محرك البحث أسفله خاص بموقع بني يزناسن فقط
د. عبــــداللـــــه زغلـــــي
نبذة مختصرة
الأستاذ عبدالله زغلي ، من مواليد سنة 1949 بأحد دواوير عين الركادة ـ أبركان ـ سنة 1949 م . الدراسة : حصل على ـ شهادة البكالوريا بمدينة وجدة سنة 1967 م ـ الإجازة في الأدب العربي : كلية الآداب ـ فاس ـ 1972 م ـ شهادة الدروس المعمقة : DEA من جامعة محمد الخامس : الرباط ـ 1983 م ـ دبلوم الدراسات العليا ـ DES ، تخصص أدب حديث ـ جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ 1990 م العمل : قضى ـ 12 سنة في التدريس بالتعليم الثانوي ـ 27 سنة : مفتش التعليم الثانوي ، [ اللغة العربية ] ـ متقاعد منذ : 01 / 01 / 2010 م من مؤلفاته : - عين الركادة القصبة والتأسيس - سيرة جيل ومكان - طبيبة القرية أدام الله عليه الصحة والعافية
قــــــــائمـــــــة محتــــــويــــــــات الصفحــــــــــة ثامدا أنوولوث - بحيرة واولوث أوشن أتسيوانت الذئب والحدأة التبوريدة حكاية أغبال حكاية الركادة لحكايث نركادة أغاني الحب ( نص أمازيغي ) الهاتف في الطريق إلى المدرسة كان يا ما كان الأفعى والعلقة سيرة جيل ومكان أوشّــن أذْيَـــــنْســي الذئب والقنفذ أسْدُ جبالنا قصيدة شعرية تفوق العدو الفرنسي على قبائل بني يزناسن عقيقة
ثامدا أنوولوث - بحيرة واولوث
بحــــيرة واولـــــوت
تقع بحيرة واولوت ببني عتيق تريفة ، إلى الأعلى من قرية س. أمحند أبركان . يحكى قديما أنه كان في ذلك المكان قرية من خيام للمسلمين ، لهم خيام من حصير ، يسكنون فيها ، و كان الفصل شتاء ، ثلاثة شرفاء أصحاب بركة كثيرة ، واحد يقال له الشيخ عبدالقادر الجيلاني ، قبته توجد ببغداد ، في الشرق ، وراء الحج ، وواحد يقال له س. بومدين المغيث ، قبته توجد بمدينة تلمسان ، وواحد يقال له س. بوعزة قبته توجد بالغرب ، جنحوا إلى تلك الخيام ليستضيفهم أهلها اتقاء للمطر . إلا أن أصحاب تلك الخيام لم يريدوا الخروج إليهم ، وكانت معهم عجوز أرملة ، عمياء ، معها ابنتها ، لها عنزة ، وخيمة صغيرة ، وحفنة قمح ، كان ابنها بالسجن عند ملك ذلك الزمان ، وعندما خرجت ابنتها ورأتهم بالخارج رجعت إلى أمها وقالت لها، إن ثلاثة رجال بالخارج يتساقط المطر عليهم ، ولم يخرج إليهم أي واحد من السكان ليدخلهم . قالت لها أمها، لانملك شيئا نطعمهم به ، فألحت على أمها حتى أدخلتهم . عندما دخلوا وجدوا الخيمة صغيرة ، ووجدوا عندها حفنة قمح فقط . حينئذ قالوا لبعضهم البعض ، كل واحد سيقوم بمهمة . قال لهم الشيخ عبدالقادر . أنا سآتي بابنها من السجن، س. بوعزة الغربي قال لهم . أنا سأملأ وسط الدار بالماعز ، وأجعل الخيمة كبيرة ( أكبر الخيمة ) ، س. بومدين ألمغيث قال لهم . أنا سأملأ الخيمة قمحا ، وأرجع للعجوز بصرها . أحضر الشيخ عبدالقادر في الحال ابنها الذي كان في السجن ، وتناول العشاء معهم ، س.بوعزة بارك في تلك العنزة ، فامتلأ وسط الدار بالماعز ، نظر إلى الخيمة فكبرت ، فأصبحت هي الكبيرة بين تلك الخيام . س. بومدين المغيث مسح بيده على عيني تلك العجوز فأصبحت تبصر أفضل مما كانت عليه قبل أن تصاب بالعمى ، بارك في ذلك القمح فامتلاْت الخيمة قمحا ، وقضوا الليلة عندها . في الغد عندما أرادوا أن يغادروا المكان قالوا للمرأة وابنها . عندما تشاهدون الكلبة تحمل جراها ــ وكان في ذلك الدوار كلبة وضعت جراها ــ قالوا لهم . أينما أنزلت الكلبة جراها ، احملوا خيمتكم وأنزلوها جوارها . بقوا على ذلك الحال حتى شاهدوا الكلبة تنقل جراها وتأخذهم إلى خربة بمكان مرتفع ، أنزلتهم هناك ، حينها حملت المرأة خيمتها وأنزلتها بجوارها . عندما نقلت خيمتها ، أنزل الله أمطارا غزيرة ، دامت سبعة أو ثمانية أيام ، فبدأ ذلك المكان الآهل بالسكان يهوي ، ويهوي ، ويغور في الأرض حتى غرقت تلك الخيام ، وطفا الماء فوق الجميع . لهذا ترى جنبات المكان الذي توجد فيه واولوت مرتفعة ، والمكان المليء بالماء غائرا في الأرض ، والدفلى التي تحيط بها يحكى أنها تشبه الخيام التي كانت تحيط بها . ويحكى أن خيمة العجوز كانت في المكان الذي ينزل منه الوادي ، عندما ارتحلت تركت فجوة ، وعندما قويت المياه اندفعت من هناك ، وصار واديا منذ ذلك الزمان إلى اليوم .
ثامدا أنوولوث
ثامدا أنوولوث قايت ذي آث حثيق نتريفه ذنيي أوفيلاج أن س. أمحند أبركّان . يناكّ زيكّ أتوغ ذي ومكّان أني ادجن أسون أنيمسلمن غرسن اخامن نجرثال زذغن ذيني . أتوغ ذلوقث انونزار .ادجن نتلاثه انيمرابضن ذيسن البركّث ثرو ، ادجن أقارناس الشيخ عبقاذرجيلالي قاكّ القبث أنس ذي بغداذ ذي الشرق . أغيرين الحيدج .أذيدجن أقارناس س. بومذين لمغيث قاكّ القبث أنس ذي ثمديمت نتلمسان ، أذيدجن أقارناس س. بوعزة قاكّ القبث أنس ذي الغرب ، جبذن غ أسون أني أثن أسيذفن اثباب أنس أذدورين سي ونزار . سع أورعولن اثباب أسون أني أغرسن أفغن ، ألقني أتوغ أكيذسن اشت نتوسارث أتدجالت نتاث أتذرغالت سي أثناين أنططاوين، أغرس اشت أنيليس أكذس ، أغرس اشت نطغاط ، أغرس اشت نتعشيوث أتمزيانت ، أغرس اشت أن تجلي أنيرذن . ادجن أمميس أتوغاث ذي ألحبس غر أجليذ أتوغ ذي ألوقث أني . ألقني أمثفغ يليس ثزريثن ذي برا ، ثذول غر يماس ثناس ادجن نتلاثه أيريازن قاثن برا يتاغ خفسن ونزار ، أورغرسن يفغ حد سي اثباب أسون ، أثن يسيذف . ثناس يماس أورغرنغ ماين غاتشن ، اوا أثحشم ذي يماس ألماني ثن ثسيذف ، ألقني أميوذفن أفين ثعشيوث أتمزيانت ، أوفين غير اشت أنتجلي انيرذن . أنان القني ابعضهم بعض ، كل ادجن أذيكر سييشت نلحاجث . الشيخ عبقاذر يناسن . نتش أدويغ مميس سي الحبس ، س. بوعزة أغربي يناسن نتش أذتشارغ لمراح سي الحراك° ، أتعشيوث أتسمغرغ . س. بومذين لمغيث يناسن نتش أذتشارغ ثعشيوث سيرذن ، أدرغ ثوسارث سثيطاوين أنس أتزر . اوا ألشيخ عبقاذر يسحضرذيني مميس أتوغا ذي الحبس ، يمونسو أكيذسن ، س.بوعزة اعزم خثغاط أني ، يتشور لمراح سي الحراك ، يقل غر أثعشيوث ثمغر ثذول نتاث أيلان أتمقرانت قاع ذي أسون أني . س. بومذين لمغيث يمسح فوس أنس أخثيطاوين نتوسارث أني ثذول أتزر خير سيقبل غثدرغل ، اعزم ذيرذن أني ثتشور أثعشيوث سيرذن . اوا ألقني انسين أغرس . أيتشا أمي أخسن أذروحن أنناس اثمطوث أذمميس . أقمي غثزرم ثايذيث أثيسي أراو أنس -- أتوغ ذوسون أني اشت أنتذيث ثرو – أنانسن ماني غاثسرس ثيذيث أراو أنس ، اسيم ثعشيوث أنون سرسمتث أزاثس . أقيمن أمني ألمني أزرين ثايذيث ثسنقال ذي واراو أنس أتاويثن غر يشت – نتخربوشث- ثوعلا ثسرسيثن ذيني ، ألقني ثيسي أثمطوث أني ثعشيوث أنس ثسرسيت أزاثس . أمي ثيسي ثعشيوث أنس ، يوشا ربي أنزار يرو سبع أيام نغ ثمن أيام ، ألقني يبذا ومكّان أني ميذي يزذغ أسون أني اهوكا ، اهوكا يتاذف ذي أثمورث ألمني يغرق أسون أني ، يذول كلشي ذمان . أميخف أمكّان أني ميذي ثلا واولوث لظرياف أنس أوعلان ، أمكّان أني ميذي أمان يغتر ذثمورث ، أليلي أني ذاس ينوضن يناكّ أمني أيتوغ أسون ينوض ، مانيس يهوا يغزر يناكّ أتوغ ذيني ثعشيوث نتوسارث أني ، أمي ثكاج ثدجا ألفايجث ، ألقني أم كّـــثرن ومان أهوان أسني ، يقيم أمني ذغزر سلوقث أني آل اضو .
أوشّــــن أتْـســـــيوانْـت - الذئـــب والحـــــدأة
الذئـــب والحـــــدأة
خطفت الحــدأة صغــار الــذئب فأكلتهـــم ، فقال لهــا الذئـب . لمــاذا ؟ طــارت ، وقالت له ، إذا استطعت أن تفــعل شيــئا ، فافعله . حينئـذ قال لها . أكلت صغاري نيئـين أما صغارك فسآكلهــم مطهويــن . أحضـر الذئـب معيــا طويــلا فوضعــه في النـار ، جــاءت الحــدأة فحملتــه ، وقد علقت بالمعــي جمـــرة ، وعندما أنزلتــه بالعــش ، التصقت النار بذلك العــش ، احتـــرق صغــارها ، سقطــوا على الأرض ، فأكلهــم الذئــب .
أُوشّــــن أتْـســـــيوانْـت
ثوسَدْ أثْسيوانْتْ ثَخْـضفْ أرّاوْ أنووشن ثَـتْـشيثنْ ، ينّاسْ ووشّـن . ماغَــرْ ؟ ثُـوفَيْ ثَـنّـا سْ . ماثْــزَمْــرَذ إشْــــرا أكّـّـيـــثْ . ينـاس إلْـــقَــنّـي . أرّاوْ إيـنــو ثَــتْـشيـتّـنْ ذِ زِيـزاوَنْ ، يِيـنْ أنّــمْ إلُــقْ أثَـــنْ أتْـــشَــغْ أنْــويــنْ . يُــوسَـدْ ووشّــن يَــكّــا إدْجَــــنْ أوّذانْ ذَ زيــرارْ ذِ ثْـمَسـّـي . ثوسَــدْ أثْــسيــوانْـتْ ثِــسيـــثْ ، أرْواحْ أيَــذانْ أنّــــي ثَــلْـــسَـقْ ذيــسْ إشْـــتْ نْـثِــرْجَــتْ ، أمِ أتّــسّــرْسْ ذِي ألْــعَـــشْ ، ثَــلْـسَقْ أثْــمَـــسّـي ذِ لْـعَــشْ أنّـــي ، حَــرْقْـــنْ وَرّاوْ أنّــسْ ، حُــوفَــنْــدْ ذِ ثْــمُـــورْثْ ، يَتْـشــيثَـنْ ووشّــنْ المصدر : étude sur les dialectes berbères des beni snassen , du rif et des senhaja de srair __ Grammaire Textes Et lexique ___ par : A . RENISIO _ interprète 1932 - capitaine _ PARIS : éditions Ernest Leroux ___ 28 , rue bonaparte , 28 P : 170
الــــتــــبــــوريـــــدة
ها قد عاد موسم " التبوريدة " اختلى كل واحد بفرسه أو بغله ... يُـعدّه للمبارزة .. عليه أن يقصد "لمعلمين " لاستبدال الصفائح ... فقد تآكلت السوالف من كثرة الركض ... والجري ... دون فائدة .... والدوران في مكان واحد ... " كحمار الطاحونة " الذي يتحرك دون توقف ... عليه أن يزور صانع السروج ... فالحصان والبغل يجب أن يظهرا في أبهى حلة ... كعروس ستزف إلى عريسها ... انتقاء سرج مذهب ... تتخلله خيوط زمردية ... وخطوط متناغمة الألوان .... تبهر الناظر ... وتجذبه اليها ... على الفارس أن يرتدي أبهى ما عنده ... جلابيب بيضاء ، يعلو الواحد منها الآخر ... سلهامان أبيض وأسود .. يتداخلان فيما بينهما ... حذاء خاص .. بلون أصفر .. وشكل غريب .. تزينه خيوط بديعة الألوان ... الرعية تنتظر خروج " لباردية " .... إنه يوم التلاقي .... يوم التباري ... يوم المبارزة ... " أرى ماعندك " الرعية المسكينة منبهرة بالمظهر ... مفتنة بالمشهد .... فاغرة فاها ... تضحك وتضحك ... تصرخ وتصفق ... تضرب على الدفوف وترقص ... كل طائفة بما لديهم فرحون ... " لباردية " يتفحصون الحضور ... ويغرسون لواحظهم وسط الجموع ... يتفرسون الوجوه ... (سيماهم في وجوههم ) .... لازالت الأمة بخير ... يظهرون ويختفون .... يبتسمون لهذا ... ويضحكون لذاك ... ويلوحون بالأيدي لأولئك ... ينحنون ويطأطئون الرؤوس ... عربون المحبة والإحترام ... وعربون البساطة والتواضع ... وأداة استبلاد الآخر ... ما أجمل هذا وما أعظمه ... إنه يتحدث : لااله إلا الله ... ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ... ماشاء الله ... ماشاء الله .... إخوتي في الله .... أحبتي في الله ... اسمعوا إنه آخر ... إنه يخطب : سنحقق الإشتراكية ... لقمة خبز لكل فم ... مأوى ، يعني " دار " لكل عائلة ... تطبيب بالمجان .... سياحة اشتراكية ... وإلكترونية ... زيارة أماكن مقدسة ومآثر في كل من روسيا ... والصين ... وافريقيا الوسطى ... انتبهوا ... إني أسمع آخر هناك يصرخ : نحن لانكذب ... مبادؤنا الحق والوضوح والشفافية ... سنحارب أحياء الصفيح ... ومن في أحياء الصفيح ... سنقضي على البطالة ... والبطالين ... لن نترك شيئا على وجه الأرض .... سنُـضْحِك الجميع ... وسنَضْحَك مع الجميع ... وعلى الجميع .... كثرت الخطب .... تبارى " لباردية " كل واحد يُعْلي صوته على الآخر ... يشوش عليه ... يريد هزمه ..... يريد أن تخرج الطلقة الأولى من بندقيته .... ويتمنى أن تصيب منافسه ... أنا وبعدي الطوفان ... لا.. لا... مهلا ، لاتنسحبوا .. فالمهرجان لازال مستمرا ... ويعد بالكثير من المفاجآت .... " التبوريدة " لن تتوقف ... ستتواصل مادام هناك شركاء وأوفياء ... هناك انتهازيون وبلداء .... أقسموا بألا يخونوا العهد .... نشرت القصة بمجلة : الرابطة العربية للأدب الساخر ــ بتاريخ : 08 سبتمبر 2016
حكاية أغبال بالعربية والأمازيغية (ترجمها من الأمازيغية إلى العربية الأستاذ عبدالله الزغلي )
وادي أغبال كانت به قديما مدينة، وأمام عين أغبال مكان يقال له: عقبة الحجامين. كان به زقاق الحجامين. يوجد أسفل العين مكان يقال له قاعدة الصومعة، كانت صومعة المسجد مبنية هناك، كان السور محيطا بالمدينة كلها، وهناك مكان أمام العين يقال له لهري، كان مخزن (خزين) الملك الذي كان يحكمها. يحكى أن بني مرين هم الذين بنوا العين، وكانوا ملوكا بفاس، وقد امتد حكمهم الى تلمسان، وقتها كما يحكى. كانت عين أغبال قديما عندما تغلق، تمتلئ بالماء، وعندما يدخل إليها المرء رافعا يديه يغرق مقدار خمسة أمتار. إلا أنها اليوم عندما تسقط الأمطار بغزارة، يأتيها السيل من الجبل، ويتسرب إليها عبر الساقية، فردمت قليلا، غير أنها لاتزال عميقة الى اليوم. يقسم ماء العين على ثمانية أيام. أولاد المنكّار أولئك الموجودين بالعين وما وراءها، لهم أربعة أيام، أولاد الغازي، وبوعمالة، وتيزي، وأولاد البالي، وأوشانن أربعة أيام. كان أهل أغبال أعداء لأهل الجبل، وكانوا دائمي العراك فيما بينهم. كان لمدينة أغبال باب أعلى العين جهة المرجية، وواحدة جهة السوق القديم، وواحدة الى الأسفل جهة تريفة. ذات يوم جاء أهل الجبل صحبة أهال أنكّاد فخرجوا في محلة، فأطلوا من هناك على سيدي عزوز، حيث كانت قطعان أهل أغبال ترعي في جنبات سيدي عزوز، فباغتتها خيالة (كّوم) لمهاية وأهل أنكّاد، فساقتها. علا الصياح عند أهل أغبال، جاؤوا فتبعوا قطعانهم وشرعوا في محاربة تلك الخيالة (الكّوم). عندما شاهد أهل الجبل، أن أهل أغبال ركبوا جميعا، وخرجوا في ملاحقة قطعانهم، هجموا، فنزلوا على المرجية، ووصلوا الى المدينة فوجدوها خالية، لأن الجميع ركب وخرج عندما علا الصياح. هدموا كل منازلهم، وأخذوا كل ما وجدوه بها. طارد أهل أغبال تلك الخيالة (الكّوم) الى أنكّاد دون وادي اسلي، قتل هناك واحد من أهل أغبال يقال له أنكّروز في سهب أصبح يعرف اليوم بسهب النكّروز. وعندما عاد أهل أغبال الى منازلهم، وجدوا أهل الجبل قد هدموها، وأجلو أبناءهم. لهذا هاجر كل أهل أغبال الى وادي كيس بجهته الموالية لهم، فسكنوا في مكان يقال له المنزل. وذات يوم آخر، هجم عليهم أهل الجبل، ووقعت هناك معركة بينهم فمات عشرون رجلا في ذلك المكان، انتصروا عليهم، فطردوهم الى ما وراء كيس، حيث أقاموا، إذ أعطتهم مسيردا تلك الأرض فسكنوها. لهذا يقال لهم اليوم. أعطية، وأولئك الذين سكنوا هناك يقال لهم. بنو خالد العطية، لأنهم نقصوا من بني خالد. لذا فإن ربع بني خالد، أصغر من أرباع بني يزناسن الأخرى.
لحكايث أنوغبال
اغزر أنوغبال أتوغا ذيس زيكّ ثمديمت؛ قاكّ أزاثي ثيط أنوغبال ادجن أومكّان أقرناس ساون احدجامن، أتوغا ذيس أدوب احدجامن. قاكّ ذين ادجن أومكّان اسوداي اثيط أقارناس أجذار نصومعث أتوغا ذيني أصومعث نتمزييذا ثبنى، أتوغ الصور ينوض اثمديمت كلشي، قاكّ ذيني ادجن أومكّان أزاثي ثيط أقارناس لهري أتوغا ذيس الخزنث أجليذ أني أتوغا ذيس احكمن. ثيط أني أنوغبال يناكّ آث مرين، أتوغاثن نجليذن ذي فاس، ييوض لحكام أنسن آل تلمسان ذي الوقث أني أتعوذننغ. أتوغا زيكّ ثيط أني أنوغبال أذمي أتغاقنن أتشارة، أذمي ذيس غاياذف أثراس يسبدا افاسن أنس أتوغا اغرق لقدر أنخمسة مترا. سع اضو لقمي يتاغ ونزار أقبالة أتّاسْد الحملث سوذرار أتاذفاس أكدْ ثريا. ثرنم أشوي حاشا قاكّ عاذ ثغرق أولا ذيضو. أمان أنثيط أتويضان أخ ثمنيا. آث المنكْار ييني سثيط أغيرين أتاوين ربع أيام، آث الغازي أذبوعمالة، أتيزي، ذبلين، أذوشانن ربع أيام. أتوغا اثباب أنوغبال أذلعذو أكذ يثباب أنوذرار، أضحان أتكْن جاراسن الباروذ، أتوغا ثمد يمت أنوغبال أغرس اشت أنتوورث ذنيي ثيط سلجهت نامرجيث، اشت سلجهث نسوق أني أقذيم، اشت أسوداي سلجهث نتريفة. ادجن أواس اوسيند اثباب أنوذرار اوين اثباب أونكاذ حركن ذي يشت انلمحلث، أوسند ركْبن أسني أخ سيذي عزوز ذلمال أنيثباب أنوغبال يروس أكذ سيدي عزوز. ألقني ثخلض خفسن ألكْوم أنلمهاية أذ يثباب أنونكْاذ، أثسوكْيث. يكر ألزكْا غر يثباب أنوغبال، أوسيند ذفرن المال أنسن أبذان أتكْن ألباروذ أكذ ألكْوم أني. اثباب أنوذرار أم أزرين اثباب أنوغبال كلشي ينيا ذفرن المال أنسن، أوسند اثباب أنوذرار حركن، اهواند خلمرجيث خلضن غر ثمديمث أوفينتث ثخلا، أعلى خاطر كلشي ينيا أمي يحما ألزكْا. أسهذمناسن كلشي ثوذری، اویناسن قاع مايزي أوفين ذي ثوذري. اثباب أنوغبال نفرن الكْوم آل انكْاذ أورود ايغزر أن اسلي، احوف ذيني ادجن سيثباب أنوغبال أقارناس أنكْروز ذي يدجن نسّهب، قاكّ اضو أقارناس ألسّهْب الكْروز، ألقني أمي ذولن اثباب انوغبال غر يخامن أنسن، أوفين اثباب أنْوذرار قاع هذمناسن ثوذرین، حرفنتن، أجلان أراو أنسن. ألقني أخلان قاع اثباب أنوغبال غر يغزر أنكيس سلجهث أنْواوْرودْ ذي إدْجن أوّمكّان أقارناس المنزل، زذْغن ذيني. ادجن أواسْ أنيضن ثانية حرْكن غَرْسن إثْبابْ أنْوذرار أكْين أكيذسن ذيني الباروذ، ثموث عشرين أنتيمارين ذي ومكّان أني، غلبنتن، أسّزْوانْتَن أغيرين إكيس زذْغن، أوشيناسَن مْسيردا ثمّورثْ أنّي زذغَن ذيسْ، أمِخَفْ قاكّ أقارناس إضو أعْظِيّة، يينّي ذينّي إزذْغن أقارناسَن آث خالد نعظية على خاطر نقْصًنْ سي آن خالد. أو مِخَفْ قاكّ اولا ذالربَعْ أنْياثْ خالد ذَ مَزيانْ أخْ لَرْباع أنيضن ألياثْ يزناسن. ص. 161 / 162 المرجع étude sur les dialectes Berbers des Beni iznassen du Rif et des Senhaja de Srair - : grammaire - textes et lexique Par : A. RENISIO. Interprete – capitaine PARIS - Editions : Ernest Leroux 28 Rue Bonaparte . 28 1932
لحْكـــايَــثْ نـَــركـّـاذة - حكـــــاية الركَــــادة (ترجمها من الأمازيغية إلى العربية الأستاذ عبدالله الزغلي )
توجد عين الركادة بتريفة ،في أرض بني منكوش ، يقال لها الركادة لأنها ترقد ، أحيانا تجف ، وأحيانا يندفع ماؤها بقوة . ولماذا ترقد ؟ حكى لنا القدماء ، قالوا . بها امرأتان جنيتان ، إحداهما عبدة ، والأخرى حرة ، عندما تكون الحرة مستيقظة ، والعبدة راقدة يبقى الماء جاريا ، وعندما تستيقظ العبدة من نومها ، وتنام الحرة لاتسمح العبدة للماء بالجريان ، فلا يتدفق . يكون الماء متدفقا ، وعندما تبدأ في الشخير ، يبدأ الماء في التراجع إلى المكان الذي يخرج منه ، إنه يتراجع بمقدار أربع خطوات ، وكأن الماء لم يسل بذاك المكان مطلقا . ويحكى أيضا أنها عندما تريد أن تجف ، تخرج سلحفاة كبيرة ، بحجم الرحى ، وبمجرد خروجها تبدأ في ألشخير ، ويبدأ الماء في العودة إلى المنبع الذي يخرج منه ، وعندما تكون جافة ، بمجرد أن تخرج السلحفاة إلى فم العين ، تسمع هدير الماء في الداخل كهدير الوادي ، فيتدفق الماء إلى الخارج ، فيبدأ في السيلان ، فتقول إنها لن تجف بعد أبدا . يحكي لنا القدماء أن الماء يأتي من قمة جبل فوغال ، لأنها عندما ينهمر ماؤها في فصل الشتاء ، تخرج معه أوراق البلوط . يحكى قديما أيضا أن رجلا وضع في مغارة بقمة فوغال ثلاث قصيبات ، قصيبة خرجت بعين المرجية بأغبال ، واحدة خرجت بالركّادة ، وواحدة خرجت من الكاف الموجود بصفرو . يحكي لنا القدماء كذلك أنه كلما سالت المرجية ، سالت الركّادة ، تندفعان سويا ، وعندما تجف المرجية ، تبدأ الركّادة في الرقود .
لحْكـــايَــثْ نـَــركـّـاذة
ثيــــطْ نرّكّاذة قا يْت ذي ثريــفَـة ذي اثمورْث أن ياثْ منكّـوش . ذاسْ أقــّـارنْ الركـّـادة أعْـلـى خاطر أطـّـطـّـس . أشْـرا نَـنــّوباثْ أتّـازَغ ، أشــرا ننــّوباث أدّفـْـع ْ أمــان ْ أقـْـبــا لا . أُومَـاهْ أطـّـطـّسْ ؟ أتـْعـوَذ نـّـنـَغ ْ إِثـْـبابْ أنـْـزيــكّ يَـنـّـاكّ ذيسْ أثـْـناينْ نَـلـْـخالاثْ أتـّجـنيّيــنْ . إِشـْتْ أتـّـيسْـمَـجْـثْ ، إشْت تَـحــورّيْـثْ ، أقـْمِي غاثِــيلي ثـَنّي ثاحورّيث أثــْفاقْ ، أتـّسمجثْ ثـطـّس ، أتـّـدْجى أمانْ أتـّـزْلَــن ْ، أقـْـمي غا ثـْـفاقْ ثِـسْمجثْ سي يـِظــَـسْ ، ثـنّـي ثحورّيث أطـّـطـّـسْ ، أورَتـّـدْجــي ثسْـمجث أمانْ أذَ زْلَــنْ، ألْــقـَنـّي أورَتـّـفْـغــَـنْ شــا يْــتْ . أتّـلينْ وَمان أتـّـزْلَنْ ، نَـتّاثْ أتَـبْذَ أتَـشْـخَـرْ ، أذْوَمانْ أذَبْـذانْ أدّولَنْ غَرْ وَمْكّــانْ مانيسْ أتّـفْـغَـنْ ، قاكّ أدّاكّـلَنْ لَقْـدَرْ أنْ رَبْعَه الْخَلْفاثْ ، ثـَقّـارَذ شَـكْ عَـمْرو يَمانْ أُورْذ ينْ أوزْلَــنْ . ثانْـيَه يَـنّـاكّ أقْـمي غاثَـخْـسْ أتَـزَغْ يَـتّـفّـغ إدْجَـنْ أيّـفْـكّـرذَمَـقْـرانْ أذْ يِـلِي ألْـقَـدْ نَـتْـسيرْثْ ، ألْـقَـنّي غِيرْ أدْيَـفّـغْ أتَـبْذا أتَـشَـخَرْ ، أذَبْذانْ وَمانْ أدّاكّـلَنْ غَـرْ ألْـعُـنْصَرْ مَنِيـسْ أتّـفْـغَـنْ . أقْـمي غَاثـيلي ثوزَغْ غيرْ أدْيَـفّـغْ يَفكّـرْ أَنِّـي غَـرْ أُقَـمّوم" أنْطـيط ْ أوكّانْ أتَـسْـلَذْ إدْرِيزْ أوّمانْ أزْذَاخّـلْ أمْ أدْريزْأيّـغْـزَرْ ، ألْـقَـنّي أتّـفْـغَـنْـدْ وَمانْ أعْـلَى بَرّا أذَبْـذانْ أتّــزْلَـنْ ، ثَـقّـارَذ شَـكْ عَـمْـرو أورَتّـيزْغَــنْ . أتْـعَـوَذَنّـنَـغْ ييِـنّي أنْـزيكّ يَـنّاكّ أتّـاسَـنْـدْ سِـي يِخَـفْ أوّذْرارْأوفوغالْ أعْـلَى خاطَـرْ أقْـمي غاثَـحْـمَلْ ذي الْمَـشْتَى، يَـتّـفّـغْ أزّيسْ وَفّـرْ ألْبَلّوظ.ْ ثانْيَه يَنّـاكّ زيكّ إدْجَـنْ يَـكّ ذي يِدْجَـنْ أيّـفْري إخَـفْ أنْـفوغال أتْلاثَه نَـتْجَـعْـبابْ . إشْـتْ نَـتْـجَعْـبوبْـثْ ثَـفّـغْ سِي ثيـطْ نَـلْمَرْجِـيّثْ ذي وَغْـبالْ . إشْتْ ثَـفّـغْ سِي الرّكّاذة ، اشْتْ ثَـفّـغْ سِـلْكافْ أنّـي ذي صَـفْرو . ثانْيَه أتْـعَـوَذَنّـنَـغْ يِنّـي إقْـذِيمَـنْ ينّاكّ كُـلْ مَانيسْ غَـاثَـكّـرْ ألْـمَرْجَيّـثْ أتْـنَـكّارْ الرّكّاذة ، حَـمْـلَـنَتْ ذِيـدْجَـنْ ، أقْـمي غَـاثِـيلِـي ألْمَرْجِـيّثْ ثـُوزَغْ ، أتّـيلِـي الرّكّـاذة أطـّـطّـسْ . رونزيـــو ـــ ص : 156 / 157
أغاني الحب ( نص أمازيغي )
باسم الله أنظم شعرا موزونا أمدح فيه النســاء الحسنــاوات مـامة * ..!ماذا فعلت بالخدود حتى غدت مُـتوهّجة لم أفعل بها شيئا، إلهي هو الذي أحسن خلقها الهي .. لاأريد أن أموت هكذا ضــائـعــا أمِـتْـني ..بين أحضان صاحبة الرّمش الأسود إلهي .. لا تُـمِتْـني بالطريق المُغـْـبر أمِـتـنِي بأحضان مــامة بنت الحاج النص باللغة الأمازيغية لبـــســم اللــّه أذ ِ إنـــيـغ أَلْــــغـيـــوانْ إعَــــذ ْلَــــنْ أذِ نـِـــيــــغْ خَـــثـْـسَــــذ نـانْ ثِـــيــــنْ إصـَــــبْــحَـــنْ مــامــــة ! مَــا يَــنْ ثَــكّـــيـــذ إلَـــخـْــد ودْ إرَقـّــــنْ أورْ ذاسَـنْ أكّــيـغْ شـْــرَا أذ ْ رَبـّـي آيْـثـَـنْ إخَـلـْـقَــنْ رَبّــي أورْ ذِي أثـْــنـَـقّ ألْــمَـــوْثْ أمَـــنـّـي بَــا طَـــلْ أنـْــغـَــيّـي ذ ُكّـحْــشُـــوشْ نَــتـْـبَـرْكـا نْـتْ أَ وّابَـــلْ أ رَبّــي أورْذِي أثـْــنـَــقـّـــذ ذ ُكّــبْـريـــذ ْ الـّــعْــجَــاجْ أنـْـغـَـيّـي ذ َكّــحْـشـُــوشْ أنْ مـامَـة وَلـْــتْ الْـــحَــاجْ رونزيو - ص : 199 / 200 هامش: عاش القبطان والمترجم الفرنسي "رونزيو" في الغرب الجزائري ، ثم انتقل إلى الشرق المغربي في الفترة الممتدة بين النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، أتقن اللغتين العربية والأمازيغية، فألف كتابا طبعه سنة 1932 م بمدينة باريس، خصه بدراسة دقيقة لأمازيغية الجهة الشمالية للمملكة المغربية ، الريف ، صنهاجة السراير ، بنو يزناسن . دقق الكاتب في مميزات لغة كل منطقة، نحوا وصرفا وإملاء، مع إجراء مقارنات مهمة جدا بينها، ثم أورد أخبارا عن كل جهة، حكاياتها، أمثالها، أشعارها، ونوادرها. كتب كل هذا باللغة الأمازيغية، بالخط اللاتيني ، مترجما إلى الفرنسية. المنشور أعلاه نصوص شعرية، عبارة عن ثنائيات متجانسة، أوردها صاحب الكتاب تحت عنوان: "أغاني الحب" أو"أغاني العشق" CHANTS D'AMOUR، وهي نصوص لا يُعرف أصحابها ، تدخل ضمن المنظوم الشعبي الجماعي (المترجم). * مامة : اسم علم للمرأة مستعمل بكثرة لدى قبائل بني يزناسن، والإسم معروف لدى العرب قديما.
الهـــا تــــف
ضربت المجاعة البلد... وتعطل كل شيء ... هزلت الأجسام ... شحبت الوجوه ... وفكر الجميع في الهجـرة ... الهجرة في اتجاه الغرب ... أو الشرق ... من هناك ترد بعض الأخبار السارة ... فالناس هناك يجدون بعض القوت ... ولايموتون جوعا ... وقد يصادفون أكثر من ذلك . غادر" بورعدة " القرية ، رفقة بعض أقاربه في اتجاه الشرق ... وقد تعدى العشرين من عمره ... وفقد والده منذ زمن ... ترك والدته وإخوته ... قرر ذلك لأن جل أقرانه غادروا المنطقة ... ولا يريد أن يموت جوعا ، وتموت معه عائلته .... حمل آمال الجميع ... تخطى الحدود التي لايحرسها أحد ... وذهب بعيدا ... استقر الفتية في مسكن أجّروه وسط حيّ شعبي ، تتوسطه ساحة دائرية ... تحيط بها بعض المقاهي الشعبية ... الغاصة بالرواد ...وبعض الدكاكبن التي توفر سلعا لقاطني الحي ... يقطع الساحة جيئة وذهابا " فُتُوّات " يخطون أرضيتها بعصيهم ... مستعدين لإشعال حرب في أي وقت ... ولأتفه الأسباب ... كان لابد للجماعة أن تبحث عن عمل لتوفر قوت يومها ... ولتحقيق ذلك ، كان ينبغي أن تخرج خارج المدينة ... وتلتحق بضيعات المعمرين ... لتعمل حسب المواسم ... في الحرث ... والحصاد ... وقطف العنب ... ورعي الماعز والأغنام ... وحتى الخنازير ... انخرط "بورعدة " في العمل ... وأصبح يحصل على بعض الفرنكات، التي كانت شيئا عظيما بالنسبة له ... وهو الذي كان يشتاق إلى رؤية الفرنك في بلده ... بدأ عمله جادا وحازما ... كان يفكر في جمع بعض المال ، والعودة إلى والدته ... وإخوته ... وبلده ... كان يحس بحالهم ، ويتألم لوضعهم ... وهو ما عبر عنه مرارا لأقاربه ... إلا أن الأمر لم يستمر كذلك... وجرت الرياح بما لا تشتهي السفـن ... فقد انغمس " بورعدة " في حياة جديدة ... واستطاب جو الحي وأهله... يتنقل من مقهى إلى مقهى .. يتلذذ بأغاني الشيخ " حمادة " و " المدني " ... والشيخة " الرميتي " ... الأغاني التي دوخت يومها أجيالا بكاملها ... يتنقل بين بعض دور الحي ليلا ... للسهـر والعربدة ... يجر عصاه خلفه ، ويخط بها في الأزقة ، مُلوّحا بإشعال حرب " عالمية " أذا لم تُلبّ رغباته وطلباته ... وَضْعٌ غير مجرى حياته ... وأنساه البلد ومن فيه ... مرّ على مغادرته القرية ، أكثرمن خمس سنوات ... لم يعد إليها مطلقا ... وحتى الأخبار التي كانت نادرا ما تصل ... انقطعت ... عانت والدته ... وجاهد ت ... وتجرعت العلقم ، من أجل المحافظة على حياة إخوته ... تنقلت بين الدور مستجدية ... وبعد أن تحسن الوضع قليلا ، اشتغلت في الفلاحة ... وتنقلت بين أسواق المنطقة تبيع لا شيء ... علّها تحصل على شيء ، تسد به رمقها ، ورمق أبنائها ... تتنقل بين السهل والجبل ... تصارع الزمن ... وتتأرجح بين الحياة والموت ... طالت الفرقة ... واشتاقت الأم لإبنها ... بكت كثيرا ... واشتكت لجاراتها حرقة كبدها ... كانت ، كلما سمعت بعودة " مُشرِّق " إلى قريته ... سارعت إلى ملاقاته ... مستفسرة عن إبنها ... عله يحمل خبرا يطفئ حرقتها ... ويطمئن قلبها ... فهي لاتدري ... أحيٌّ هو أم ميِّت ... وكلما مر يوم ... ازدادت أحزانها وآلامها ... وتعاظمت ... خرجت ذات أمسية من دارها ... اعتلت مرتفعا ، واقتعدت صخرة ... استقبلت المشرق بكل جسمها النحيف المقوس ... وضعت يدها اليمنى على أُذنها ... وأدارت جزءا منها إلى فمها ، وانطلقت منادية : ــ آآروَّحْ أبورعدااا... ــ آآروَّحْ أبورعدااا.... كرّرتها مرارا ... والدموع تنهمر من عينيها ... وعادت إلى منزلها ... استمرت على هذا الحال ، ثلاثة أيام ... وفي اليوم الرابع ، تسابق الصبية إليها وهم يصيحون : ــ عَّمي بورعدة جااا...واللّه إلاَ جااا... !! خرجت المسكينة تمشي على أربع ... وهي لاتصدق ما تسمع ... والتفـّت حولها نساء القرية ... أطلقت عينيها مع الطريق الملتوية .. التقطت شبحا قادما ــ فقد ضعف البصر ... وقلت الرؤية ــ لكنه هو ...... لقد رأته بقلبها ..... ـــ من مجموعتي القصصية : طبيبــــة القــرية
في الطريق إلى المدرسة
مع بزوغ خيوط الفجر الأولى، يستقل علي دراجته الهوائية، في اتجاه المدرسة، التي ستستقبله بعد التهام مسافة تفوق عقدا من الكيلومترات. كانت الدراجة في ملك والده، يتنقل بها بين الدوار ومقر عمله، كانت أطول من ساقي ” علي ” القصيرتين النحيفتين، تصرف والده تصرف الميكانيكي، فركس كرسيها ومقودها إلى أسفل. ومع ذلك كان ركوبها متعِـبا ومُضنيا . تآكلت ساقاه، وأصبح لايقوى على المشي، أسعفته والدته، ببعض الحناء، بعدما دقتها، وغربلتها بعناية. قدمتها له، وطلبت منه أن يذروها على المناطق الملتهبة، وانصرفت، لأنها تستحيي من ولدها.. كانت هذه الكلومترات يقطعها يوميا، ذهابا وإيابا، رفقة زمرة من أبناء قريته من مختلف الأعمار، وأثناء المسير كان يجد صعوبة في مجاراة سرعة تحركهم، يتناوبون على قيادة الكوكبة، يتباهون بذلك، ويسخرون من المتخلفين عنها. يعلو صهوة دراجته الهوائية كل صباح في عز أيام القر، يشق ” مَرْجات ” الطريق المتربة، وقد تحولت إلى كتل زجاجية، يشطرها قسمين، وتتفتت قطعا صغيرة تُحدث شقشقة، وتتناثر تحت عجلتي دراجته، يعجبه ذلك الصوت المتداخل المتناغم، رغم الألم الذي تحدثه قساوة البرد، وصعوبة اجتيازها دائما بسلام. داخل الفصل الدراسي، يفقد الإحساس بوجود أصابع يده، يهم بها ليحركها، فلا تستجيب، يحشوها داخل مباذله المبللة، يلتمس بعض حرارة جسده، فلا يشعر بها، يخرجها ثانية، يلصقها ببعضها، ويفركها بقوة، لاشيء يتغير. يقسو عليه المدرس حين يعاقبه لأنه لايقوى على الكتابة، ويقسو على آخرين مثله، كان يحتاج إلى نصف ساعة أو أكثر، حتى تعود الحياة إلى أصابعه ” تتنمل ” شيئا فشيئا، وتنتابه رغبة قاتلة في حكها على الطاولة، أو على جدار الفصل الدراسي.. لايقدر على فعل ذلك، لأن عيني المدرس شرسة لا تسهو ولاتنام . يخرج إلى الضاحية، غير بعيد من المدرسة، وقد أنهى الفترة الدراسية الصباحية ــ تجاوزا ــ ، ليركن جسده النحيل إلى ” السدرة الكبرى ” التي تقيه بعض شر البرد القارس، وقد اعتاد أن يتخذ منها مطعما في العراء، كما هو شأن العديد من رفقته. فتح ” زوادته ” التي لاتفارق مقود دراجته الهوائية ــ خاطتها والدته من قطعة ثوب خلق،احتفظت به لهذا الغرض ــ، أخرج قطعة خبز أنهكها القر، وبيضة مسلوقة كاد محتواها أن يتجمد، يلوكها بين أسنانه، وتأبى أن تتمزق، كأنه يمضغ قطعة جلد بقرة عجوز، ينهي العملية بمشقة، ويحس كأنه قد تنـاول ” وجبة غذاء ” كما يتناولها الغير. بالكيلوميتر 5، وهو عائد إلى منزله بعد انقضاء اليوم الدراسي، أوقفه الدرك وكانت رؤيتهم، كافية لأن تزرع الذعر في النفوس، والضعف والهوان بالمفاصل ، والخرص بالألسن. سأله الدركي في جفاء عن أشياء، يعلم أنها غير موجودة ــ الإضاءة، لوحة الترقيم، الواقي من الوحل…. ــ فمُلاك هذه الآليات يومها، لايقدرون على توفير أي من هذه التجهيزات، أزبد الدركي وأرعد، سب وشتم، ومد يده إلى العجلتين، أفرغهما من الهواء، دفع بالدراجة وصاحبها إلى الأرض بعنف. انتفض علي مذعورا، جذب دراجته بكلتي يديه، جرجرها، واصل طريقه مشيا على الأقدام، وهو يرتعد من شدة الخوف والبرد، يسرع الخطى عله يصل إلى الدوار قبل أن يدركه الليل…. عن موقع ثقافات
كان يا ما كان
خرج “ لفقير صالح “ كعادته إلى فضائه المفضل ، وهو يتكئ على عكازه الذي أصبح لايفارقه … لقد بلغ الثمانين من عمره ، أو تجاوزها بقليل … يستهويه الجلوس تحت شجرة “ الخروب “ الضاربة في القدم .. غلظ جذعها وتجذر ، وتفرعت أغصانها ، علت وتشابكت ، حتى غدت تشبه مظلة عملاقة ، تظلل ما حولها ، وتريح قاصدها … لقد ألفها وألفته … تمدد أمام جذعها ، بعدما أعاد شد عمامته الصفراء بإحكام ، وتفقد وضع عباءته ، وجمع نعليه إليه ووضعهما تحت رأسه ، ومد يده إلى إبريق الماء فأحكم إغلاقه … سرح بعينيه قليلا “ رغم ضعف بصره “ فجال بهما بين ساقية الماء المارة أمامه ، والعرصات المحيطة به ، بخضرتها اليانعة ، وأشجارها الباسقة ، وخيراتها الوفيرة … رمى بناظريه بعيدا .. تخيل البحر الذي كان يرى زرقة مائه من قبل ، وينتشي بذلك الشفق الأزرق الذي يعانق اليابسة بلونها البني الداكن .. يشعر بالغبطة أحيانا وهو يداعب دجيجاته ، وهي تقوقئ أمامه ، وكلبه الرابض على يساره ، وهو يبصبص بذنبه .. وزقزقات الطيور وهي تتنقل من شجرة إلى أخرى ، وطنين بعض مخلوقات الله الجميلة حوله … لكنه يشعر بالانزعاج أخرى ، حين لاتحترمه الدجاجات ولا تُوقّره ، ويتمادى كلبه في النباح والعويل ، وتعتدي عليه بعض الحشرات التي تسعى لإذايته ، وهو يهش عليها وينشها … استلذ المقام مع نسمات الهواء الباردة التي تصله من البحر ، وسافر بذاكرته الى الوراء ، منقبا ونابشا في زخم ذكريات ، كادت تغور وتنتهي .. تذكر … يوم صحبه عمه وهو لايزال غضا ، رفقة بعض شباب القرية المفعم بالقوة والفتوة والحيوية إلى “ عين تموشنت “ بالجزائر ، للعمل في ضيعات المعمرين … حيث قطعوا جل المسافة مشيا على الأقدام …. الإصطبل الذي كُبكِبوا فيه .. فيه يأكلون .. ويشربون .. وينامون .. ويستحمون ، وأحيانا يسهرون ويمرحون … قساوة العمل .. وفظاعة الإستغلال .. وشماتة الغير … المناوشات والاصطدامات التي لاتهدأ …. تذكر “ خيرة العباسية “ البنت الجميلة التي أحبها حبا شديدا .. كاد أن يتزوج بها ، لولا لطف الله .. وقد امتهنت الرقص فيما بعد ، بإحدى فرق شيوخ المنطقة … تذكر “ قدور البوسعادي “ الذي شج رأسه ، وأساح دمه ، بعدما ضربه بقطعة آجر حين قال له : “ ولّي لبْلادك ألْمرّوكي الْخانزْ “ ,,, غاص في ذكريات عمرت طويلا … وشغلت حيزا كبيرا من حياته .. ينتقل من واحدة إلى أخرى .. يتذكر … ثم يتذكر … وهو يردد بصوت خافت .. كان ياما كان … كان يا ما كان ….. عن موقع factiniraq.com
ثــَـلـَـفــْــسى أذْ ثــيدّا - الأفعى والعلقة
الأفعــى والعــلقة : قالت الأفــعى ذات يوم للــعلقة . ناشـدتك اللــه ، أجيبينــي عن هـذه المســألة . نحن ـ الاثنتين ـ نلسع النــاس ، ولست أدري لمــاذا يبحث الناس عنك كثيـرا ، وأنـا يفـرون منـي ، قالت لـها العلـقة . لأن لسعتي أنا تشفي الناس ، ولسعــتك أنت تمــيت . ثــَـلـَـفــْــسى أذْ ثــيدّا : ثـَنــّى أثـْلفْسـى إدْجْ أوّاسْ اثيدّا . ذيــمْ رَبـّي جاوْبَــيـي خَثمَسْلايْثْ أونـينْ ؛ نتْشـينْ أسْنـايَنْ أنقـَرّصْ ميـدّ نْ ؛ أورَسّـينَغْ مـاهْ شَـمْ رَزّونْ أخـّـمْ مـيدّن أقْبالا ، نَتشْ رُكـْـلَنْ أزّي .ـــ ثنـّـاسْ ثــيدّا . أعْلى خـاطَرْ نتْشْ ألـْقـَـرْصَثْ اينـُو ثـَسـْـيَـنـْفى مــيدّنْ ، شـَـمْ ألـْقـرْصَثْ أنـّـمْ أثـــْنــَــقْ . المصدر : " رونيزيو Renisio " الصادر سنة 1932
سيرة جيل ومكان
مقطع من شريط...1 كانت عين الركّادة مع خمسينات القرن العشرين يؤثثها " دكان أمحمد أقدار " بني على الجهة الجنوبية من العين والطريق الرئيسية ، رجل يقارب سن السبعين ، يرتدي جلبابا صوفيا يزناسنيا ، ويعصب رأسه بعمامة نقية ناصعة البياض .اختار الإقامة بدكانه ، حيث غادر الدوار بعد وفاة زوجته في أربعينات القرن العشرين ، يبيع بعض حاجيات قاصديه ، من زيت وسكر وشاي وقهوة وشمع ... كان نشيطا رغم كبر سنه ، يتنقل بين العين ودكانه ، ويهيئ طعامه بنظام ، ويعتني بحديقته التي تزينها نخلة متوسطة العلو ، فيزرع تحتها بعض الخضر ، والنعناع ، يحرس حديقته ، ويدافع عن شجرة التين التي تربض يسار الدكان ، تجود بغلتها ، وظلالها في فصل الصيف . علق الاستعمار الفرنسي هاتفا بداخل الدكان على حائطه الشرقي ، غالبا ما كان يستعمله المعمر مورلو للاتصال بالمصالح الفرنسية ببركان ووجدة ، كان أحمد رفقة زملائه يتلصصون من الباب على مشاهدة هذه الآلة ، التي كانت عبارة عن قطعة حديدية أو خشبية معلقة على الحائط ، يتقدمها ما يشبه الميكروفون الحالي ، يقرب الشخص فمه منها وهو يتحدث ، وعلقت على جانبها الأيسر قطعة دائرية الشكل يأخذها المتحدث ويضعها على أذنه ، لقد كان الهاتف بالنسبة لهم من أعاجيب العصر . على الجانب الشرقي للدكان ، يوجد المقهى ، وهو عبارة عن غرفة متوسطة الحــجم يؤمها شباب عين الركّادة ، بعد الانتهاء من العمل المضني ، وكذا بعد التسوق يوم الثلاثاء . كانت المقهى تعج بالرواد ، يجتمعون على لعب الورق ، فيكثر الضجيج والصخب ، يختلط فيه الضحك والفكاهة ، بالسب والشتم والمشاداة . على يسار الطريق المؤدية إلى دوار " إينعار " شمال العين يوجد دكان ثان ، لصاحبه " بوزيان ولد الحاج ابراهيم الينعوري " ، كان شابا ، جميل المظهر والمنظر ، تبدو عليه آثار النعمة ، مرحا بشوشا يبيع بعض متطلبات ساكنة الجهة ، ويتجمع لديه زمرة من الأصدقاء غالبا في الأماسي ، من عمال ضيعة مورلو، يتقدمهم أحمد الشافعي " كوميس " الضيعة ، وإلى يمين الباب ، كان " السي أمْحمّد الينعوري" يزاول مهنة الحلاقة للصبيان والكبار ، ولم تكن أدوات عمله تتعدى كرسيا متواضعا ،ومقصا ومشطـا ،وقطعة ثوب يعلقها على عنق الزبون ، كما تعلق لفائف الكتان بالولي الصالح " سيدي بوصبر" كان " السي أمحمد " ضعيف البنية ، متوسط القامة ، حافظا لكتاب الله ، صبورا متخلقا ، قليل الكلام ، وإن تكلم ففي أدب ، لايعادي أحدا ، يدعو إلى عمل الخير ويدل عليه ، كان محبوبا لدى الناس ، بفضل الوقار الذي يجلل محياه ، رجل ثقة وخير ....... يتــــبع ......................................................... مقطع من شريط ...2 استقل المغرب عام 1956 فكان عهدا جديدا بالنسبة للساكنة ، التي عبرت عن فرحتها وبهجتها ، وكلها أمل في عهد يفيض بالخير والبركات . استيقظ الناس على شيء اسمه تدريس الأبناء في مؤسسات التعليم العمومي ، هذا التدريس الذي كان حكرا على المستعمر الفرنسي ، وأبناء الأعيان ، ومن يسير في فلكه . هب الآباء ذات صباح من صباحات شهر أكتوبر رفقة أبنائهم ، من مختلف الأعمـار ، واحتشــدوا أمام العين ، كان أحمد رفقة أخيه " يحي " الذي يكبره بسنتين ، رفقة والدهما من بين المحتشدين ، إلى جانب أبناء العمومة والخؤولة ، والجيران ، احتشدوا من كل دوار ، إنها رغبة الآباء في تعليم أبنائهم ، وتعويض ما فات من حظوظ التعليم بالنسبة لهم ، ولأبناء جيلهم . تكرم المعمر " شقرون " بسكن يتكون من غرفة ، ومطبخ ، يقع إلى الجهة الغربية من العين ، ويطل عليها ، ويدخل ضمن محيط ضيعته ، من الجهة الشرقية ، كدست به بعض المقاعد الخشبية المستعملة ، جيء بها من متلاشيات مؤسسات أبناء المعمرين من مدينة أبركان . اقتعدها التلاميذ في زحمة ، بمعدل أربعة تلاميذ إلى خمسة في كل مقعد، التصق أحمد رفقة أخيه واثنين من أبناء الدوار بأحدها . كان الدخول لأول مرة إلى القسم ، بعد حضور المعلم " السي عبدالرحمان " القادم من مدينة أبركان ، نظم وقوف التلاميذ على شكل صف مقابل الباب ، وأمرهم بالدخول الواحد تلو الآخر ، وقف التلميذ الخامس حين وصل إلى الباب ، خلع نعليه ، وتقدم إلى الداخل حافي القدمين ، أوقفه المعلم بطريقة هادئة ، وأمره بأن ينتعل نعليه ، موضحا أن خلع النعال يتم أثناء الدخول إلى المساجد . فرح الجميع بهذا الفتح العظيم ، التحاق الأبناء بالدراسة ، رغم اكتظاظ الفصل الدراسي وضيقه ، وغياب أدوات الدراسة والتعليم . كان جل محافظ التلاميذ مخيطة من قطع الثياب البالية ، تحمل دفترا ولوحا ، وريشة ، وبعض الخبز الذي يتناوله التلاميذ أثناء فترة الاستراحة . كانت الفترة الدراسية تمتد من الساعة السابعة صباحا إلى غاية الواحدة بعد الظهر ، يتخللها بعض الوقت للاستراحة ، ويتذكر أحمد أنه في اليوم الأول من الدراسة حين أخرجهم المعلم للاستراحة ، أمسك بيد أخيه وسارا معا في اتجاه الجنوب ، قاصدين الدوار ، إلا أن أحد التلاميذ التحق بهما بأمر من المعلم وطلب منهما العودة ، لإتمام الفترة الدراسية التي لم تنته بعد . كان التلاميذ يتنقلون جماعات وفرادى من الدواوير في اتجاه المدرسة ، وعندما يتكاثر عددهم ، يُـرون من بعيد متتابعين كما يتتابع قطيع الماشية في سيره ، يثيرون النقع ، ويحثون الخطى للالتحاق بمنازلهم . أمام امتلاء الفصل الدراسي بالتلاميذ ، وعدم قدرته على احتوائهم ، وتباعد سن التلاميذ حيث يصل الفارق عند البعض إلى خمس سنوات ، فكر المسؤولون ، في تقسيم الفصل إلى فوجين : فوج الصباح ، وفوج المساء ، واستقدموا معلما ثانيا هو " السي إدريس " الذي كان يقطن بمدينة وجدة ....... يتبع ......................................................... مقطع من شـــريط .... 3 ..... كان أحمد في سن التاسعة ، وإلى جانبه مجموعة من أبناء عين الركّادة في نفس السن ، عدا قلة منهم تلك التي تجاوزت هذه السن بقليل ، كانوا يتنقلون إلى مدرستهم الأولى مشيا على الأقدام ، يجتمعون إليها من الدواوبر التي تحيط بها ، يغدون ويروحون ، جماعات جماعات ، يُشاهَدون من طرف أوليائهم من بعيد ، وهم يتنقلون عبر الطرق الموصلة إلى منازلهم ، يرافقون ذويهم ، وجيرانهم ، حيث كان الكل في خدمتهم ، والطرقات ملأى دائما بالمارة ، خالية من العربات التي تهدد حياتهم ، فلم يكونوا يشعرون بالخوف أو الهلع ، يتنقلون في نشوة وفرح . انتقلوا للدراسة بأبركان ، وكانوا جميعهم يمتطون الدراجات الهوائية ، كانت لأوليائهم ، وحولت إليهم ، حبا في تدريس الأبناء . كان جل التلاميذ يسلكون طريقا واحدة ، ونادرا ما يغيرونها ، إلا إذا وجدت ظروف تستوجب ذلك ، كانت عين الركّادة هي نقطة التجمع والانطلاق ، ومنها تبدأ رحلة الطريق المعبدة ، التي توصل إلى مدينة أبركان . تبدأ رحلة العشرة كيلومترات ، في سباق مع الزمن ، وإثبات التلميذ القدرة على قطع هذه المسافة ، والبرهنة على الرغبة في الدراسة . كان التلاميذ وهم على شكل كوكبات متتابعة ، ينعطفون يسارا ، وهم يطلون على المدينة ، عند كدية " البارودي " طريق متربة ، تمر وسط أراض فلاحية ، في أحد جنباتها اليسرى ، يمتد حقل من الكروم ، الذي لازال يحافظ على خضرته ، وهم يقتربون من " الطحطاحة " يستقبلهم مطرح للأزبال والنفايات ، بنيت إلى جانبه بعض الدور البسيطة الواطئة ، في مساحة كبيرة ، كثيرة الأوساخ ، كان هذا التجمع السكاني يعرف لدى الساكنة ب " فيلاج قلوج " . " الطحطاحة " مساحة واسعة وفارغة ، تحيط بها من جانبيها الغربي والجنوبي بعض الدكاكين ، التي تبيع المواد الغذائية ، وبعض الخضر التي تنتج بالمناطق الجبلية الجنوبية ، يعرضها أصحابها بين الفينة والأخرى في وسطها ، أو على جنباتها . يقبع بأحد دكاكينها ، " السي بوسيف السكليست " مصلح الدراجات الهوائية ، رجل في مقتبل العمر ، يعمل بجد ، سريع الحركة ، يؤدي عمله بحيوية ونشاط ، لم يعمر طويلا في هذه المهنة ، حيث أصبح شرطيا بالأمن الوطني . موازاة مع الجانب الغربي للطحطاحة ، تمتد طلوعا زنقة راس فوغال ، وسط حي " لكّرابة " الشعبي ، وغير بعيد منها تقع مدرسة النهضة الحرة ، ببابين ، واحدة للمدير ، وأخرى للتلاميذ . كانت دارا للسكنى ، كبيرة المساحة ، تتوسطها ساحة واسعة ، وتحيط بها مجموعة من الحجرات ، حولت إلى أقسام للدراسة ، وزع عليها التلاميذ ، ابتداء من المستوى الأول إلى المستوى الخامس . مدرسة ضمت أعدادا كبيرة من أبناء المدينة ، ومن تلاميذ الدواوير المحيطة بها ، فكانت بمثابة هيئة الأمم المتحدة ، التي تضم ممثلين عن سكان الكرة الأرضية . يدير المدرسة " السي البخاري الطائف البكاوي " ، رجل قصير القامة ، نحيف الجسم ، يرتدي بذلا يتناوب على لبسها ، متنوعة الألوان ، ويضع على رأسه " طربوشا تونسيا " أحمر اللون ، تتدلى منه حزمة خيوط سوداء تزينه ، تتحرك يمنة ويسرة ، وهو يقطع ساحة المدرسة جيئة وذهابا . كان السي البخاري مديرا طيبا في معاملاته ، نشيطا في تحركاته ، بشوش المحيا ، خفيف الروح ، يتنقل من قسم إلى آخر يتفقد عمل المدرسين ، ويساعدهم على إنجاز أعمالهم في أحسن الظروف . يراقب تحركات التلاميذ ، وينظم عملية دخولهم وخروجهم من الأقسام . كان بطبعه ميالا إلى النكتة ، وروح الفكاهة ، في جل تدخلاته ، وكان كلما اقترب الشهر الدراسي من نهايته ، يمر بالأقسام واحدا واحدا ، وكلما شاهده التلاميذ مقبلا عليهم ، وهو مبتسم أدركوا قصده ، وقبل الولوج إلى الفصل ، كان يردد باستمرار لازمة أخذها من العروض العربي : " مستفعلن فاعلن مستفعلن .... " ويُـتـْبعها بضحكة متقطعة ، لطيفة طيبة ، ويقول : " جبتو الواجب الشهري ... ؟ الشهر راه أكمل .... " كانت المدرسة تنفتح جهة الغرب ، عبر ممر ضيق ، على أرض خلاء مملوءة بأشجار السدر ، يؤثثها شريط من التين الشوكي المتشابك ، عبر مسافة متوسطة الطول ، كان الفضاء مكانا لاستراحة التلاميذ في الفترة الصباحية ، ومكانا " للتبول " ، يحيطون بالمكان من كل جهة رغم وجود أماكن النظافة بالمدرسة ، إلا أن الطبع غلب التطبع ، فجل التلاميذ قدموا من الدواوير المحيطة بالمدينة . كان التلاميذ يتكدسون بالأقسام الدراسية ، بمعدل أربعة تلاميذ بالمقعد الواحد ، وكان أحمد كبقية رفقائه يجدون صعوبة أثناء الكتابة ، تلتقي المرافق وتتدافع فيما بينها ، وتهتز الأيدي ، وتنحرف الكتابة عن مسراها الطبيعي ، وتحدُث بعض المناوشات بينهم ، مما يستدعي تدخل المعلم الذي ينزل بالتلاميذ أشد العقاب ..... يتـــبع ص : 24/25/26/27/28 ......................................................... مقطــع من شــريط ... 4 انتقل أحمد وجل مجموعة فصله إلى القسم الرابع ، ذكورا وإناثا ، ولم يتخلف أحد من الناجحين ، عدا إحدى التلميذات كانت تقريبا في سن السادسة عشرة من عمرها ، فائقة الجمال ، ذات شعر أسود فاحم ، قص من مقدمته ، أنيقة في لبسها ، لطيفة في تعاملها مع التلاميذ ، مجدة ومجتهدة في عملها . تساءل التلاميذ عن سبب غيابها ، وسرت وشوشة تفيد بأنها قد تزوجت بأحد مدرسي المدرسة ، تأسف الجميع رغم صغر سنهم ، وهم يقارنون سنها بسن من تزوجها ، حيث تجاوز الثلاثين من عمره . من بين المعلمين الذين تركوا أثرا طيبا في نفس أحمد وزملائه ، المعلم " السي عبدالقادر " كان جزائريا من بين الذين دخلوا إلى مدينة أبركان بعد قيام الثورة الجزائرية سنة 1954 ، كان طويل القامة ، وسيما في مظهره ، غالبا ما يظهر ببذلته السوداء ، وربطة عنقه التي تزين هندامه ، بدأه الصلع ، وقد أكل جزءا من مقدمة رأسه . كان مدرسا للغة العربية ، منظما في عمله ، متحكما في ضبط جو الفصل الدراسي ، فارضا لهيبته ، متمكنا من مادته ، يحترمه الجميع دون استخدام العصا ، إلا نادرا . استفاد أحمد وزملاؤه منه كثيرا ، وتقوت لغتهم ، بقواعدها وتعابيرها وأساليبها ، وعوضوا الكثير مما ضاع منهم من قبل . فكر " السي البخاري " في إيجاد معلم للتربية البدنية ، فهي مادة مهمة كما كان يقول ــ تقوي العضلات ، وتهذب النفس ، وتنشط الفكر ، وتساعد على التعلم الجيد ــ . أحضر مدرسا من مدينة وجدة هو " السي الحسين " كان رغم صغر سنه الذي يقارب الثلاثين ، يبدو وكأنه تجاوز الخمسين ، متوسط القامة ، نحيل الجسم ، مقوس الظهر والكتفين ، كثير الكلام . لم تكن المدرسة تتوفر على ساحة لممارسة الأنشطة الرياضية ، وكان " السي الحسين " تابعا لمندوبية الشبيبة والرياضة ، فاختار الملعب البلدي للمدينة ، لممارسة هذه الأنشطة . كان أحمد يصطف رفقة زملاء القسم ، ويتوجهون من المدرسة إلى الملعب مشيا على الأقدام ـ وكان هذا جزءا من الرياضة ــ وبالملعب البلدي كان " السي الحسين " يركز على اللف والدوران حول محيط الملعب ، في كل مرة يحدد عددا من الدورات ، يقطعها التلاميذ متتابعين وهم يلهثون ، وقد تدلت ألسنتهم ، نظرا لصغر سنهم ، في الوقت الذي يستلقي فيه تحت ظل شجرة ، يراقبهم من بعيد . كانت التربية البدنية بالنسبة " للسي الحسين " هي الإجهاد والمبالغة في كل شيء ، وكان يردد باستمرار ، " سأصنع منكم أبطالا في رياضة الجري " ، وكان بين الحين والآخر يرمي إليهم بكرة اليد ، لإجراء مقابلة في كرة القدم . ينشطر التلاميذ إلى شطرين ، وينطلقون راكضين مهرولين ، دون رقيب ولا موجه ، لايعرفون أي شيء عن قانون اللعبة ، ولايتوقفون عن اللعب حتى يحسوا بأن قلوبهم كادت أن تتوقف عن النبض . جلس إليهم ذات مرة ، وهم قعود على شكلٍ دائري ، وقد جلس أحمد في المقدمة ، وأخذ يقص عليهم تفاصيل الحادثة التي تعرض لها قائلا: كنت سائرا في الطريق ، وأنا راكب على دراجتي الهوائية ، وفجأة صدمتني حافلة قادمة من الطرف المقابل ، سقطت أرضا أمام عجلتها الأمامية ، وهي مقبلة نحوي ، حاولت أن أتدحرج بعيدا عنها ، إلا أنها زاحمتني ، ورأيتها تقترب من صدري ، ولما كنت رياضيا ، نفخت صدري ، وملأته بالهواء ، وحبست الأنفاس ، مرت العجلة فوق صدري، وبعد ذلك ، أفرغت صدري من الهواء وانتفضت واقفا . .... يتـــبع ص : 30/31/32 ......................................................... مقطع من شريط ..... 5 تقع المدرسة إلى يمين الفندق غير بعيدة منه ، يقابلها من جهة الشرق الباب الغربي ، وحديقته ، وتطل على أرض خلاء محاطة بسور ، تتوسط طـرقا تـؤدي إلى باب سيدي عبدالوهاب ووادي الناشف ، وسيدي يحي وشارع محمد الخامس . مدرسة بناها الوطنيون ، بمساعدات إحسانية من المدينـة وخارجـها ، ففي شهر أكتوبر من سـنة 1961 كان بناء بعض المرافق لم يكتمل بعد، حيث كانت الأشغال قائمة في تهيئة ساحة المدرسة ، واستغرق ذلك فترة طويلة من السنة الدراسية . كان الحفر مستمرا خصوصا في الجهة المواجهة للمدرسة ، حيث تنتصب شجرة " بطم " بشموخ ، تجثم على الزاوية الخلفية للساحة ، وتغطي مساحة مهمة منها . كان العمال بين الحين والآخر يستخرجون بقايا هياكل عظمية آدمية ، وهم يحاولون تسوية الأرض ، وإصلاح ساحة المدرسة ، التي بنيت على أنقاض مقبرة منسية ، توقف الدفن بها منذ أمد بعيد ، وكان التلاميذ يسمون مدرستهم " مدرسة القبور " كانت هذه العظام تـُجْـمع وتوضع تحت الشجرة الضخمة لتنقل إلى مقبرة أخرى . كان أحمد كباقي التلاميذ يجتمعون في فترة الاستراحة حول هذه العظام والجماجم ينظرون إليها في خوف وارتياب ، والعمال منهمكون في عملهم بصورة عادية ومعتادة . كان يتخيل وهو يتنقل وسط المدرسة ، كأنه يطأ أجسادا آدمية ، يؤذيها وهي تئن تحت قدميه كما علمه فقيه الدوار ، فاحترام الأموات واجب مقدس ، ويتذكر جيدا أنه عندما كان يزور مقبرة " سيدي رحمون " رفقة والدته لزيارة أبنائها الخمسة المدفونين بها ، إلى جانب الأجداد والأعمام والأخوال ، والجيران ، كانا يسيران جنب القبور ، ولا يُـنزلان أقدامهما على أية مقبرة ، وأمه تتمتم وتدعو للأموات بالمغفرة . لكـنـه واقـع مفروض ، وعلى أحـمد أن ينسجـم مع الجـو العــام ، ومعوضعية المؤسسة وتلاميذها ، يتحرك وسط الساحة ، ويزاول حصص التربية البدنية فوقها ، فأصبحت الأمور عادية مع توالي الأيام . ....... يتبع ص : 59/60/61 ......................................................... مقطع من شريط ..... 6 عامل السي عبدالرحمان تلاميذه معاملة الأب لأبنائه ، يخاطبهم في هدوء يحضنهم ويتقرب إليهم ، بعيدا عن العنف أو التعنيف ، أحبه التلاميذ ، واطمأنوا إليه ، وحبب إليهم المدرسة ، التي جاءت على أنقاض " الجوامع " التي كانت عبارة عن مخافر للشرطة ، يتمنى الصبي أحيانا أن يلقى وسط لهيب نار ، بدل دخول واحد منها ، والجلوس أمام فقيهها الذي كان عبارة عن جلاد للجميع . يتذكر أحمد في بدايات التحاقه " بجامع إقدارن " الذي يوجد على بعد حوالي 200 متر من دواره ، وكان الفقيه " المشارط " به هو " السي البشير الوشاني " ، وكانت لعائلته قرابة مصاهرة معه ، فبعد مفاوضات عسيرة مع أحمد ، أقنعوه بالالتحاق بالجامع لحفظ بعض سور القرآن الكريم . في اليوم الأول ، وجد الفقيه جالسا القرفصاء ، بيده عمود طويل لين ، عندما يحركه ويهش به على الصبية يميل ذات اليمين وذات الشمال ، يحدث صوتا كصوت الرياح العاتية ، يرفع صوته بين الحين والآخر ، يسب ويشتم ، والصبية يقرأون جماعة ، يحدثون أصواتا كطنين النحل أو الذباب ، ويكرر في كل مرة ، باللغة الأمازيغية ، وبصوت مرتفع ومتشنج " أغْرَثْ أغْـرَغْ أخْـوَن " ( أقـْراوْ الله يَجْعَـل نَـقْـرا أعْـليكُمْ ) وفي كل مرة يهوي بعموده على أحد الصبية بكل ما يملك من قوة ، يعوي الصبي ويتألم ، ويتلوى من شدة الضربة .... وهو يصيخ السمع ، انتبه إلى قراءة أحد التلاميذ الجالس أمامه ، لاحظ ما لاحظ ، وهو العارف بما لاحظ ، انقض عليه بكلتي يديه ، جذبه إليه ، وأشبعه ضربا ولطما وعضا ، فبدا الصبي كفريسة وقعت بين فكي ومخالب نمر يحاول أن يمزقها ، وقد عم الخوف والرعب بقية الصبية ، وهم ينتظرون انقضاض الفقيه عليهم . أخرج الفقيه الصبية لاستراحة الصباح ، قبل العودة لمواصلة فترة الضحى ، ابتعد أحمد قليلا عن جدار " الجامع " ، رمى بعينيه ناحية الدوار، وأطلق ساقيه للريح ، يجري بسرعة البرق، فارا ونائيا بنفسه. ......................................................... مقطع من شريط ..... 7 كان أحمد يركن دراجته رفقة كل التلاميذ القادمين من البادية ، بمسكن قريب من المدرسة ، وتابع لها ، يتسارعون ويتدافعون أثناء الخروج في الفترة المسائية ، خاصة في فصل الشتاء ، لربح بعض الوقت ، والوصول إلى الدوار قبل أن يدركهم الليل . مع نهاية كل فترة دراسية صباحية ، كانوا يخرجون إلى الضاحية الشرقية للمدينة ، على الطريق التي يسلكونها ، فينتشرون فرادى وجماعات ، يفترشون الأرض ، ويختبئون وراء أشجار السدر ، علها تقيهم بعض زمهرير الرياح العاصفة في فصل الشتاء ، وقد ألقوا بدراجاتهم جانبا ، تبدو وكأنها آليات حرب تنتظر بداية المعركة . يُـخرج كل واحد زاده ، الذي كان متشابها تقريبا لدى الجميع ، قطع خبز بعض البيض ، شاي بارد في زجاجة ، بطاطس مسلوقة أو مشوية ، حبة طماطم ، وكان منهم من لا يُحضِر أي شيئ ، فيشركه التلاميذ في غذائهم . كان يوم الثلاثاء من أحب الأيام لدى أحمد ، وكذا جل رفاقه ، إنه يوم السوق الأسبوعي ، يتلقى في الصباح قبل مغادرة المنزل ، هدية من والده لاتتعدى العشرين أو الثلاثين فرنكا ، يتوجه بها في فترة الغداء إلى أحد المطاعم المتنقلة ، التي كانت عبارة عن "كراريس" تصطف على جنبات السوق ، تقدم لقاصديها ما يشبه قطع لحم مشوية ، و " سردينا " مقليا ، فكانت الهدية التي يتلقاها تفي بالغرض ويحس بسعادة لامثيل لها ، كما كان يوم الأربعاء الذي يليه يوما سعيدا بالنسبة لجل التلاميذ ، لأن الأمهات كن يحتفظن ببعض " وزيعة " الثلاثاء ، ويقدمنها للأبناء ، كوجبة غذاء ممتعة . كان أحمد في " يوم السوق " يزور جده ، الذي كان رجلا مسنا لكنه لايزال نشيطا في عمله ، هو وصديقه " أفقير العربي المزوني " يبيعان " الملح" داخل السوق في ملتقى ممرين ، يقتعد كل واحد منهما زاوية منه ، ويضع أمامه قفة ملح كبيرة مع مكاييل متنوعة الأحجام ، تحدث شقشقة كلما أغطست في كومة الملح لتجرفها ، يجلس أحمد إلى جانب جده يراقب المتسوقين وهم يفتحون أكياسهم ، ليفرغ مكيال الملح الذي يطلبونه ، جلهم من كبار السن ، يتبادلون الحديث ، يمزحون ويضحكون بأصوات عالية ومرتفعة ، يعود الجد بين الحين والآخر إلى أحمد ، يحادثه ، ويضاحكه ، ويدعوه إلى الاهتمام بدراسته حتى لايصبح فيما بعد بائع ملح كجده ، وقبل أن يغادره ينفحه ببعض الفرنكات ، وينطلق فرحا محبورا إلى المطعم المتنقل ، جوار سور السوق. ......................................................... مقطع من شريــط ... 8 يتنقل التلاميذ من دواويرهم إلى المدرسة مشيا على الأقدام ، وكانت أحوالهم تسوء مع حلول فصل الشتاء ، فصل الأمطار ، والرياح الهوجاء الباردة ، يلتصقون بجدران الفصل الدراسي ، و " دار الكانتوني " وجدار " سيلون شقرون " علها تحجب عنهم بعض سموم الرياح الباردة ، والأمطار المتهاطلة ، يدخلون إلى القسم ، وثيابهم الرثة تقطر ماء ، وأجسادهم ترتعد وترتج . كان أحمد يسير دائما رفقة أخيه " يحي " المريض ، وإن تخلف عن جماعة التلاميذ التي تنطلق مسرعة نحو دواويرها . كان يتألم كثيرا لوضع أخيه ، وينهره أحيانا ــ رغم كونه أكبر منه سنا ــ حيث كان يرغب دائما في مرافقة أصحابه ، إلا أن أخاه لم يكن يقوى على مسايرتهم . كان أخوه يشعر بالعياء التام ، ويضيق تنفسه ، ويسْودّ وجهه وشفتاه ، ويجلس القرفصاء على الأرض ، بعد قطع مسافة ليست بالطويلة ، وكان يطلب من أخيه أحمد أن يرافق الصبية ، على أن يصل هو إلى الدوار فيما بعد ، إلا أن أحمد ما كان ليترك أخاه وحيدا ، بل يلازمه حتى يصلا سويا . كان كلما عاتبته والدته ، عن التأخر وعدم مرافقة بقية التلاميذ ، يجيبها مبتسما : ــ يا أمي ، أتعمد ذلك حتى أوقد نارا لأتدفأ بها بمفردي .... ! ، يقول المسكين ذلك تهربا من الإعتراف بعجزه ، وعـدم قدرته على المشي طويلا ، والبوح بمعاناته من المرض . زار يحي رفقة والده الطبيب مرة واحدة ، حين كان الطبيب في ضيافة المعمر مورلو في ضيعته ، حيث رتب المعمر له موعدا ، فحصه ، ولم يقل شيئا ، وأعطاه بعض الحبوب ، فكانت المرة الأولى والأخيرة التي يزور فيها طبيبا . الطبيب في هذه الفترة كان بالنسبة للأهالي من قبيل عجائب الدنيا السبع ، يسمعون عن وجود طبيب فرنسي بمدينة أبركان ، ولا يستطيعون زيارته أو رؤيته ، فكان الطب الشعبي البديل المتوارث هو المعمول به والمعول عليه ، زيارة الأضرحة ، كتابة " لحروز " عند الفقهاء ، وتناول بعض المستحضرات العشبية ، من طرف صيادلة محليين وشعبيين ، معروفين ومصادق على صلاحيتهم من طرف ساكنة الدواوير . كان الفصل ربيعا ، وقد تفتقت السنابل وأطلت من أكمامها وسط الحقول ، يداعبها أحمد وأخوه ، وبقية التلاميذ بأيديهم على جنبات الطريق ، في ذهابهم إلى المدرسة وإيابهم منها ، كانت السنة الفلاحية خصبة معطاء ، فرح لها الفلاحون، واستبشروا بها خيرا . أصبح " يحي " يشعر بتعب أكثر ، وتضاعفت محطات توقفه ، يحس بضغط أكبر في صدره ، يتنفس بصعوبة ، مما اضطره إلى ملازمة البيت ، والتوقف عن الدراسة في انتظار تحسن حالته الصحية . ذات صباح هم أحمد بالذهاب إلى المدرسة كعادته ، طلبت منه أمه ألا يذهب ، خرج للعب في ساحة الدوار ، بعد مدة زمنية يسيرة ، سمع صراخا قويا وضجيجا وعويلا ناحية منزله ، انطلق جاريا ، فرأى مشهدا لم يفارق وجدانه وذاكرته أبدا ، رأى أمه تصرخ وتعول ، وتنطلق نحو الباب ، وجدار البيت تلطمه بجسمها ورأسها ، وقد التفت حولها نساء الدوار يمنعنها من فعل ذلك ، تتخبط وتضرب الأرض بيديها ورأسها ورجليها ، كانت الأم مكلومة ، فيحي هو الإبن الخامس الذي تفقده ، حيث فقدت الأمل نهائيا في بقاء أي أحد من أبنائها على قيد الحياة . في هذه اللحظة أدرك أحمد معنى الموت ، ما كان يتخيل أبدا أن يحي سيغادره إلى الأبد رغم مرضه ، وما كان يعلم أن المرض قد يؤدي إلى الموت ، فيحي مريض سيشفى أو سيبقى كما هو ، إلا أنه تيقن أن يحي لن يرافقه من الآن فصاعدا إلى المدرسة ، حين وجد نفسه يخرج من البيت وحيدا ، ويعود إليه وحيدا كما خرج . ......................................................... مقطع من شريط ... 9 استقر أحمد ورفاقه الثلاثة بفندق المغرب ، داخل بيت ضيق ، عليه أن يستوعب ويحتضن كل شيء . كانت البداية صعبة ، وجميعهم في سن متقاربة ، وعليهم أن يدبروا أمورهم بالكيفية التي لاتؤثر سلبا على دراستهم ، كان لابد من توزيع العمل ، تنظيف البيت ، تهييئ الطعام ، غسل الأواني ، التسوق مرة كل أسبوع قضى الإخوة الأربعة ما يفوق الشهر يتغذون على وجبة واحدة ، تُهيأ في الغداء والعشاء ، يحضرونها بالتناوب ، وجبة " الشربة " يسكبون بعض الماء في الإناء ، يضيفون قطرات زيت ، مع شيء من الملح والملون الأحمر ، وبعد غليان الماء تفرغ بعض " الشربة " ويلتف حولها الشركاء . كانوا يقتنون الخبز من المخبزة المقابلة للفندق ، وأحيانا تصلهم إعانات من دواويرهم ، خبزتان أو ثلاث لكل واحد دائريات الشكل ، كبيرات الحجم ، تكدس الخبزات ، الواحدة فوق الأخرى ، ولا يمكن شراء " الخبز الرومي " إلا بعد الانتهاء من أكل الخبز البلدي . بعد مرور يومين أو ثلاثة ، يبدأ هذا الخبز في تغيير لون قشرته ، تعلوها الفطريات ، وتخضر شيئا فشيئا ، حتى تميل إلى السواد ، وكان لزاما على أحمد ورفقته أن يقتاتوا منه ، حفاظا على تحقيق التوازن ، وعدم الوقوع في العجز المادي ، لأن الخزينة لاتستطيع أن تصرف فرنكا إضافيا واحدا . من الأمور المحرمة عليهم أصلا ، شراء اللحم والفواكه ، وعليهم أن ينتظروا يوم عودتهم لمنازلهم ليتناولوها مع أسرهم . مكث الأصدقاء بالفندق حوالي خمسة أشهر ، ثم انتقلوا إلى إقامة في نفس الشارع ، في اتجاه شارع محمد الخامس ، حببها لهم بعض الأصدقاء . كان المسكن قبالة " مدرسة جان دارك " تلجه عبر ممر صغير ، ينفتح على ساحة مربعة متوسطة الحجم ، تحيط بها بيوت مستقلة أوسع من البيوت السابقة ، بل كان بعضها يتوفر على غرفة ومطبخ صغير . تعرف الدار باسم " دار الصبنيولية " لوجود اسبانييْـن يقطنان بها ، وهما مسيو ومدام " كّـونزاليس " وقد عزلا غرفتين إلى يمين المدخل ، إضافة إلى مساحة صغيرة ، مسقوفة بالقصدير والحصير ، تربي فيها " مدام كّونزاليس " بعض الدجاج ، يتسيده ديكان كبيران . سكن أحمد وأصدقاؤه الثلاثة بيتا ، أوسع من سابقه ، يتوفر على مدخنة ، مسقوفا بالقرميد كباقي البيوت الأخرى ، فالسكن من مخلفات الاستعمار الفرنسي . تتوسط الدار " شجرة ليمون " كبيرة تغطي جزءا مهما من مساحتها ، وعلى يسار المدخل ، حنفية ماء واحدة ، وفي العمق مرحاضان إثنان . كل قاطني البيوت من التلاميذ ، جلهم من مدينة أبركان ونواحيها ، والبعض الآخر من مدينة العيون ، فكانت بمثابة داخلية ، في غياب داخلية تقيمها الدولة لتلاميذ مدرسة الوحدة ، كما كان الأمر بالنسبة لتلاميذ التعليم العمومي ، داخلية يعتمد فيها التلميذ على والديه لدفع تكاليف الكراء والمعيشة والتنقل ، وجل الآباء من الطبقة المعوزة . استمر نمط العيش على ما كان عليه سابقا ، مع إضافة طهي بعض البطاطس ، والحمص والعدس ، لاحظ اثنان من المجموعة ، وكانا كبيري السن نوعا ما ، أن أحمد ورفيقه لايحسنان مهنة الطبخ ، فكلفاهما بمهمة غسل الأواني ، إذ كلما أنهوا تناول وجبة من وجباتهم ، قاما إلى الأواني ، وحملاها إلى الحنفية ، وقاما بعملية الغسل والتنقية ، إلا أن الشراكة ـ كما في أية مهنة ــ لم تـدم طــويلا ، فــقررا توزيع المهمة بينهما ، على أن يُنجزاها بالتناوب ، يوما بعد يوم . كانت " دار الصبنيولية " تعج بالتلاميذ ، وكان من المتوقع أن تقع حوادث وصدامات بينهم ، إلا أن الأمور كانت في غالبيتها ، يطبعها الهدوء والسلام ، وحسن الجوار . يقع إلى يمين مدخل الدار ، محل لإصلاح الدراجات ، لصاحبه " يحي السكليست " ويليه دكان خياط لصاحبه " الديب " وكان جزائريا ، طويل القامة ، نحيف الجسم ، أنيقا في ملبسه وشكله ، سريعا في تحركاته وتنقلاته ، وإلى يسارالمدخل يقع دكان لبيع الخمور ، يتولى أموره رجل جزائري ، يدعى " كّــويأ " وينفتح الدكان على الداخل بواسطة باب قلما كانت تفتح في بدايات انتقال أحمد ورفقته إلى " دار الصبنيولية " قضى أحمد وصحبه ما تبقى من السنة الدراسية الأولى بهذه الدار ، وعادوا إليها في السنتين الدراسيتين المواليتين ، لاستكمال دراستهم إلى غاية الشهادة الثانوية . ......................................................... مقطع مـن شــريط ...... 11 كانت مدينة أبركان عبارة عن أحياء متباعدة عن بعضها ، تفصل بينها مساحات فارغة ، يغطي بعضها أشجار السدر، أحياء كانت شبه معزولة عن بعضها البعض ، " لكّرابة العليا " وبها تقع المدرسة ، حي سالم إلى الشمال الشرقي منها ، وفي أقصى الغرب حي " بويقشار " ، وفي هذه الفترة شرعت الدولة في بناء حي " لبني أجديد 2 " ، وفي الوسط " مدرسة ابن رشد " وإلى غربها ينتصب " الجامع الكبير " بصومعته العالية ، وفي أقصى الشمال يوجد السوق الأسبوعي ويفصل بينهما " أجنان حمزة "، تحيط به أشجار العوسج من كل جهة ، حيث لا يستطيع المرء مشاهدة ما يوجد بداخله . وتتناثر بوسط المدينة بعض سكنات المعمرين ، والمرافق الخاصة بهم إضافة إلى مستشفى " هود " والملعب البلدي ، وكوليج "أبي الخير" و " البيرو " ومعصرة العنب على يمين طريق السعيدية ، وحمامي " السي البشير " و " السي عبدالله " ..... لم يكن أحمد يستهويه التحرك داخل المدينة ، والتنقل بين أحيائها ، ولا ربط علاقات كثيرة مع أبنائها ، كان يزور السوق الأسبوعي أيام الثلاثاء ، وداري عمته بالطحطاحة ، وخالته قرب حمام السي عبدالله والفضاء الشاسع الذي كان يتخذه مطعما في العراء لتناول ما يجود به حظ كل يوم . كان أحب الطرق إلى قلبه ، هي التي تقوده من الدوار إلى المدرسة ، وهي نفسها التي يسلكها وهو عائد إلى المنزل . كان الآباء مع حلول كل عطلة صيفية ، يبحثون عن مدرس لتدريس أبنائهم ، وكان هؤلاء المدرسون من أبناء المنطقة ، والمتوفرون على مستويات دراسية أعلى ، وأعمار أكبر، وبذلك سيكون الآباء قد طبقوا تقنية الدعم والتقوية قبل ظهورها بسنوات وسنوات . كان أول هؤلاء المدرسين " إبراهيم ولد الحاج إبراهيم الينعوري " سمحت له السلطات المعنية باتخاذ القسم الدراسي الرسمي بالعين ، قاعة لتقديم دروس داعمة لما حصله التلاميذ ، وقد اجتمع لديه عدد مهم منهم ، لقنهم دروسا في التلاوة والمحفوظات والحساب والقرآن ، ولم يغفل حصص التربية البدنية . كان " إبراهيم ولد الحاج إبراهيم " يجد بعض الصعوبة في المشي بالكيفية التي يريدها ، فكان يستعين بدراجته الهوائية النسوية في كل تنقلاته ، ولم يفته توظيفها في حصة التربية البدنية . يصفف التلاميذ مثنى مثنى ــ يمتطي دراجته وينطلق مع طريق " تافوغالت " المعبدة ، يسرع أحيانا ويبطئ أخرى، والتلاميذ يركضون وراءه ، وحين يصل إلى منعرج " تافوغالت " ينعطف يسارا عبر طريق متربة إلى " دوار إينعار " ومنه يعود إلى عين الركّادة . يصل التلاميذ منهاري القوة ، يلهثون ، يتساقطون الواحد تلو الآخر ، ومنهم من كان ينسحب خلال الطريق كلما مر بدواره . المدرس الثاني هو " السي حماد الزاوية " خصص غرفة من بين غرف مسكن العائلة للتدريس ، عبارة عن فضاء بفتحتين ، واحدة للباب والثانية للنافذة ، جدرانها من أحجار غير مبلطة ، غطى أرضيتها بنصف حصير يجلس عليه بعض التلاميذ ، ويجلس البقية على أرضية متربة . كانت فترة الدراسة تمتد من الساعة السابعة صباحا ، إلى منتصف النهار ، يتجمع تلاميذ الدواوير المجاورة باكرا ، بالطريق المحاذي لمقبرة " سيدي رحمون " قبل الوصول إلى " المدرسة " حيث يقومون بحفظ دروسهم ، وإنجاز بعض تمارينهم ، وهم جالسون أو منبطحون على بطونهم وسط الطريق ، وبهذا المــكان تمكــن أحمد من حفــظ " جدول الضرب " الذي بقي راسخا في ذهنه طيلة فترة دراسته . كان السي حماد يبذل جهدا كبيرا لإرضاء التلاميذ ، ويعمل بجد ، وكان يدْرُسُ في مستوى السنة الثانية ثانوي بمدينة وجدة ، تتلمذ على أساتذة مصريين ، كان معجبا بهم ، ويحلو له كثيرا أن يحدث تلاميذه باللهجة المصرية ، وكان التلاميذ يعجبون بها ، ويعتبرونها من مميزات النجاح لدى هذا المدرس . كان أخوه عبدالرحمان واحدا من بين تلاميذه ، يصغره بسنة أو سنتين ، يحاول بين الحين والآخر خلخلة هدوء الفصل ، ومخاطبة المدرس بمرجعية الأسرة والأخوة ، والعيش المشترك ، التي تزيح حاجز الاحترام بين التلميذ ومدرسه ، وكان في كل مرة ينبهه إلى ضرورة التزام الصمت والاحترام ، وأمام تكرار مناوشاته ومناوراته ، قرر ذات صباح أن يعاقبه ، فأحضر حبلا مرره فوق أحد أعمدة السقف ، وطلب من تلميذين أن يساعداه على " تعليقه " ، ألصق عبدالرحمان إحدى قدميه في أسفل الحائط ، وأبقى الثانية على الأرض ، وجذب الحبل بقوة إلى أسفل ، وطلب من أخيه المعلم ومساعديه أن يرفعاه إلى أعلى ، في تحد كبير ، وهو يقهقه ساخرا من عجزهم . نظرا لقرابة أحمد بالعائلة ، كان يتخطى وسط الدار وهو المكان الممنوع والمحظور على الغرباء ، يتجاوزه إلى البستان ، حيث اعتاد أن يجد في كل صباح عبدالرحمان منكفئا على " قفة " من " الهندية " يلتهمها بلذة وشراهة ، قبل أن يلتحق بقاعة الدرس ، وهو الذي كان يكرر دائما ، المرء يأكل ثلاث " هنديات " دفعة واحدة ، ثم يضيف شارحا : واحدة في فمه ، والثانية بين يديه ، والثالثة يختارها بعينيه . أما المدرس الثالث فهو " السي العيد المدجاوي " وقد تم الاتفاق على اتخاذ " جامع إقدارن " قاعة لتقديم الدروس . عمل " السي العيد " على تدارك ماضاع للتلاميذ في مادة الفرنسية ، وركز على مادتي العربية والحساب ، وقد اجتمع لديه عدد كبير من التلاميذ ، واستمرت الدراسة لأكثر من شهرين ، مرت في جو من الجدية والحيوية والنشاط . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ملحوظة : مضامين المقطع 11 تعود إلى فترة مابين : 1957 ـــ 1960 ملحوظة : الكتاب لم يصدر بعد
أوشّــن أذْيَـــــنْســي - الذئــب والقنفــذ
الذئــب والقنفــذ كان لذئب وقنفذ مطمورة مشتركة ، ذهبا لإخراج ما بها ، فتحا المطمورة ، نزل القنفذ ، أخذ الذئب يسحب ما بالمطمورة حتى ملأ الأوعية ، وعندما انتهيا من ذلك ، قال له القنفذ: أخرجني ، فقال له : لا ، وقال له القنفذ : أرْجعْ إلي الوعاء حتى أضع به بعض الشعير الفاسد ، واصحبه معك للأبناء . دخل القنفذ في الوعاء ، وغطى نفسه ، وعندما سحب الذئب الوعاء وضعه على ظهره ، ظانا أنه يحمل بعض الشعير . عندما وصل ، أقبل عليه صغار القنفذ، وقالوا له : أين أبانا ، قال لهم : لقد أغلقت عليه المطمورة ، هاكم بعض الشعير لطقه ( لقضمه ) . حينها خرج القنفذ من الوعاء وقال له : لا، مهلا ياعمي الذئب ، لاتفزع الصغار . أوشّــن أذْيَـــــنْســي دجـن أووشن ، أذ ادجن أينْسي ، غَرْسَن اشْتْ أنتَسْرافث أتّوشـْريكّث ، روحَن أذسّيلين ، رَزْمَنْ ثاسْـرافث ْ، يَضْـرا يِنْسي ، يجْبذ أخّسْ وُوشـّن إعمـّرْ اسكّـان، ألامِي كَمْـلَنْ ، يناسْ ينْسي سِلْيـَـيّـي، يَناسْ : ألاَ ، يناس: أرّيـّـيـدْ أزَرّاع ْ أذاكّ أكُــغْ ذيسْ أشْــوَيّ أحَـمـّـومْ ، أوَيـْـثْ إلْــواغَــشْ . يُــوذَفْ ذو زَرّاع ، يوذَ نْ إمــانّـسْ سوحمّـومْ ، أمِ ثْـيَـسّـيلَـيْ ، يِـسيـثْ أخْ وَعْــرورْ أنّــسْ ، أتْــلاغْــرا سْ ذالْـبالـِـي . ألْـمـِي يِــيـوَضْ عارْضَنّـاسْــد ْوَرّاوْ أيّــنْــسي ، انّــنَـاسْ : مـَانـي يَــلاّ يَـبّـاثْــنَـغْ ، يَـنّـاسـَنْ : أقْــنَـغْ أخّــسْ ثاسْــرافْـثْ ، أخَـــوَ نْ أشْـــوَيّ أحَــمّـــومْ أتْـــغَـــزّم ْ. إنْــسـي أدْ يَــفّـــغْ سوزَرّاع يَــناسْ : أهـَــاهْ ، أهَـــدا أعَـــمّــــي أوشّــنْ أورْسْـــنَــخْـــلـيـعْ الْـــواغَـــــشْ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المــرجع : كتاب رونــزيو : ص : 179
أُسْدُ جبالنا
من ذا الذي يشْفي غليل متيّم /// بمواطــن الأجــــداد فــاح إريجـُـها هام الفؤاد بعشقها وتلاطمت /// أمـواج حــــبّه ، هائم بجمــــــــالها أقضي الليالي ساهرا مترصّدا /// عـَـلّ الأريـجَ يبــوح لي بمــروجها إن الأحبّــة في فــؤادي دائــما /// فَـوْحــاتُ عطــرٍ بـاذخٍ أزْهـوبـهـا صولاتُ أبطالٍ لها كل المُنى /// تغــدو عواصفَ قــد بدتْ بهديرهـا زمــنٌ تولّى لا أريــدُ زوالــَـــه /// بِـكـــرً هـوتْ يا مـنْ يُعيــد نقــاءها يا موطــنَ الأجداد أنت نعيمُـنا /// كـــن باذخــا تعــلو نجـــومَ سمائهــا يَزْناسَنُ الْعزّ التليد يحــــــوطكم /// حفــظ من الرحمان ، عمّ جبــــــالها كنتم ولا زلتم لـيوثا في الوغَـى /// صِيــدُ المرابــِــــع لايُـحاك زئيرُهـــا في كل شبْـرٍ ناطـقٍ بخـلالـكــم /// صـــوْتٌ يُـقــَـوّي بالملاحم نــــارَها قمم الجبال الشامخاتِ تُـعــزّكم /// وأزيـــز بــــارودِ الشهــامَـــةِ زادَها في كــل معـركة يطولُ زمانُـها /// تـُـطـْـــوى المآزرُ والرّكـابُ تَحوطُها بالأمْس كنتمْ في الوغى عزّالمنى /// وتنــاطـــحت أمــمٌ تســـيحُ دماؤهــا يا فخرَ من ركِب العُـلا بشهامةٍ /// وتَـداركَ العــــــزّ المُنيــرَ ، فزادَهــا أسلافـُنـا كـان الضياء ببـابِهــم /// أســْــدً تَهيــــجُ إذا العـَــدو أصـابـها سلـفٌ كــريـم لايفـارق خـيـرُه /// من جاء في حَلـَك الدّجى يسْعى لها شادوا قصورَ العِز في عِـزالضنا /// فالنسـْـرُ شامِــخُ طـَـيْرِه يزهـو بهـــا تنقاد في فلك المودة بالرضى /// زهْوا تكاد العين تبـكي مجــــــــدها يا خِلّ كن للشامخات ولا تكن /// عبدَ الذلــيل يـَـروم خَـــبّ بَهــائهـا زَأرتْ سَفين بني الْعِظام برَبــْوة /// خـَــرّتْ لـــها أمــمٌ تنــــوءُ بِحمْلــــها أزهــو بعــزّكــمُ الّــــذي لاينــتهي /// أسْـدٌ على قِمَــم الجبال تصونـُـها بجبـالنا شـَـعّ الضـــياء مـُــــــلألأ /// فأنـار جيـلاً كان نـورَ بَهائـــها يـَعْـلو رؤوساً شــامخـاتٍ فوْقـَـها /// حِـممٌ تُـذيب الصّلْـد بعد صخورها " ألـْمو " أراهُ وَقدْ تَضَمّخ رأسُه /// قانِي الدّماء تَـفيـضُ في علْـيائـها يَـحْـكي زَمانا كــان فيه مُـباهِــيـا /// سُـمْـرَ القَـَـنا ناخَــت له بِرؤوسها وتَـناثر الْـعــزّ التّـليدُ بـأرْضِــــــه /// والرّأسُ شامــخـَـة ٌ تُـطاوِلُ غيرهـا "أغـْبالُ " كم صُنْتَ الضّفاف مُدافعا /// وصَدَدْتَ جيْــــشا حالـما بجــبالــها كمْ حاول الأعْـداءُ دَكّ حُـصونِـه /// عَـــبثاً تُـزيحُ قِلاعَ من صلّى لـــــــها وجَحافِـل الأعْداء حين بدَتْ لهم /// هاجت أسودٌ " كيسُ " كان جحيمَها خيْـل تُعانِـق بالصّـليل خُيولَهمْ /// وتُـثيـرُ نَـقْـعَ النّـصرِ يا مَــرحــَى بهـا سَبْـقـاً تُـريد شهادةً تَـنجو بِها /// وتنال عِــزّا شامِـخا فَـَخْـرا لهـــــــــــا " زِيزَلْ " لَوَتْ أعْناقَ مَنْ لَعِبتْ به /// غـُــلواؤهُ ، غـَـدْرا يُـريـد بُلــوغــــــها كمْ مِـن عَــدُوّ غـادِرٍ زاغـَـتْ به /// نفْــس تَــرومُ المَجْــدَ في أحْضــانـــها وجَـلامِـدُ الصّخْـرالمُـبيـد مُـدَوِيّا /// نُـــزُلاً يُـزيـحُ الظــّلْــمَ مـن بَــطــحائها أضْحى طعاما للطـّـيور بِــبَـرّها /// وَوَحيشِها ، بيـن الْجِـبالِ وغـــابِــهـــا هِممُ الرجال تَعاظمَتْ بجـبالِنـا /// يــَومَ الــتّــنادِي لايُـقــاوَمُ زحْـــفُـــــها بِعَـرَمْرمٍ يَطْوِي الْوِهادَ مُسَرْبلا /// تهْـتَـزّ في وضَــح النّهـار قـِلاعـُـــــها دكّتْ جماجِمَ مَنْ أتاها مُهاجِما /// ولَــوَتْ رِقـابَ المُـعْـتديـنَ بِـســاحِــــها وعَلا الصّراخُ تَوالِيّا مِن جُنْدِها /// يرجو السّلامَة آمِــلا في عـفْـــوهـــــا أضْحتْ مقابِر مَنْ أتاها مُهاجِما /// جُـثَـثا على جُـثـث تُغَـازلُ بــعْـــضهــــا هَذي " تَفُوغَالَتْ " تَصُدّ عَدُوّها /// تَــرْمي سُـيولَ الكُفـْـرِ حَـرّ لَـهيبـِـــها صَعدَتْ طَوابيرُ العَدُوّ سُفوحَها /// طَـمَعا تُــريدُ الْــفَـيْءَ فـــي أفــْنائِـــها قــد غَـــرّها تـعْـــدادُها فتــلاوَحـَـــتْ /// أشْــلاءَ أجْــسادٍ تَــجوبُ وهـَـادَهــا وتَـهـاوتِ الأحْـجــار رَجْـمـاً لاتَـنـي /// وتَـراكَـسَ الشّجْعانُ فوق ظهورِها ترْمي فـُـلولَ الْغـدْر بـين سُفوحِهـا /// وتَـشُــكّ بالْبـَـتّـار صــــدْرَ جِيـافِـها تُـلْـقي جَـلاميدَ الْعـذابِ وتَـنْـتَـشي /// صُغـْرا تَـنوحُ ثَـعالب ٌ بجُحورِهــا تَـرْجو وعَـينُ المارِقـينَ تَجمّدتْ /// هَـلـَعٌ أصـابَ الْـبومَ فـي أوْكـارِها " صَفْرو " مَفاخرُ عزّها لاتنْتَهي /// كَـــرمٌ ومـجْـدٌ لايــُفارقُ بــابـَـهـــــا سَدّتْ فِجاجَ الخزْيِ في غَـلسِ الدّجى /// وتَـصايَـحَ الْغِــرْبانُ فــي أجْــوائِـها وتَـناثـرَ الشّجْعـانُ بيْـن جِـبالِـها /// صَـدّاً ، وقـد وَطـَــأ العدُوّ شِعابــَــها وجِـبالُـنـا بِـشَمالها وجَـنوبِــها /// بالغَــرْبِ والشّـرْقِ العَـظيـمِ كلاهُـمــا برِجالِها تُـجْـلي العـدُوّ، تُبيدُه /// نــارٌ على نــارٍ تُــذيبُ جُــيــــوشَــها ما طَأطأتْ رَأسا ولاطلَبتْ غِنىً /// فالنّـسْـرُ يَـسْمو عــاليا بِـسمــائِـهــــا وقبائلٌ كالأسْـد يُخشَى زئيرُها /// وتهابُــها العــقْـْـبانُ فــي عَــلْـيــائِــها كانتْ ولا زالتْ تَـصولُ بِعِـزّها /// أبَــداً يَـزولُ ، مُـؤبّــداً يَــزْهو بــــــهـا يا زائِراً أرْضَ الجُدودِ جِبا لَها /// سَـهْـلا وَوادٍ كــالجِــنانِ جَــمالــُــــــها ماءٌ تَـفورُ عُـيونُه مزْهـــُــوة /// تـسْـقي جَـنائِـنَ قد بَـدتْ خَـيْــراتُــهـــا أرْضً مُباركَة ، وخيْـرٌ فائِض /// أهْــــلً كِــرامً لا يُحَــــدّ عطـــــــاؤهــا يارَبّ بارِكْ للْجُـدودِ نِضالَهم /// وارْحَــمْ عَــبيداً فــارقوا أفْــنـــاءَهــا واجْعلْ مآويهمْ جِناناً في الْعُلا /// أهْــلاً لَــها ، مُــتَـعاً تَــفيءُ بِخَــيْــرِها
تفوق العدو الفرنسي على قبائل بني يزناسن
صمدت قبائل بني يزناسن في وجه العدو الفرنسي ، بعد دخوله مدينة وجدة ، قرابة سنة كاملة ، لم يقو فيها على دخول أراضيهم . معتمدة على محاربين من مختلفي الأعمار ، حدثني الشيخ حماد بن الطيب أقدار( 1 ) قال : " كانت أعمار محاربينا تتراوح بين سن السابعة عشرة ، والسبعين ، وكانوا يتكونون من الفرسان والمشاة ، كانت الأسلحة تدخل عبر مليلية ، وكل أفراد القبائل مسلحون ، ومنهم من يمتلك أكثر من "كلاطة " ( 2 ) واحدة ..." . استغاث العدو المتمترس ، بمناصب كيس ، بأرض الجزائر بفلول الجيش الفرنسي المتواجد بمغنية والغزوات ، وطلب امدادات قوية من مركز قيادة الغرب الجزائري بوهران ، فوصلت الفيالق تلو الأخرى ، مسلحة بأحدث ما كانت تملكه فرنسا آنذاك ، من بنادق متطورة ، ومدافع مجرورة بواسطة الخيول ، وجيش نظامي مدرب . بدأ زحف الجيش الفرنسي ، انطلاقا من مناصب كيس ، في اتجاه الغرب ، نحو أراضي بني خالد ، لضرب أغبال الذي كان مركز تجمع محاربي بني يزناسن ، بقبائلهم الأربع الكبرى ، وقد أخذت قواهم تضعف ، نظرا لصمودهم الطويل في وجه الجيش الفرنسي ، وتنقلهم المستمر إلى أراضيه لمحاربته في عقر داره ، وكذا نقص المؤن والعتاد الحربي ، وفقدان بعض القواد الأمل في هزم الفرنسيين الذين تحركوا بأعداد هائلة ومخيفة . في مدة لم تزد عن شهر ــ من 13/12/1907 إلى 12/1/1908 (3) كانت الجيوش الفرنسية قد اكتسحت قبائل بني يزناسن واحتلتها ، وأحدثت بها أشنع الجرائم من تقتيل ، وتشريد وسلب ، وحرق للزرع والضرع ، وتغريم وسجن ، رغم محاولات قبائل وقواد بني يزناسن الاستمرار في الدفاع عن أراضيهم ، وعرقلة تقدم الجيش الفرنسي . كانت جراوة و الركّادة مسرحا لمشادات ومعارك عنيفة ، في محاولات للدفاع عن الأرض ، ومنع الفرنسيين من احتلالها . حدثني الشيخ حماد بن الطيب أقدار قال : " ناوشنا طلائع الجيش الفرنسي بالقرب من حاسي جراوة وعين الركّادة ، وكان ميمون لزعر يقود عددا كبيرا من محاربي أهل خلاد ، وكنا نقوم بهجومات ، ثم نتراجع ، لنعرقل مواصلة تقدم العدو إلا أن ما كان يملكه من عتاد ، وجيش جرار أوله في الركّادة ، وآخره وراء جراوة ، جعلنا ننسحب في اتجاه الجنوب نحو الجبال ...." لعل هذه المعركة هي التي يشير إليها فوانو ، وهو يتحدث عن تقدم الجيش الفرنسي ، من مناصب كيس في اتجاه الغرب ، عبر أراضي بني يزناسن نحو " بركان " ( 4 ). يقول فوانو: " بدأت الفرق العسكرية الشمالية والجنوبية تحركها في 13 دجنبر(5) وهكذا دفع اليوتنان كولونيل " برانليير " (6) بتجريدة عسكرية إلى جراوة والركّادة كُلـّفت بتبرئة وتأمين الطريق ، بينما تكلف مقعد الرأس قائد بني عتيق بجمع " ميعاد " عند أهل تريفة ، وبني يزناسن ، من أجل عرقلة تقدم الفرنسيين إلى الأمام . " ميعاد " آخر يضم بني منقوش وبني عتيق يُحَضّر له المقدم علي ولد أحمد من تغجيرت ، اجتمعوا عند بوعمامة ، حيث دعاهم " لمرابط " إلى الالتحاق بالجبل ، والتزام السلم . وفي يوم 14 تحرك ما تبقى من تجريدة الشمال لاحتلال " بركان " ولم تبق إلا فرقة خفر صغيرة بمترس مارتامبري " (7) لم يُجْدِ " ميعاد " مقعد الرأس ، ولا " ميعاد " المقدم علي ولد أحمد ولا غيرهما نفعا ، فقد دبَّ الوهن في الصفوف ، وضَعُفت العزائم ، واستشْرى خطر الفرنسيس وعظـُم ، وقهرت النفوس ، وسرى الخذلان في بعض القيادات ، بعد أن مهد لها البعض في السابق ، ولم يبق أمام القواد والشيوخ ، وبعض أعيان القبائل إلا الاستسلام للأمر الواقع ، والإذعان لشروط المستعمر القاسية ، أوتسليم أنفسهم ليودعوا في المعتقلات والسجون ، ويلاقوا ما لاقى أسلافهم في الدفاع عن الأرض والعرض . انتقل بعض القواد ــ منهزمين مرغمين ــ لمصالحة فرنسا ، وفر بعضهم في اتجاه الغرب إلى أراضي كبدانة وقلعية ، وارتمى البعض الآخر في أحضان المستعمر الفرنسي . يتحدث فوانو عن بداية استسلام بعض قواد بني يزناسن للقوات الفرنسية ابتداء من تاريخ : 16 / 12 / 1907 قائلا : " تأكد ــ مقعد الرأس ــ أن المقاومة أصبحت غير ممكنة على الاطلاق ، فتخلى عن تعهداته ، وذهب في نفس اليوم لتقديم الولاء والطاعة بمعسكر " بركان " رفقة أمبارك ولد لهبيل ، وبعض رؤساء قبائل بني منقوش الشمالية .. " (8) . مباشرة بعد تأمين الطريق بين مناصب كيس وبركان ، شرع العدو الفرنسي في شن حملاته الهمجية على بني يزناسن في اتجاه الجنوب ، حيث تتمركز القبائل في دواويرها ومداشرها بين الجبال . نظم الفرنسيون حملات وحشية على قبائل بني منقوش الشمالية ، حدثني جدي (9) قال : " عندما دخل الجيش الفرنسي واستقر ببركان ، انتقل إلينا في أعداد كبيرة ورهيبة إلى الجبل ، وقد جمعنا ما استطعنا جمعه من الماعز والأغنام والأبقار والمتاع وهو قليل ، وخرجنا من وادي الشيخ ، كما خرجت كل القبائل المجاورة ، واتجهنا جنوبا إلى " مُدْ جو " و " خلاد أوّحفير " هاربين من بطش الفرنسيين ، الذين وصلوا إلى وادي الشيخ ، فجمعوا كل ما وقع بين أيديهم ، إذ كانت الأغنام والأبقار والدواب ترعى في الغابة على عادتها ، ولم نتمكن من جمعها كاملة ، وتركنا المطامر ملأى بالحبوب فأفرغت ، وأحرقت مساكننا وبساتيننا ،ولم يتركوا لنا أي شيء ..." نفس الصورة يقدمها الشيخ حماد بن الطيب أقدار ، حيث قال : " لقد خرجنا من " سفوح طغاغط " في اتجاه الجنوب ، خرج الناس ومعهم بعض ما استطاعوا جمعه وحمله ، من قبائل بني ميمون والطرشة وبني محفوظ و" إغْزرْ وشْريك " واتجهنا جنوبا إلى " أعْونْ " و " بني بوغنم " طالبين رؤوس الجبال ، وشعاب ووديان بني منقوش ، ب " أجداين وألمو " ، وقد تجاوز الجيش الفرنسي الطرشة وبني محفوظ ، حيث جمعوا كل شيء ، وأحرقوا كل ما وقعت عليه أيديهم ... " لقد كانت الحملة الفرنسية شرسة ، تحمل في طياتها إلى جانب العدوان الإستعماري ، روح الانتقام من قبائل بني يزناسن التي صمدت في وجهه مدة طويلة ، ومنعته من اختراق وادي كيس ، الذي حاوله مرارا ، ولم يفلح . تعددت أساليب البطش والنهب والانتقام ، التي مارسها العدو الفرنسي على قبائل بني يزناسن ، دون تمييز، وأورد نموذجا من هذه الممارسات، وقع بقبائل بني خالد يقول فوانو : " في الصبيحة (10) ألقى القبطان " موجان " (11) القبض على واحد من الزعماء الرئيسيين في مخبإه ، إنه قائد " تغجيرت " محمد بلحسن (12) ، واستولت التجريدة العسكرية على أربعة إلى خمسة آلاف رأس غنم ، وعلى حوالي خمسين ثورا من القبائل الرافضة لفرنسا .." (13) . كان انتقام العدو الفرنسي من بني يزناسن همجيا ، فهي لم تنس مقاومة هذه القبائل لها منذ معركة " إسلي " سنة 1844 م ، التي شارك فيها بنو يزناسن بقوة ، تحت قيادة البشيرأومسعود الوريمشي ، مرورا بمعارك : ــ 1852 و 1854 و 1859 ــ التي قهرت المستعمر الفرنسي ، وردته على أعقابه . نزل الفرنسيون بكل ثقلهم ، على أراضي بني يزناسن قسما ، قسما ، بدءا ببني خالد الواقعة مباشرة غرب وادي كيس ، وانتقالا إلى قبائل بني منقوش ، وبني عتيق ، وبني وريمش ، وطبقوا كل أساليب النهب والسلب والحرق ، وشرعوا في تطبيق خطة إحكام القبضة على كل القبائل ، وتجريدها من كل شيء ، فصادرت ماشيتها ودوابها وأرزاقها وأسلحتها . تتبعت فرنسا فرق قبيلة بني منقوش الشمالية ، وطاردتها بين الجبال والوديان ، وفرضت غرامات جائرة وقسرية عليها ، تؤديها قهرا وبانتظام ، يشرف الشيوخ والقواد على جمعها وتقديمها للقيادة الفرنسية المتمركزة في " أبركان " حدثني جدي قال : " أخذت منا فرنسا ـ نحن أهل خلاد وأطغاغط ـ كل الأسلحة التي كنا نملكها ، وقدم والدي ثلاث "كلايط " واحدة كان قد اشتراها من أحد (14) محاربي الجيش السلطاني ضد الروكّي ، كما أخذت منا أغنامنا وأبقارنا ودوابنا وخيلنا ، وكل أرزاقنا ... " خططت فرنسا لضرب البنية التحتية لقبائل بني يزناسن ، وإفقارها عن طريق إثقال كاهلها بالذعائر والضرائب ، وسلبها كل ماتملك ، ففرضت شروطا قاسية بعد انتصارها على قواد وشيوخ القبائل ، مقابل التوقف عن مطاردتهم ، وتهجيرهم وتشريدهم ، مع الالتزام بتنفيذ جميع هذه الشروط ، ويذكر فوانو بعضا من هذه الشروط قائلا : " ....... إرجاع الأسلحة ، رد الاعتبار للجنود الفرنسيين المقتولين،أداء 100 فرنك غرامة عن كل دخان (15) ، فتح طريق تخترق مرتفعات الكّربوز ، إعطاء كامل الحرية لدخول الأسواق (16) ، قبول القرارات الفرنسية . الدفعة الأولى بقيمة 20000 فرنك ينبغي أن تدفع يوم 19 دجنبر ، الدفعة الثانية بنفس القيمة بعد ثمانية أيام ، وفي الأخير ينبغي دفع باقي الدية بعد 15 يوما على الأكثر ... " (17) . مضى الفرنسيون في تطبيق مخططهم على قبائل بني يزناسن ، والإسراع في السيطرة عليها، ورغم ذلك فإنهم لم يجدوا السبيل ميسرا ، لأن بعض القبائل بقيت صامدة ، معلنة عصيانها ، رافضة الامتثال لشروط فرنسا ، ، وكان من بين هذه القبائل ، قبيلة بني منقوش الشمالية ، يقول فوانو : " في نفس اليوم (18) نفذ اليوتنان كولونيل " برانليير " هجوما على بني منقوش الشماليين الذين لم يؤدوا أي شيء لحد الآن ... " (19) . وقد بلغ ما جمعه الجيش الفرنسي في ظرف وجيز ، حسب ما ذكره فوانو (20) حوالي 210000 فرنك و 1200 قطعة سلاح . عملت فرنسا بسرعة ، على جر وإنزال القبائل إلى السهل ، واقتلاعها من معاقلها الجبلية ، التي كانت ترى فيها الخطر الدائم على استقرارها . نظرا لصعوبة الممرات والمعابر المؤدية إليها ، وتمرس بني يزناسن بأراضيهم الجبلية ، فكان أول ما قامت به ، هو منع إقامة الأسواق المعتادة عند بني يزناسن ، ونقلها إلى السهل ، حدثني الشيخ حماد بن الطيب أقدار قال : " لقد منعنا الفرنسيون من التسوق إلى " السوق أقدّار " ، وتم نقله إلى عين الركّادة ، وأصبح السكان ينزلون من الجبل إلى السهل مرغمين لقضاء حوائجهم المعيشية ، وبيع منتوجاتهم الفلاحية والحيوانية.." . تم كذلك نقل سوق بني خالد من أغبال إلى أحفير ، وسوق بني عتيق ، من واولّوت إلى أبركان ، ونفس الشيء طبق مع باقي أسواق المنطقة . إلا أن السوق أقدار الذي نقل إلى عين الركّادة (21) واحتفظ بنفس الإسم ، لم يدم طويلا كما حدثني الشيخ حماد بن الطيب أقدار ، حيث أقيم لمرات محدودة ، وتم نقله إلى أبركان . حاول فوانو أن يقدم صورة مشرقة عن المنطقة ، بعد أن احتلتها فرنسا ، حيث وصفها بالاستقرار والأمن والرضى والطمأنينة ، وعودة الناس لمزاولة فلاحتهم ، ورعي ماشيتهم ، وممارسة حياتهم العادية ، حيث قال : " في 29 فبراير (22) وخلال الأيام الأولى من شهر مارس كانت نفسيات الأهالي جد مرتاحة في المنطقة كلها ، إن الحملة ضد بني يزناسن استطاعت أن تحقق السيطرة على القسم الأكبر من عمالة وجدة ، وتضع حدا للفوضى التي كانت تمزق منذ عهد قديم هذه العمالة التعسة من الامبراطورية المغربية ، واليوم يستطيع الأهالي أن يتعاطوا بكامل الطمأنينة لأعمالهم تحت الرعاية الرشيدة لفرنسا ... " (23) . هذه هي الفقرة التي ختم بها فوانو كتابه ، وهي تعبر عن السياسة الاستعمارية ، التي تعتمد تشويه الحقائق ، والتعتيم عليها ، إذ متى كان الاستعمار يحقق الأمن والاستقرار والطمأنينة والرعاية الرشيدة للشعوب المستعمَرة ؟. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 ــ جالست الشيخ حماد بن الطيب أقدار كثيرا بدكان ابنه بنعيسى ، رحمهما الله ، بعين الركّادة من سنة 1970 م الى وفاته سنة 1974 م ، كان قوي الذاكرة ، يستحضر الأحداث بأدق تفاصيلها وجزئياتها [ عدا تواريخها ] ، جهور الصوت ، طويل القامة ، تكسو وجهه لحية بيضاء ، فقد بصره منذ أكثر من عشر سنوات ، كلما سألته عن أحداث وقعت منذ خمسين أو ستين سنة يجيب بعد أن يطلق ضحكة : " إضَـنـّا ضْ عا ذ ْ" أي " وقعت البارحة فقط " 2 ــ كلاطة تعني قطعة سلاح ويجمعونها على " كلايط " وقد ذُكرت لي أسماء أنواع كثيرة منها : بوشفر، ثمْنبّهثْ .... 3ــ فوانو ــ وجدة والعمالة ــ من : ص: 571 إلى ص : 573 [ حديث مطول عن العمليات ] 4 ــ بركان : هي المدينة القائمة حاليا ، والاسم الصحيح : أبركان نسبة إلى الولي الصالح : " سيدي أمحند أبركان " وأبركان تعني بأمازيغية بني يزناسن : " الأسود " [ وقد كتب الاستاذ قدور الورطاسي رحمه الله ، وحاضر في هذا الموضوع ] ، أخذت المدينة اسمها من اسم الولي الصالح وبنيت إلى جهته الشرقية ، بعد سنة 1908 حيث اتخذها الجيش الفرنسي مركزا لجيوشه وإدارته للتمكن من التحكم في المنطقة . 5ــ 13 دجنبر من سنة 1907م كما هو مثبت في الفقرات التي سبقت هذه الفقرة 6 ــ اليوتنان كولونيل برانليير : Le lieutenant Colonel Branlière 7 ــ فوانو: وجدة والعمالة ـ ص : 571 [ مارتامبري : Martimprey de kiss هو الإسم الذي أطلقته فرنسا على مدينة أحفير الحالية ، تكريما لجنرالها الذي قا د ــ الحملة التأديبية على بني يزناسن سنة 1859 م ــ 8ــ فوانو ــ وجدة والعمالة ــ ص : 571 9ــ هو أمبارك بن محمد بن أحمد مجعيط ، من مواليد حوالي سنة : 1890 م ، وتوفي رحمه الله : يوم السبت 8 فبراير سنة 1992 م . 01 ــ أي صبيحة يوم : 31 / 12 / 1907 . كما هو مثبت في الصفحات التي قبلها 11 ــ القبطان موجان : Le capitaine Mougin 12ــ يعرف عند الشيوخ الذين عاصروه باسم : ــ مُحنْدْ أولحْسنْ ــ 13ــ فوانو ــ وجدة والعمالة ــ ص : 574 14ــ كان محاربو الجيش السلطاني ضد الروكّي في المنطقة ، والقادمون من جهات غرب المغرب ، يتم التخلي عنهم ، وعدم إرجاعهم إلى مواطنهم الأصلية ، فكان هؤلاء يضطرون إلى بيع أسلحتهم وخيولهم وبرانسهم ، ليستعينوا بها من أجل العودة إلى مسقط رأسهم ، عن طريق ميناء الغزوات بالأراضي الجزائرية ، حيث يستقلون الباخرة إلى مدينة طنجة ، ومن هؤلاء المحاربين الذين بقوا في أبركان ، رجل اسمه " سالم " تملك أرضا تقع إلى الجنوب الشرقي من كدية " مولاي الطيب " باعها فأصبحت حيا سكنيا يعرف باسم " حي سالم " لازال يحمل نفس الاسم لحد ألآن 1998 م 15ــ " دخان " أو " كانون " تعني في المنطقة ــ الأسرة أو العائلة الواحدة ــ التي تشترك في معيشتها في كانون واحد ، قد تكبر وقد تصغر حسب تماسك أفرادها ، وقد استعمل فوانو كلمة : " Feu " 16ــ أهم أسواق بني يزناسن الشمالية كانت كالتالي : " سوق أغبال " في بني خالد ، " السوق أُقدّار " في بني منقوش ، " سوق واولوت " في بني عتيق .... وكلها بالمناطق الجبلية قبل أن تنقلها فرنسا إلى السهل 17ــ فوانو ــ وجدة والعمالة ــ ص : 570 18ــ اليوم هو : 12 يناير 1908 م كما هو مذكور في الفقرة قبله 19ــ فوانو ــ وجدة والعمالة ــ ص : 575 20ــ المصدر السابق ص : 575 21ــ نقل السوق إلى عين الركّادة ، واحتفظ باسمه ، وكان يقام على أرض " إقدّارن " الواقعة جنوب العين غير بعيد عنها . والمكان معروف لدى شيوخ المنطقة . باسم " السوق أقدار " 22ــ أي 29 فبراير 1908 م 23 ــ فوانو ـ وجدة والعمالة ـ ص : [ 575 ــ 576 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ كتاب : عين الركادة ـ القصبة والتأسيس ـ ـ تأليف : عبدالله زغلـــي صفحــة : 74 ــ 81
عقــــــــيقـــــة
لم يكن " بَنْشاقور " يهتم لشيء ، ولايتعب من أجل الحصول عليه ... يسكن بيتا ، ورثته زوجته عن جدها ... أربعة جدران من الحجارة ، يعلوها سقف متهاو ، مهدد بالانهيار ... كلما تساقطت الأمطار، حشر أبناءه في زاوية ، وحوّل الزاوية المقابلة ، إلى مطبخ ، يوفر الطعام والدفء في آن واحد ، وكذا الدخان الذي كان يقول عنه : ــ الدّْخانْ ... يكّْـلَعْ الْمَرْضْ .....؟؟ في الأيام "المشمسات " ، ينقل المطبخ إلى الهواء الطلق .. خلف جدار البيت . اختار ركنا من أركانه الأربعة ، واتخذه مكانا لنومه ، بالليل والنهار ... قطعة حصير متآكلة ، " هيْدورة " ، وسادة ، وشبه غطاء قـُدّ من أسفل ... لشدة التجاذب ، بين يديه ، ورجليه .. فكانت ثقوبه أوسع من ثقب " الأوزون " ... كان هذا حاله ، كثير الكلام إذا صادفته ، يتحدث في كل شيء ... في الدين ، في السياسة ، في التاريخ ، في الأخلاق ، في العلاقات الدولية ... مع أنه لايفهم في أي شيء ... كلما أعياه التمـدد ، كان يخبر زوجته ، بأنه سينزل إلى العين ... ليستطلع أحوال الناس ، ويتعرف على جديد الأخبار وكلما طلبت منه أن يبحث عن عمل ، أجابها ببرودة ... وبحكمته المعهودة : ــ شُوفِي أَلـْـهِيهْ ......؟؟ !! ــ كـُلْشِي غَادي أَنْمُوتُو .... أَلدّايَمْ اللّه ....... !!! وهو يشير بسبابته ... إلى المقبرة المقابلة لمسكنه .... رُزق " بَنْشاقورْ " ، ابنا ، وهو السادس بعد أربع بنات وابن ... لايفصل بين ميلاد الواحد والآخر، سوى بضعة شهور ، فهو حريص على الإنجاب ، وقد فرح كثيرا لوليده ــ رغم قلة ذات اليد ــ وهو الذي يردد دائما : ــ كُلْ واحَدْ ... إيجِيبْ أمْعـاهْ رَزْقُـو..... اقترب موعد العقيقة ، و " بنْشاقُورْ " ، لايملك شيئا في منزله ، لم يضطرب لذلك ، ولم يتهيب الموعد ، فيوم ولد الصبي ... جاءه رزقه من بعض الجارات ، شيء من الزيت والسكر و " حفـْنات برْكوكشْ " ... خرج " بنْشاقُورْ " من منزله ظهرا ، واتجه نحو الجبل ، يريد دعوة بعض أهله وذويه ، كما أخبر زوجته ، خصوصا وأن الغد ، هو موعد العقيقة ... عاد مع منتصف الليل ، يحمل " عنْزة " على كتفيه ... أنزلها وهو يلهث من شدة التعب ، وقال قبل أن يُسأل : ــ أَشْـريتْها عْـلى عَمِّـي ... ــ فَكّـعَتْني مْعَ الطْـريقْ .. أَتْــقِــيلَة ... ؟؟ !! فرح الجميع " بالعنْزة " لأنها عين ومحور المناسبة ، بها يأخذ الوليد اسمه ، لأن الناس كانوا يخشون دائما ، أن يـُنعت أبناؤهم ب " الْهاملْ " أو " الْهامْلَة "، لأن الأب عجز عن توفير الذبيحة ، وقد يفسر الاسم عند البعض بغير ذلك ... شمّر " بنْشاقُور " عن ساعديه ــ ربما لأول مرة في حياته ــ فذبح " العنزة " ، مع منتصف الليل ، سلخها بطريقة رديئة .. رمى بالرأس ، والأكرع إلى زوجته ، وأختها ، قائلا : ــ هَاكـُو ... شَوْطُــو أُوكـُلو ... ــ شَبّْــعو لُولادْ ... قطـّع " العنـْزة " إربا إربا ، ورماها في إناء ، وقام إلى الجلد والأحشاء ، فطمرهم في حفرة وراء المنزل .. ثم عاد .... ابتهجت النسوة في الصباح ، وبدأن في تهييء الطعام ، والقيام بواجب المناسبة وهن يهنئن ، ويباركن لأم الوليد ، ويثنين على زوجها الذي وفر " عنْزة " العقيقة ... في هذه اللحظة ، داهم المنزل " ولـْـدْ الجَّـحْمومْ " رفقة اثنين من أبنائه ، وهو يصرخ : ــ فينْ راهْ " بنْشاقورْ " .... فِينْ راهْ ......؟؟؟ اشتد صراخه ، وهو يهدد ، ويتوعد .... يرغي ... ويزبد .... تسلل " بنْشاقـُورْ " من الممر الخلفي للدار، وانحدر يمينا إلى المقبرة ، ومنها انطلق راكضا إلى العين ... ليتوارى بعد ذلك عن الأنظار .. ... لقد سرق العنزة ...
أشـــــــــــــرطـــــــــــــــــــــــــــــــــة