواعظ ومن أشهر الحكايات التي يتداولها الناس حكاية الذئب والقنفذ اللذان يلتقيان معا في الحكاية الواحدة ولا يفترقان، فالذئب كما هو متداول شعبيا صاحب مائة حيلة وحيلة أما القنفذ فله نصف حيلة، وقد يتمكن دائما من خلالها على التغلب على الذئب رغم قوته العضلية والفيزيولوحية. عن موقع مغرس
قــائمة عناوين القصص المنشورة على هذه الصفحـــة جرادة مالحة صابرة والغول حسن وحَبَّةْ الزين ليلى يا ليلى هينة والغول احديدان والغولة دادا بوخزينة مقيدش والغولة مقيدش والغولة (قصيدة زجلية ) لالاّ خضرا - الركَادة لحكايث انموسى اوصالح
جرادة مالحة، صابرة والغول، حسن وحَبَّةْ الزين، ليلى يا ليلى
جرادة مالحة
كَانْ يَامَاكَانْ فْقَدِيمْ الزَّمَانْ، كَانْ الْخِيرْ يْغَطّي الْمْكَانْ، كَانْ الْأعْمَى يْتَخَطَّى الْحِيطَان، وْكَانْ الشِّيخْ يَقْطَعْ الْوِيدَانْ وكَان الأعمَى يتخَطَّى الحيطان. وْكانت الرِّيشَة تْقْهَرْ الْمِيزَانْ، وْالْعَرْصَة كَانْتْ تْغَذِّي الْقْبِيلَة وْتزِيد الْجِيرَانْ، كَانْ وْكَانْ حَتَّى كَانْ. وْفِي قْبِيلَة بْعِيدَة، مَاتْوَصْلْهَا إِلَى مَاعَنْدَكْ حِيلَة، كَانْتْ طْرِيقْهَا طْوِيلَة الْمُونَة تْسَالِي وْهِيَ مَاتْسَالِي.. وْالعَجِيب فْأَمْرْ هَادْ الْقْبِيلَة أنَّ كُلْ مَرَّة تَبَدَّلْ طْرِيقْهَا، اللِّي جَابْتَكْ الْيُومْ، مَاتْرَجْعَكْ غَدَّا، وْهَادْ شِّي كُلُّو بِسْبَابْ وَاحَدْ السَّحَّارَة، كَانْ إِسْمْهَا عَقِيسَة، كَانْتْ مَالْكَة الْبْلاَدْ وْالْعْبَادْ، وْكَانْ سِحْرْهَا مَا يْفَلْتُو مَنُّو غِيرْ الشّْدَادْ. وْكَانْتْ فْالقْبِيلَة، وَاحَدْ الْمْرَا طَيِّبَة جَوَّادَة(1)، تَعْطِي بِيدِيهَا وْلْسَانْهَا، وْكَانْ عَنْدْهَا وَاَحَدْ الْجْنَانْ(2)، خِيرَاتْ الْقْبِيلَة كُلّْهَا مَنُّو، تَعْطِي الْمَسْكِينْ وْتْجُودْ عْلَى الْيْتِيمْ، وْلِهَذَا كَانُو النَّاسْ يَسْمِّيوْهَا الصَّالْحَة. وْهَادْ الصَّالْحَة، كَانْتْ الْعْدُو الْكْبِيرْ دْيَالْ عَقِيسَة،حَتَّى سِحْرْ مَاخَلاَّتُو إِلاَّ وْجَرْبَاتُو بَاشْ تْهْلَكْهَا وْتْهْلَكْ أَرْضْهَا، لَكِنْ الله كَانْ حَافْظْهَا وْحَافْظْ جْنَانْهَا. وْمَرَّتْ الأَيَّامْ وْالْحْسَدْ وْالْحِقْدْ فْقَلْبْ عَقِيسَة شَاعَلْ، بْحَالْ النَّارْ، تَاكُلْ الْخْضَرْ وْالْيَابْسْ..وْاللِّي زَادْ فْنَارْهَا اكْثَرْ، هُوَ أنَّ الصَّالْحَة وْلْدَتْ، أُو وُلْدَاتْ وَاحَدْ التْوَامْ يْطَيّْرُو الْعْقَلْ بِالزِّينْ.. إِيوَا هَادْ الشِّي مَاعْلِيهْ صْبَرْ، حِيثْ عَقِيسَة مْرِيضَة بْالْعْقُرْ(1)، لَكِنْ الصَّالْحَة حَافْظْهَا مُولاَهَا وْحَافْظْ وْلاَدْهَا. عَقِيسَة جَمْعَتْ شْيَاطْنْهَا فْوَاحَدْ اللِّيلَة كَحْلَة زَحْلَة، وْقَالْتْ لِيهُمْ : - اللِّيلَة يَصْبَحْ الْجْنَانْ رْمَادْ، بَاشْ مَا تَلْقَى البْهِيمَة مَاتَاكُلْ وْلاَ لْعْبَادْ، بْغِيتْ نْشُوفْ الصَالْحَة مَذْلُولَة، لاَدَارْ لاَمُونَة لَلْوْلاَدْ. إِيوَا سَمْعُوا شْيَاطَنْهَا لْكْلاَمْ وْقَرْرُوا يَطَبّْقُوا لْحَكَامْ.. لَكِنْ شِيشْوِيَّة رَجْعُوا الشَّيَاطِينْ حَازْنِينْ مَذْلُولِينْ، إِيوَا سَوْلاَتْهُمْ عَقِيسَة كِالْعَادَة : - إيوَا، دَمَّرْتُو المْكَانْ، وْالرْمَادْ وْصَلْ للجِيرَانْ ؟ جَاوْبْهَا كْبِيرْ الشَّيَاطِينْ : - أَلَلاَّ عَقِيسَة، الله حَافَظْ الصَّالْحَة، وْللْجْنَانْ مَالْقِينَا طْرِيقْ، جْنَانْهَا مَحْرُوسْ مَادّخْلِيهْ لاَبِهْدِيَّة وْلاَ بِفْلُوسْ. رَجْعَتْ عَقِيسَة لْفْرَاشْهَا، خَرْجَتْ الشَّيَاطِينْ، وْجَلْسَتْ تْفَكَّرْ بِالْمْكِيدَة، حِيثْ الصَّالْحَة وْللاَّتْ شُوكَة فَحْلَقْهَا وْعَافْيَة مَابِينْ لْحَمْهَا وْعْرَقْهَا.. وْالنَّارْ مَايْطْفِيهَا غِيرْ الْمَا.. ضَحْكَتْ عَقِيسَة وْقَالْتْ :- «صَافِي لْقِيتْهَا.. غَدَّا الصَّالْحَة تْفَطْرِي بِالدّْمُوعْ وْتْعَشَّايْ بِالنْدَامَة». صْبَحْ الصّْبَاحْ، وْالدِّيكْ صَاحْ، وْفَاقَتْ الصَّالْحَة تْفَطَّرْ وْلاَدْهَا، لَكِنْ الْمَسْكِينَة مَالْقَاتْ غِيرْ لْفْرَاشْ، مَسَّاتْ لَفْرَاشْ وْلْقَاتُوبَارْدْ، وْعَارْفَاتْ أنَّ صَاحِبْ الْفَعْلَة دَارْهَا بِاللِّيلْ. زَكَاتْ الصَّالْحَة وْبْكَاتْ وْعْلَى وْلاَدْهَا قَلْبَاتْ، قَلْبَاتْ الدَّارْ وْالْجْنَانْ، وْلاَ أَثَارْ بَانْ، لاَ اللِّي لاَبْسْ وْللاَّ اللِّي حَفْيَانْ، وْللِّي سَوْلاَتُو مَايَعْطِيهَا خْبَارْ،عَرْفَاتْ الصَّالْحَة مُولاَتْ الفَعْلَة، هَذِي فْعَايْلْ عَقِيسَة. تْجَمْعُو أَهْلْ الْقْبِيلَة، نَاوْيِينْ الْبَاسْ، إِيوَا عَقِيسَة طْغَاتْ وْمَابْقَى كْفَاهَا أَذَى الْعْبَادْ، وْلاَتْ زَادَتْ خْطِيفْ لَوْلاَدْ. - هَجْمُو عْلَى دَارْ عَقِيسَة، وْخَلْصُوا الْقْبِيلَة مِنْ مْصَايْبْهَا! إِيوَا غِيرْ هَرْسُو البَابْ وْمَالْقَاوْ غِيرْ الضْبَابْ، الرِّيحْ كَتْصَفَّرْ، هَرْبَتْ عَقِيسَة مِنْ بَعْدْ مَاخَطْفَاتْ لَوْلاَدْ، وْحَتَّى وَاحَدْ مَاعْرَفْ لِيهَا طْرِيقْ. الصَّالْحَة مْسْكِينَة، مَالْقَاتْ لِيهَا جَهْدْ، هَزَّاتْ يْدِيهَا لْسْمَاء وْدْعَاتْ دَعْوَة مَا يَرَدْهَا بُوَّابْ، حِيثْ كِيْمَا كَتْعَرْفُو، دَعْوَة المظْلُومْ مَابِينْهَا وْبِينْ الله حْجَابْ. عَقِيسَة، مْللِّي خَطْفَاتْ لَوْلاَدْ، خْوَاتْ لَقْبِيلَة، وْشَدَّتْ طْرِيقْ طْوِيلَة للِّي مَالِيهَا عُنْوَانْ، وْبَعْدْ ثْلاَثْ أَيَّامْ مِنْ المْسِيرْ وَصْلاَتْ لْقْبِيلَةْ الحَوَّاتَة.. وْهَادْ الْقْبِيلَة، كَانَتْ عِنْدْ الوَادْ، عَايْشِينْ غِيرْ عْلَى الصَّيْدْ، وْالْوَادْ دِيمَا عْلِيهُمْ جَوَّادْ. مْلِلِّي جَاتْ عَقِيسَة، دَقَّاتْ الْخَيْمَة فْالقْبِيلَة وْنْوَاتْ تْبَاتْ اللِّيلَة وْإِلَى عْجَبْهَا الْمْكَانْ تْخَلِّي الإِقَامَة طْوِيلَة. دَازْتْ ثَلاَثْ أَيَّامْ وْعَقِيسَة فْلْقْبِيلَة، لاَهِيَّ ضِيفَة وْلاَيَدْخُلْ عْلِيهَا ضِيفْ، وْالنَّاسْ فْالقْبِيلَة، شَافُو بِللِّي الحُوتْ مِنْ بَعْدْ الصَّيْدْ بْسُرْعَة تَعْطِي رِيحْتُو، وْإِلَى مَاتّْكَالْ فْنْهَارُو، مَاتَنْفَعْ مْعَاهْ لاَمَلْحَة لَقَدِّيدْ(1). تْجَمْعُو كْبَارْ وْعْيَانْ لْقْبِيلَة، بَاشْ يْعَالْجُو الْقَضِيَّة وْيْشُوفُو لِيهَا شِي حِيلَة. سَوَّلْهُمْ كْبِيرْ لْعْيَانْ : - و مَنْ فوقاش هَادْ الْحَالَة فْالْقْبِيلَة ؟ جَاوْبُو كْبِيرْ الصَّيَّادَة : - أَسِيدِي هَادِي ثَلاَثْ أَيَّام، الْوَادْ بْخَلْ عْلِينَا بْحُوتُو، وْاللِّي صَيَّدْنَاهْ، فْنْهَارُو تَعْطِي رِيحْتُو. تْكَلَّمْ وَاحَدْ الصَّيَّادْ وْقَالْ : - هَادِي ثْلاَثْ أَيَّامْ أَسِيدِي، دَقَّاتْ وَاحَدْ الْمْرَا خِيمْتْهَا قُدَّامْ بَابْ دَارِي، لاَهِيَ ضِيفَة وْلاَيْدْخَلْ عَنْدْهَا ضِيفْ، إِلَى شَفْتِيهَا مَاتْسَرْ بْشُوفْتْهَا وْإِلَى سْمَعْتِيهَا مَايَعْجَبْكْ حْدِيثْهَا. وْقَفْ كْبِيرْ الْقْبِيلَة وْقَالْ : - هَادِيكْ ضِيفْ النَّحْسْ، ضِيفْ مَنْبُوذْ(1) مِنْ السّْلاَيْفْ وْالْجْدُودْ، اللِّيلَة مَالِيهَا مْبَاتَة فْقْبِيلْتِي، عْطِيوْهَا مُونَة الطّْرِيقْ، وْخَرْجُوهَا، هَادِيكْ مَاتْصَلَحْ لاَصْدِيقْ وْلاَرْفِيقْ. وْفِعْلاً، جَاوْ الصَّيَّادَة، جَمْعُو لْعَقِيسَة الْخَيْمَة وْعْطَاوْهَا مُونَة الطّْرِيقْ وْخَرْجُوهَا وْنَقَّاوْ القْبِيلَة مِنْ شَرْهَا وْنَحْسْهَا. وْهَكْذَا، شَدَّتْ عَقِيسَة الطّْرِيقْ مَرَة أخْرَى تْقَلَّبْ عْلَى قْبِيلَة بَاقِي مَاجَرْبَاتْشْ تْذْوقْ مْكَايْدْهَا. بَعْدْ نْهَارْ مِنْ المْسِيرْ، وَصْلاَتْ لْقْبِيلَة لْحَطَّابَة، وْقْبِيلَة الْحَطَّابَة جَاتْ وَسْطْ الْغَابَة، مْضَلْلَة عْلَى الشَمْسْ وْمْوَقْرَاهَا الضْبَابَة. إِيوَا أَسْيَادِي وَصْلَتْ عَقِيسَة السَّحَّارَة وْدَقَّتْ خَيْمَتْهَا وْسَطْ الْقْبِيلَة وْقَرْرَتْ تْبَاتْ اللِّيلَة، وْإِلَى عْجَبْهَا الْحَالْ تْخَلِّي الْمُدَّة طْوِيلَة. النَّاسْ فْالقْبِيلَة، كُلْ صْبَاحْ كَيْخَرجُو الْغَابَة يَحَطْبُو وْيْحَشُّو وْإِلَى رَجْعُو، كَيْشُوِيوْ وْيْنَشُّو، الْخِيرْ مُوجُودْ الْبْهَايْمْ لاَقْيَة مَاتَاكُلْ وْالْغَابَة تْجُودْ بِالْحْطَبْ وْالْعُودْ.. إِيوَا فَاتْتْ ثْلاَثْ أَيَّامْ، لاَحْظُو النَّاسْ أنَّ الْحْشِيشْ(1) اللِّي كَيْحَشُّو الْحَطَّابَة للْبْهَايْمْ كَيْبَسْ فْالطّْرِيقْ قْبَلْ مَا يْوَصْلُ لْقْبِيلَة، وْهَكْذَا قَلّْ فِيهَا الْحْلِيبْ وْاللْحَمْ،إِيوَا قَرْرُوا الْحَطَّابَة يَتْجَمْعُو فْبِيتْ كْبِيرْ الْقْبِيلَة يْشُوفُو لِلْقَضِيَّة شِي تَخْرِيجَة وْلاَ حِيلَة. إِيوَا سْأَلْهُمْ كْبِيرْ لْقْبِيلَة : - وْمْنْ فوقاشْ هَادْ الْحَالَة فْالقْبِيلَة ؟ أُوجَاوْبُو كْبِيرْ الْحَطَّابَة : - أَسِيدِي هَادِي ثْلاَث أَيَّامْ، كَنَّا كَنْجِيبُو حْطَبْ شْهَرْ، وْكَنْحَشُّو للْبْهَايْمْ وْاللِّي حَشِّينَا، ثَلاث أَيَّامْ كَيْبْقَى خْضَرْ،تَاكُلْ مِنُّو الْغْنَمْ وْالْجّْمَالْ وْالْبْقَرْ. أمَّا اليوم، الْحْشِيشْ كَيْبَسْ فْالطّْرِيقْ وْالْحْطَبْ يَابَسْ كْلاَتُو الشَّمْسْ. نَاضْ وَاحَدْ الْحَطَّابْ وْقَالْ : - أَسِيدِي كْبِيرْ الْقْبِيلَة، هَادِي ثْلاَث أَيَّامْ، جَاتْ وَاحَدْ الْمَرأة وْدَقَّاتْ خَيْمْتْهَا قُدَّامْ بَابِي، إِلَى شَفْتِيهَا نْهَارَكْ يْفُوتْ كْحَلْ وْإِلَى دْوَاتْ مْعَاكْ بْحَالْ النَّارْ تَحْرَقْ وْتَقْتَلْ. وْقَفْ كْبِيرْ الْقْبِيلَة وْقَالْ : - هَادِيكْ وْجَهْ النَّحْسْ، مَاتْبَاتْشْ اللِّيلَة فْالْقْبِيلَة، هِيَ جَاتْ بْعَارْهَا وْاحْنَا نْتْكْوَاوْ بْنَارْهَا. إِيوَا اجْتَامْعُو رْجَالْ الْقْبِيلَة وْرَيْبُو لْعَقِيسَة الْمَنْحُوسَة خِيمْتْهَا، عْطَاوْهَا مُونَةْ الطّْرِيقْ وْخَلاَّوْهَا وْسَطْ الْغَابَة فْرِيسَة. وَقْفَتْ عَقِيسَة وْسْطْ الْغَابَة، وْقَالْتْ : «آشْ مِنْ طْرِيقْ نْشَدْ». وْشَدَّاتْ طْرِيقْهَا لَعَلَّ وْعَسَى تْفُوتْ الْغَابَة قْبَلْ مَا يَشَدُوهَا الْعَسَّاسَة، وْبَعْدْ يُومْ مِنْ الْمْسِيرْ شَافْتْ بِللِّي هِيَ عْلَى أَبْوَابْ قْبِيلَة جْدِيدَة وْمِنْ سْمَاهَا الصَّافِية بَايْنَة قْبِيلَة سْعِيدَة. كَانْتْ هَدِيكْ قْبِيلَةْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ، الْقَاضِي اللِّي لِلْجَأْ لِيهْ مَايَظّْلَمْ، الْغَنِي عَنْدُو بْحَالْ الْفَقِيرْ وْالْكْبِيرْ عَنْدُو بْحَالْ الصّْغِيرْ. وْكَانْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ مَايَخْفَى عْلِيهْ سِحَرْ السَّحَّارَة وْلاَ سَلْعَة الْعَطَّارَة، كَانْ عَنْدُو جْمَاعْتُو مِنْ السَّحَّارَة، وَلَكِنْ مَا يْخَدْمُو لِيهْ غِيرْ لِلْخِيرْ وْمَاشِي لِلأَذِيَّة. وَصْلَتْ عَقِيسَة لِلْقْبِيلَة وْدَقَّتْ خِيمْتْهَا كِالْعَادَة، وْفْهَادْ الْقْبِيلَة، كَايْنْ الْفْلاَّحْ وْالْخَضَّارْ وْالتَّاجَرْ وْالجَزَّارْ، وْالْقْبِيلَة حَتَّى لْهَذَاكْ النْهَارْ عَايْشَة فِي سَلاَمْ وْهَنَاء. وْمَرَّتْ ثلاث أَيَّامْ، وْشَافُو النَّاسْ بِللِّي كَثْرَتْ الْخْصُومَة بِينَاتْهُمْ، الْغْنِي يَاكُلْ رْزَقْ الْفَقِيرْ، وْالْكْبِيرْ يَحْقَرْ عْلَى الصّْغِيرْ، وْالْقَاضِي بُومْفْتَاحْ عَمْرُو مَادَارُو الشّْكَّايَة الصَّفْ قُدَّامْ بَابُو وْعَمَّرْ الْخْصُومَة مَاكَانْتْ فْالْمَالْ وْالْعَرْضْ. دَقْ بَابُو كْبِيرْ التُّجَّارْ وْكْبِيرْ الْخَضَّارَة، دَخَّلْهُمْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ لْدَارُو وْقَالْ : - آشْ وَاقَعْ بِينْ الْخَضَّارَة وْالتَّجَّارَة، كَنَعْرَفْهُمْ خُّوتْ لاَغَدَّارَة وْلاَشَفَّارَة. خْذَا كْبِيرْ التُّجَّارَة الإِذْنْ بْالْكْلاَمْ وْقَالْ : - سْمَعْنِي أَسِيدِي بُومْفْتَاحْ، هَادِي ثَلاَثْ أَيَّامْ جْمَعْنَا الْمُونَة مِنْ الْحَطَّابَة وْالجَزَّارَة وْاعْطِينَا لْفْلُوسْ لِلْخَضَّارَة، الْحَطَّابَة وْالجَزَّارَة وْفَاوْ بْالْوَعْدْ وْبْقَاوْ الْخَضَّارَة.. وْاحْنَا أَسِيدِي بُومْفْتَاحْ مْوَجْدِينْ الْجْمَالْ وْالْقَافْلَة غَادِي تَمْشِي مْعَ السَّرْوِيَّة(1). مْللِّي سَالاَ كْبِيرْ التْجَّارْ كْلاَمُو، الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ مَاقَالْ احْكَامُو، وْقَالْ لْكْبِيرْ الْخَضَّارَة : - آشْ كَتْقُولْ أَسِّي كْبِيرْ الْخَضَّارَة فْهَادْ الْكْلاَمْ ؟ وْقَفْ كْبِيرْ الْخَضَّارَة وْقَالْ : - أسِيدِي بُومْفْتَاحْ، احْنَا مَانْكَرْنَا كْبِيرْ التْجَّارَة، لْفْلُوسْ شَدِّينَاهُمْ وْالخُضْرَة جْمَعْنَاهَا، لَكِنْ صْبَاحْ الْيُومْ مَالْقِينَاهَا، وَاشْ تْسَرقَاتْ وَاشْ تْحَرْقَاتْ، حَتَّى وَاحَدْ مَالْقَى لِيهَا أَثَرْ. إِيوَا هْنَا حَارْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ، وْقَالْ : - رَجْعُوا عَنْدِي فْالصّْبَاحْ، وْنْقُولْ لِيكُمْ شْكُونْ اللِّي عْلِيهْ اللُّومَة فْهَادْ الْخْصُومَة. غِيرْ خْرَجْ كْبِيرْ التْجَّارَة وْكْبِيرْ الْخَضَّارَة، وْدْخَلْ كْبِيرْ الجْزَّارَة وْكْبِيرْ الفْلاَّحَة، طَالْبِينْ حْكَامْ سِيدِي بُومْفْتَاحْ. وْقَفْ كْبِيرْ الجْزَّارَة قْدَّامْ الْقَاضِي وْقَالْ : أَسِيدِي بُومْفْتَاحْ، كْبِيرْ الْفْلاَّحَة شَدْ لِيَّ بْهَايْمِي فْأَرْضُو وْمَا بْغَا يَطْلَقْهَا وْكَيْقُولْ يَايَذْبَحْهَا يَايَشْنَقْهَا. قَالْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ : - آشْ قُولَكْ فْهَادْ الْكْلاَمْ أَكْبِيرْ الْفْلاَّحَة، وَاشْ كَاذْبْ وْلاَ قَالْ الصَّرَاحَة ؟ جَاوْبُو كْبِيرْ الْفْلاَّحَة : - نَعَمْ أَسِيدِي بُومْفْتَاحْ صَادَقْ، وَلَكِنْ بْهَايْمُو تْسَلْطُو عْلَى أَرْضِي، كْلاَوْ الزْرَعْ وْهَلْكُو الأَرْضْ وْالْمْصَارَفْ(1)، إِيوَا كِيفْ نْعَوَّضْ خْسَايْرِي أَمُولاَيْ الْقَاضِي.. وْقَفْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ وْقَالْ : - الصّْبَاحْ رَجْعُو عَنْدِي، نْوَرِّيكُمْ الظَالْمْ مِنْ المَظْلُومْ. إِيوَا جْلَسْ الْقَاضِي كَيْفَكَّرْ مْعَ صْحَابُو، آشْ هَادْ الشِّي تْسَلَطْ عْالْقْبِيلَة، عَمْرْهَا مَاتْشَكَاتْ الْجُورْ(1) وَالْمْكِيدَة، وْهَادْ ثَلاَثَة أَيَّامْ وْللاَّ الظُلْمْ قَاعِدَة. قَالْ لِيهْ صَاحْبُو : - إيِلَى سْمَحْتِي لِيَّ أَسِيدِي الْقَاضِي، هَادِي ثَلاَثْ أَيَّامْ جَاتْ وَاحَدْ الْعَجُوزَة غْرِيبَة عْالْقْبِيلَة، مَاتَرْتَاحْ لْشُوفْتْهَا مَايَعَجْبَكْ كْلاَمْهَا، وْمْعَاهَا جُوجْ صِبْيَة صْغَارْ مَابَايْنِيشْ مِنْ ثُوبْهَا.. يَاكْمَا جَابْتْ مْعَاهَا النَّحْسْ وْالبْغِيضَة لْقْبِيلَة سِيدِي بُومْفْتَاحْ. جَاوْبُو الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ : - انْتُومَا كَتْعَرْفُونِي مَانْبْغِي الظُّلْمْ، جِيبُوهَا نَسْمَعْ حْكَايْتْهَا، إِلَى كَانْتْ ضِيفَة نْكَرْمُوهَا وْإِلَى جَايْبَة الْبلاَءْ لِلْقْبِيلَة، نْجَازِيوْهَا بْنَيْتْهَا. إِيوَا شْوِيَة جَاوْ رْجَالْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ وْجَابُو مْعَاهُمْ السَّاحِرَة عَقِيسَة، إِيوَا غِيرْ وَقْفَتْ قُدَامُو وْتْنَمْلُو لِيهْ قْدَامُو، وْحَسْ بْللِّي هَادْ الْعْجُوزَة فْحْكَايْتْهَا بَلْيَة.. سَألْهَا بُومْفْتَاحْ : - شْكُونْ انْتِي ؟ وْآشْ جَابْكْ لْقْبِيلْتْنَا ؟ خَافْتْ عَقِيسَة مِنْ كْلاَمُو، لَكِنْ الدَّاهْيَة عَارْفَة كِيتْرَدْ احْكَامُو، جَاوْبَاتُو وْقَالْتْ : - أَنَا ضِيفَة، طَالْبَة ضِيفْ الله، سَمْعَتْ بْحْكَمْتَكْ وْشْهَامْتَكْ، وْجِيتْ نْتَغَطَى بْحْمَايْتَكْ. جِيتْ مِنْ قْبِيلَة بْعِيدَة، دَازْتْ عْلِيهَا أَيَّامْ شْدِيدَة، زَارْهَا القَحْطْ(1) وْطُوَّلْ الزِّيَارَة مَاخَلَّى فِيهَا لاَ عُودْ نَابْتْ لاَنُوَّارَة، إِيوَا أَسِيدِي بُومْفْتَاحْ هَزِّيتْ وْلِيدَاتِي وْخْوِيتْ الْقْبِيلَة، وْقْصَدْتْ قْبِيلْتَكْ، إِلَى قْبَلْتُو عْلِيَ هَذَاكْ مْنَايَا، وْإِلَى مَاقْبَلْتُو نْعَاوْدْ رْجَايَا. مْلِّي شَافْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ لْوْلِيدَاتْ كِيمْنَوْرِينْ وْوَجْهْ عَقِيسَة كِيمْظَلَّمْ.. سْأَلْهَا : - أَنَا شَاكْ فْأَمْرَكْ، وْلاَدَكْ مْنَوْرِينْ وْأَنْتِ كَحْلَة زَحْلَة، وْوَلاَدْكْ بَاقْيينْ دْيَالْ الرْضَاعَة وْانْتِ العُكَّازْ مَاتْفَرْطِي فِيهْ.. هَادُو مَاشِي وْلاَدَكْ. جَاوْبَاتُو عَقِيسَة : - هُومَا وْلاَدِي أسِيدِي، وَاشْ كَتْشَكْ فْقُدْرَةْ الله ؟ جَاوْبْهَا الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ وْقَالْ : - حَاشَى نْشَكْ فْقُدْرَة الله، رْزَقْ الْوَلْدْ لابْرَاهِيمْ وْزَكَرِيَّا.. أَنَا غَادِي نَرْسَلْ الزَرْزُورْ(1) يْجِيبْ اخْبَارْكْ، إِلَى كُنْتِي صَادْقَة نْقَادُّو لِيكْ الْمْقَامْ وْإِلَى كُنْتِي كَاذْبَة نَرْمِيوْكْ لْجَهَنَّمْ. الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ، كَانْ عَنْدُو وَاحَدْ الطَّيْرْ سْمِيتُو الزَرْزُورْ، كَانْ يْجِيبْ لِيهْ الْخْبَارْ بْحَالْ سِيدْنَا سُلَيْمَانْ، وْهَكْذَا كَيَعْرَفْ الصَّادَقْ وْالْكَاذْبْ وْالْمَغْلُوبْ وْالْغَالْبْ. حْبَسْ عَنْدُو عَقِيسَة وْخَلاَّ عَنْدُو لْوْلاَدْ وْاتْسَنَّى الطِّيرْ يْجِيبْ لْخْبَارْ.. مْعَا الْفْجَرْ رْجَعْ الطِّيرْ وْجَابْ خْبَارْ عَقِيسَة بْلاَ زْيَادَة وْلاَنُقْصَانْ، عْرَفْ حْكَايَة الْوْلاَدْ وْحْكَايْةْ الْجْنَانْ وْحْكَايْةْ قْبِيلَةْ الصَّيَّادَة وْالْحَطَّابَة، وْعْرَفْ سْبَابْ لْخْصُومَة اللِّي زَارْتْ قْبِيلْتُو اللِّي كَانْ يَضْرَبْ بِيهَا الْمْثَالْ. صْبَحْ الصّْبَاحْ وْجَابْ مْعَاهْ الصّْفَا… التُجَّارْ وْالْفْلاَّحَة وْالْخَضَّارَة وْالجْزَّارَة تْصَافَاوْ وْمَابْقَاتْ بِينَاتْهُمْ خْصُومَة. خَرَّجْ بُومْفْتَاحْ عَقِيسَة وْجْمَعْ سَّحَّارَا دْيَالُو وْقَالْ : - عْرَفْنَا حْكَايْتَكَ أَعَقِيسَة وْذَقْنَا إِذَايْتَكْ، وْ دَارْتْ عْلِيكْ النُوبَة، كِيفْمَا آذِيتِي تْأَذَايْ. غِيرْ سَمْعَاتُو عَقِيسَة وْتْبَدَّلْ لُونْهَا وْصُوتْهَا، حَاوْلَتْ تْسْحَرْهُمْ بِعَيْنِيهَا وْعْصَاهَا، لَكِنْ سْحَارَاتْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ كَانُو قَادْرِينْ.. وْقَهْرُوهَا بْكْلاَمْهُمْ وْرَبْطُوهَا بْسْهَامْهُمْ وْهَكْذَا قَالْ لِيهَا الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ : - غَاذِي يَمْسْخُوكْ السَّحَّارَة دْيَالِي، إِيوَا اخْتَارِي، يَاجْرَانَة يَاجْرَادَة يَاذَبَّانَة. عَرْفَاتْ عَقِيسَة بْللِّي هَادِي الاخْرَة لِيهَا وْحْتَّى شِي سِحْرْ مَاغَادِي يْصْدَقْ لِيهَا.. وْقَالْتْ : - «الجْرَانْ صْدَاعُو مَا يْآذِي وْالذَّبَّانْ يْقَهْرُوهْ الْوْسَادِي، أَمَّا الجْرَادْ، كَيْهْلَكْ الشّْجَرْ وْالجْرَادِي..». اخْتَارْتْ الجْرَادَة أَسِيدِي بُومْفْتَاحْ. إِيوَا فْرْمْشَة عِينْ، وْللاّتْ عَقِيسَة جْرَادَة وْطَارْتْ مِنْ الشَّرْجَمْ، وْمَاعَرْفُوهَا فِينْ غَادَة. الْمُهِمْ مْشَا الْبَاسْ وْالظّْلاَمْ اللِّي بَانْ فْنَاسْ الْقْبِيلَة.. وْرَجْعَتْ لْصَافَا وْنُورْهَا. أَمَّا الجْرَادَة عَقِيسَة، فَشَرّْهَا مَابْغَى يْسَالِي، مْشَاتْ أَسْيَادِي للصَّحْرَا، وْجَمْعَتْ سَرْبْ الجْرَادْ وْنْوَاتْ الْغْدَرْ بْأَهْلْ البْلاَدْ.. وْقَصْدَتْ الْقْبِيلَة، بَاشْ تَهْلَكْ جْنَانْ الصَّالْحَة. بَعْدْ أَيَامْ رَجَّعْ الْقَاضِي بُومْفْتَاحْ لْوْلاَدْ لأمْهُمْ الصَالْحَة، وْرَجْعَتْ فِيهَا الرُّوحْ مِنْ بَعْدْ مَاكَانْتْ عْلَى وْلاَدْهَا تَبْكِي وْتْنُوحْ. فْالصْبَاحْ التَّالِي، صَبْحَتْ الْقْبِيلَة عَلَى سْحَابَة كَحْلَة قَاصْدَاهُمْ، هَدَاكْ سَرْبْ الجْرَادْ، قَاصْدْ جْنَانْ الصَّالْحَة، جَايْ يَهْلَكْ الشْجَرْ وْيْخَلِّي الْحْجَرْ، لَكِنْ كِيفْمَا كَانْ الله حَافْظْ جْنَانْ الصَّالْحَة وْرَدْ لِيهَا وْلادْهَا، هُوَ قَادْرْ يَكْفِيهَا شَرْ عَقِيسَة الجْرَادَة وْسَرْبْهَا. دْخَلْ السَّرْبْ للجْنَانْ، لَكِنْ مَاقْدَرْ يَاكُلْ حَتَّى وَرْقَة مِنْ الشْجَرْ، اللِّي ذاقْ شِي شَجْرَة، يَلْقَاهَا مَالْحَة، مَعَ أَنَّ الشّْجَرْ كُلُّو غِيرْ عْنَبْ وْتْفَّاحْ وْلِيمُونْ ورٌمَّانْ، كُلُّو حْلاَوَة. إِيوَا تْقَلْبَاتْ الآيَة، خَرْجُو نَاسْ الْقْبِيلَة، رْجَالْ وْنْسَا وْدْرَارِي يْصَيْدُوا الجْرَادْ اللِّي حْصَلْ فْجْنَانْ الصَّالْحَة. إِيوَا نَاسْ الْقْبِيلَة تْزَرْدُوا ثَلاَث أَيَامْ، حِيثْ جْرَادْ هَدِيكْ الأَيَامْ مَاكَانْ فِيهْ دْوَا، كَانْ الْغَنِي يَاكْلُو وْالْفْقِيرْ، حِيثْ كَانْ بْحَالْ الْغْنَمْ، سَارَحْ فْالشْجَرْ وْالزْرَعْ. إِيَوَا تْجَمْعُو شِي وْلِيدَاتْ يَشْوِيوْ الجْرَادْ، وْمْلِلِّي شَبْعُو، بْقَاتْ لِيهُمْ جْرَادَة شَبْعُوا عْلِيهَا، وْمَاقْدَرْ حَدْ يَاكُلْهَا.. قَالْ لِيهُمْ كْبِيرْهُمْ : - غَادِي نَضَرْبُو عْلِيهَا الْعُودْ، جْرَادَة مَشْوِيَّة نَاكْلُوهَا بْشْوِيَّة، اللِّي جَاتْ فْنَصِيبُو يَاكُلْهَا فْضَغْمَة، بَاشْ مَانْضَيْعُو هَادْ النَّعْمَة. وْمْلِلِّي ضَرْبُو عْلِيهَا الْعُودْ، جَاتْ فْالْوَلْدْ الصّْغِيرْ، وْغِيرْ حَطْهَا فْمُّو وْرَدْهَا: -شْحَالْ مَالْحَة، أَنَا مَا جْحَدْتْ النَّعْمَة، وَلَكِنْ مَاقْدَرْتْ عْلَى هَادْ اللَّقْمَة.. إِيوَا الدْرَارِي للِّي حَطّْهَا فْمُّو يَرْمِيهَا.. حيثْ حَتَّى وَاحَدْ مَاعْرَفْ بْللِّي هَادِيكْ الجْرَادَة هِيَ عَقِيسَة، وْبْقَاتْ عَقِيسَة الجْرَادَة مَشْوِيَّة وْمَرْمِيَّة، حَتَّى كْلاَهَا الرِّيحْ مْعَ الأَيَامْ.. أَمَّا الْوْلِيدَاتْ كَانُو كَيْغَنِّيوْ مِنْ ذِيكْ اللِّيلَة مْللِّي عَرْفُوا الْحْكَايَة : أجْـــرَادَة مَـــالْــحَــــــة فِــي كُـنْـتـِـي سَـارْحَـــة فِـي جْـنَـانْ الصَالْـحَـــة آشْ كْلِيتِي آشْ شْرَبْتِـي غِيرْ التْـفَـاحْ وْالنَّـفـَـاحْ وْالحَـكْـمَـة بإِيــدِيـــكْ يَاالْقَـاضِي يَا بُـو مْفْتَـاحْ إيوَا مْشَاتْ حْكَايْتِي مِنْ وَادْ لْوَادْ وْمِنْ بْلاَدْ لَبْلاَدْ، يَحْكِيهَا الْجْدَادْ لِلصَّبْيَة وْلْحْفَادْ منقول للفائدة من مدونة يومية عبد الغني ورضي
صابرة والغول
" اعطيونا وذنيكم الليه يجازيكم، ولا ما حكيتوهاش لوليدات التقليد عليكم " يحكى في غابر الأجيال أن فتاة تدعى " صابرة " كات تعيش تحت كنف والدها في غابة نائية، وكانت تربي قطة، فذهب والدها إلى الحج، وتركها وحيدة مع القطة، دون معين. فكانت صابرة تقتسم طعامها بالتساوي مع تلك القطة، لكن القطة لم تكن تبالي بالفتاة، فتأكل كل ما اصطادته وحدها. وذات يوم من أليام وحدت صابرة تفاحة، فاكلتها دون أن تعطي القطة شيئا، فرأتها القطة، وتوعدت أن تنتقم منها، فسرقت لها عود الثقاب، فلم تجد صابرة ماتوقد به لكي تطهو الطعام. وبينما هي تفكر في الحل، رأت نورا منبعثا من وسط الغابة، فاتجهت نحوه، وحينما وصلت إلى مكان الضوء، وجدت غولا يشوي حمارا، فقالت له: - السلام عليك يا عمي الغول. فرد قائلا: - ماذا تريدين؟ أجابته قائلة: - أريد قبسا من النار. كان الغول ينتعل رجلي الحمار، ويضع جلده على ظهره، وأمعاؤه على رأسه. فقدم لها الغول النار وانصرفت. لكن الغول اقتفى أثرها، وعرف محل سكناها، فبدأ يتردد عليها في الليل، وهي ترتجف من الخوف. فيقول لها : - ياصابرة، عندما زرتني ماذا وجدتني أشوي؟ فتجيبه قائلة: - وجدتك تشوي لحم الخروف. فيقول لها : - وماذا وجدتني أنتعل؟ فتقول له : - بَلْغَة السلطان. ثم يسالها : - واذا كنت أرتدي؟ فتقول له : - كنت ترتدي لباس الملوك. ثم يضيف قائلا: - وماذا كنت أضع فوق رأسي؟ فتقول له : - عمامة الحكماء. - وهكذا دواليك، إلى أن طلب منها في يوم من الأيام أن تقبله زوجا. فامضت الليل كله تبكي، وتطلب من الله أن يعود والدها في أقرب وقت، وكان الغول قد أعطاها مهلة ثلاثة أيام، لتفكر في الأمر و تجيبه. وفي صباح اليوم الثالث، عاد أبوها من الحج، برفقة شاب وسيم التقى به أثناء رحلته، ففرحت كثيرا، و أخذت تبكي، فحكت لهما قصتها مع الغول، فطمأنها الشاب الوسيم، ووعدها بأن يجد حلا لمشكلتها، فقام في حينه، فحفر أخدودا عميقا، وملأه حطبا، وغطاه بالعشب، فامرها بأن تثير غضب الغول حينما يأتي ويسألها كالعادة. ولما اقترب الغول، خرجت الفتاة، فرآها، وناداهاقائلا: - يا " صابرة " ؟ فاجابته قائلة: - ماذا تريد أيها الحمار. فقال لها: - إذا لم تقبلي بي زوجا فسوف ألتهمك. فقالت له: - أنت مجرد جبان ولا تقوى على فعل أي شيئ. فقال لها : - عندما زرتني ماذا و جدتني أشوي؟ قالت ضاحكة: - وجدتك تشوي لحم حمار أيها الحمار. قال لها : - وماذا وجدتني أنتعل؟ قالت له : - وجدتك تنتعل رجلي حمار. ثم قال : - وماذا كنت أرتدي؟ قالت : - كنت ترتدي جلد حمار. فقال لها: - وماذا كنت أضع فوق رأسي؟ قالت : - كنت تضع أحشاء الحمار ايها المعفون. فثار غضبه، وهرول مسرعا نحوها فسقط في الفخ الذي نصب له، فأشعل الشاب النار في الحطب، فمات الغول. وقد أعجب الشاب الوسيم ب " صابرة "، طلب يدها للزواج، فعاشت في سعادة وهناء، رفقة زوجها ووالدها. وخَبِّيرْتِي مشات الواد الواد، وأنا بقيت مع لجواد.
حسن و حَبَّةْ الزين
كان ياماكان في قديم الزمان، مين كان لَحْبَقْ والسُّوسان في حْجَر النبي العدنان عليه الصلاة والسلام. كان هناك رجل متزوج بامراة رزقها الله ولدا ذكرا، فكانا سعيدين جدا بهذا المولود، كبر الولد وترعرع في كنف أسرته، إلى أن أصبح شابا يافعا. مرض أبوه واقترب اجله، وفي لحظات احتضاره نادى زوجته وابنه الوحيد، فأخذ يوصيه بان لا يأكل أموال الغير، مهما حصل. وفعلا امتثل الابن البار لوصية والده الهالك. توالت الأيام والشهور والأعوام، واشتد عود الشاب، فأخذ يشتغل في الفلاحة بالحقل الذي ورثه عن أبيه، وأصبح قادرا على إعالة نفسه وأمه. وذات مرة، بينما هو منهمك في سقي بستانه، وإذا بقنوات الري تحمل معها رمانة كبيرة، وقد طفت بجانبه. فاخذها والتهمها بنهم شديد، حينها تذكر وصية أبيه وندم على فعلته، لأنه ظن أن أكلها تطاول على الغير. فحزن الابن حزنا عميقا ولم يجد سبيلا للتكفير عن خطيئته. عاد الفلاح الشاب متذمرا إلى منزله، وأخبر أمه بكل ماحدث، فنصحته بضرورة البحث عن صاحب الرمانة والاعتذار له عسى أن يغفر له فعلته، ولكي يهدا باله. وذهب الشاب باحثا عن صاحب الرمانة، فأخذ يسأل كل من يصادفه في طريقه، على أن التقى برجل عجوز فأخبره بقصته، وطلب منه المساعدة. توسم الشيخ في الشاب صورة الانسان المثالي الذي يسعى وراء القيم النبيلة، فأراد مساعدته فقال له : - لا تحزن يا بني إن الرمانة ملك لي. أخذ الشاب بكلام الشيخ وسر لذلك، فطلب منه العفو. لكن الشيخ اشترط من أجل الصفح عنه أن يتزوج بابنته قائلا: - فليكن في علمك يا بني أن ابنتي مريضة ولا تقوى على المشي، لكنها تستخدم يديها بمهارة. وضع الشاب أما خيار صعب، ولكنه لم يستطع رفض طلبه، وطلب من الشيخ السماح له باستشارة والدته. ولما ذهب وسألها ترددت في بادئ الأمر، ولكنها قبلت في النهاية أن توافق على زواج ابنها بالفتاة المعوقة، معللة قبولها بقولها: - يكفي أن تكون قادرة على فعل بعض الأعمال البسيطة، مثل إطعام الدجاج. ذهب الابن رفقة أمه لخطبة ابنة الشيخ وكان الاتفاق على موعد الزواج ومتطلباته. وفي يوم العرس وجد الشاب أمامه مفاجأة جميلة، لا وهي كون العروس من أجمل البنات. اسمها " حَبَّة الزين " ، و ليست بها علة كما ادعى الشيخ. ملأت الفرحة قلب الشاب والأم، فدام الحفل ثلاثة أيام، وبعدها استمرت الحياة، وتنامى الحب بين العروسين. وفي يوم من الأيام، والشمس على وشك الغروب، طرق باب منزل العروسين، هم حسن بفتحه، فوجد رجلا غريبا لم يسبق له أن رآه من قبل، استفسره عن مراده، فطلب منه الغريب " ضيف الله "، أي استضافته. رحب به حسن وطلب من زوجته أن تعد طبقا من الكسكس، احتفاء بالضيف وإكراما له. لكن الضيف انبهر بجمال " حبة الزين " الذي لم ير مثله. فبدأ يفكر في تدبير مكيدة للزوج من أجل الفوز بها. وفي اليوم الوالي انصرف الضيف وباله مشغول بالتفكير فيما سيفعله للاستيلاء على زوجة حسن. مرت أيام وعاد الضيف إلى زيارة حسن، وقد جلب معه الجمال، والخيل، والبقر، وقال: - ياحسن إن هذا كله لك. فأجابه حسن مشدوها: - من أين لي هذا؟ ماهذه المزحة؟ فأجابه الضيف مبددا اندهاشه : - إن والدك كان شريكا لي في التجارة، وهذه حصتك من الشراكة. لكن حسن لم يقتنع بالمر بدعوى أن والده لم يخبره بشيء عن هذه الشراكة وهو على فراش الموت، فطلب من الضيف استشارة أمه. قصد حسن والدته واستفسرها، فأجابته قائلة : - لم يسبق لوالدك أن أخبرني بأنه شريك أحد، لذلك كن حذرا من أن تأخذ ما ليس لك. لذا قرر حسن أن يرفض ما عرضه عليه الضيف. ولما كانت الشمس على وشك الغروب، طلب الضيف من حسن أن يسمح له بالمبيت، كل هذا ونفسه تسول له بخطف " حبة الزين ". قبل الزوج استضافته، وقد أعدت لهما الزوجة وجبة العشاء، ومن دون ان ينتبه الزوج أخرج الضيف عشبا مخدرا، ودس منه في جهة الزوج. وبمجرد ما شرعا في الأكل، أحس الزوج بثقل رأسه، ثم اغمي عليه، آنذاك قام الضيف مسرعا واختطف " حبة الزين "، و توجه إلى دياره. ولما استفاق الزوج من إغمائه، لم يجد في البيت غير أمه التي كانت تبكي، سرعان ما اكتشف الشرك الذي وقع فيه، وبعد أن استرجع قواه من وقع الصدمة، اخذ يفكر في حل لاستعادة زوجته. لجم الزوج فرسه، ليخرج للبحث عن أعز اصدقاء أبيه بعدما نصحته أمه بذلك، من أجل طلب يد العون. فأخذ يتساءل كيف السبيل على هذا الصديق المجهول؟ أمرته والدته بملء أحد طرفي " إِغْرَيْنَنْ " ( لُخْرَاج ْ : تصنع من الحلفاء وتوضع على ظهر الدواب لحمل الأمتعة ) بخبز الشعير، والطرف الآخر بخبز القمح، ثم يطلق في رحلة البحث، وفي طريقه سيلتقي بأناس سيشتهون أكل ما ب " إغرينن " ، فمن طلب خبز القمح فهو ليس صديقا لأبيه، ومن طلب خبز الشعير ، فهو الصديق الحقيقي لوالده. عمل حسن بنصيحة والدته، وفعلا التقى بأناس كثيرين، إلى أن صادف رجلا طلب منه أن يعطيه من خبز الشعير، فسر كثيرا لأنه وجد صديق والده، فحكى له ما وقع له. فسارا معا للبحث عن " حبة الزين ". وجالا المدن والقرى بحثا عن الزوجة دون جدوى، وبينما هما منهمكان في البحثن التقيا راعيا فوصف له الزوج خاطف زوجته، وحكى له القصة بأكملها، فدلهما الراعي على مكانها، بعدما أخبرهما بأن مختطفها ادعى أنها زوجته، وبأن " حبة الزين " منذ أن وصلت لم تنبس ببنت شفة، بالرغم من كل المحاولات التي قام بها مختطفها لكي يجعلها تتكلم، قد أحضر السحرة والكهنة، وقدم لها جميع وسائل الإغراء، إلا انها أبت التكلم مع أي أحد. وانتشرت أخبارها في المنطقة بأسرها، فباتت لغزا محيرا. انطلق حسن ورفيقه العجوز مسرعين تجاه منزل الغريب الذي اختطف الزوجة، وقررا أن يتقمص الشيخ شخصية فقيه أوتي الحكمة في معالجة الصم البكم، بينما يقوم الزوج بدور المساعد، ولما وصلا إلى المنزل تنكر الشاب والعجوز كما خططا لذلك، وطرقا باب المحتال ففتح لهما، وأخبراه بأنهما سمعا بقصة المريضة، فجاءا بغية معالجتها. رحب الزوج المزعوم المحتال بالضيفين وأدخلهما بيت الضيافة، ثم اخذ يتجاذب اطراف الحديث معهما، وأخذ يحدثهما عن ممتلكاته الكثيرة ويفخر بما لديه من ثروة لا تعد ولا تحصى، وأنه يملك فضلا عن ذلك جملين نادرين، فقال: - إني أمتلك جملين نادرين، أحدهما يستطيع أن يقطع مسافة ثلاثة أيام في ساعة واحدة، أما الثاني فأسرع وأخف، إذ بمقدوره أن يقطع مسافة سبعة ايام في ساعة واحدة. - واستمر المحتال في سرد حكاياته، كل هذا والشيخ وحسن ينصتان له بتركيز شديد، إلى أن أخذ يعرض عليهما قصة " حبة الزين " قائلا: - منذ ان تزوجتها، وهي ممسكة عن الكلام، وتصدني عن الفراش، فأتيت بأشهر الفقهاء والسحرة، ولكن لم يستطع أحد حل المشكلة، واكتشاف علتها. قاطعه الشيخ قائلا: - لا تخف، كل شيئ سيكون على ما يرام، وسوف تعود زوجتك على الصورة التي تشتهيها نفسك. فرح المحتال، ووعدهما بمجازاتهما، وإغداق النعم عليهما، إن استطاعا معالجتها. فقام لتوه، وأحضر " حبة الزين "، وما إن رأت زوجها اصابتها الدهشة، وكادت ان تصرخ من شدة الفرح، لكن حسن أومأ إليها بإشارة خاطفة لالتزام الصمت، ثم شرع الشيخ في رسم بعض الطلاسم على ظهر ورقة، - من دون أن تكون لذاك الخطوط أي معنى – وأمر المحتال بأن يضع الورقة في يد " حبة الزين " لتشفى. وما إن وضعت الورقة في يدها، حتى شرعت الزوجة بالكلام، فعمت الفرحة أرجاء المنزل، وطلب المحتال من الضيفين اشتراط كل ما يريدانه، فطلبا أن يشاركا بقية الأسرة تناول طبق شهي من الكسكس، فامر المحتال والدته بتهييئ الكسكس، لكن " حبة الزين " فهمت خطة زوجها والشيخ، فقامت لإعداد الكسكس بنفسها، لكي تنتقم من المحتال وتضع له العشب المخدر في الجهة التي سياكل منه، وفعلا نجحت الخطة. سارع الثلاثة بامتطاء أحد الجملين النادرين، و مضوا في طريق العودة إلى للمنزل. وحينما استفاق المحتال، حكت له أمه ما حدث، فسألها: - أي الجملين امتطوا؟ اخبرته بأنهم سرقوا الجمل البطيئ فقرر اللحاق بهم. أخذ المحتال الجمل السريع، وخرج في اقتفاء أثرهم، لكن الشيخ الذي كان يراقب الطريق من حين لآخر، رأى المحتال يقترب من مكان استراحتهم، فاقترح على حسن وزوجته متابعة السير، بينما يبقى هو، ويخدش وجهه ومناطق جسده، ويتظاهر أمام المحتال بأنه ضحية رجل وامرأة مرا من أمامه على متن جمل، نفذ الشيخ خطته، ولما رآه المحتال طريحا مطليا بالدم، سأله: - من الذي فعل بك هذا؟ فأجابه الشيخ: - لقد كنت ضحية رجل وامرأ مرا من هنا، وقد تركا المكان قبل قليل. قال المحتال غاضبا: - اركب ورائي، فإن عدوك هو عدوي، يجب أن نثأر لما حل بنا. - ركب الرجل خلف المحتال، وفي لحظة شرود من المحتال، أخرج الشيخ سكينا من تحت جلبابه وطعنه في ظهره فأراه قتبلا، ثم واصل مسيره إلى أن لحق بصاحبه فأخبره بما حل بالمحتال. وبينما هم في طريق العودة، مروا بأحد الأسواق، فخطر ببال حسن أن يبيع الجمل البطيء لكي لا يعرقل سيرهم، ويحتفظ بالسريع. نزل حسن من على الجمل وترك " حبة الزين " على مته، وطاف بها أرجاء السوق، فأخذ الناس يساومون الجمل، ومنه من بهره جمال الزوجة، فاجتمعوا حول حسن وزوجته، فبدأ أحدهم يستفسر عن ثمن الجمل، ولما اتفقا على القيمة الواجب أداؤها، قال المشتري: - أنا غادي نشري الجْمَلَ أُو ما حْمَلْ ، أي شرا الجمل والزوجة، ومن دون أن ينتبه حسن لقوله أجابه : نعم بالطبع. تمت الصفقة، وذهب الزوج ضحية تسرعه، وقد حاول عبثا الاحتجاج على ذلك، مبلغا المشتري نيته في بيع المطية دون الممتطي، لكنه لم ينجح في ذلك أمام شهادة الشهود الذين حضروا الصفقة. ذبح الجمل لأن المشتري كان جزارا، أما " حبة الزين " فقد أخذها إلى منزله. اخذ حسن والشيخ يفكران في كيفية استعادة " حبة الزين "، ووعد حسن بأن الشيخ إن استطاع إنقاذ زوجته. فذهب الشيخ رفقة حسن إلى الجزار الذي أخذ الزوجة، فوجدا عنده رأس جمل معروض للبيع في المزاد العلني، فمازال الناس يتزايدون في ثمنه حتى اقترح الشيخ ثمنا خياليا، وقد قال للجزار: - أنا غادي نشري راسك، أي سأشتري رأسك. وقد رد الجزار أمام الملأ دون تفكير: - وأنا قبلت بيعك رأسي. ولما أعطاه الشيخ الثمن المتفق عليه، أراد الجزار تقديم رأس الجمل في المقابل، لكن الشيخ رفض ذلك وأخبره بأنه اشترى رأسه وليس راس الجمل، وهكذا اضطر الجزار إلى التنازل عن " حبة الزين " مقابل رأسه. - آنذاك شكر الزوج لصديق أبيه الراحل صنيعه، مذكرا أياه بأنه سيكون تحت إمرته كلما أراد ذلك. ثم ذهب كل منهما إلى حال سبيل. مرت سنوات وسنوات، وقد رزق الله حسن ثلاثة ابناء، وذات يوم فكر الشيخ في امتحان حسن، إن كان وفيا لعهده، فأرسل زوجته عند حسن، مدعية بأنه مصاب بدائ خطير، و أن الأطباء نصحوه بشرب دماء الأطفال الصغار، لذا لابد وأن تقدم أطفالك لكي يشرب دماءهم. كان وقع الطلب بمثابة الصاعقة على الزوج والزوجة، لكنهما لم يستطيعا مخالفة القدر، والنقض بعدهما. في جو من الحزن والخوف سلما أبنائهما الثلاثة لزوجة الشيخ، وقلبهما يتمزق حزنا. مرت سنوات عديدة، وكبر الأطفال الثلاثة، واشتد عودهم، وتعلموا الحكمة والنباهة من الشيخ الحكيم، وأخبرهم قصته مع والدهم، وقرر أخيرا ان يعيدهم إلى أبويهم الحقيقين بعدما اطمأن عليهم، وقد تأكد له وفاء حسن وإخلاصه في وعده، فذهبوا جميعا عند حسن و "حبة الزين "، ولما شاهد الأبوان الشبان الثلاثة وأخبرهم الشيخ الحقيقة، سر حسن وزوجته كثيرا فأقاموا حفلا كبيرا، وعاشوا في سعادة وهناء.خبيرتي مشات الواد الواد وأنا بقيت مع لجواد.
ليلى يا ليلى
المرجو النقر على الرابط أسفله للاطلاع على حكاية ليلى يا ليلى في صيغة PDF
هينة والغول
في قديم الزمان وسالف العصر و الأوان كانت هناك فتاة صغيرة تدعى هينة ،كانت تمضي وقتها، كبقية بنات الدوار، في رعي الإبل ومساعدة أمها في أشغال البيت.. وذات يوم خرجت مع البنات للحطب من الغابة ، وبينما هي تحتطب إذ عثرت على مغزل ذهبي لماع فخبأته بإحكام وسط حزمتها لئلا تراه صويحباتها . ولما انتهين من الحطب ومال ميزان النهار نحو الغروب حزمت كل واحدة حزمتها وهممن بالرواح إلا هينة فأنها كلما أعصبت حزمتها إلا وتفككت وتشتت أرضا، انصرفن وتركنها بعدما ضقن ذرعا بها وبحزمتها ،ولما أرخى الليل سدوله على الغابة تمثل لها ذلك المغزل الذهبي غولا عظيما ، فانصعقت وبدأت بالصراخ والبكاء ، فقال لها: إذا أردت ان تعيشي بسلام فقولي لامك أن لا تملح سمنا البتة ، أما إذا حدث وملحت السمن فاني سأبرق وأرعد وأخطفك . تم تركها وانصرف ولم يبق له اثر. وكانت النساء تعملن على تمليح السمن ثم تضعنه في جرار خزفية ويدفنه في التراب ولا يأكل إلا بعد مرور الحول عليه. ولما وصلت هينة إلى الدوار حكت لأمها كل ما جرى لها ، فدأبت على عدم تمليح السمن ، ومرت أعوام وأعوام وهينة تشب وتترعرع إلى ان أصبحت شابة ويافعة وكانت ذات حسن وجمال ، وتقدم لخطبتها ابن عمها يوسف وكان فتىً وسيما واقسم ان يمهرها مائة ناقة فرحل ليجمع مهر ابنة عمه ،هذا ما كان من أمره. أما ما كان من أمر هينة فأنها بقيت في الدوار على عادتها ترعى ابل أبيها وتساعد أمها كغيرها من بنات الدوار.وفي إحدى الليالي قالت أم هينة في نفسها إلى متى ونحن محرومون من السمن الحائل(مر عليه الحول) المملح وربما ما قالته هينة ما هو إلا خيال وما أوسع خيال الصغار ، فوضعت قصعة كبيرة من السمن وبدأت بالتمليح ، ولما رأتها هينة حزنت حزنا شديدا وقالت: غدرت يا أماه وان الغول لا محالة آت الليلة .وما ان أتمت كلامها حتى وقف قرب ركائز الخيمة له هدير كهدير الرعد وقال:" هَيْنَة مُدِّي المُڮْبَاصْ" (المكباص وهو جذوة النار ، أو عود الحطب الذي به نار وكانت الناس في القدم تستضيء به)فقالت: تمده لك أمي؟ -يُومِيكْ و يُمِيهَا،هَيْنَة مُدِّي المُڮْبَاصْ -تمده لك خالتي؟ -يخليك ويخليها، هَيْنَة مُدِّي المُڮْبَاصْ - تمده لك عمتي؟ -يعميك ويعميها،هَيْنَة مُدِّي المُڮْبَاصْ وفي ذلك الوقت عمدوا إلى ربط الخادم بالأوتاد و السلاسل فمدت المُڮْبَاصْ إلى الغول فخطفها مقتلعا كل ما دبروا وذهب ضانا أنها هينة ،ولما عرفها خاب أمله فاستشاط غيظا وحنقا وعزم على الرجوع للظفر بهينة . ومن اجل ذلك فانه التقى بأحد الرجال في الطريق وقال له : اسمع يا هذا سأصبح فحلا من الإبل واذهب بي غدا إلى السوق فمن أعطاك مائة فقل له مائتان ومن قال مائتان فقل له ثلاثة ومن قال ثلاث قل له أربع ..إلى ان يأتي الرجل الفلاني من الدوار الفلاني (يقصد والد هينة) فبعني له بالثمن الذي أعطاك إياه.ثم تحول إلى جمل مطواع وتزايد الناس وتغالوا في ثمنه ، وصاحبه يفعل ما أُمر به في ردهم إلى ان جاء أب هينة فتفحص الجمل جيدا فوجده فحلا نجيبا ولطيفا ، فأعطاه ثمنا متواضعا فقال الرجل :هو لك لله يْرَبَّحْ . فاخذ والد هينة الجمل أمام صراخ الآخرين واحتجاجاتهم ، وذهب به إلى الدوار وعلامات الفرح لا تفارق محياه ، فهو فحل ليس لأحد مثله ،جيد،سهل،ومطواع وهي صفات قلما تجتمع في فحل من الإبل ،وبدا الأطفال يلعبون حول عنقه وهو يشمهم ويلعب معهم بلطف ، أما هينة فإنها لما رأته اكتحلت بالسواد وقالت لأبيها: " ابّا و يَا حْنِينِي جْبْتِي لِي اعْدُويَا".فقال لها:كيف يعقل ان يكون هذا الجمل المطواع عدوك ؟فسكتت عليه ولم ترد .وفي الغد ناداها(أبوها) لترعى الإبل كالعادة لكنها امتنعت وقالت له :لن أرعاها البتة مادام ذلك الجمل فيها.واستمرت على حالها تلك يوما أو يومين فضاق أبوها ذرعا بذلك فأرغمها على الخروج مع الجمال ، فقامت والدموع تملأ مآقيها وألقت أخر نظرة على ما عز لديها في الدوار وخرجت بالإبل،ولما ابتعدت قليلا التفتت إلى الخيام وهي تبكي لكن الغول لم يترك لها حتى مهلة التأمل في موطن ربما لن تعود له البتة ، فدهمها ووضعها فوق قفاه ،وراح يقطع بها الروابي و الوديان. هذا ما كان من أمرها. ولما عادت الإبل في العشية لم تكن معها لا هينة ولا الجمل النجيب فأدرك ابوها مدى صدقها وحقيقة أمرها وندم حيث لا ينفع الندم. أما أمها وزوجة عمها (أم يوسف خطيبها)فقد قلن بينهن حينما يأتي يوسف من سفره ماذا سنقول له، فرطنا في هينة وخطفها الغول؟ - سنقول إنها ماتت - وإذا سأل عن قبرها؟ - نحفر قبرا ونضع فيه خشبة ، وانه لن يجرأ على نبشه ، وسينسيه الزمن هينة. ولما عاد يوسف من سفره فرحا بزواجه الذي غدا وشيكا سأل أمه عن هينة فرأى العبوس والحزن في وجهها فقال لها: بالله عليك يا أماه ماذا وقع لهينة هل تزوجت من رجل آخر؟ فردت الأم وهي تغالب البكاء: بل أكثر من ذلك فهينة ماتت، جعل الله محبتك لها صبرا لك ورحمة لها. ولما سمع ذلك من أمه انقلب الضياء في وجهه ظلاما : ان هي ماتت فأين قبرها؟ فأرته القبر لكنه لم يصدق فظن انه حصل شيء آخر غير هذا ، فحمل فأسا وحفر حتى وصل إلى الخشبة ، فاخبروه بالقصة من أولها إلى آخرها ، فاقسم بان لا يعود إلى الدوار ثانية حتى يعود بهينة أو يهلك دون ذلك فيعذر. فانطلق يقطع الروابي و الكُدَى وكلما مر بربوة كانت هينة والغول قد مرا منها إلا وبدأت تَحْمَرّ وتصْفَرُّ فيسألها :" الكُدْيَة وْ يا الكُدْيَة مَالَكْ كَتْحْمَاري و كَتْصْفَارِي؟"فتجيبه:" حُڮْلِي مَا نَحْمار و نْصْفَار وهيْنَة دازَتْ مِنِّي" ومن ربوة إلى ربوة ومن فج إلى فج إلى ان وصل كدية جميلة تحمر وتصفر مثل سابقاتها فناداها:" الكُدْيَة وْ يا الكُدْيَة مَالَكْ كَتْحْمَاري و كَتْتْصْفَارِي؟" فأجابته:" حُڮْلِي مَا نَحْمار و نْصْفَار وهيْنَة ساكنة فِيَّ"ففرح فرحا شديدا بقربه منها وان كان لا يدري ما ينتظره مع الغول، و تفحص الربوة جيدا إلى ان تراءت له مغارة كبيرة ولم يشك مرة أنها مسكن الغول فاقترب منها، ولم يكن بتلك المنطقة إنسيا غير هينة والخادم، فكل الناس هجرتها ليأمنوا بوائق ذلك الغول. وفجأة رأى الخادم فعرفها ، فسر سرورا عظيما وقال لها بان تنادي له سيدتها ، فدخلت الخادم عند هينة ولم تعرف انه يوسف وقالت لها : يا سيدتي ان هناك رجل يطلبك . - انك تخرفين وتهلوسين من عساه يطلبني أبي؟ أم أخي؟أم يوسف ابن عمي؟ واغرورقت عيناها بالدموع . ثم خرجت الخادم من جديد لتتأكد من أمرها فراته لا يزال في مكانه ينتظر وعادت إلي سيدتها بمثل الحديث الأول وفعلت ذلك ثلاث مرات وهينة تجيبها بالجواب نفسه ، ولما خرجت في المرة الرابعة سألها يوسف عما تعمل هينة فأجابته بأنها تغزل خيوطا من الحرير ، فقال لها: اذهبي و أَدْخِلِي عليها ديكا أو ديكين فان رجله ستعلق بخيوط الحرير فتحاول تخليصها منه فيفر فتتبعه إلى الخارج . وكذلك فعلت الخادم . فخرجت هينة تجري وراء طير الدجاج فرأت يوسف ابن عمها فعرفته ، فتعانقا وتباكيا فرحا باللقاء وخوفا من الغول إذا اكتشف أمرهما فانه سيقتلهما لا محالة . وكانت المغارة واسعة وكبيرة بها غرف كثيرة ، فأدخلت يوسف في إحداها وغلقت عليه الباب بإحكام بعدما اتفقا على ما سيأتي ذكره. في تلك الأثناء كان الغول في رحلة صيده اليومية ولما جاء في المساء شم رائحة الأجنبي في مغارته فبدأ يقول: " رِيحة القَصْرِي و النّصْرِي لغْرِيبْ دْخَلْ لدَّارْ هَيْنَة و يَا لْغَدَّارْ" فبدأت تطمئنه وتقول له من عساه يأتي لهذه الأرض الخالية القفرة إلا مجنون أو أحمق .. كان للغول نوم ثقيل، وشخير كأنه الرعد لذلك كان إذا نام ليلا توسد شعر هينة حتى لا تنفلت منه وتهرب. لكنها في تلك الليلة اكترت شغالات النمل فعملن على سل شعرها شعرة شعرة من تحت رأسه، ثم أيقظت ابن عمها ، وخلطت الحنَّاء فحنت للحيوان والجماد حتى تأمن شرهم ، وكان للغول ثلاثة أكياس يستعملها سلاحا للصيد أو ضد العدو وهي كيس الضباب ،وكيس الإبر وكيس البرد ، فحملاها معهما وخرجا في جنح الظلام . لكن هينة نسيت حجرة صغيرة لم تضع لها الحناء مما اثأر حفيظتها وغيرتها فبدأت تهتز وتضرب بشدة رأس الغول لتوقظه وتقول: " طَّنْ فِي رَاس بْلاَّ يْفْطَنْ هيْنَة بْشَاتْ" فاستيقظ من سباته الثقيل وحكت له تلك الحجرة كل ما وقع وجرى فاغتاظ غيظا شديدا واقسم ان يجعل " دمَهُما فِي جُغْمة و لحْمَهُمَا في دَغْمَة" وتبعهما . أما الخادم فإنها استغلتها فرصة للهرب هي الأخرى. في ذلك الوقت كانت هينة وابن عمها قد خووا بلادا وعمروا أخرى جادين في الرجوع إلى موطنهما، وفجأة التفتت هينة وراءها فقالت ليوسف: التفت وراءك وانظر ماذا ترى ؟ فقال: طلائع برق ورعد. فقالت له :ان ذلك البرق الرعد هو الغول وانه لا محالة مدركنا ، فارمه بكيس الرياح. فرماه به فدفعت الرياح الغول بعيدا عنهما وظل يقاومها حتى تخلص منها وتبعهما من جديد، فرمياه بكيس الضباب فبقي تائها إلى حين انقشاعه ، فجد من جديد في اللحاق بهما ، فرمياه بكيس الإبر فانغرزت في جسده كله وفقأت عيناه وانكسرت شوكته. وبعد ذلك قالت هينة لابن عمها : اسمع يا ابن العم ان الغول قد ثقبت الإبر جسده و فقات عيناه وانه سيستعمل الحيلة للظفر بنا، فإذا رأيت في طريقنا هاته خمارا من حرير فلا تحمله ولا تمعن النظر فيه، وإذا وجدت طائرين أسودين يقتتلان فدعهما وشانهما ولا تقل لهما شيئا . وواصلا طريقهما الطويل إلى ان وجدا خمارا من حرير ففعل يوسف ما قالته له هينة بشأنه، واستمرا في المشي ترفعهما نجاد وتخفضهما وهاد ، إلى ان وجدا غرابان يكاد احدهما يقتل الآخر فأشفق منه يوسف وحاول ان يفرقهما وقد نسي وصاة ابنة عمه ، فتحول ذلك الغراب إلى طائر عظيم الخلقة وابتلعه وطار في السماء . وحزنت هينة حزنا شديدا وقد بقيت وحيدة لا معين لها ولا أنيس في ارض خالية إلا من الغيلان والوحوش، وحتى ان صادفت بشرا فان حسنها وجمالها سيجلبان لها السوء والشر، ولتفادي كل ذلك اهتدت إلى حيلة، حيث لبست جلد كلبة صادفتها ميتة لتوها في الطريق، وواصلت المسير أياما وليالي إلى ان وصلت إلى الدوار فاستقبلتها الكلاب بالترحاب وانحازت على عمها مثل كلبة مسكينة ، وبماذا سينفعها التخلص من قناعها ذلك فخطيبها قد صار في بطن الغول ، فلما رآها عمها أشفق منها وقال لعياله ان هذه الكلبة المسكينة الضعيفة قصدتنا فأطعموها واحرصوا لئلا تجورعليها بقية الكلاب ، فخلطوا لها النخالة في حفرة خاصة بها ، ولما جن الليل جاء الغول في صفة ذلك الطائر الكبير( وفي بطنه يوسف ) حيث لم يصبر على فراق هينة فجاء ليتفقدها، ولما أحس يوسف قربه منها ناداها من الداخل قائلا : " هيْنَة وْ يَا هَينَة واشْ عشَاكْ اللَّيْلة؟"فأجابته:" عْشايَ نُخَّالَة و رْڮَادِي بَيْنْ لخْوَالَفْ يُوسف يُوسَف يالغَادَرْ بِيَّ" فقال :" قَرْحِي بُويا قرْحي أمي، قَرْحِي بُويا قرْحي أمي" وطار الطائر مثل الغيمة وابتلعه الظلام ، واستمر الأمر كذلك ليال عديدة . وفي إحدى الليالي أصاب عم هينة(والد يوسف) وجع في أضراسه منعه من النوم، فجاء الغول على عادته، وكلم يوسف هينة بما سبق ذكره، فسمع كل ما دار بينهما فتألم تألما كثيرا، وفي الصباح قال لعياله : من الآن فصاعدا اتركوا هذه الكلبة تأكل مما تأكلون وتنام حيث تنامون فإن لها شأن . ففعلوا ما أمرهم به . وفي الليل جاء الطائر كعادته ونادى يوسف هينة : " هيْنَة وْ يَا هَينَة واشْ عشَاكْ اللَّيْلة؟" فأجابته: " عْشايَ فْتَاتْ و نْعاسي بَيْنْ لْبْنَاتْ، يُوسف يُوسَف يالغَادَرْ بِيَّ" فرد: " فَرْحِي بُويا فرْحي أمي، فرْحِي بُويا فرْحي أمي". وفي ليلة من الليالي جاء الغول على عادته ، فقال يوسف لهينة: يا هينة غدا قولي لأبي ان يذهب إلى السوق الفلاني فيشتري ثورا اسودا كامل السواد ، فيذبحه قرب الضاية الفلانية ، فان الطيور ستجتمع عليه ، فلا يتركها تشبع من لحم ذلك الثور ، إلى ان يأتي الطائر الكبير الأسود الكامل السواد فليتركه يأكل إلى ان يثقل ويعجز عن الطيران .. فسمع عم هينة ما قاله ابنه، وكان منذ تلك الليلة التي أصابه فيها وجع أضراسه قد عزم على ان لا ينام حتى يسمع الحوار المعلوم. وفي الغد فعل مثل ما سمع ولما شبع ذلك الطائر من اللحم وثقل عن الطيران، اخرج بندقيته وصوبها نحوه وقال له: " حُطّْ يُوسف كما ابتلعته" - اتقياه أعمى - حُطّْ يُوسف كما ابتلعته - بلا يدين.. واستمر الجدال بينهما ، فما كان منه إلا ان تقيأه كاملا مكمولا مغشيا عليه ، وارتمى في تلك الضاية وكانت نهايته . أما الأب فقد حار في أمره وما يفعله لابنه حتى يستعيد وعيه ويستفيق من غشيته تلك، وفجأة رأى وزغتان تلعبان بينهما فشغله أمرهما عن ابنه فضربت إحداهما الأخرى فسقطت مغشيا عليها ، فقال لها: أ رأيت لقد أغمي عليها فماذا ستفعلين لإيقاظها؟ فردت: الهم همك ، أما أنا فسأفيقها حالا. وسرعان ما اقتلعت بعض الأزهار والرياحين واشمتها لأختها فاستفاقت لتوها، فاخذ منها درسا جميلا وقطف الورود نفسها واشمها يوسف فاستفاق من غشيته، فتعانقا وتباكيا فرحا باللقاء، وعمت الفرحة كل أرجاء الدوار . وعزم يوسف الزواج بعد كل هذا الضياع والعذاب، وتنافست بنات الدوار في الظفر بخطوبته، لكنه قرر ألا يتزوج إلا تلك الكلبة المتهورة .. وشاع خبره وذاع في الدواوير المجاورة، و ظُنَّ بعقله الظنون، وسخر منه الحساد والساخرون . وكان أبوه الوحيد الذي يعرف سر تلك الكلبة وأنها هي هينة ، فأقام لهما عرس يليق بمقامهما ، واجتمع الناس من كل حدب وصوب فأكلوا وشربوا ، ولذوا وطربوا . وفي الصباح ذهبت الخادم لتتفقد أمر سيدها مع تلك الكلبة ، وما ان فتحت الباب حتى انبهرت بما رأته من حسن هينة وجمالها ، فرجعت وهي لا تصدق عينيها، وحكت للنساء كل ما رأته، فعلت الزغاريد، وبهت كل حساد عنيد، وشاع الخبر في الدوار وبلغ صيته الأمصار، فكان هناك أبله مغفل في إحدى الدواوير القريبة وكان قد سمع بالخبر فأراد ان يتزوج هو الأخر من كلبة طمعا منه في ان تتحول إلى عروس حسناء، وبدا يقول لها : " سلُخْ ملُخْ لُوحْ الجَلدْ" وهي تكشر عنه بأنيابها: "عررررررررر" إلى ان اشتد غضبها فانقضت عليه ، وهرب مذعورا وهي تتعقب قدميه. أما يوسف وهينة فقد عاشا حياة سعيدة إلى ان أتاهم هازم اللذات ومفرق الجماعات ، وأما أنا فخبيرتي مشات مع الواد وأنا بقيت مع أولاد الأجواد، وموعدنا يتجدد مع حكاية جديدة إن شاء الله.
احديدان والغولة
كان حتى كان ، كان الله في كل مكان ، و كان الحبق و السوسان في حجر النبي العدنان... كان واحد الراجل عندو سبعة اولاد و السابع فيهم سميتو "حديدان" ، و بغا يمشي للحج و خاف على ولادو تجي "امي الغولة" تاكلهم.. قال ليهم : يا وليداتي انا بغيت نمشي للحج و خفت الغولة تجي تاكلكم من ورايا.. قالوا ليه : آبّا ماعندك علاش تخاف علينا ، كل واحد صاوبلو دار باش يحمي راسو و سير و خلينا.. سول الاول: اشنو بغيتي ندير ليك باش تحمي راسك من الغولة ؟ قال لو : صاوب لي دار تراب و بابها تراب ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. قال لو الثاني : صاوب لي دار خشب و بابها خشب ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. قال لو الثالث : صاوب لي دار حجر و بابها حجر ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. قال لو الرابع : صاوب لي دار قصب و بابها قصب ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. قال لو الخامس: صاوب لي دار شطب و بابها شطب ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. قال لو السادس : صاوب لي دار جلد و بابها جلد ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. قال لو السابع " حديدان" : صاوب لي دار حديد و بابها حديد و سوارتها حديد ، و خبزة قد السما و قلوش د الما و سير و خليني.. ايوا صاوب ليهم بّاهم اشنو طلبو منو و مشا للحج و خلاهم ، و جات "امي الغولة" ريبت دار التراب و كلات الاول، و هرست الخشب و كلات الثاني ، و ريبت الحجر و كلات الثالث ، و حطمت القصب و كلات الرابع ، و نفخت على الشطب و كلات الخامس ، و قطعت الجلد و كلات السادس... و جات لدار حديدان و مالقات منين دوز ليه؛ دارو حديد و بابها حديد.. و كانت "امي الغولة" كل نهار تجي تتربص بيه و تراقبو حتى تسالات ليه الماكلة ، و كان حديدان يخرج من الدار في الصباح بكري و يمشي للعين يشرب الما و فاش يكمل يرمي فيه الزبل و يخلوضو مزيان و يطلع للكرمة ،الكرموسة الزينة يديرها في سلتو و الخامجة يضرب بيها "امي الغولة" و كانت عورة عندها عين و عين لا ، فاش تنزل عليها الكرموسة تقول " زيد آخير بابا ربي زيد..." و حديدان فوق الكرمة يضحك عليها .. و يقول ليها: "آ مي الغولة درتها بيك ،شربت الما منين كان صافي ، و خلوضتو ليك و خديت الكرموسة الزينة و ضربتك بالخامجة .." و هي فاش تسمع هاكا كتبغي تشدو و هو تيهرب ليها و يركب ليها فوق الدحيشة ديالها و يهرب لدارو ، و منين توصل عليه ماتتلقى منين تدخل ... و بقات هاكا حتى فكرات مزيان ، و مشات " امي الغولة" عند السراحة و تحلفات عليهم : " كل واحد يجمع لي كبة ديال العلك ( المسكة ديال الشجر اللي تتعلك) قد راسو و اللي ماجمعهاش ناكلو.." و جمعوها ليها السراحة و دارتها فوق الدحيشة ، وفاش حديدان هاذ المرة بغا يركب و يهرب لصق ، و ضحكات عليه "امي الغولة" و قالت لو : دابا حصلتي يا حديدان !! قال ليها : آ مي الغولة واخا تبغي تاكليني راه فيا غير العظيمات ، انا نعطيك واحد الاقتراح ، ديريني في مطمورة و عطيني ناكل اللوز و الڭرڭاع و فتاحة ( ابرة) و مَخْيَطْ و فاش ننسمن نخرج ليك المخيط و كوليني... قالت ليه واخا حتى هذا نظر، و دارت هاذاك الشي اللي قال ليها ، و كل مرة تجي تطل عليه يخرج ليها الفتاحة ، حتى لهذاك النهار خرج ليها المخيط ، و جبداتو من المطمورة و بغات تذبحو ، و هو يقول ليها : " آ مي الغولة" انا دابا سمين بزاف و فيا شلا شحمة ، غادي تاكلي نصي و نصي يشيط ليك تلوحيه ، غادي تضيعي فيه ، اللهم سيري عيطي على اهلك و احبابك و ديرو عليا الزردة و خلي بنتك تذبحني راني ساهل.." .. وهذاك الشي اللي دارت "امي الغولة" مشات و خلات بنتها تكمل الشغل ، فاش جات البنت تذبحو قال ليها : " دابا نتي جايين اهلكم و احبابكم و يشوفوك هاكا ، شعرك مغطي وجهك و حالتك حالة ، اجى نصاوب ليك ونقاد ليك وفاش تولي زوينة ذبحيني راني في ساع تنطيب..' ، و تاقت بيه الهبيلة وعطاتو راسها باش يقطع ليها شعرها و هو يذبحها.. و لبس الجلد ديالها و طيبها ، و فاش جات "امي الغولة" مع احبابها حط ليهم ياكلو ، قالت ليه: " آجي ابنيتي تاكلي معانا.." قال ليها : "انا كليت ا مي فاش كنت نطيب ، غير بالصحة، و عطيني هاذوك السويرتات ديال دار حديدان نمشي نشوفها كيف دايرة ، راه حتى نتوما غادي تبغو تشوفوها.." عطاتو "امي الغولة" السوارت و مشى ، حمى الدار مزيان و طلع فوق السطاح و بقى تيراقب ، و هاهي الغولة جايا هي و احبابها ... رمى ليها جلد بنتها من الفوق و بدا تيضحك و قال ليها : هاكي جلد بنِيْتك آ وكالت بنِيّتها... و هي تقول بغضب :" درتيها بيا يا حديدان الحرامي"، و من كثرة الغيظ ديالها و الفقصة لحقاش حديدان دارها بيها ثاني بغات تهرس الدار و تدخل و مع هو حماها كيف تضرب تاتلصق و هاكا وقع لحبابها كاملين و ماتو... و انتصر حديدان الحرامي على امي الغولة ، ومشات خبيرتي من واد الواد و بقيت انا مع الناس الجواد ... من حكايات الثرات الشعبي ، ذكريات الطفولة شــــــادية آدمن صفحة كنوز مغربية
دادا بوخزينة
حاجيتك ماجيتك ، على فتاة تسمى صابرة، سافر أبوها وتركها وحيدة حائرة، والدتها توفيت وكبرت يتيمة، تظل تلهو مع قطتها نسيمة، لكي تنسيها عذاباتها الأليمة.. كانت تطبخ لقطتها ما يحلوا من طعام، وتؤاكلها كما يفعل الأنام، كانت القطة تأكل اللحم والخضر والفواكه إذ كانت صابرة تقتسم معها كل ما تأكله، وتعاملها كأنها أختها، وتداعبها حتى تنام وتخبئها تحت فراشها حتى لا يخطفها اللئام.. كان من بين اللئام، غول يسكن مغارة الحمام، منظره بشع وصوته مخيف. كان حين يجوع يقلق الراحة والسكينة، يروع البادية والمدينة ويسرق اللحوم المخزنة في الخزينة ويلتهم ما بها من زرع و مأوونة، فسمي "دادا بو خزينة".. كانت صابرة تعيش بقرب المغارة، كانت قطتها تسرق من بقايا أكل الغول دادا وتأكل لوحدها، وذات ليلة اكتشفت الفتاة الأمينة خيانة القطة نسيمة، وبينما هي تأكل تفاحة قطفتها من جنان الغول، انسلت القطة من مخدعها وتركت المنام، وبدات تموء وتموء لكي تعطيها صابرة حقها في الطعام. نظرت الأخيرة في وجه القطة الحقيرة، ثم قالت لها: لن أقتسم معك شيئا ايتها القطة اللئيمة. قررت القطة الانتقام فقفزت على الطاولة وضربت بجسدها كأس الماء الذي انسكب على نار الموقد فأطفأها. لم يكن لدى الناس عود ثقاب ولا أدوات لإشعال النار غير ضرب الاحجار بالأحجار، فكانت صابرة تترك النار مشتعلة لمدة طويلة، حتى لا تشعلها بوسائل بديلة. كانت صابرة لا تجيد إشعال النار، فاضطرت للبحث عن شعلة عند الغول الجبار. اقتربت صابرة من المغارة، وجدت الغول دادا بوخزينة ضخما الجثة كأنه سفينة، كان كان يشوي حمارا و يضع على رأسه أمعاء الحمار ويحسبها زينة، وكان يلبس جلد الحمار وينتعل قدمه.. وكان يقهقه في حبور ويطلق صرخات الزهو والغرور ، ويقول : أنا ملك البر والبحور.. فجأة انتبه لصابرة فسالها عن سبب قدومها: قالت: - أريد شعلة من النار أعجب الغول من حسن صوت صابرة، وابهره قوامها ورشاقتها الساحرة. منحها قبسا من النار، ثم لحقها في خفية ليعلم أين تسكن الصبية. وبدأ يتردد غلى مسكنها صبحة وعشيا، ويقول لها : تزوجيني يا صبية، أنا ملك البحور والبرية، ماذا رأيت دادا بو خزينة يفعل حين زرته في مملكته؟ أجابت صابرة في رعب : - لقد رأيتك تشوي خروفـا - ثم يضيف ، وماذا رأيتيني ارتدي؟ - اجابت : رايتك تلبس لباس الملوك - وماذا كنت انتعل؟ - كنت تنتعل بلغة الرؤساء.. - وماذا كنت اضع على رأسي؟ - كنت تضع عمامة الحكماء فيقهقه مزهوا وينصرف في خيلاء.. لكنه سرعان ما يعود مجددا، ويعيد نفس الأسئلة.. فتكرر إجاباتها مرعوبة آملة في ان يتركها وشأنها.. لكنه جاء اليوم بشكل مختلف، لقد صمم على الزواج من صابرة، وأقسم أن يأخذها راضية أو صاغرة.. صرخ قرب بيتها بصوته الجهوري؟ - اسمعي يا صابرة، لديك ثلاث ليال لتفكري وبعدها سآخذك راضية أم صاغرة ظلت "صابرة" تبكي ليلا ونهارا حتى يبست حدقتها من الدموع، وفي إحد الليالي رأت أمها في المنام، أخبرتها بحيلة لا يقدر عليها جن ولا غيلان.. استفاقت صابرة مسرعة، أخذت فأس والدها وبدأت تحفر الأرض المحيطة بالمنزل، لقد امرتها أمها في المنام أن تحفر خندقا وتضع فيه جمرا.. وذلك ما فعلت.. وفي اليوم الثالث قدم الغول كما كان يفعل في كل مرة، وصرخ بأعلى صوته كي تسمعه عروسته المفترضة: - ماذا قررت يا عروستي المستقبلية؟ - قالت صابرة : أنا لا أتزوج الغيلان القذرة.. جن جنون الغول، وصرخ عاليا؟ - كيف تجرئين على وصف ملك المغارة بالاوساخ والقذارة؟ وبالأمارة كيف رأيت الملك دادا بوخزينة يفعل، يوم قمت بالزيارة؟ ماذا كنت أشوي والبس وأنتعل؟ - ردت عليه بسخرية ماكرة: - كنت تشوي الحمار أيها الحمار..وكنت تلبس جلد الحمار كالحمار.. وتلبس قدم الحمار وتضع على رأسك أمعاء الحمار أيها النتن.. اشتاط الغول غضبا فهرول نحو مسكن صابرة ليلتهمها ، لكنه وقع في هاوية الخندق وبدأ يشوى في الجمر ويصرخ من شدة الالم.. لكنه قاوم النار وكاد أن يخرج من الحفرة. في تلك اللحظة، لمحت صابرة شخصان يتقدمان نحو البيت، لقد كان القادم أبوها عائدا من السفر، وشاب وسيم يرافقه، أخبرتهما بالواقعة فأجهزا على الغول وقتلاه.. أُعجب الضيف بذكاء "صابرة" فتقدم لخطبتها، لكنها لم توافق إلا بعد أن أخبرها أبوها أن الضيف أنقذ حياته من غدر مرافقيه، تزوجت صابرة، وعاشت معه في مغارة الغول، و كان زوجها يشتغل بالنجارة لهذا سميت مغارته اليوم بـكهف النجار "إيفري أونجار" وعاشا سعيدين في مسكنهما الجديد..
مقيدش والغولة
في قديم الزمان وسالف العصر والأوان كان لرجل زوجتان إحداهما من فصيلة الغيلان وقد خلفت له ولدا وسماه مقيدش .أما الزوجة الثانية فقد خلفت له ستة أولاد .وقد نشأ الكل في أحسن الأحوال حتى بلغوا مبلغ الرجال يحسنون ركوب الخيل والترحال والصيد في الأجمات والجبال وكان مقيدش يذهب منفردا للقنص والصيد راكبا حصانه العنيد .وقد حدث مرة أن تاه إخوته في الغاب وذلك لسبب من الأسباب لا يعلمه إلا رب الأرباب وأظلم عليهم الليل وحثوا المسير بالخيل الى أن لاح لهم النور في مكان معمور وظنوا أنها الدور وقصدوه دون شعور .فأطرقوا الباب وخرجت إليهم فتاة تعض على العناب وتحسب عدد الرقاب ورحبت بهم غاية الترحاب وأدخلت الجميع في غرفة ليست لها شرفة وقدمت لكل واحد مغرفة لتناول وجبة عيفة ( أجود الشيء – المعجم الرائد ) وهي تتظاهر بالعفة ، إلى أن نام الجميع وأسلموا روحهم لخالقهم البديع .فانقلبت الفتاة الى غولة طويلة الأنياب وأظافر معقوفة كالعقاب وفم عريض كأنه الباب وطفقت على أكل الخيل لا تشبع ولا تمل إلى أن سحقتهم عن آخرهم وهي متشوقة لطحن النيام .وفجأة سمعت صهيل حصان قادم وهو تعبان فانقلبت في الحال الى فتاة عذرية الجمال واستقبلت الوافد في الحال .وكان هو مقيدش على الحصان منكمش من شدة التعب والعطش فحيته وسألته عن كنيته فأجابها باختصار مثل ما سبق في الأخبار وشمت فيه رائحة الغيلان وظنته غولا من الغيلان فزادت في الحفاوة بلسان ذي طلاوة وادخلته على إخوته وقدمت له أكله وطلبت منه فرسه لتضمه للبقيه .إلا أنه اعتذر للحيطة والحذر و ذكر لها أن فرسه الأحمر جامح غدار يركل كل البشر .حينذاك قدمت له الفراش لينام دون أن يرمش فتملأ الكرش .إلا أن مقيدش انتبه للموقف وأمسك بندقيته دون خوف .فصبرت الغولة ساعة وهبت للباب دون غفلة وفتحتها بالحيلة. حينذاك نطق مقيدش وهو جاد : شكون اللي راه يدق علي، راها يدي على الزناد؟ جفلت الغولة وهي مغفولة. جيت نطمأن عليكم، واش مازال ما نعستش آولد خالتي؟ فقال لها: هاد الدجاجة الذهبية ديالك ماخلاتنيش ننعس وادخلني الوسواس الخناس و طار علي النعاس. فأعطتها له كهدية ليسلم الروح لرب البرية . تركته وخرجت لتنتظر وهي على أشد من الجمر وراحت تفكر وإذا بالبعوض حول وجهها يزمجر فالتقمته بفمها المزنجر وقالت أول الخير قطر. واذا هي في السير متجهة للباب في حذر تفتحها بدون أن تنتظر . واذا بمقيدش يحذر بما سبق أن أخبر. فأجابته بلسان يائس عن سبب النعاس . فقال:هاد الفول ديالك تبارك الله، الله يزيدلك خير على خير، حتى كنت غادي ننعس أُوبْدا البرد يحركو بزاف وطَيَّرْ علي نعاسي . فذهبت مسرعة وهي تطيح بسيقان الفول النافعة في الدمنة الواسعة لتطفئ نار كرشها الجائعة. ورجعت بعد ساعة لتحل الباب مندفعة .وإذا بمقيدش يردد عبارته المروعة. فوقفت في الحال مستفسرة بالسؤال عن سبب عدم نومه في الليل. ففكر وذكر: أنا نعاسي خفيف وهاد الواد اللي احداك راه حامَل أُو ڭاع ماخلاني نغمض عيني. فذهبت دون انتباه .لتحول مجراه .فتحقق مبتغاه .وتظفر بالشياه .وتسكت الأفواه. حينئذ نبه مقيدش إخوته .فقاموا وهم في غفله .وأنبأهم بخبر الغولة. فذهبوا للإسطبل ليركبوا الخيل وهم على عجل فلم يجدوا إلا الظل. ركب مقيش خيله وهم متمسكون بذيله .إلى أن وصلوا للدار وهم كالأشرار يضمرون لمقيدش الضرر بسبب دجاجة التبر . فدخلوا على أبيهم وحكوا له ما يغضبهم فحمد الله لسلامتهم ونهرهم لغفلتهم وثمن مجهودات أخيهم. لكنهم أضمروا البهتان . وذهبوا في الحال إلى السلطان. وحكوا له ما كان ، بأن مقيدش يصطاد الغيلان. ويملك دجاجة من ذهب ذات لمعان. فاستدعى الملك في الحال مقيدش على عجل .وطلب منه أن يريه الدجاجة لسبب أو حاجة بلهفة ولجاجة وأن يأتيه بالغولة حية مغلولة لتراها الخاصة والعامة. وتنتهي من شرها الأمة. ففكر مقيدش في الحال وطلب منه المحال بأن يأتيه أغرب البغال .إذا قال لها (الش) تسرع على عجل واذا ذكر لها ( الر) تقف في الحال. وبعد شهر من البحث حتى قدم موسم الحرث وجدوا بغلة بهذا النعت . هيأ مقيدش البغلة الحزينة بأدوات الزينة من كحل وأصباغ ولينة ................ فركب البغلة وقصد محل الغولة .وهو يردد عبارة جميلة: لَكبير يْوَلِّي ضغير وضغير يْوَلِّي كبير ................. سمعت الغولة النداء وخرجت على استحياء لتسمع الأنباء . فأمعنت النظر في القادم غير المنتظر وهي تفكر وتتذكر: سبق لي شفت هاد لوجه، ماشي انت هو مقيدش؟ فرد وهو رزين : شكون هاد مقيدش ؟ الله يقدشو ويقدش باباه . فقالت وهي مستبشرة بأفعاله الخيرة أنها تريد أن تصير صبية صغيرة . فرد بالإيجاب وعالج وجهها بالأسباب فاستعمل الزينة وقص الشعرة الحزينة وناولها مرآة في حينه. فأمعنت النظر في الوجه الصبوح والشعر المليح .فابتسمت بتلميح لا بتصريح. قاطع مقيدش فرحتها بإشارة أدهشتها .وهي انكماشة بشرتها وهي علامة كبرها وعليه أن يعالجها. فأجابته بالقبول وبأمر عجول .فمدها على شبكة من الحديد. وأحكم الرباط على الجسد وهي تصرخ مع الصمود فاطمأنها في جحود أن الصغر يداخل الجسد، ويستلزم الصبر والجهد . عالج مقيدش الشبكة على البغلة وأحكم الحبال على الغولة وهي تصرخ في غفلة (الش) يا البغلة .وهذه الأخيرة تنطلق كالغزالة فلم تقف إلا بباب المحلة. فخرج أهل المكان.والكل دهشان من رؤية أنياب الغيلان كأنها من الجان. أو صورة شيطان...فأقبل السلطان ولاحظ البرهان على أفعال الشجعان وطلب من مقيدش التعبان بأن يبيت معها بقاعة في الإيوان وأن يفك عنها الحبال والقضبان. دخلت الغولة في غيبوبة وهي على الأرض مرهوبة . وقبل أن يلج مقيدش المحل أدخل معه شيئا من الفلفل متمنطقا بالمنجل . جلس القرفصاء منتظرا اللقاء راجيا فرج السماء .وإذا بالغولة تتململ في استرخاء فاتحة أعينها الجوفاء . وإذا بها ترى مقيدش بأحد الأركان فرمقته بعينين جاحظتين وشرعت في مطاردته في عين المكان وهو يفر من مكان إلى مكان. إلى أن رأى سلما فارتقاه مغتمّا فتبعته الحطمة وهي غير مهتمة فاتحة العين في الظلمة .فرماها بالفلفل الحار بين الأهداب والأجفان فمنع عنها البصر وغفلت عنه بالحك والشخير.إلى أن أتاها منكر ونكير وبقر بطنها الكبير و أخذ في الشق والنحر بالحيطة والحذر واطمان من الغدر .وفي وقت الفجر أرسل الله له جلدا من الوبر وماء في القدر فتوضأ وصلى للشكر بوجه نضر . أصبح الصباح ومعه أتى الفلا ح وهل الباب بالافتتاح لإخبار السلطان الملحاح بما جاء وراح حول مقيدش النواح. وسيرته بالنجاح. فلما وصله ما حل قدم على عجل ونظر للمحل وعرف مقيدش ما عمل خر كأنه الجمل وعن الدنيا رحل . تشاور الوزراء في السلطنة والنساء وقرروا في المساء تسليم اللواء لمن كان سببا في الفناء للغولة والسلطان علاء وأنها من ارادة رب السماء. ليعيش الكل في هناء على يد سيد الأمراء . سار فيهم مقيدش سيرة حسنة وحكمهم على السنة وأطفأ الفتنة وتحققت على يده الطمأنينة الى أن أتاه الموت والسكينة. إيوَا مْشَاتْ حْكَايْتِي مِنْ وَادْ لْوَادْ وْمِنْ بْلاَدْ لَبْلاَدْ، يَحْكِيهَا الْجْدَادْ لِلصَّبْيَة وْلْحْفَادْ. يحيى الحبريري : السلام عليكم تحية شكر وتقدير، فقلائل هم من يتصفون بالأمانة، ولقد أثلج صدري لما رأيت اسمي مدون ككاتب للخرافة...بالفعل لقد قمت بنشرها بمنتديات دفاتر سابقا...ولي حكايات أخرى ....فأرجو أن تلج إلى صفحتي هناك ولكم كامل حرية التصرف.... شكرا جزيلا ودمت وفيا صادقا.
مَنْ اصْغُرنَا وَحنا نْخَافُو الْغُولَه إِلَى تَاكُلْنا دِيسيرْ مْعَ الْبَلْبُولَه كُلْشِي يْوَصِّينا وِيخَوَّفْنَا مَنْ الْغُولَه مَا نْزيدُو ما انَّقْصُو مَنْها فُولَه وَلِّينَا بْحالْ الْخاوْيَة فَ السْبُولَه نَنْدَسُّو تَحْت الْكَرْمَة كِي لَعْجُولَة لا مَواقِفْ ثَابْتَة ،لا رَجْلَة مَكْمُولَه لَفْطُورْ بالرْكُولْ ؤُلَعْشَا بالسْقُولَه الْغُولَة ماتَتْ مْعَ مْقِيدَشْ ايَّامْ الْبُونْ وَحْنَا مَزالْ يَدِّينا وْرَجْلينا مَشْلُولَه كَلْمَة الْحَقْ لازَمْ نْقُولُوها فَ بْلادْنَا إِلَى كانَتْ فَ بْلاصَتْها ؤُمَعْقُولَه شْحالْ مَنْ واحَدْ كانْ يْصَيَّدْ لَحْجُولَه ماتْ فَالْوادْ وَحْدَاني مُوتَه مَذْلُولَه كانْ يَحْسَبْ رَاسُو رَاجَلْ قَافَزْعَايَقْ نْهارْ سُوقْ الرْجَا فازُولُو بَالزَّعْبُولَه
لَالَّا خضرا الرَّكَّادة
ما قبل الحكي جلست يوما مع أحد معارفي وأقاربي في مقهى يمتلكها بالقنيطرة،فتجاذبنا أطراف الحديث عن "البلاد" و"الطرشة" التي ينحدر منها وعن "الركادة" مسقط رأسي.. وقال لي إنه رُوي له أن الذي اكتشف عين الركادة هو راع لأحد الأعيان كان يرعى بقرا وغنما،فضاع له ثور فأخذ يبحث عنه. فبينما كان يذرع السهل الكثيف النبات والأشجار طولا وعرضا، إذ وجد الثور قائلا تحت شجرة بجوار عين ماء.. هذا ما سمعته من قريبي.. فتفاعل هذا الخبر في نفسي... وكنت أسمع من أمهاتنا خاصة أن العين تسمى لاله خضرا لاعتقاد الناس بأنها ولية أوتسكنها ولية.. وبعض العامة كان يعتقد أن مولاة العين "روحانية" سكنت أو تزوجت بعض الرجال من الأهالي.. وأنه كانت تعقد "وعدة" كل سنة يذبح فيها ثور... اعتقد شخصيا أن ذلك عائد إلى أن العين كانت نعمة على أهلها لأن ما حولها كان ما يزال إلى الآن عبارة عن حدائق وجنان.. وللركادة العين حكاية شعبية أخرى قصيرة رواها عن السكان المحليين أحد الفرنسيين في كتابه حول اللهجات البربرية لبني يزناسن ( انظر كتاب عين الركادة :القصبة والتأسيس للأستاذ عبد الله الزغلي،مطبعة عين، وجدة،2016 :ص،19).وقد تسلط خبر قريبي مع التسمية الشعبية للعين لدرجة الهوس علي.. مع ما للركادة العين من حب حتى الجنون بقلوب أبنائها،فكان من هذا الهوس وهذا الحب أن ولدت رواية الجناح الهيمان بنبع ركادة الوسنان عام 1996.. وبعدها ديواني الزجلي " ريحة لبلاد خضرا" وأخيرا روايتي "خضرا والمجذوب". أضفت إلى الخبر الأول الذي سمعته من قريبي من الشخوص والأحداث ما حوله حكاية شعبية أو أحجية. وحاولت تبسيط لغتها في هذه النسخة التي سأعممها إن شاء الله في المواقع الصديقة لتعرف وتحكى أحجية للأجيال لتبقى على مر الزمان حية. ********** "حجاية " لالا خضرا الرﮔـادة " جيتكم يا اهلي ياخلاني ..يا حضره! على جناح الشوق جيتكم، جايبني هوى عين "خضرا" المصونه محبوبة كل الناس، بنتكم، وجايب معايا حكايا حجايا.. سمعوا مليح وﮔولوا ليَ كيف جاتكم! حاجيتكم : كان ياما كان..في سالف العصر والأوان،كان أحد الفتيان يسمى "دحمان"،من أبناء المنطقة الشرقية للوطن الفرسان، عينه سلطان البلاد قائدا على المنطقة من حدود سهل أنكاد شرقا إلى نهر ملوية شمالا، وما بين قمم جبال بني يزناسن جنوبا إلى شاطئ المتوسط ومصب نهر ملوية وشاطئ المتوسط غربا... وكان القائد "دحمان" أبلى البلاء الحسن حين قاد جيشا جرارا، جنوده أبناء المنطقة الأحرار الشجعان، الأمازيغ والعربان، لصد هجمات حفدة البزنطيين والصليبيين والرومان، بعد أن استولوا على فردوس الأندلس، وقتلوا رجاله ونصَّروا ما تبقى منهم وهرب من هرب إلى المغرب أرض الكرم والهمم، فطمعوا في ما وراء البحر، وزحفوا إلى البلد الأمين طامعين فيه .. إلا أن القائد "دحمان" ورجاله الشجعان وقفوا للعدو بالمرصاد فأغرقوا مقدمة جيشه في النهر وهرب الباقي يجر أذيال الخذلان. وكان مما تفضل به السلطان على الفارس "دحمان" أن بنى له قصرا على هضبة في سفح الجبل، وبعث إليه بجارية سمراء مليحة تدعى "خضرا"، فاعتقها وتزوجها على سنة الله ورسوله، فعاشا قريري العين زمنا راجيين أن يرزقهما الكريم المنان ذرية صالحة تكون لهما أنيسا ووريثا.. وطال انتظار الزوجين السعيدين.والتفَّ حول القائد الهمام حاشية منها ناصح صادق،ومنها ماكر منافق. فقالوا: "أنت يا مولانا ذو مجد وسؤدد،وفي خير وخمير..لكن ينقص قصرك العامر ذرية نرجوها لك صالحة مثلك، وقد قضت حكمة الرحمان،واهب المال والوِلْدان أن يكون للرجل من النساء مثنى وثلاث ورباع، لتكثير النسل وعمارة البلاد، وزينة لك ومباهاة أمام الأمثال الأنداد .. وما نظن لالاَّنا "خضرا"على ما نعلم منها من ورع وعقل، وخلق ودين إلا أن تكون قد فطنت إلى حاجتك الطبيعية للبنين والبنات، لما أعطاك الله من جاه ومال وسلطان.. وقد عهدناك فينا عادلا صالحا، وبنا برا رحيما.. ولن نرضى بغير ولدك وريثا لولايتك.." قاطعهم القائد قائلا: " لقد فهمت ما قلتم ونصحتم به مخلصين صادقين، فبارك الله فيكم، فانصرفوا إلى دياركم وشؤونكم، وأنا إن شاء الله ناظر في الأمر.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.. وهو المستعان والمستخار." كان القائد "دحمان" مؤمنا محسنا،راضيا بقضاء الله وقدره،لا ييأس من رحمته،وكانت"خضرا"ريحانة العين والأنف والنفس،لايبغي بها بديلا،فكيف يؤذيها بضرة؟ ومرت أعوام.. وبدا الشيب على الزوجين الودودين.. ثم ما لبث أن علت غُلالة من حزن من حرمانهما من الولد. حتى كانت ذات ليلة جاشت النفس بما تعاني وتجد. قالت "خضرا"ورأس المحبوب في الأحضان: "صاحبي: قد بلغت مرحلة من العمرلا ينجب فيها النساء. وما أريد أن يتحدث الناس عني وعنك بسوء.. وقد أمضيت معك عمرا هنيئا، ولا ندري أهذا العقم منك أم مني، ولكن لا أريد أن نعطل سنة الله في خلقه.. فناشدتك الله أن تتزوج عسى أن يهبك رب المال والولد ما تأنس به نفسك، وتعمر به دارك... ولك علي أن أرعى ودك،وأعز ولدك، وأشكر لك وفاءك.." ونقطع حديث الولاة والوشاة... صمتت "خضرا" قليلا ثم أردفت : "ولكن عندي لك رجاء يا محبوب ما أظنك تبخل علي بتحقيقه.." أطرق الفارس دحمان طويلا، وبدت عليه حيرة وتردد.. وأخيرا قال: " ما هي يا عزيزتي؟ اسألي تجابي". عندها قالت "خضرا" : " لك في حجر الجبل عند بدء السهل بين فرعي وادي بوروللو أرضا واسعة، وأريد أن تستصلح لي منها قليلا من أمتار وتبني لي بها دارا آوي إليها وأخلو فيها بقية عمري لذكر ربي." وكان للمحبوبة ما تمنت..بنى لها زوجها دارا بالمكان الذي أرادت،وأرسل معها خادما يسمى "ميمون" وزوجه "مسعودة" ليقوما بخدمتها ويرعيا أنعامها،وقد رزقا هما أيضا ذكرا سموه "رباح" وبنتا سموها "رابحة".. ولما بلغ "رباح" الحلم..كانا يرسلانه للرعي أسفل الدار بين أحراش غابة كثيفة أشجارها من عرعار وصفصاف وبلوط وعوسج شائك وغير شائك ونبات شتى أسود من خضرته لا يبلغ البصر مداه.. وفي ظهيرة يوم حار.. بينما كان "رباح" يرعى ماشيته، غلبته شمس حارة، فانتبذ ظل عرعارة وارفة، فأخذه نوم عميق لم يفق منه إلا بعد العصر وقت العودة إلى منزل مولاته... وتفقد البقر والشياه، ولما أحصاها كعادته رأسا رأسا.. لم يجد بينها ثورا أسود فحلا معروفا.. فانتابه خوف من مولاته.. وإن لم يعهد منها إلا الكلمة الطيبة.. فجمع رعيته وقادها.. وأسر إلى والديه بفقدان الثور الأسود.. هوَّن الأبوان عليه الأمر، وقرر والده أن يخرج هو و"رابحة" معه في الغد باكرا للبحث عن الثور الضال. وكذلك كان.. خرجا باكرا كأن لم يحصل شيء.وصعدا السهل باتجاه الجبل.. تاركين "رابحة" مع البقر والشاء.. سلك الوالد سبيلا واتبع الولد سبيلا آخر غير بعيد عن والده.. مشى الوالد مسافة. وكلما خطا خطوات كان يحس بقدميه تنغرسان في أرض رملية رطبة. وما هي إلا خطوات أخرى حتى لمح أثر أظلاف فرد من البقر تزداد انغراسا في الأرض... وتقدم قليلا بحذر، فإذا الأرض وحلة، وإذا بها مرتوية، وإذا جدول في الأرض يسيل رقيقا براقا تحت الشمس..وسار جنبه حتى أطل على قاع من الأرض به "ضاية" ماء صافية.. وعلى ضفاف "الضاية" حيوانات وطيور شتى لم يعرف منها إلا لقالق وخطاطيف ويمام وغزلان رقيقة جميلة..دنا قليلا في صمت.. طارت الطيور وتوارت الحيوانات في الغابة... تقدم في ذهول ومشى إلى أعلى الضاية فرأى نبعا منبجسا من رمل وحجر وحصى قليل.. وقف مبهورا.. جثا على ركبتيه وغرف غرفة من راحتيه ورفعها إلى فمه.. فإذا الماء زلال وبارد ثلج.. ذهل لحظة عما حوله.. لولا أن سمع خوارا ضعيفا غير بعيد.. تلفت جهة الصوت فإذا الثور في قيلولة تحت عرعارة يجتر ما رعى.. لم تسع الأرض الرجل فرحا.. ونادى ابنه "تعال.. فقد وجدنا الثور الأسود.." ولما عادا مساء إلى دار السيدة الوقور..دخلا عليها بعيد المغرب..وقص "ميمون" عليها خبر الثور الضال والنبع الغزير..فلما سمعت القصة ركعت وسجدت سجود الشكر لله..وباتت ليلتها وبقية الليالي بعدها قائمة متبتلة تصلي حمدا وشكرا. وسمع الناس بنبأ "لاله خضرا" وزهدها وبركتها وزكاتها.. والعين التي بأرضها، فقصدوها من الأماكن القريبة والبعيدة مهنئين وساعين إلى نيل ما أفاء الله عليها من خير عميم.. وما هي إلا أعوام حتى غدا منزلها الرحب رباطا يقصده العباد والزهاد، والفقراء والمساكين وأبناء السبيل.. حتى ضاق المنزل بالزوار، واضطرت صاحبته أن توسع من محيطه وتديره بسور بنت داخله غرفا بعيدة وخياما ومرافق أخرى حتى تفي بحق الضيافة.. وكان الناس يحلون بالمكان ويبقون فيه أياما، يعقدون خلاله مجالس لتلاوة القرآن والذكر والدرس. وهم خلال ذلك يأكلون ويشربون ويقيمون مكرمين وفي زهد من غير إسراف بفضل ما رزقته السيدة العابدة من بهيمة الأنعام وجنى الجنان، والنبع القريب دائم الجريان.. وقد أوصت المرأة الصالحة إلاَّ يصاد أو يروَّع طير ولا حيوان مما يجاور الدار أو يحوم في سمائها....وحتى يكون الناس قريبين من المنزل المبارك، هبط بعضهم من الجبل والتلال والسهول المحيطة فاقتطعوا لهم "بحاير" وسط الغابة العذراء. ففلحوها وغرسوها وسقوها مناوبة بينهم من ماء العين، فكانت كل "بحيرة" تؤتي أكلها بإذن ربها كل حين.. لكن الأولياء والصالحين كان لهم دائما أعداء وحساد. وقد بلغت شهرة رباط "خضرا" الأفاق، و سمع به القاصي والداني من داخل البلد و خارجه، وكان فيهم الصديق الوفي والعدو الظاهر والخفي.. ولم يكن العدو منذ زمن بعيد المترصد وراء البحر القريب لينسى هزيمته النكراء على ضفة النهر،فأخذ يتربص ويتحين الفرص... وجاء "الرقاصون" إلى السلطان، يحثونه على أن يتدارك طرفا من مملكته الواسعة أخذ يشق عصا الطاعة، وصوروا له الفارس "دحمان" شيخا كبيرا أصابه الخرف، فترك أمر ولايته لزوجته العبدة "خضرا" التي ما فتئت تجمع حولها الرعاع والصعاليك و"الأفاقين"... لتزحف بهم على بقية البلاد لتكون ملكة متوجة عليهم وعلى سائر العباد.. وعلى عادة الأعداء في بث الفرقة وإثارة الفتنة بين أهل البلد، ذكروا له فعل الملكة الكاهنة "ديهيا" التي حاربت الدين، والفاتحين الغازين، سعيا منهم في بث الشقاق والحرب بين الأمازيغ والعربان.. وألح الوشاة في السعاية... وصدق السلطان ما سمع بعد أنكاره ثم تردده.. فأرسل إلى الرباط جيشا عرمرما، ودخله، فأقتيدت صاحبته مصفدة في الأغلال.. ولم يعلم أحد بخبرها بعد ذلك الزمان.. إلا إشاعات متضاربة حول مصيرها.. فمن قائل إنها ماتت رهينة الأسر في سجن السلطان.. ومن قائل إنها مازالت حية..قد حلت بقلب كل حي يمشي في الأرض أو يطير في السماء.. وسكنت كل متحرك وهامد.. أما الفارس الهمام فقد أرسلوا إلى قصره من يسجنه ويقيده ليحاكم ويعدم على رؤوس الأشهاد جزاء ضعفه وترك ولايته في يد جاريته السوداء الشمطاء كما قالوا ونمموا.. لكنهم لم يجدوه في قصره على التلة في الجبل.. وجدُّوا في البحث عنه، لكن خاب مسعاهم.. وقد رويت أخبار غريبة حول اختفائه وأماكن حله وارتحاله..واتفق روايات بعضهم على أن القائد "دحمان" قد رآه بعض السارين ليلا وفجرا يخرج من كهف في قمة الجبل عميق ومرهوب، وعليه عباءة صوف مخططة الجانبين بخطوط سود وحمر يبدو فيها كبلارج كبير العمر،ثم يهبط الأودية طائرا محلقا، وينزل باكرا إلى حجر الجبل حيث كان الرباط، فيهتف بزوجته السمراء المليحة مناديا حتى يبح صوته..."خضرررا ...! خضرررا..!" فلا يجيبه غير صدى صوته المبحوح يتردد في جوانب الجبل والوهاد والتلال.. أما مصير الرباط الذي كان زمانا مقصد العباد والزهاد، فيروى أن السلطان قد أبقى به كتيبة من الجند عليها قائد فظ غليظ ليرعى أمنه، فعاث فيه فسادا، واستأثر بالنبع وما جاوره من أرض خصبة لنفسه وحرسه.. وروَّع طيره ووحشه، وشرد إنسه إلا من طوَّحه الحب وكبله الغرام بالمكان، فإنه بقي صامدا رغم الهوان.. وبعضهم توارى عن الأنظار وانجحر مغمورا في كهف أو غار، ينتظر ويرجو كشف الغمة من الرحيم الرحمان .. ومر زمان.. وجاء شتاء لم يعرف الناس مثله في العواصف والأمطار... وفي ليلة ليلاء طلع سحاب متراكم كالجبل آت من البحر، فابرق وأرعد، وانصب على الجبل ونزل سيلا دفاقا على الشعاب والوهاد والبطاح.. ولما لاح الصباح، كان الرباط قد اختفى بما فيه ومن فيه. عقابا -.قال الناس- من السماء للظالمين الغاشمين.. مرت يا احباب وياخلان على الرباط دهور وأزمان.. أتت على معالم الرباط وما حوله غير طلل يسقط حجره وترابه كل آن، ولا من يعيده أمام العيان... وعين غزيرة تصيبها من آن لآن أحوال من النضوب والفيضان.. بطحاؤها كثيفة الشجر، وما حولها من المروج كثيرة الفواكه والخضر.. وفي أعلى صفصافة جوارها عش بلارج وزوجه يحلان به ربيعا وصيفا ويهجرانه خريفا وشتاء.. ووفاء لعادة قديمة لا يعرف متى بدأت، كان الأهالي الباقون بالجوار يقيمون وليمة سنوية (وعدة، موسم) ببطحاء العين يوم فيضانها، يذبحون في يومها ثورا (وزيعة) فيطهون منه ويأكلون، ويوزعون بعضه على الفقير وابن السبيل، ويلعبون سباق الخيل والبارود، ويقرؤون ويذكرون، ويغنون ويرقصون... ،... وقد سمى عامة الناس عين الماء عين"الرﮔادة" وسماها العارفون بأسرارها عين"لاله خضرا". "هكذا يااحباب..وياخلان.. ويا حضرة، نهيت " حجاية لالاَّ خضرا... والله يخلي "لاله خضرا" لمَّاليها ديما خضرا، ورمز وعز للأوطان، وذكرى حية ديما في القلوب والعقول عبرة ومثال..."
لحكايث انموسى اوصالح
أورد رونيزيو مجموعة حكايات أمازيغية ،مستقاة من الذاكرة الشعبية لبني يزناسن ،وذلك في كتابه المعنون ب "دراسة عن اللهجات البربرية لدى بني يزناسن والريف وصنهاجة السراير.." أورد منها حكاية موسى أوصالح ،كما جاءت لديه بلهجة بني يزناسن الأمازيغية ،وأرفقها منقولة إلى العربية، مقسمة إلى 3 أجزاء تفاديا لأي ملل محتمل. الجزء 1 بالأمازيغية موسى اوصالح اتوغا يزذغ ذي ادهـر ذي ثمورث نمسيردا ذي لبحــر. قاي عاذ ذيني اثخيـربت أنـس ثهـذم، أقارناس ثخـيـربت انموسى اوصالح . اتوغاث ذا فـلاح. نتا ذا هــلالي سي آيث هــلال ،ذا عرابن ، اتوغاثـن زيگ فهــمن قبـــالا. أتـوغا يتجــرب ثيمسلايين، ٳگــرز غر ربعيـن يوم ،سي المشتـى أذ يــرزم سي ثيــرزا.ادجــن أو سـﯖـاس.أوسنـد واراو أنس گــرزن أغيــرين ٳربعيــن يــوم، يدجـيـثن ألمــي مجــرن ٳمــندي انـي، اﯖـينـتـن اتــافا ذ ورنــان، يــوسد نتـا ٳحـرقاسـنـت.اتوغا گــرزن ذي وانـﯖـاذ نـاث خــالد، أمـگــان اني تسمــناس مـازوز أمـي ذيس گــرزن ٳمـندي ذ مــازوز يسـحرقاسنت أبــاثســن. يوسد يـﯖــا يـشت نتـگـطوفث ذي يشـت نتجـعـبـوبث يـقـن خـفس، يدجاس غير شــواي نـتفـاوث، يـﯖــاس ذيني تلاثا نتـحـبا ٳمــندي باش أذ اجــرب شحــال تـت ثگـطوفث ذو ســﯖــاس.يدجيت ذيني أســﯖــاس امضا أور ذاس ذينـي يـﯖـا شـايت أنـومــان. أمي يمضــى أوسـگــاس يـرزم خـفس ثجعبوبث يـوفا ٳلـقــني ثتـشـا ذو سـگــاس اني غير النص نـتــحبــت. ( يتبع ) باللغة العربية كان موسى اوصالح يسكن بهضبة بأرض مسيردة (وهي الأرض المقابلة للحدود الشرقية المغربية الجزائرية قبالة أحفير، وتسمى عند أهل المنطقة ب"لقبايل") على البحر.لاتزال هناك بقايا سكنه، يقال لها" خربة موسى اوصالح" كان فلاحا،وهو هــلالي من بني هلال العرب، كانوا قديما يعرفون الكثير.كان صاحب تجارب، يحرث أربعين يوما فقط من فصل الشتاء،وينهي حرثه.ذات عام تجاوز ابناؤه الاربعين يوما في حرثهم،تركهم الى ان حصدوا شعيرهم، وكوموه في مكان الدرس"الرحبة" قام باحراقه، كان حرثهم بأنـﯖـاد بني خــالد، سمي ذلك المكان "مازوز" لكونهم زرعوا هناك شعيرا "مازوزيا" قام أبوهم بإحراقه. وضع نملة في أنبوبة وأغلق عليها، ترك لها قليلا من الضوء، ووضع لها ثلاث حبات شعير،كي يعرف كم تأكل النملة في السنة.تركها هناك سنة دون أن يضع لها ماء.حين انقضى العام فتح الأنبوبة فوجد أنها لم تأكل سوى نصف حبة. .................................................................................... الجزء 2 بالأمازيغية أمي ييوض لخبـار أنـي ﺈيوجلــيــذ أنـي اتـوغا ذي تلمســان أنـانـاس:" قـاي مـوسى اوصالح يـﯖـا ثـگطـوفث ذي الحبس، يدجيــت بلا يمــان أســﯖــاس." يـسـيفظــاس أو جلــيــذ ينــاس: أمـن ثـﯖـيــذ ﺈثـگـطــوفث ذي الحبــس ثـدجيـتث بلا يــمــان ، أمنــي اولا تشك ذاگ غ أﯖــغ. ينــاس سمحـيـي أ ضاوظـغ أخــام ﺈيـنو، ﺈلـقنــي أدولغ. يـذول أخــام أنــس، ينــاس ﺈيمــاس أشــم وصيــــغ أتقــنــذ أعلـعــول ذي گــري ذو عجمــي ذو ييس ذي وخــام، ثقــنذ خفــسن باش أورثــن اطــيوظ ثفـويث اتـاويسند ذنــي ﺈمــندي اذومــان، أورثن تســوفغذ شايت،ﺈذ مين غ ثمــضى ثلت شهــور، اغـرص ﺈيوعلعول ﺈذ مي غ ث مضى ست شهــور اغرص ﺈگــري، ﺈذ مي غ ثمضى تـسع شهــور اغرص ﺈيوعجمــي.ﺈيــوا ﺈلقنــي نتـا يــذول غر أوجلــيذ يـﯖـيث ذي الحبس ، ينــاس ﺈخــظار ماين غ ثـتـشـذ، حاشا يمـان أورذاگ تشيتشغ شايت ينــاس أذتشــغ لجــبــن. يضحــى يتــاوينـاسد لجبــن، أمــان أنــس ﺈسـســيثن ، ﺈونــي يوزغــن ﺈتــتــيث. ﺈيـوا ﺈلــقنــي أمــي ثمضــــى ثلت شهــور ثغــرص ﺈمــاس ﺈيوعلعــول، ثوفا ﺈغــس أنــس يــﯖـور أذيتــشــار سي المخ. ثانيا أمي ثمــضــىست شهــور ثـغــرص ﺈگــري ثوفـا ﺈغــس أنــس يتشــور سي المخ، ثعلمــاس ثنــاس قاي أوفيغ ﺈغــس ﺈگـــري يتشــور سي المخ.ثانيا أمي ثمضــى تسع شهور ثغـرص ﺈو عجمــي ثوفا ﺈغس أنــس يـذول كلشي ذ المخ ، ثـروح ثانيا ثعــلم ﺈمــمــيس . ينــاس ﺈ يمــاس آويد أمــان ان سبع نـلعوذاث ، ثـنـي غ يليـــن نزلــن. أتــروح نتـاثا كل ثايامرث غ ثاف ثنـزل أزيس اتاويد شــواي انوامان اني ﺈمــلالن يـﯖـين أم ﺈيفــيــــــــلان. ﺈلــقنـي أمي ثــيرو أمـان ن سبع انتايمارين ، ثـﯖيــثن ذي ﺈشــت نتجعـبـوبث أو غانيم ، ثيويثــن ﺈمـمـيس ذي الحبس نتلمســان، ثيــوياس ييس أنـــــــي. ( يتبع ) باللغة العربية حين وصل الخبر إلى الملك الذي كان في تلمسان،قالوا له:" أن موسى اوصالح وضع نملة في الحبس،وتركها بدون ماء لمدة سنة" أرسل الملك في طلبه ثم قال له:"كما وضعت النملة في الحبس وتركتها بلا ماء،كذلك سأفعل بك" قال له اسمح لي بالذهاب إلى منزلي،ثم أعــود.عاد إلى منزله ، قال لأمه أوصيك بربط الديك والكبش والثور والحصان في المنزل، أغلقي عليهم كي لا تصلهم الشمس،وناوليهم هناك الشعير والماء،لاتخرجيهم وحين تمضي ثلاثة أشهر اذبحي الديك وحين تمضي ستة شهور اذبحي الكبش،وحين تمضي تسعة أشهر اذبحي الثور، حينها عاد هو إلى الملك فأدخله الحبس،قال له اختــر مـا تأكل ولكن لن أمنحك ماء ،قال له آكل الجبن. صار يناول الجبن ،يشرب ماءه ، وبقيته الجافة يأكلها.وحين مضت ثلاثة أشهر ذبحت أمه الديك،وجدت عظمه على وشك الامتلاء بالمخ،وحين مضت ستة أشهر ذبحت الكبش فوجدت عظمه قد امتلأ مخا ، أخبرته بذلك وحين مضت تسعة شهور ذبحت الثور فوجدت عظمه قد تحول كله إلى مخ،فأخبرت ابنها بذلك. قال لأمـه احضري ماء سبع أفراس،يكن في طور الإنجاب. ذهبت هي تجمع من كل فرس"نازلة" قليلا من ماء أبيض يشبه الخيوط.وحين جمعت ماء سبع أفراس"نازلات" وضعته في أنبوبة من قصب، وأخذتها إلى ابنها في حبسه بتلمسان ،وأحضرت له حصانه أيضا. ( يتبع ) .................................................................................... الجزء 3 بالأمازيغية لحكايث انموسى اوصالح 3 ...ﺈلقنـي أمي غـرس ثـخـلـظ يـتــر خـو جلــيذ أنـي أتــوغ ذينــي، ينــاس أوشــيي التسريــح أذفغــغ غــر الطــرف انتمديــمــت ، أذرارغ شــواي خو يـيس اينــو قاي ثيـويتـيـث يما . يـوشاس التســريح. يفـــغ ﺇلقــني غر الطــرف انتمديمــت سـي الجهــث انواورود زذاخــل ﺇســـور يونوظــن ﺇثمديمــت، نتــا ينيـا خو يـيــس ، يبذا يســازال أمي يــيوظ الســور يكــس أمــان أنــي نـنـزول أتــوغا ذاس اتـاويد يمــاس، يـﯕـيثـن غــر ثنــزر أو يــيس ، نتا أمي ﺈفــوح ذي ومــان أنــي ، أذ يكــر سـلجـهـذ أذنــﯖــز الســورﺇسحـوف سي اظــارن أنــس .ﺈلـقنــي أمـي ثــزريـن ﺈعـســا سـن ﺈنــﯕــز الحـيظ ذولـن غــر أوجليــذ اتازلن أناناس " قاي موسى اوصالح يرول" يـوثا أوجليـذ الموزيـﯖـا ﺈلــمــخزن ييـرود اخفــس ، ينــاسن أنيث اخ ثايمارين اضــفرمت ثطفمــت، ظفــرنت ذي الجــرث ، أمي ﺈيــوظن ﺈغــزر نتافــنا ثنـفـﯕـع ذيني ﺈشـت انتايمارث اتـيلـصهـبث ، سي ﺈلقــني امــگــان اني بــذان تســمــنــاس "الصهبا". قاي ذيني أســون نسبايس. ارنين اسـازالن ، أمي ايوظن أنـﯕــاذ أورود ﺈوجــذاث، ثـنفـﯖــع اشت انتايمارث أتابرگــانت، قاي أمگـــان انـي أقــارناس "غــرابة" على خـاطر ثايمارث اني يموثن اتبرگـانت أم اثجــارفيـث يعني الغراب. ارنين اتـازلن أكيذس، ثمـوث ثانيا اشت انتايمارث اتـازيزاوث ، قاي امـگـان اني اقـارناس ايظو"ازريـﯕا". سبعـا انتايمارين اﯖـنفــﯕـعنــت سي تلمسان آل لعيــون .ﺈلـقنـي ذولن اخفـس امخـازنين. ﺈروح نتا أمنـي يـسـزال، ييوظ فاس ،يوفيـثـن اتـزالان الظهـر ﺈلقــني يظـرا خو ييس يبذا يتزالا اكيذسن ذو ييس يبذا يسنجبــذ.انـتا اذيسـمـح ذي ثـزيــلا يصفــﯖـ ييس غـر أوخنشــوش،ذو ييس أذيحــوف يـموث. ﺈلقنــي امي ثفـقــرن اكسنــاس أول أوفينت أذيازل القد وين يوزل عاذ اغا ينفــﯖــع. باللغة العربية حين وصلت(أمه) طلب من الملك أن يرخص له بالخروج إلى طرف المدينة ، ليلعــب فوق حصانه الذي أحضرته له أمه،فرخص له. خــرج حينهـا إلى طرف المدينة من الجهة الداخلية للسور المحيط بالمدينة. ركب حصانه، وأخذ يسرع به ، وحين وصل إلى السور كشف عن "النزول" التي كانت قد أحضرتها له أمه، ووضعها قرب أنف الحصــان ،وحين اشتم ذلك السائل ،اندفع بقــوة، وقفز على السور الذي أسقط منه جزءا بأرجله. وحين رآه الحــراس قد قفز على الســور ،عادوا إلى الملك مسرعين، قالوا له" إن موسى اوصالح قد هــرب" استنفر الملك جنده فاجتمعوا حوله،قال لهم :اركبوا خيلكم واتبعوه واقبضوا عليه. تبعوه مقتفين أثــره، وحين بلغوا وادي تافــنا ماتت هناك فرس صهباء من التعب ، ومنذ ذلك الحيــن وذلك المكان يسمى "الصهبا"، توجد به مضارب الحرس"السبايس" استمروا في الجري، وحين بلغوا انــﯕــاد قبل وجــدة ،ماتت فرس سوداء ،ويطلق على ذلك المكان "غرابة" لأن الفرس الميتة سوداء مثل الغراب. تــابعــوا ملاحقته، ماتت فرس أخرى زرقاء من الإجهاد ، ذلك المكان يسمى اليوم "زريــﯖــة". سبع أفــراس نفقــن من تلمسان إلى العيــون ،وعندها كف المخزنيون عن ملاحقته. استمر هو في سرعته ،فوصل إلى فاس ، وجدهم يصلون الظهر ، نزل من على حصـانه وشرع في الصلاة معهم، فأخذ حصانه يضطرب،فتوقف عن الصلاة وصفعه على وجهه ، فسقط الحصان ميتا وحين بقروا بطنه وأخرجوا قلبه وجدوا أنه كان قادرا على جري مثل ما جرى ليموت بالإجهاد.