محرك البحث أسفله خاص بموقع بني يزناسن فقط
متفرقــــــــات
بقلم الأستاذ محمد موح عجاجي
قــــــــائمـــــــة محتــــــويــــــــات الصفحــــــــــة قارابوس آلـــــڭــــطـــــايـــــة عزي الحاج " بوقلوز " أَرَّافْ بلال الفاكانسي الجد و الحمار
الكوراط والرابول
ذهبت يوماً إلى الجماعة القروية (البلدية حاليا) باكليم لطلب شهادة السكنى المحلية التي سأقدمها من بعد إلى قسم الشرطة بمدينة ابركان من اجل الحصول على شهادة سكنى ثانية (بوليسية). كنت في تلك الفترة أهيىء ملف طلب بطاقة التعريف الوطنية وكانت هي المرة الأولى التي ستطأ فيها قدمي إدارة مغربية لمهمة تخصني. (تذكير : لكي تحصل على شهادة السكنى الأولى كان عليك في السبعينات أن تتوجه أولاً إلى مكتب شيخ الدوار (الكوراط) ليشهد كتابة على صحة إقامتك بعنوانك الرسمي، كان ذلك بداية المشوار وتليها زيارة قسم الشرطة بالمدينة للحصول على شهادة سكنى أخرى، ثم عملية الذهاب والإياب الشاقة بين مدينتك والمدينة التي توجد فيها العمالة، لتدفع ملفك من أجل الحصول على بطاقتك الوطنية). ولما كان مسقط رأسي وعنواني آنذاك بقرية شراعة التابعة للجماعة القروية بأكليم، ذهبت إذا إلى مكتب الكوراط بهذه الجماعة التي تبعد عن مدينة أبركان بحوالي عشرين كيلومترا لمن لا يعرف المنطقة، لكن هذا الأخير كان غائبا فسألت عنه أحد " الموظفين " إلا أنني ندمت على ذلك في الأخير، إذ بعدما وجهت إليه السؤال نظر إلي بشرود نظرة احتقار واستكبار، ورد علي بترفع وغطرسة مشيراً إلي بسبابة يده اليسرى وهو يهز فيها قائلا : ها هو ف جيبي.. هاه..!! مجتسا في نفس الوقت بيده اليمنى على جيبه، ثم توقف قليلا وأضاف بصوت فخم : أسييير قلب اعليه اراسك.. آ بنادم !!، ومضيت في حالي تائها دون أن أسأل غيره. وبينما أنا على هذه الحال، رق قلب أحد المواطنين لحالي فاقترب مني وكان يظهر عليه نوع من الانزعاج بسبب تصرف هذا الموظف، فقال لي : احرام اعليه.. ربي ايخلصو ! كادت دموعي تترقرق في عيني من شدة لطف هذا الشاب الذي أحس بألمي، فعانقني بأنس ليواسيني ويخفف عني وعكة القهر والاحتقار، وأخبرني أنه من عادة الكوراط مغادرة مكتبه والتوجه إلى السوق، نعم إلى السوق الذي لا زال موقعه على هامش الطريق الرئيسية، ليجلس في إحدى المقاهي يبيع ويشتري كل ما يقع بين يديه، أو يهتم بأشياء وأمور أخرى يحسم فيها في الخفاء. شكرت المواطن على حسن تعامله وطيب أخلاقه، ثم توجهت إلى السوق. ما كنت أعرف " الكوراط " من قبل وما سمعت باسمه ولم يسبق لي أبدا أن رأيت وجهه، الفضل يعود إلى هذا المواطن الرؤوف الذي أفادني ببعض المعلومات عنه ودلني على مكانه وزودني باسمه الذي هو : لمقدم حماد. وصلت إلى السوق وسألت أحدهم عن لمقدم حماد، فأرانيه جالساً مع شخصين آخرين حول طاولة " براد اصفير " في المقهى المقابل للسوق من جهته الشرقية آنذاك. أقول " آنذاك " لأن كل شيء قد تغير الآن. لم تكن هيئة لمقدم ولا هندامه يدلان على أنه شخصية إدارية؛ كان رجلا خشنا سمينا يناهز الستين، وله شارب غليظ يكاد يغطي شفته العليا بأكملها، وكان يرتدي جلبابا غليظا من الصوف البني، له صلعة ناصعة رأيتها مرة واحدة عندما خلع قلنسوته المغربية وحطها أمامه فوق الطاولة قبل أن يضعها من جديد على صلعته. دنوت من المجلس بكل أدب واحترام، وتلوت على أهله السلام، ولما لم يرد علي أحدهم فهمت أنهم غارقون في حديث مهم استرقت منه بعض الأطراف خفية : كان يدور حول أمور مادية، مثله مثل الأحاديث المتداولة في سائر الاسواق المغربية، أمور لم تكن تهمني بحكم سني ومهنتي، إذ كنت إذ ذاك في الثامنة عشرة من عمري، تلميذا أو - إن شئت سميني - طالبا في السنة الأولى ثانوي. قلت : كان الحديث مهما لأنه كان يتعلق ب " مادة " لم أكن أتقنها، هي مادة تجارة البذور بيعها وشرائها في سوق الجملة. بل لم ينتبه أحد منهم إلى وجودي على مقربتهم ولم يبد عليهم أي انشغال بما يجري أو يدور حولهم. تراجعت قليلاً إلى الوراء حتى لا أزعجهم أو أقاطع حديثهم، فجلست على حافة الرصيف غير قادر على فعل شيء سوى الانتظار أسائل نفسي وأهاجسها : سبحان الله، ما هذه اللامبالاة ؟ ولم كل هذا التقصير من طرف لمقدم حماد في أداء واجبه الإداري ؟ أيعقل أن يغادر مكتبه دون أي حرج أو خشية من القايد أو من غيره من الأكباش القرنة ؟ بعد بضع دقائق، اقتربت من المجلس بخطوات أترصد نهاية الحديث لأنقض على الكوراط، لكنه طال ثم طال قرابة ساعة كاملة دون أن يظهر أحدهم علامة او حركة تنبئ باقتراب نهاية الجلسة، كنت أتمنى أن ينهض أحدهم من مكانه فأكلمه على انفراد، عله يتدخل لي عند لمقدم حماد. أخيراً، نهض لمقدم نفسه وتقدمت إليه مهرولاً : - السلام عليكم السي حماد. فبدل أن يرد السلام، صاح في وجهي بصوت فض غليظ ومخيف : - واش ابغيت أنت عاود ؟ - الله أكبر.. قلت له : من فضلك السي حماد، قصدتك لأنني في حاجة إلى شهادة سكنى. - سير اللجماعة القروية ! - ولكن أنت موجود هنا ماشي في الجماعة ! - شهادة السكنى اتعطى في الإدارة ماشي فالسوق اسمعت ولا !؟ أوماشي أنا اللي نعطيها كاع أسيدي يالله ! - ولكنك الآن في السوق لا في الإدارة ! - إذهب وانتظرني هناك، قلت ليك ! - لقد انتظرتك هناك، ولما لم تأت أتيت بنفسي أبحث عنك في السوق، وها أنذا الآن وجدتك ! - أنت فيك لفهامات.. قلت لك : سير اللإدارة واستناني، واحد الشوية راني جاي ! ثم تركني لوحدي وذهب إلى مكان آخر كان به شاحنة كبيرة مليئة بأكياس من الشعير، وبدأ يتحدث مع الأشخاص الذين كانوا يعملون على تفريغها على متن ظهورهم.. قنطارا تلو قنطار. وبينما أنا واقف في مكاني بجانب الطاولة، كلمني أحد الشخصين اللذين كان لمقدم حماد يحادثهما، والشخص كان يبدو من خلال كلامه أنه إنسان لطيف وطيب. - واشت ابغيت اللمقدم أ ولدي ؟ - أبغيت يعطيني شهادة السكنى. - آاه اعرفت .. ابغيت إذاً " الرابول " ؟ - لا يا عمي، ابغيت شهادة السكنى. - نعم.. نعم، فهمت.. ولكن، لا بد أن يعطيك لمقدم " الرابول " كخطوة أولى، وتدفعه إلى مكتب الشواهد الإدارية في الجماعة القروية مرفوقا بنسخة من عقد الازدياد، ثم تدفع ثمن التمبر (درهم واحد)، وبعد ذلك تحصل على شهادة السكنى التى تتكلم عنها. - ماذا يعني الرابول من فضلك ؟ - الرابول هو عبارة عن ورقة (وثيقة) يكتب اعليها لمقدم بأنك فلان بن فلان زايد ف هاذ المكان ولا ذاك المكان او عندك فيه عنوان، أو تسكن بالعنوان الفولاني. وهنا فهمت بأنه يتحدث عن تلك الشهادة التي أشرت إليها في العنوان والتي لم أكن اعرفها من قبل، وهي من اختصاص الكوراط فقط، إنها " الرابول ". - طيب سيدي.. لكن ماذا يفعل لمقدم هنا إذا كان هو الذي يعطي الرابول في الجماعة القروية ؟ ورد قائلاً : هي هاذي المهمة اديال لمقدم، إلى ما صبتوش فالإدارة اعرف بلي راه يسرح من دار لدار، ايطالع على أحوال الدوار، ويسجل فراسو كل ما اتوصل ليه من أخبار، يعرف جميع الأسرار، ويفرق ما بين القار والمار، والضيف والجار، ويميز بين التقي والشقي والشفار. وبينما نحن على هذه الحال، رجع الكوراط إلى الطاولة فأقنعه الرجل المحترم بأن يهتم بشأني، ثم ناداني فأتيت إليه مهرولا. - عندك شي ورقة واستيلو؟ - انعام أسيدي. أخرجت دفترا مدرسيا بمربعات كبيرة، قطعت منه ورقة وقدمتها له مع القلم. سألني عمن أكون وأين أسكن وماذا أعمل... إلى غير ذلك من الأسئلة المخزنية الجاهزة، لكنه لم يدون حرفا واحدا من كل هذا، لماذا ؟ لأنه لم يكن يعرف الكتابة ولا القراءة ! فنادى على " كاتب " شخص من عامة الناس يعرفه، قام مقامه وحرر انعام أسيدي ذاك " الرالبول " Ras-le-bol. كان هذا الشخص متدربا ومعتادا على القيام بهذه المهمة فيما بدا لي، لأنه حرر الرابول بسرعة فائقة بعد أن طلب مني كتابة اسمي وعنواني ومعلومات أخرى على ورقة ثانية يستند إليها، ولما انتهى من التحرير قدم الرابول إلى لمقدم ليوقعه. الله أكبر.. ! أخرج لمقدم حماد ختم الجماعة الرسمي (tampon) من قب جلابته فنفخ عليه بفيه، ثم طلى بيده على بقايا الشاي في الصينية وحط عليها الختم وضربه بعد ذلك على الرابول، وانتظر قليلا حتى جف الشاي من على الورقة، ثم أخذ القلم وشطب على الختم فكان هذا الشطب بمثابة توقيع. كانت تلك هي طريقة لمقدم السي حماد في تحرير الرابولات وختمها وتوقيعها. بعد ذلك مد إلي الرابول بمهنية مصطنعة، مصحوبة بحركات وتعابير تدل على فخره بنفسه، وقال لي : هاك انعام أسيدي أدي هاذ الورقة للقروية أو غادي يعطيو ليك بها شهادة السكنى. وهكذا حصلت بحمد لله على وثيقة إدارية في مقهى القرية، كتبها بقلمي مواطن عادي بالمجان على ورقة خلعتها من دفتري، وختمها ثم وقعها موظف رسمي لم يكن يتوفر على لوازمه الأساسية، كل ما كان لديه هو ختم مؤسسة إدارية مخبأ في قِبّ الجلابية يصحبه أينما حل وارحتل. عدت بعد ذلك إلى الجماعة القروية لطلب شهادة السكنى المحلية، فحصلت عليها وانتهت القضية. ثم أقلت طاكسي اكبير عائدا إلى مدينة ابركان لطلب شهادة السكنى الذهبية من الكوميسيرية، ذلك المكان الذي كان الكل يخشى المرور بجانبه، فكيف بالأحرى الدخول إليه.. أما أنا فقد دخلته في ذلك اليوم وللمرة الأولى كالفاتح المنتصر. وفي اليوم الموالي كانت الشهادة جاهزة، سحبتها وتوجهت بالملف كاملا إلى مدينة وجدة، إلى مكتب تابع للعمالة، متواجد على مسافة قريبة من ساحة المغرب قرب محطة الحافلات القديمة، وهناك دفعت ملفي وأمضيته بأن وضعت لأول مرة في حياتي بصمات يدي اليمنى في المكان المخصص لها، وبعد شهر أو أكثر بقليل أصبحت والحمد لله مواطناً رسمياً حاملاً لبطاقة وطنية مغربية... انتهت القصة. إلا أن ثمة تساؤلات عديدة منها : من أين جاءت تسميتا الكوراط والرابول ؟ وهل استعمال أسلوب القمع والترهيب الصادر من بعض الموظفين المغاربة، والذي لا زالت آثاره قائمة للآن، كانت تمليه خطوات سياسية ومخزنية مبرمجة أم كان ذلك أمرا طبيعيا نابعا من ثقافة العباد في هذه البلاد ؟
محنة المحفظة مع سقاية مولاي الطيب مستقاة من قصة حية
طلب مني الأخ الناجم شريفي حفظه الله تطوير قصة طريفة حدثت لي- وأنا لا زلت طفلا صغيرا - مع سقاية البايلك المسماة آنذاك : " سقاية مولاي الطيب " السفلى، التي كانت مغروسة أمام مدخل المقبرة القديمة بحي سالم، مدينة أبركان (بركان). جاء هذا الطلب بعد أن لمحت إلى القصة في إحدى تعليقاتي على منشور من منشورات الأخ الكريم. وتلبية لطلبه، سأسرد القصة بالتفاصيل التي لا زالت أطيافها تتابعني إلى الآن وقد علا الشيب رأسي، محاولا قدر الإمكان أن أصيغها في قالب قصصي فني، أدخل عليه بعض المحسنات البلاغية والاقتباسات المأخوذة من القرآن الكريم والأمثال والحكم وغير ذلك من الصور الفنية التي قد تثير بعض التساؤلات المشروعة عند القراء. أشكر الأخ عبد الحق مهداوي الذي تنبه في إحدى تعليقاته على هذه القصة إلى أحد العناصر الفنية المستعملة في الكتابة القصصية، وهو عنصر التشويق " الهيتشكوكي " كما سماه، وفعلا، لقد وضعته في حسباني قبل مباشرة كتابة القصة والتزمت به أثناءها... قراءة ممتعة :
........................ القصة ....................... يوم المحنة الأولى : 1 - الحادثة : حدثت المحنة بعد عودتي من مدرسة الإمام علي في يوم من أيام بداية السبعينيات، حيث وضعت محفظتي التي لم تكن تحتوي على سحَّاب ولا على زر إغلاق، على حائط الصهريج الأعلى لسقاية مولاي الطيب السفلى، التي كان ماؤها سائغا للشراب، ولرش القبور وسقي البهائم والدواب. فبينما أنا اشرب من الصنبور، انزلقت كل محتويات المحفظة فسقطت في الصهريج الذي كان مليئا بالمياه، وما بقي فوق الحائط إلا المحفظة فارغة تشهد على عملية الغرق، تئن وتندب الغرقى وتبكيهم. كان قعر الصهريج عميقا على قد نصف قامتي وأنا طفل في العاشرة من عمري، أو يتعداها ببعض الشهور. - فماذا حصل بعد ذلك ؟ كنت لوحدي، فخلعت نَعْلي دون ملابسي ودخلت في الصهريج لإنقاذ الغرقى، لكن الدفاتر كانت قد شَرِقت فغمرها الماء، ونفذ إلى كل الصفحات، فامتص روحها، ثم هلكت، كل ما كان مكتوبا بمداد المحبرة تحلل وذاب وغاب. كانت دفاتر ذلك الزمان من النوع الركيك، ورقها يمتص الحِبْر بسرعة، كالمِنْشَفَة التي إذا سال عليها سائل تمددت بقعه، وتوسعت على الورق مساحته، أما إذا سال عليها الماء أزال البقع كلها، فكيف لخطوط الريشة المحررة بحبر " الدواية " ألا تزول ؟! 2 - قصتي مع محتويات المحفظة : لما أخرجتها ووجدتها على الحالة المذكورة، لم أدخل إلى البيت في الوقت كعادتي، بل لملمت كل شيء على حاله وتوجهت إلى مكان معزول، بعيدا عن مَرْأى الجميع لأتثبت من حالة كل محتوى على حدة، كانت الكتب مبللة ولم يصبها أذى خطير، كان علي فقط أن أقوم بتجفيفها، لتعود المياه إلى مجاريها، أما محتوى المقلمة وتلك الأدوات البلاستيكية، فلم أعِرْ إليه اهتماما كبيرا، لأنه كان منيعا لم يتأثر بفعل الماء كثيرا. يبقى مشكل الدفاتر، التي لم يكن يجدي معها أي إصلاح أو ترميم أو تجفيف، كل الدروس والتمارين كان قد شربها الماء، ولم يبق منها إلا تلك الخطوط الخضراء والحمراء، التي كانت تسطِّر التواريخ والعناوين، وتلك الكلمات المكتوبة بأقلام ملونة جافة. فلم يكن لدي إذ ذاك إلا اختياران أواجه بهما والدتي ومعلميَ كل في وقته، أما والدي حفظه الله، فكان في بلاد المهجر في آونته : - إما الحقيقة المرة وأروي لهم قصتي، وإما اصطناع حادثة أعتق بها رقبتي، لكن كيف يمكن لتلميذ صغير استحوذ عليه الخوف وشدته الحِيرَة، أن تخطر على باله فكرة عجيبة، أو يبتدع أكذوبة تناسب حجم المصيبة. مر بعض الوقت على تجفيف ثيابي وكتبي، تخللته لحظات هَجْس نفسيّ، مصحوب بعبرات بكاء خفي، ولما أشرفت الشمس على الغروب، هزني التفكير في والدتي وخفت أن تقلق أو تكترث من غيابي، فجمعت حوائجي وأنا في حالة حزن واكتئاب. 3 - في البيت : دخلت البيت و تفاجأت والدتي، ولما تَنَفَّسَت الصَّعْداءَ لرؤيتي، اعتبرتُ ذلك علامة على سلامتي؛ نهرتني قليلا كما تنهر كل أم ابنها، لكن من أين أبدأ لأحكي قصتي لها؛ لم أتمالك نفسي أمامها، فخررت باكيا بين يديها، أترجى شفقتها ورأفتها، فالإبن لم يكن مذنبا كما تعلمون، لكن الأم عادة ما تظن بابنها الظنون. - ماذا حصل ؟ همت قائلة، وهنا رويت لها القصة كاملة، فظنت بذلك أن العلم كله قد ضاع مني، فحاولت أن تسترجع ما تبقى منه بتسخين الكتب المبللة، على نار الفرن الخفيفة، وأنا من جهة على الفرن الآخر، كتابا.. كتابا إلى أن تأكدتْ من ظهور بصيص من الأمل فتوقفت عن التسخين، ثم أَخْرَجَت الكتب ونشرتها بطريقتها الخاصة على سطح المنزل، ولما أصبح اليوم الثاني تأكدتُ من خبرة الأمهات في " نشر الكتب " المبللة، فمن شدة اليبس قد تحولت إلى كأنها " كتب مجلدة ". ..... يوم المحنة الثانية : 1 - عطف وحنين : رباه !! لم أطق تحمل هذا الوزر الذي أرَّقَني ليلة بأكملها، فبت أفكر طيلتها في كيفية مواجهة المعلم بما سلف، وفي استعادة ما ضاع مني وما تلف. أصبحت وأصبح الملك لله، أيقظتني والدتي (حفظها الله) بعدما أعدت الفطور، ووضعت بجانبه ما كنا قد سخناه بالأمس ثم يبسناه، وكأني منها كانت تحب أن أراه، حتى يخف عني الضَّنَى.. فما أضناه ! فنادتني بصوت رقيق، وقالت لي كلاما يبعث على الارتياح، وتنشرح له الصدور وترتاح، كلاما لا يعتبره إلا أولي الأبصار، أي بكل بساطة واختصار : إحك للمعلم كل ما صار، والتزم في ذلك الهدوء والوقار، فإن ما حصل قد حصل، وكل شيء في هذه الدنيا بأجل. فنِعْمَ الأم التي تقف بجانب ابنها، وتخفف عنه سوء الحال بعطفها، ولا تدفعه عنها أبدا حتى ولو عاقها؛ ولِمَ لا نعمة الأم ! ورب العباد قال فيها : لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها، (و) لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها. (اللهم بارك لأمهاتنا في عُمرهن، وألبسهن ببركتك ثوب العافية في روحهن وجسدهن، واغنهن من فضلك في ذهابهن وإيابهن، وأطل في عمرهن مع العافية في صحتهن ودينهن، واجعل آخر كلامهن من الدنيا : لا إله إلا الله محمد رسول الله). آمين. نصيحة لكل من فقد أمه : أكثر لها الدعاء بالرحمة، واسأل الله أن يحشرك معها في الجنة. أعود فأقول : ثم توكلت على الله في تلك الصبيحة وتوجهت إلى المدرسة، فكان لا بد في طريقي أن أمر بالسقاية " الملعونة "، التي ذللتني وجعلتني أضحوكة، أضحوكة ما أدراكها أضحوكة، حتى صرت أنظر إليها كأنها إنسان حي، فالتقطت حجرا من الأرض ورجمتها، انتقاما لي ولمحتويات محفظتي من فعلتها. عجبا ! ها قد تغيرت الظروف والأحوال، ومضت السنون وتبدلت الأجيال، فلم يبق لهذه السقاية وجود ولا أثر، لا أحد يحكي عنها، أو يروي لنا قصة حية تُذكر؛ يكاد الزمان يمحيها من ذاكرة الإنسان، ويُنْسيها له إلى أبد الدَّهَر. كم صرت اليوم أشتاق لرؤيتها، وأحن إلى شربة ماء من صنبورها، أما إن مررت بمكان موقعها، أحسبني امرؤ القيس يحن إلى الديار بالوقوف على أطلالها. فكل شيء من هذه السقاية قد ذهب، شأنها في ذلك شأن الصومعة التي نصفها ذهب(1)، فرغما عني وبحكم سني، لم يبق لي إلا التسليم بكلام واقعي، جاء على لسان تابع شافعي : اتْرُك التشوق للمفقود، وتمسك بما هو موجود(2)، فالموجود هو هذه الحكاية، والمفقود هو تلك السقاية. لكن أخي الفاضل، لقد نسيت قصتك !؟ 2 - عفوا !! في المدرسة : ثم دخلت القسم وأنا أشعر بانقباض في المَعِد، وكل أعضاء جسمي من شدة الخوف تَرتعد، سألني المعلم عن سر هذا الانقباض الذي تَمَلَّكَني، ولم أستطع الرد لأن الخوف أبكمني، قصدني إلى مقعدي يهمهم بكلام لا يُفهم معناه، وكل الأنظار من حولي متوجهة إلى نفس الاتجاه. ثم أخذ يمسح بيده على رأسي بلطف كما يفعل الآباء لأبنائهم، ليهدأوا من رعب انفعالهم، وينبسطوا من جرَّاءِ خوفهم وانقباضهم، ثم قال مشيرا إلى تلاميذ القسم : - إن لم يكن أحد من هؤلاء قد ضايقك، فلا شك أن أمك هي التي تكون قد صانتك ( 3 ). فاستطار القسم ضحكا بسماع هذا الكلام، وهنا بدأت الأضحوكة التي كنت قد توقعتها، والتي سيندم عليها المعلم والجماعة كلها، ويحولها رحمه الله من بَعْد إلى أعجوبة خَلَّدتها. 3 - زفرة الفرج : عمت القاعةَ ضَوْضَاءُ تخللتها بعض الإيماءات المعبرة، هذا يَهمِز وذاك يَلْمِز والآخر يَغمِز، فأثار هذا السلوك السيئ حافظة المعلم، وكلمة حق وصدق تقال فيه والله أعلم : كان طيب السريرة، ظاهره لم يكن يخالف ضميره. لقد أنَّبَهُ قلبه عما تَلَفَّظَ به، وأراد أن يكفِّر عن ذنبه، فصاح في وجه التلاميذ قائلا : هدوء .. هدوء تام !! وفجأة هدأ الضجيج كأنه ما قام، ثم عاد إلى مداراتي مرة أخرى، وهاجسني بكلام في أذني اليسرى : ما لك يا بني ؟! قل لي ماذا جرى لك ؟! هل حدث لك مكروه ؟! أنا هنا لأساعدك ! انهار الدمع من عينيَّ وكَفْكَفْتُه، وانشرح صدري لِمَا سمعته، تذكرت نصيحة أمي فصارحته، ثم أخرجت جثث الدفاتر ونشرتها أمامه، كانت بعض صفحاتها قد التصقت، أراد أن يفْرُق بينها فتقطعت، حاول مرة أخرى، ثم أخرى، وتَوَقَّفـ (ـا)، ثم غادر القاعة دون أن نعْلَمَ أين اختفى. وبعد فترة قصيرة، عاد وخلفه معلم اللغة الفرنسية، وكعادتنا، عندما يدخل الضيف يقف القسم للتحية، اقترب مني الإثنان لتفحص الوضعية، ثم دارت بينهما مشاورة سرية، حُسِم الأمر بعدها وانتهت القضية. نعم، انتهت القضية في الحال، إذ بقَدْر الرأي تُعتَبَر الرجال : لقد اتفق المعلمان رحمهما خالق الأرض والسماء، على تعيين بعض التلاميذ النجباء، ذوي الخط الواضح الجميل، الذين يتميزون بالسرعة في الكتابة، ثم أُمِرتُ بشراء دفاتر جديدة، ذات الثماني والأربعين صفحة، وجئت بذلك في اليوم الموالي، فقام المعلم بخلع الدبابيس أو المشابك، التي تمسكها من الوسط لتبقى الأوراق مزدوجة، كما قام بكتابة عناوين الدروس والتمارين في رأس كل صفحة، معتمدا في ذلك على دفاتر بعض التلامذة " العباقر "، المتفوقين في كل شيء حتى في العناية بالدفاتر، ووزع الأوراق على التلاميذ الذين اختارهم للمساعدة، ووضح لهم التعليمات والتوجيهات اللازمة، التي يجب اتباعها حتى تكون عملية النسخ مُحْكَمة، وطلب منهم أن يستعينوا بدفاترهم في إنجاز هذه المهمة. ونفس العملية قام بها أستاذ الفرنسية مع تلاميذ آخرين، بعضهم كان من قسمي وبعضهم من القسم الآخر، وفي ظرف أقل من أسبوع، كان كل شيء قد تم وانتهى، ثم أعاد المعلم الأوراق مكانَها. لم نكن متعودين على النطق بكلمة شكر بأفواهنا، لكن خَصْلَة الاحترام والتبجيل، والاعتراف بالجميل، كانت دائمة الحضور في قلوبنا؛ فلم نبخل أبدا على الكبار بقدرهم، ولم نبْخَس الصغار أشْياءهُمْ، فلَيْتَ شِعْرِي لو تعود ذكريات ذلك الزمان، ويُشارُ إليها اليوم بالبَنان، فيها ما فيها من العِبَر والدروس، التي قد يعجز عن وصفها اللسان. تذكير : لم يكن لآلة التصوير في ذلك الوقت وجود، وإلا لخَفَّفت من حدة الأمر، ولَمَا بُذِلت كل هذه الجهود، لكن التكافل والتضامن بين الكبير والصغير، كانا حالة فطرية تنبع من أعماق قلب الكثير، فكلما وُجِدَ المرء في الضيق أعْزَلا، جاءه البُشْر بالعون مُهلِّلا، وهرع الكل لتقديم يد المساعدة؛ هذا ما حصل لي مع المعلم والزملاء في تلك الآونة. نتهت القصة. أسْتودِعكُم الله. محمد موح ------------------------ (1) - إشارة إلى صومعة حسان بالرباط، التي ذهب نصفها الأعلى وليس كونه من الذهب. (2) - اقتباس لقولة أبي عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي، في تعريف القناعة. انظر كتاب : مسلك الأتقياء ومنهج الأصفياء في شرح هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء/ عبد العزيز بن حفيد زين الدين المليباري، ص : 98. (3) - صان الشيء إذا حافظ عليه، ويقال للإنسان إذا ارتكب ذنبا أو خطأ فعوقب عليه.
خاصية لغوية يزناسنية
ما زال اللسان اليزناسني يحتفظ ببعض الخصائص الصوتية التي تتميز بها عاميته العربية وأمازيغيته مقارنة باللهجات المغربية الأخرى، وأقصد بذلك، النطقَ الواضح والصحيح للحروف / الأصوات الأسَلِيّة المُعْجَمة، أي تلك التي تُنطَق بفعل احتكاك أسَلَة اللسان بثنايا الأسنان العليا، وهذه الحروف / الأصوات هي : الثاء، والذال، والظاء، التي تكاد تفقدها العامية المركزية، بل وحتى بعض الأمازيغيات. نماذج من النطق اليزناسني لهذه الحروف : - ذاب - هاذاك - مذبال ... - الحرث - الثلج - مثلث ... - النظرا - لعظام - الظامة ... - ثافقونت (الكانون أو الموقد ) ... - ثمورث انغ ثعز (أرضنا عزيزة)... - أذان (المصران) - أذبير (الحمامة...( - ظاظ (الأصبع) - أظيل (العنب...( قد يخلط اليزناسني أحيانا بين صوت الظاء وصوت الضاد فينطق هذا الأخير ظاء : (القاظي بدل القاضي)، (اظرب بدل اضرب)، (عظ بدل عض)، وأعتقد أن سبب ذلك يعود إلى رغبته في توخي التسهيل في الكلام، لأن الضاد كما يقول أهل اللغة من الحروف الخشنة وأصعبها في النطق والأداء، ولأن الظاء والضاد صوتان مفخمان، تجمعهما صفة الجهر ويتقاربان في المخرج، فاختار أسهلهما وهو الظاء، لكن مع ذلك نجده يفرق جيدا بين الحروف المعجمة كلها أثناء الكتابة؛ فيكتب الثاء ثاء، والذال ذالا، والضاد ضادا، والظاء ظاء، بينما نجد الناطق بالعامية المركزية يخلط بين الظاء والضاد وينطقهما ضادا، ويضيف إلى ذلك نطق الثاء تاء، والذال دالا، بل ويظهر عنده هذا الخلط حتى على مستوى الكتابة، سواء كانت بالعامية أو بالعربية الفصحى. لننظر في ذلك قليلا من خلال بعض الأمثلة حتى نفرق بين الخطأ والصواب : بالنسبة لحرف الذال : - تقول العامية المركزية (ديب هادا)، ويقول الزناسني (ذيب هاذا)، يقابله في العربية (ذِئْبٌ هذا( - كما تقول (الدَّلّ)، واليزناسني يقول (الذَّلّ)، ويقابله في العربية (الذُّلّ(. وبالنسبة لحرف الثاء : - فالعامية المركزية تقول (تَمَّ)، في حين يقول اليزناسني (ثَمَّ)، وفي العربية (ثَمّ، اسم إشارة للبعيد( - وتقول أيضا (مْتَلَّث)، أما الزناسني فيقول (مْثَلَّث)، ويقابله (مُثَلَّث) في العربية. أما بالنسبة لحرف الظاء : - تقول العامية المركزية (ضْلام)، في حين يقول اليزناسني (ظْلام)، ويقابله في العربية (ظَلام.( - ثم تقول (نْضن)، بينما الزناسني يقول (نْظن)، وفي العربية (أَظُنُّ - نظُنُّ.( تجدر الإشارة إلى أن نطق الظاء ضادا يكاد يكون مستحيلا في اللسان اليزناسني، بينما نجده متداولا بكثرة في لسان الناطق بالعامية المركزية وفي غيرها من اللهجات المغربية، لدرجة أن كل الأصوات الأسلية المعجمة قد اختفت عند الناطقين بهذا اللسان، وحلت محلها أصوات أخرى قد تؤدي أحيانا إلى تغيير معنى السياق الذي ترد فيه. يبدو إِذاً أن العامية العربية التي يتكلم بها بنو يزناسن أقرب إلى اللغة العربية الفصحى على الأقل من حيث احترامُها للنطق الصحيح للحروف المعجمة المذكورة، على عكس العامية المركزية التي تكاد تقصيها من أبجديتها، سواء أثناء الكلام أو القراءة أو الكتابة. أما أمازيغية بني يزناسن فتحتفظ هي الأخرى بكل حروفها وبخصائصها الصوتية الأصيلة، كالإعجام والنبر والتفخيم والترقيق، مثلها في ذلك مثل اللغة العربية الفصحى، الشيء الذي تتجاهله الألسنة الأمازيغية الأخرى مثل تشلحيت والريفية على سبيل المثال. ..................... مقتطف بشيء من التصرف من قرائتي النقدية لديوان " لباردي والفردي " للشاعر الزجال محمد مهداوي.
لغويات أمازيغية (1)
لغتنا الأمازيغية لها خصائص مهمة قليلا ما ننتبه إليها، لأنها لغة شفوية لم يتم التقعيد لها بشكل عام حتى تترسخ قواعدها في أذهاننا ونفهم أسرارها. 1 - الإضافة في أمازيغية بني يزناسن: (قلب ثاء المؤنث تاء) عندما يكون المضاف إليه مؤنثا في أمازيغية بني يزناسن، تبدل ثاؤه المفتوحة تاء ويحذف مدها ويعوض بسكون خفيف يتم نطقه بين الفتحة والسكون التام، وهو ما يسميه علماء اللغة ب schwa] = [ə]] القريب نوعا ما من نطق حروف القلقلة(*) في اللغة العربية التي ينطق فيها السكون بنبرة خاصة وكأنك تسمع صوتا يميل إلى حركة الفتحة. فيما يلي بعض التطبيقات : )- ثامطوث ) [thāmattoth، تتحول في الإضافة إلى : (تمطوث) بعد أداة الإضافة (ن)، فنقول : (فوس ن تمطوث) [fous n-təmattoth]، أي : يد المرأة. )- ثافقوتت)) [thāfqount]، تتحول إلى : (تفقونت) [təfqount] بعد حرف الإضافة، فنقول (إيغذن ن تفقونت [iɣdhan n-təfqount]، أي : رماد الموقد أو الكانون. وهذا الرمز (ɣ) يعني صوت الغين في علم الأصوات. وقس على هذين المثالين كلمات أخرى مثل : ثاريا، ثافوناسث، ثامورث، ثالفسا... وسنعود كل مرة إلى هذا النوع من اللغويات، وفي المنشور القادم سنتحدث إن شاء الله عن إضافة الاسم المذكر في أمازيغية بني يزناسن. ................... (*) - حروف القلقلة هي : القاف، والطاء، والباء، والجيم، والدال، المجموعة في كلمتي (قطب جد(
لغويات أمازيغية (2)
2 - الإضافة : (قلب ثاء المؤنث وحكم مد الياء). سبق أن رأينا هذا القلب مع مد الألف، وكذلك تقلب ثاء المؤنث المضاف إليه تاء مع مد الياء، سواء كانت الإضافة في حالة إفراد أو في حالة جمع، إلا أن المد في هذه الحالة يلزمه إما حكم الإخفاء وإما حكم الإظهار وإما حكم الاختصار. لنوضح ذلك بتقديم بعض الأمثلة التطبيقية : - ثيمسِّي (مفرد) [ θīmassī ](*)، تتحول في حالة الإضافة إلى (تْمسِّي) [ tmassī ] كما في قولنا : (الريحث نْ تْمسِّي) [ arriẖaθ n-tmassī ]، أي : رائحة النار، قلبت هنا الثاء تاء واختفت الياء الممدودة. - ثييْني (مفرد) [ θīynī ]، تتحول إلى (تِيْني) [ təynī ]، في قولنا : (أغياي نْ تِيْني) [ aɣyāy n-təynī ] أي : نواة التمر، وفيه انقلبت ثاء المضاف إليه تاء وتحول المد الطويل إلى حركة قصيرة. - ثيطّ (مفرد) [ θīṭṭ ]، تتحول فيها الثاء إلى تاء مع بقاء المد على حاله، فنقول : (أمانْ نْ تيطّ) [ amān n-tīṭṭ ]، أي : ماء العين، وبحكم الإدغام ينطق النونان نونا واحدة مشددة، هكذا : [ amā N-tīṭṭ ]. - ثيوُورا (جمع) [ θīwōra ]، تقلب فيها الثاء تاء ويحذف مدها تماما، فنقول : (لَبْلَعْ نْ تْوُورا) [ lablaε n-twōra ]، أي : قفل الأبواب. 3 - الإضافة : (قلب ثاء المؤنث تاء وحكم مد الواو). عندما تكون ثاء الِاسم متبوعة بمد الواو يقع لها نفس التحول الذي حدث لها مع مديْ الألف والياء، إلا أن مد الواو هنا غالبا ما يبقى ظاهرا، سواء جاء الِاسم المضاف إليه على صيغة الإفراد أو على صيغة الجمع، نحو : - ثوريفث (مفرد) [ θūrīfθ ]، كذلك تقلب فيها الثاء تاء مع الحفاظ على مد الواو كاملا، فنقول : (إرذن نْ توريفث) [ irdhan n-tūrīfθ ] مع إدغام النونين لفظا، أي : القمح المڨلي أو المشوي. - ثوذرين (جمع) [ θūdhrīn ]، تقلب الثاء تاء في حالة الإضافة مع بقاء المد الأصلي، هكذا : (باب نْ توذرين) [ bāb n-tūdhrīn ]، أي : صاحب المنازل... وقس على هذا والله أعلم. نستخلص من كل هذه الأمثلة أن ثاء الِاسم المؤنث في أمازيغية بني يزناسن تتحول دائما إلى تاء كلما جاء هذا الِاسم على صيغة المضاف إليه، أما المدود الثلاثة التي تلي الثاء، فقد تظهر أو تخفى أو تقصر نتيجة لهذا التحويل، وإلى درس آخر بحول الله. ....................... (*) - صوت الثاء يرمز له في أبجدية علم الاصوات بهذه العلامة [θ].
لغويات أمازيغية (3)
أدوات الجر في أمازيغية بني يزناسن. تحتوي أمازيغية بني يزناسن على أدوات لغوية، مثل حروف الجر والظروف، تعمل في ما يليها من الأسماء والأفعال، إلا أن أغلبها لا يأتي متبوعا إلا بأسماء، وأدوات الجر في هذه اللغة منها ما يبقى ثابتا على حالة واحدة في كل السياقات ومع كل الصيغ الصرفية المتعلقة بالجار، ومنها ما تتغير حالته نتيجة للقيود الصوتية التي تفرضها اللغة نفسها على الناطقين بها. ولعل ما يميز أدوات الجر في أمازيغية بني يزناسن أن أغلبها يحمل معاني مختلفة غالبا ما يحددها السياق الذي ترد فيه. وأهم هذه الأدوات اللغوية هي : 1 - ذي/ ذو / ذݣ = في 2 - خ/ خو = على، فوق، حول، عن، ب 3 - غر = إلى، عند، لدى، لِ 4 - زي/ زو / زݣ = الباء، مِن، منذ 5 - إِ = ، لِ، إلى 6 - سواداي = تحت 7 - أكذ = مع، في 8 - آم / بحال = كاف التشبيه، مثل 9 - ازاث(ي) = قرب، أمام 10 - قبالت = أمام 11 - أوري = وراء، خلف، بعد 12 - أورود = دون، قبل، 13 - مانيس = أنّى، من أين 14 - زذاخل = داخل 15 - برا = خارج 16 - سنج = فوق 17 - جار = بين 18 - آل = إلى، حتى، إلى غاية 1 - حرف الجر (ذي) معانيه وحالاته : يقابله في الأصل حرف الجر (في) في العربية. لحرف الجر (ذي) أثناء الكلام بأمازيغية بني يزناسن ست حالات لفظية على الأقل، وهي : ١ - عندما يكون متصلا باسم مجرور مؤنث، يبقى حرف الجر على أصله، أي (ذي)، وأمثلة ذلك : )- ذي ثمورث، ذي ثوورث، ذي ثريا، ذي ثمديمت ... وعندما يكون مسبوقا بحرف ساكن من الحروف الأسنانية الانفجارية النطعية (ت، د، ط) أو الاحتكاكية اللثوية (ث، ذ، ظ)، يخضع لعملية الإدغام في مثل : )- قات/ث ذي ثادارث) يتحول إلى : قادِّي ثادارث، أي هي/ هو في الدار. - (يوسد ذي ثمديث) يتحول إلى : يوسَدِّي ثمديث، أي جاء ليلا. - (قاث عاذ ذي ثمورث) يتحول إلى : قاث عادِّي ثمورث)، أي ما زال في البلد. - (أحظيظ ذي ثكروصث) يتحول إلى : أحظيدِّي ثكروصث، أي الرضيع في العربة. ٢ - إذا اتصل حرف الجر (ذي) باسم مذكر غير مهموز أوله، يتحول إلى (ذو)، دون أن يصيب هذا الاسمَ المذكر تغييرٌ في صيغته الصرفية، وذلك في مثل : )- موش : ذو موش)، (فان : ذو فان)، (فيلو : ذو فيلو)، (ظاظ : ذو ظاظ)، (شال : ذو شال)، (فوس : ذو فوس)... ٣ - إذا اتصل باسم مفرد مذكر أول حروفه همزة يليها حرف متحرك، ينطق (ذو) وتحذف همزة هذا الاسم، نحو : - أشرويظ (ذو شرويظ)، أقموم (ذو قموم)، أبلاع (ذو بلاع)، أسرذون (ذو سرذون)، أقلوج (ذو قلوج)، أغي (ذو غي)، أجنا (ذو جنا) ... ٤ - إذا اتصل باسم مذكر أول حروفه همزة يليها حرف ساكن، ينطق (ذݣ) ويحذف الحرف المهموز، سواء كان هذا الاسم مفردا أو جمعا، نحو : - أرياز (ذُݣرياز)، أقبوب (ذُݣقبوب) ... - أخام ( ذُݣخام)، أحفير (ذُݣحفير)، أبريذ (ذُݣبريذ) ... - إريازن (ذَݣيريازن)، إخامن (ذَݣيخامن)... - إصغوان (ذَݣصغوان)، إحفران (ذَݣحفران) ... ٥ - إذا اتصل باسم مُعَرَّب مُعَرَّف بأل أو بغيرها، ينطق (ذي)، كما في الأمثلة التالية : - الحني (ذي الحني)، الحِيظ (ذي الحِيظ)، العيذ (ذي العيذ)، السكار (ذي السكار)، القَنْدْرَثْ (ذي القَنْدْرَثْ)، الباؼور (ذي الباؼور) ... - لبحر (ذي لبحر)، لبلع (ذي لبلع)، لمقس (ذي لمقس)، لخلا (ذي لخلا ...( ٦ - وعندما يأتي حرف الجر (ذي) متصلا باسم مجرور مضمر، يبقى دائما على أصله، أي ينطق (ذي)، وكذلك إذا ارتبط ببعض أسماء الإشارة، نحو : - ذي نتش (فيَّ أنا) أو ذي (فيَّ)، ذِيؼ (كاف ألمانية)، ذِيم، ذِيس، ذِينغ، ذِيوَنْ، ذِيسنت لرياح والعياذ بالله. - ذي وو (في هذا)، ذي ثو (في هذه)، ذي يِييَّا (في هؤلاء)، ذي ثييَّا (في هذه، لجمع المؤنث غير العاقل) و (في هؤلاء، لجمع المؤنث العاقل). ملاحظة : أحيانا تلحق (ذي) الضمير المتصل (آك = كاف الخطاب) و (آس = هاء الغائب والغائبة) و (آسن = هم) و (آسنت = هن)، فيتغير نطقها وكذلك معناها الذي يتحول إلى معنى لام الجر (ل)، نحو : مامك / ميسم ذاس ثكيذ / ذاك قارن / ذاسن قارن / ذاسنت قارن. ولنا لقاء مقبل إن شاء الله مع حرف آخر.
لغويات أمازيغية (4)
أدوات الجر في أمازيغية بني يزناسن (تتمة). (2) - معاني حرف الجر (خ) وحالاته : (يقابله في الأصل حرف الجر (على) في العربية. كما هو الشأن في اللغة العربية وفي غيرها من لغات العالم، حروف الجر في أمازيغية بني يزناسن ترتبط ارتباطا وثيقا بالأفعال، فلا يتحقق المعنى المراد إلا بالجمع بينهما، فحرف الجر لا ينحصر عمله في جر الاسم الذي يليه، وإنما له أيضا وظيفة دلالية في علاقته السياقية بالفعل الذي يسبقه، فعندما نقول مثلا : (اسيولغ ذيس = تكلمت فيه)، (اسيولغ خس = تكلمت عنه)، (اسيولغ أكيذس = تكلمت معه)، يبقى الفعل هو نفسه وبنفس المعنى في الحالات الثلاث، لكن بتعلقه بأدوات جر مختلفة نحصل على معاني متنوعة. ولقد رأينا في الدرس السابق(*) تغير معنى الفعل بتغير معنى حرف الجر (ذي)، ونفس الشيء يقال عن الفعل المتعلق بحرف الجر (خ)، وهذا بيانه : معاني حرف الجر (خ): ١ - حرف الجر (خ) بمعنى (على): - يوسَد خّس أرّوظ (أي ناسبه) : الفعل (يوسَد) في هذا السياق يلزمه حرف الجر (خ = على) المتصل بضمير الاسم المجرور (س = هو) للدلالة على أن اللباس (أرّوظ) يناسب الشخص، فإن استعمل حرف آخر تغير معنى المناسبة. ونفس المناسبة المعنوية نجدها في العامية اليزناسنية لكن باستعمال جارين هما : (على) و (مع)، فنقول : جا عليه اللباس، أو : جا معاه اللباس. ٢ - حرف الجر (خ) بمعنى (عن): - يَسَّاوال خ فلان (يتحدث عن فلان) : الفعل (يَسَّاوال) هنا يلزمه حرف الجر (خ = عن) إن قصدنا معنى الإخبار أو التحدث عن شخص أو عن شيء من الأشياء. ٣ - حرف الجر (خ) بمعنى (حول): - يتَّنَّظ خ ومؼان (يحوم حول المكان) : الفعل (يتَّنَّظ) يلزمه كذلك حرف الجر (خ = حول) للدلالة على معنى الحوم والدوران بمكان ما أو حول شخص معين أو موضوع محدد. ٤ - حرف الجر (خ) بمعنى (فوق): - يَمَّرْس وَجْظيظ خ ثشجرت : (حط العصفور فوق الشجرة)، يلزم في هذا السياق استعمال حرف الجر (خ = على) لكن بمعنى (فوق) التي تفيد الظرفية المكانية، لأن الحط يتم من الأعلى إلى مكان آخر أعلى بقليل بالنسبة للأرض. ٥ - حرف الجر (خ) بمعنى (على) التي تفيد العلية أو السببية : - يَتْشا خّس بُونَرْجُوف : (أكل عليها بُونَرْجُوف)، وبُونَرْجُوف عشبة يقال إذا أكلها الحبيب عادت إليه حبيبته. فاستعمال حرف الجر (خّس) بمعنى (على) لا يدل هنا على الاستعلاء الحقيقي وإنما هو للتعليل، أي : أكل من أجلها أو بسببها بُونَرْجُوف من شدة حبه لها. ٦ - حرف الجر (خ) بمعنى (بِ): - كّيغ خّس : (مررت به / بها)، حرف الجر (خ) في هذا السياق يفيد معنى الإلصاق المجازي، ويدل على إلصاق العبور أو الاجتياز بمكان معين أو بشخص معروف، أما الإلصاق الحقيقي فيعبر عنه في أمازيغية بني يزناسن بحرف الجر (ذو/ذي أو زو/زي = بِ) نحو قولنا : اطّفَغْ ذو فوس نَّس (أمسكت بيده)، اطّفَغْث زو فوس (أمسكته باليد). سنتحدث في الدرس القادم إن شاء الله عن الصور الصوتية التي يظهر عليها حرف الجر (خ)، وعن مختلف الحالات السياقية والتركيبية التي يرد فيها.
لغويات أمازيغية (5)
(3) - حرف الجر /خ/، صوره وحالاته في أمازيغية بني يزناسن. من الناحية الصوتية، يتخذ حرف الجر /خ/ في أمازيغية بني يزناسن صورا مختلفة تحددها البنية أو الصيغة الصرفية للكلمة التي يلتصق بها، وقد يؤثر هذا الجار بدوره في بنية الكلمة التي يدخل عليها فيغيرها بحذف صوت أو بقلبه إلى صوت آخر، لو افترضنا أن الصورة الأصلية لهذا الحرف هي /خ/ المجردة، فإن الصور التي تتفرع عنها تفرزها بنية الكلمة المتعلقة به. فيما يلي أهم الحالات للتغيرات الصوتية التي تطرأ على هذا الجار وعلى بنية المجرور. ١ - /خْ/ بالتسكين : 1 - في المفرد المذكر المهموز الحرف الأول، الساكن الحرف الثاني، وفي هذه الحالة تقلب الهمزة واوا أو ياء، نحو : - أرياز /خْ وَرْرياز/(*)، أحفير /خْ وَحْفير/، أجْظيظ /خْ وَجْظيظ/، أزرو /خْ وَزرو/. - إغذن /خْ يِغذن/، إرذن /خْ يِرذن/، إنجان /خْ يِنجان/، إزمر /خْ يِزمر/. وعندما يأتي الحرف الذي يلي الهمزة مشددا، غالبا ما تتحول واوُ أو ياء القلب إلى صوت ممدد : - أدّار /خْ وادّار/، أرّوظ /خْ وارّوظ/، أزّال /خْ وازّال/، أشّن /خْ ووشّن/، إخّامن (خْ ييخّامن/. ملاحظة هامة : تسقط همزة التعريف تماما (أي وجوبا) من كل الأسماء المهموزة في حالتي الجر والإضافة سواء جاءت هذه الأسماء على صيغة الإفراد أو على صيغة الجمع. 2 - في الأسماء التي تبدأ بمتحرك متبوع بساكن أو بمد أو مشدد. أمثلة من المتحرك + الساكن : - عشرا /خْ عشرا/، ثِيْني /خْ ثِيْني/، لمصير /خْ لمصير/، رحمة /خْ رحمة/، لبحر /خْ لبحر/، لغلا /خْ لغلا/، لعلو /خْ لعلو/، زلْمظ /خ زلْمظ/. أمثلة من المتحرك + المد : - ثافقونت /خْ ثَافْقونت/، ثيصّنفث - ثيصّناف /خْ ثيصّنفث - خْ ثيصّناف/، ثوريفث /خْ ثوريفث/، ثاميمونت (خْ ثاميمونت)، باب نتمورث /خْ باب نتمورث/، ثاوورث /خْ ثاوورث/، فيغر /خْ فيغر/، إيلس /خْ ييلس/. وقد يحذف المد أحيانا في هذه الحالة مع بقاء حرف الجر ساكنا، وتطبق قاعدة المتحرك + ساكن : /خْ ثفقونت - خْ ثافقونت/، /خْ ثمغارث - خْ ثامغارث/، /خْ ثريا - خْ ثاريا/. أمثلة من المتحرك + المشدد : - ربي /خْ ربي/، عمي /خْ عمي/، جدي /خْ جدي/، حنا /خْ حنا/، يما /خْ يما/، يبا /خْ يبا/، لالة /خْ لالة/، حدو /خْ حدو/، يفوس /خ يفوس/. 3 - في بعض ضمائر الجمع المتصلة وأسماء الإشارة والموصولة : - /خْ نغ/، /خْ وَن/، /خْ سَن/، /خْ سَنت/. - /خْ وو/، /خْ ثو/، /خْ يييّا/، /خْ ثييّا/، /خْ وينّي/، /خْ ثينّي/، /خْ يينّي/. - /خ ونّي/، /خ ثنّي/،/خْ ثينّي/، /خْ يينّي/. ٢ - /خَ/ بحركة الفتحة وحالاتها : يدخل هذا الاستعمال على الكلمات التي تبتدئ بساكن (في النطق لا في الكتابة) ويليها حرف متحرك، ويكثر وروده في أسماء الأعلام والأسماء المعرفة بأل المستعارة من العربية، لكنه يقل في الأسماء الأمازيغية لكون أغلبها يدخل عليه حرف الجر /خْ/ الساكن، كما سنراه لاحقا. أمثلة من أسماء الأعلام : - اعْمر /خَ عْمر/، اعْلي /خَ عْلي/، احمذ /خَ حمذ/، العربي /خَ لعربي/، الوازنة /خَ لوازنة/، شريفة /خَ شريفة/. أمثلة من الأسماء المستعارة من العربية المعرفة بأل : - الحني /خَ لحني/، المجمر /خَ لمجمر/، الحادج /خَ لحادج/، القوصبر /خَ لقوصبر/، الخورشف /خَ لخورشف/، المفتاح /خَ لمفتاح/. أمثلة من الأسماء الأمازيغية (المؤنثة خاصة) : - ثغاط /خَ ثغاط/، ثفاوث /خَ ثفاوث/، ثسومتا /خَ ثسومتا/، ثفويث /خَ ثفويث/، ثمارث /خَ ثمارث/، ثراتشا /خَ ثراتشا/. ونجد هذه الصورة أيضا في العديد من أسماء التأنيث الأمازيغية التي تقبل صورة حرف الجر الأصلية المفترضة، أي /خْ/ بالتسكين، نحو : /خَ ثمطوث - خْ ثامطوث/، /خَ ثزقا - خْ ثازقا/، /خَ ثمورث - خْ ثامورث/، /خَ ثلفسا - خْ ثالفسا/، /خَ ثخسوين - خْ ثيخسوين/، /خَ ثمقياسين - خْ ثيمقياس/. ٣ - /خُ/ بحركة الضمة وحالاتها : ذكرت في إحدى تدويناتي على هذه الصفحة أن الناطقين بأمازيغية بني يزناسن يلجؤون أحيانا إلى حذف همزة التعريف (أَ، أُ، إ) من الاسم المذكر في صيغة الإفراد، وذلك لتسهيل النطق أثناء التداول. لكنها تسقط وجوبا من كل الأسماء المهموزة عندما تدخل عليها حروف الجر والظروف وكذلك في حالة الإضافة، وقد سبق أن أوردنا بعض الأمثلة من ذلك. وبما أننا بصدد الحديث عن حروف الجر هنا، سنتطرق فيما يلي إلى الحالات المتداولة بكثرة لحرف الجر /خُ/ بالضم : 1 - في الأسماء التي تبتدئ بهمزة مفتوحة إذا كان حرفها الثاني متحركا، وفي هذه الحالة تسقط الهمزة وجوبا كما أشرت إليه سابقا. من أمثلة ذلك : - ألينتي /خُ لينتي/، أظيل /خُ ظيل/، أجنا /خُ جنا/، أمذياز /خُ مذياز/، أبرؼان /خُ برؼان/، أغي /خُ غي/، أسُعاجي /خُ سُعاجي/، أحولي /خُ حولي/، أذُرِّيْ /خُ ذُرِّيْ/، أرومي (خُ رومي)، أزومي /خُ زومي/، أفوسي /خُ فوسي/. 2 - في الأسماء المفردة المهموزة أصلا والتي يفترض أن همزتها قد حذفت في أمازيغية بني يزناسن لغرض التسهيل، لكن يعاد إظهارها في صيغة الجمع (ظاظ # إظوظان)، وكذلك في بعض الصفات التي تنسب إلى شيء ما لعلاقتها المعنوية به (فوس # أفوسي) نسبة إلى اليد اليمنى. ومن أمثلته : - فوس /خُ فوس/، فوذ /خُ فوذ/، ظار /خُ ظار/، ييس /خُ ييس/، موش /خُ موش/، يازيظ /خُ يازيظ/. وتجدر الإشارة إلى أن أمازيغية تاشلحيت وفي بعض الأمازيغيات الأخرى، تُظهر هذه الهمزة في الإفراد والجمع معا : (أفوس # إفاسن) بدل ( فوس # إفاسن) في أمازيغية بني يزناسن. 3 - في أسماء النسبة Les gentilés التي تنسب إلى بلد أو مدينة أو قبيلة، شريطة أن تبدأ بصوت مهموز، نحو : - أمغربي /خُ مغربي/، أتونسي /خُ تونسي/، أطانجوي /خُ طانجوي/، أريفي /خُ ريفي/، أشلحي /خُ شلحي/، أزناسني /خُ زناسني/، أجبلي /خُ جبلي/، أطالياني /خُ طالياني/، أسبانيو /خُ سبانيو/. ٤ - /خِ/ بالكسر وحالاتها : ينطق حرف الجر /خِ/ مكسورا في كل الجموع التي تبتدئ بهمزة بعدها حرف متحرك : - إشحلاف /خِ شحلاف/، إحفران /خِ حفران - خِ حفراون/، إموشون /خِ موشون/، إسلمان /خِ سلمان/، إسرذان /خِ سرذان/، إظوظان /خِ ظوظان/، إؼورذان /خِ ؼورذان/، إزوران /خِ زوران/، إزيرار /خِ زيرار/، إزيرار /خِ قيلال/، إفيلان / خِ فيلان/. ٥ - /خَّ/ بالتشديد : هذه الصورة قليلة جدا، لا توجد إلا في أربع كلمات وهي ضمائر المفرد المتصلة : - /خِّي/ (عَلَيَّ - عَنِّي)، /خَّك/ (عليكَ - عنك)، /خَّم/ (عليكِ - عنكِ)، /خَّس/ ( عليه - عنه). ........................ (*) - فصل حرف الجر عن المجرور أو إلصاقه به لا يعني وجوب الفصل أو الوصل بينهما في أمازيغية بني يزناسن، وإنما هو اختيار شخصي للتمييز بين الاثنين في حالة الفصل، والوصل بينهما في بعض الضمائر كان متعمدا لقصرها.
لغويات أمازيغية (6) أدوات الجر في أمازيغية بني يزناسن (تتمة).
(3) - حرف الجر (غَرْ) ومعانيه. قلنا سابقا إن الفعل هو الذي يحدد نوع الحرف الذي يشاركه في أداء وظيفته الدلالية/المعنوية في الجملة، والأصل في حرف الجر (غَرْ) في أمازيغية بني يزناسن أنه يعني (إلى)، لكن بنفس اللفظ في تعلقه بالمجرور تتحدد معاني الأفعال المرتبطة به وتختلف معانيه أيضا، ومن أهم هذه الاختلافات المعنوية : ١ - (غَرْ) بمعنى (إلى) : هذا هو الأصل في أمازيغية بني يزناسن كما قلنا، لأنه يحمل معنى حرف الجر الحقيقي، وله أمثلة كثيرة : - إروح غَرْ وخّام (ذهب إلى المنزل). - يولَيْ غَرْ وذْرار (طلع إلى الجبل). - يهوا غَرْ يغزر ( نزل إلى الوادي) لكنه قد يتحول إلى حرف معنى في بعض السياقات وفي هذه الحالة يتغير معناه وكذلك إعرابه : ٢ - قد يأتي بمعنى (عند) في حالات كثيرة أهمها : 1 - على شكل ظرف مكان : - راجيغش غَرْ ثوورث ن السوق (انتظرتك عند باب السوق). - قاث غَرْ فلان (هو موجود عند فلان في بيته). 2 - ويأتي مفعولا فيه بمعنى الظرفية الزمانية : - يكَّرْد غَرْ لفجر (استيقظ عند الفجر). 3 - ويأتي خبرا مقدما أو مؤخرا مضافا على شكل شبه جملة، نحو : - غري إينوجيون - إينوجيون غري (عندي ضيوف - ضيوف عندي). 4 - وقد يأتي بمعنى الظن والحكم : - نتش غري وَرْ يَحْلي ! يقابله في الدارجة : أنا عندي ماشي مليح). - أور غرؼ ماين ذيس غا ثينيذ ! (ما عندك ما تقول فيه). ٣ - ويأتي بمعنى (لدى) : - غري تافتاراث (لدي دفاتر). - غْرس لبعظ ن التمنياث (لديه بعض الدراهم). ملاحظة : الفرق بين (لدى و عند) في العربية - ومثله حتى في الأمازيغية على ما يبدو - هو أن (لدى) تُستعمل للشيء الحاضر فقط، فيقال : لديّ مالٌ، أي أن المال حاضر معي، في حين يقال : عندي مال، سواء كان المال حاضراً أو غائباً. ٤ - وقد يأتي (غَرْ) بمعنى لام الجر الدال على الملكية (لِ): - غْرس ثناين نتوورا (له بابان). ٥ - ويأتي ظرفا يدل على الجهة بمعنى (نحو / في اتجاه) : - يتقل غْرو ظار نس/ غْرو جَنّا / غَرْ القبلث. ٦ - وقد يكون مضمرا يفهم معناه من خلال السياق، نحو : - إسوق، أي : إروح غَرْ السوق (ذهب إلى السوق). ٧ - وقد يأتي لتحذير المخاطب من فعل شيء أو من الوقوع في واقعة أو حادثة من حوادث الدهر : - غرؼ أتحوفذ ! (إياك أن تسقط). - غرم أتحوفذ ! (إياك أن تسقطي). - غرون أتحوفم ! (إياكم أن تسقطوا). ٨ - وقد يأتي مرادفا ل (أكذ/أكيذ) بمعنى (مع): - قا سّاوالَغْ غرؼ !، أي : سّاوالَغْ أكيذؼ، بمعنى (أتكلم معك أنت). - شؼ أ غر مومي ليغ سّاوالَغْ !، أي : شؼ أكذ مومي ليغ سّاوالَغْ !، بمعنى (معك أتكلم أنا). وفي كلا التعبيرين نوع من الإلحاح على التوجه بالخطاب إلى شخص معين وليس إلى غيره. ٩ - كما قد يفيد معنى التعليل أو السببية (من أجل/ لأجل/ بسبب) وتكون (غر) في هذا الحالة مرادفة لحرف الجر (خ)، كما في قولنا : - يوسد غر الصالحث نس / يوسد خ الصالحث نس، أي (جاء من أجل مصلحته). - غر لفلوس آيد يوسا / خ لفلوس آيد يوسا، أي (جاء لأجل المال). وإلى لقاء آخر بإذن الله.
لغويات أمازيغية (7)
ظروف المكان والزمان في أمازيغية بني يزناسن. أشرنا في الدروس السابقة(*) إلى أن العديد من حروف الجر قد تتحول إلى ظروف مكان أو زمان، مثل حرف الجر (خ = على) الذي يتحول إلى ظرف مكان بمعنى (فوق) أو (حول)؛ وحرف الجر (ذي = في) الذي قد يعامل معاملة الظرف قبل اسم الإشارة الذي نشير به إلى مكان معين : خَدّمَغ ذي ثحانت و (أشتغل في هذا المحل) = خَدّمَغ ذا (أشتغل هنا)، (خَدّمَغ ذيه = هناك)، (خَدّمَغ ذين/ذينّي = ثَمَّ)؛ وكذلك حرف الجر (غر = إلى) الذي يحمل معنى الظرفية الزمانية في قولنا : يوسد غر لفجر (جاء وقت الفجر)، ويحمل معنى الظرفية المكانية في : زريغث غر ثوورث ن السوق (رأيته أمام/ قرب/ عند باب السوق)، وهكذا. أما الظروف الحقيقية في أمازيغية بني يزناسن فهي نفسها ظروف المكان وظروف الزمان المستعملة في اللغة العربية، مع اختلاف بسيط في دلالة بعضها : لما يكون للظرف الواحد في الأمازيغية مرادفات عربية متقاربة المعنى على المستوى المعجمي، يكون كل مرادف من هذه المرادفات مستقلا بذاته يدل على حالة ظرفية خاصة بحسب عرف الاستعمال، في اللغة العربية. (1) - ظروف المكان، أحوالها ومعانيها في أمازيغية بني يزناسن : أهم هذه الظروف تلك التي تسمى بالظروف المبهمة التي لا يتحدّد المكان الذي تدل عليه إلا إذا أضيفت إلى اسم بعدها، وتعرف بكونها إجابة عن اسم الاستفهام (ماني أو مانيس = أين / من أين)، وغالبا ما تكون هذه الظروف من أسماء الجهات أو ما يشابهها، منها ما لا يقبل التصريف بل يبقى ظروفا تدل على مكان وقوع الحدث في جميع السياقات، ومنها ما يقبل التصريف فتتغير وظيفته النحوية : ١ - ظرف المكان (زاث) بمعنى (أمام) : يقبل التصريف والإضافة إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير من ضمائر الجر المتصلة، نحو : - يَقّيم زّاثي وَخَّام (جلس بجانب/أمام/ قريبا من الدار). - يَقّيم زّاثؼ/ زّاثْنَغ (جلس بجانبك(نا)/ أمامك(نا)/ قريبا منك(منا)). لكنه قد يتصرف ويتحول إلى حالة إعرابية أخرى كما في قولنا : - رْنِي غر زّاثْ (تقدم إلى الأمام)، جار ومجرور. ٢ - ظرف المكان (قِبالْ/ قِبالْت) بمعنى (مقابل/ أمام/ تجاه)، ومثاله : وهو ظرف ثابت لا يقبل التصريف أي لا يأتي إلا ظرفا مبهما وتلزمه الإضافة لتحديد مكان وقوع الحدث، نحو: - يَقّيم قِبالْ/ قِبالْت إينو (جلس مقابلا لي/ أمامي/ تجاهي). ٣ - ظرف المكان (يَفّوس) بمعنى (يمين) : ظرف متصرف لا يأتي إلا ملازما للجار، قد يأتي مضافا في نحو : - بَدّ خ يَفّوس إينو (قف على يميني)، وقد يوقف عليه : قاث خ يَفّوس (موجود على اليمين)، بَدّ خ يَفّوس (قف يمينا). ٤ - ظرف المكان (زَلْمَظْ) بمعنى (يسار) : متصرف ملازم للجار، قد يوقف عليه، نحو : - أويُور خ زَلْمَظْ (امش على اليسار)، وقد يأتي مضافا : أويُور خ زَلْمَظْ إينو/ نس/ نو ماك (امش على يساري/ يساره/ يسار أخيك). ٥ - ظرف المكان (أوَرِّي) بمعنى (وراء/خلف) : ظرف غير متصرف أي لا يفارق الظرفية، وتلزمه الإضافة لإزالة الإبهام وتحديد المكان، فنقول : سَّرْسَغْث أوَرِّي ثَوّورث/ أوراس (وضعته وراء الباب/ وراءه). ولهذا الظرف ظرف مرادف لكنه متصرف يلزمه حرف الجر (غر)، يعبر عنه ب (ذَفّر)، ومثاله : قّيمَغْ/ نقّيم غر ذَفّر (جلست/ جلسنا في الخلف)، ذْوَل غر ذَفّر (ارجع إلى الخلف أو إلى الوراء). ٦ - ظرف المكان (سَنَّج) بمعنى (فوق) : ظرف متصرف يضاف إلى الاسم الظاهر والضمير : يُولَيْ سَنَّج إِثْزَقّا (طلع فوق السطح)، يزْظَغْ سَنَّج نَّغ (يسكن فوقنا). وعندما يوقف عليه ويقطع عن الإضافة يبقى المكان مبهما، لكنه يتحدد من خلال السياق في قولنا مثلا : - يولي سَنَّج (طلع فوق)، إحوف زي سَنَّج (سقط من فوق) بحيث ندلُّ على مكان وقوع الحدث إما بالإشارة، وإما بقرينة لفظية أو معنوية تكون قد سبقت العبارة. ٧ - ظرف المكان (سْوَدّاي) بمعنى (تحت/ أسفل) : متصرف : ﯕيغْث سْوَادّاي إِثْسومْتا (وضعته تحت الوسادة)، لكنه يرفض الإضافة لفظا عندما يوقف عليه أثناء الكلام، نحو : يهوا سْوَادّاي (هبط تحت/أسفل)، يَقّيم سْوَادّاي (بقي تحت/أسفل)، دجيغث سْوَادّاي (تركته تحت/أسفل)، يوجد زي سْوَادّاي (أتى من تحت)، والقرينة هي التي تحدد المكان المقصود كما هو الحال مع الظرف السابق (سَنَّج) وكذلك مع الظرف اللاحق (زْذاخَّل). ٨ - ظرف المكان (زْذاخَّل) بمعنى (داخل) : مثله مثل (سْوَادّاي)، أي أنه متصرف يقبل الإضافة تارة ويرفضها تارة أخرى، فنقول : - ﯕيغْث زْذاخَّل إثخانشت (وضعته داخل الكيس). ونقول أيضا : - أَوْيِيتْ غر زْذاخَّل (خذها إلى الداخل). - يفّغْد زي زْذاخَّل (خرج من الداخل). - قاث ذي زْذاخَّل (هو موجود في الداخل). ٩ - ظرف المكان (بَرّا) بمعنى (خارج) : متصرف يقبل الإضافة وينقطع عنها، نحو : - في حالة الإضافة نقول : ݣيث بَرّا يْوَخَّام (ضعه خارج المنزل). - في حالة انعدام الإضافة نقول : يَسَّرْسِيث بَرّا (حطه خارجا). وقد يلحقه حرف الجر (ذي = إلى، في، من)، في مثل قولنا : - أَوْيِيث غَر بَرّا (خذه إلى الخارج). - يَتْراجا ذي بَرّا ( ينتظر في الخارج). - إوْيَغْتَد زي بَرّا (أتيت بها من الخارج). ١ً٠ - ظرف مكان (أَوْرُود) بمعنى (قبل/دون) : متصرف ويقبل الإضافة في مثل : قاث أَوْرُود إوَبْريذ (هو موجود قبل/ دون الطريق)، وقد يعني المكان باستعمال اسم الإشارة (هنا)، وفي هذه الحالة يقطع عن الإضافة في مثل قولنا : لحمد أَوْرُود (اقترب هنا أو إلى هنا). ١١ - ظرف المكان (أَغيرين) بمعنى (بعد/ وراء) : متصرف ويقبل الإضافة في مثل قولنا : قاث أَغيرين إوَبْريذ (هو موجود بعد / وراء الطريق). وقد يقطع عن الإضافة لفظا ومعنى بذكر الفعل المتعلق به، كقولنا : بعذ أَغيرين (ابتعد هناك / إلى هناك)، أو بدون ذكر المتعلق، نحو : أَغيرين ! (هناك !) وفي هذه الحالة يكون المقصود من التعبير إما دعوة الشخص إلى الابتعاد المكاني عن المتكلم، وإما إلى عدم تدخله في شؤونه، وقد يعني شيئا آخر. ١٢ - ظرف المكان (جار، بترقيق الجيم) بمعنى (بين) : غير متصرف، أي لا يأتي إلا ظرفا مضافا، كما في قولنا : جار إثوذْرين (بين الدور)، جارانَغْ (بيننا)، جاراوَنْ (بينكما/ بينكم)، جاراوَنْت (بينكن)، جاراسَنْ (بينهم)، جاراسَنْت (بينهن). ١٣ - ظرف المكان (ماني) بمعنى (أين) : اسم استفهام يدل على الظرفية المكانية، يُسْأَلُ به عن المكان الذي حدث فيه الشيء : ماني شَتُّوغ ؟ (أين كنت ؟)، أو عن المكان الذي سيحدث فيه الشيء : ماني تْروحَذْ ؟ (أين تذهب ؟)، ماني غا ثْروحَذْ ؟ (أين ستذهب ؟). وقد يُسْأَلُ به عن تخصيص مكان حدوث الشيء أو المكان الذي سيحدث فيه، وفي هذه الحالة لا بد من أن يلحقه " سين التخصيص " الذي يقابله في العربية حرف الجر (مِن)، فنقول : - مانيس تُّوسيذ ؟ (من أين أتيت ؟). - مانيس غَ ثَكّذ؟ ( من أين ستمر ؟). ١٤ - أسماء إشارة تدل على الظرفية المكانية : (ذا/ذيه/ذين، ذينّي/ذيها) بمعنى (هنا/هناك/ثم/ذلك) : - بَدّ ذا (قف هنا)، اسم يشار به إلى المكان القريب. - بَدّ ذيه (قف هناك)، اسم يشار به إلى المكان البعيد. - بَدّ ذين/ذينّي (قف ثم)، اسم يشار به إلى مكان محدد قريب. - بَدّ ذيها (قف في ذلك المكان)، اسم يشار به إلى مكان محدد بعيد. (2) - ظروف الزمان، أحوالها ومعانيها في أمازيغية بني يزناسن : (ترقبوها قريبا إن شاء الله)
1 - تصريف فعل (ينَّا) بمعنى (قال) إلى الماضي في أمازيغية بني بزناسن - نتش نّيغ (أنا قلت( شك ثنّيذ (أَنتَ قلت( - شم ثنّيذ (أَنْتِ قلتِ( - نتّا ينَّا (هو قال( - نتّاث ثنَّا (هي قالت( - نتشين ننَّا (نحن قلنا( شك ثنّام (أنتم قلتم( كنيمت ثنّيمت أو ثنَّامْت (أنتن قُلْتُنَّ( - نيهني/ نيهنين نّان (هم قالوا( - نيهنتي/ نيهنتين نّانْتْ (هن قلن( ملاحظة : لا وجود للمثنى بنوعيه في أمازيغية بني يزناسن، يعامل الاثنان فيها معاملة الجمع كما هو الحال في اللغة الفرنسية. 2 - تصريف فعل (ينَّا + ضمير المفعول به مذكر ومؤنث) إلى الماضي - أنا قلته / قلتها : نتش نّيغث / نّيغت أو نّيغتَث. - أَنتَ قلته / قلتها : شكؼ ثنّيتّ / ثنّيتّ أو ثنّيتّث. - أَنْتِ قلتيه / قلتيها : شم ثنّيتّ / ثنّيتّث. - هو قاله / قالها : نتّا ينَّاث / ينَّاتْ أو يناتَث. - هي قالته / قالتها : نتّاث ثنَّاث / ثنَّاتْ أو ثنَّاتَث. - نحن قلناه / قلناها : تتشين ننَّاث / ننَّاتْ أو ننَّاتَث. - أنتم قلتموه / قلتموها كَنِّيو ثنّيمْث / ثنّيمْت أو ثنّيمْتَث. - أنتن قُلْتُنَّه / قُلْتُنَّها كَنِّيمت ثنّيمْت أو ثنّيمَّتّ / ثنّيمَّتّ أو ثنيمَّتّث. - هم قالوه / قالوها : نيهني نَّانْث/ نَّانْتْ أو نَّانْتَث. - هن قلنه / قلنها : نيهنتي نَّانْتْ / نَّانْتَث أو نَّانَّتّث. 3 - تصريف الفعل (ينا = قال) إلى المضارع في أمازيغية بني يزناسن - نتش أذينيغ (أنا أقول). شك أتينيذ (أنت تقول). - شم أتينيذ (أنت تقولين). - نتا أذْييني (هو يقول). - نتاث أتيني (هي تقول). - نتشين أنيني (نحن نقول). كنيو أتينيمْ (أنتم تقولون.( كنيمت أتينيمْتْ (أنتن تقلن). - نيهني أذينين (هم يقولون). - نيهنتي أذينينْتْ (يقلن). 4 - تصريف الفعل (ينا = قال) إلى المضارع + ضمير المفعول به - نتش أثينيغ / أتينيغ (أنا أقوله/أقولها). شك أتّينيذ / أتّينيذ (أنت تقوله/تقولها.( - شم أتّينيذ / أتّينيذ (أنت تقولينه/تقولينها). - نتا أثْييني / أتْييني (هو يقوله/يقولها). - نتاث أتّيني / أتّيني (هي تقوله/تقولها). - نتشين أثْنيني / أتْنيني (نحن نقوله/نقولها.( كنيو أتّينيمْ / أتّينيمْ (أنتم تقولونه/تقولونها.( كنيمت أتّينيمْتْ / أتّينيمْتْ (أنتن تقلنه/تقلنها.( - نيهني أثينين / أتينين (هم يقولونه/يقولونها.( - نيهنتي أثينينْتْ / أتينينْتْ (هن يقلنه/يقلنها).
نماذج غير مصنفة من التصريف في أمازيغية بني يزناسن
نماذج غير مصنفة من التصريف في أمازيغية بني يزناسن، 1 - فعل (ينا = قال) للمتكلم الماضي بضمائره : - نيغاؼ : قلت لك (كاف ألمانية) - نيغاؼث : قلته لك (كاف ألمانية) - نيغاؼت : قلتها لك - نيغاؼتث : قلتها لك (كاف ألمانية)(تخصيص الشيء بالإخبار به) - نيغاؼثنت : قلتها / قلتهن لك - نيغام : قلت لك(ي) - نيغامث : قلته لك(ي) - نيغامت : قلتها لك(ي) - نيغامتث : قلتها لك(ي) (تخصيص الشيء بالإخبار به) - نيغاس : قلت له / لها - نيغاياست : قلتها له - نيغاستث / نيغاياستث : قلتها له (تخصيص الشيء بالإخبار به) - نيغاسثنت : قلتها / قلتهن له (تخصيص الشيء بالإخبار به) - نيغاون : قلت لكم/لكن - نيغاسن : قلت لهم - نيغاسنت : قلت لهن - نيغاسنتث : قلتها لهم (تخصيص الشيء بالإخبار به) - نيغاونت : قلته لكم - نيغاونتث : قلتها لكم (تخصيص الشيء بالإخبار به) أما المثنى فيعد من الجمع مخاطبا كان أو غائبا. ------------------------------- 2 - الفعل (ينا) للماضي المذكر والمؤنث والجمع بنوعيه مع الضمائر : - ينايي : قال لي - ثنايي : قالت لي - يناياؼ : قال لك (كاف ألمانية) - ثناياؼ : قالت لك - يناياس : قال له / لها - ثناياس : قالت له - ينايام : قال لك(ي) - ثنايام : قالت لك(ي) - ينايانغ : قال لنا - ثنايانغ : قالت لنا - نانانغ : قالوا لنا / قلن لنا - نانانغث : قالوه لنا (تخصيص الشيء بالإخبار به) - نانانغت : قالوها لنا - نانانغتث : قالوها لنا (تخصيص الشيء بالإخبار به) - نانانت = قالوها - نانانتث = قالوها (تخصيص الشيء بالإخبار به) - ناناونت : قالوها لكم - ناناونتث : قالوها لكم (تخصيص الشيء بالإخبار به) - يناياون : قال لكم - يناياونت : قال لكن /قاله لكن - يناياونتث : قالها لكم / لكن (تخصيص الشيء بالإخبار به) - يناؼنت : قال لكن - ثناون / ثناياون : قالت لكم - ثناياونت : قالته لكم / لكن - ثناياونتث : قالته لكم / لكن (تخصيص الشيء بالإخبار به) - يناياسن : قال لهم - يناياسنت : قال لهن/قاله لهن - يناياسنتث : قالها لهن (تخصيص الشيء بالإخبار به) - ثناياسن : قالت لهم - ثناياسنت : قالت لهن - ثناياسنتث : قالته لهم / لهن (تخصيص الشيء بالإخبار به) - ناناسنتث : قالوه/ قلنه لهم (تخصيص الشيء بالإخبار به) - ناناسنتنت : قالوه / قلنه لهم/ لهن (تخصيص الشيء بالإخبار به) الكاف في جميع الحالات تقترب في النطق من الكاف الألمانية التي اخترت لها هذا الرسم (ؼ).
لغويات
لغة المحاكاة الصوتية Les Onomatopées في عامية الجهة الشرقية من المغرب ومنطقة بني يزناسن. اللغة قسمان : لغة يعبر بها الإنسان عن أفكاره كتابة وقراءة وتعبيرا، ولغة يعبر بها عن مشاعره وأحاسيسه، أو عن حالات طبيعية أو إنسانية أو حيوانية، تسمى لغة المحاكاة، وهي عبارة عن أصوات ينطق بها الإنسان، منها ما يفهم معناها من ذاتها، ومنها ما لا يفهم إلا بوجود قرينة كالسياق وغيره. وتختلف هذه الأصوات من مجتمع إلى آخر باختلاف الأبجديات والعادات والأعراف، إلا أن بعضها قد تلتقي فيه كل المجتمعات أو أغلبها. أي اللغتين أسبق في الاستعمال ؟ لقد جرت العادة أن تستعمل لغة المحاكاة ابتداء من مرحلة الرضاعة، والأم هي أول من يبدأ بالنطق بها مع رضيعها وهو لا يزال في المهد لتمهيده إلى فهم كلامها، فتعمل على خلق عملية تواصل بينها وبينه باستعمال كلمات وعبارات مقطعية (logatomes) لا معنى لها في حقيقة الأمر، والكثبر منها لم يرد ذكره في معاجم اللغة العربية، وتستعمل هذه العبارات عادة لتجربة قدرات الرضيع السمعية والإدراكية في لحظة معينة، فالأم عندما تستخدم هذه العبارات مع رضيعها تهدف إلى معرفة مدى استجابته مع حاجياتها أو مع طلباتها ورغباتها حتى تتمكن من خدمته، أما الطفل فيبدأ أولا بمحاكاة أمه منذ بداية مشواره اللغوي، فيتمرن على استخدام جهازه النطقي بنطق كلمات معينة جد محدودة يسمعها منها أو يتلقاها من محيطه الأسري. هذه عينة من الكلمات الأولى التي يتدرب الطفل اليزناسني على نطقها ويتفاعل معها عند سماعها : - ( ابوا ) بترجيف الشفتين عند نطق الواو : للماء )- مامّي) و (منامنا) : للأكل )- نيني) : للنوم )- تيتي) : للجلوس )- حوحو) : للحليب )- فوفو) : للنار )-بوعو) : للتخويف )- شيشي) : للتبول )- بابا (P) : (للخبز )- لولو) : لإثارة إعجاب الرضيع )- مومو) : للشخص الغريب أو الأجنبي )- ساساح) : لليد )- خوخو) : للتهديد أو للتحذير بالإصابة بجرح أو ألم. ويستمر الطفل في استعمال هذه اللهجة مدة من الزمن إلى أن يحين الوقت فيبدأ في التخلي عنها شيئا فشيئا وبشكل طبيعي تماشيا مع نموه الفيزيولوجي وتطور قدراته الإدراكية واللغوية والمعرفية، فينتقل من مرحلة تقليد الأم ومحاكاتها إلى مرحلة التعبير اللغوي المحض أو المستقل التي تبدأ بالكلام المعبر، ثم الكتابة والقراءة، ثم الاطلاع والاكتساب، إلى أن يدخل في المرحلة الأخيرة وهي مرحلة التفكير والأداء. لكن، رغم هذا التحول الطبيعي المنتظم، تبقى لغة المحاكاة في جوهرها دائمة الحضور في حياة الطفل، وتلازمه خلال مراحل نموه، تنتقل معه إلى مرحلة الشباب، ومنها إلى مرحلة الكهولة، ثم إلى مرحلة الشيخوخة : فالطفل عندما يكبر ويحتك بأفراد المجتمع الذي يعيش فيه، يلجأ من جديد إلى لغة المحاكاة للتعبير عن بعض حالاته الشعورية فيبدأ في استعمال ألفاظ جديدة تكونت لديه نتيجة هذا الاحتكاك. أما الحالات الشعورية الأكثر استعمالا من طرف أفراد المجتمع في المنطقة الشرقية بما فيها بنو يزناسن، فتتمثل في أغلب الأحيان في : - حالة التشكي أو التوجع نتيجة مرض أو تعب أو قلق، ويعبر عنها بلفظ : (أح) أو (أي). - حالة الازدراء والكره لشخص أو لشيء ما، ويستعمل فيها لفظ : (أخ) أو (أع) أو (تفو). - حالة التعجب والدهشة لفرح أو لمصيبة، ويتم التعبير عنها ب : (واو !)، (أولالا !)، (أووه !)، (أيياي !.( ويتم التعبير عن هذه الحالات إما على انفراد وإما بحضور شخص ثان أو أكثر. وهناك حالات أخرى يتداولها الناس يوميا فيما بينهم يشترط فيها وجود متكلم ومخاطب، كما هو الحال بالنسبة للكلمات الآتية التي لا يمكن أن تقال إلا بوجود شخصين على الأقل : )- طحطح) : للدلالة على الضرب. )- خرخر) : للدلالة على تمويه الكلام بالزيادة فيه وزخرفته بالكذب. )- جرجر) : للتهاون والتماطل في القيام بفعل أو بعمل ما. )- حرحر) : للدلالة على شدة حرارة طبق الأكل. )- فرفر) : بالتفخيم للدلالة على إهلاك محرك سيارة، أو سخافة عقل شخص ما، ومثله (طرطر). )- فرفر) : بالترقيق للدلالة على الطيران، أو على غياب الشيء من مكانه نتيجة سرقة أو تحويله من مكان معلوم إلى مكان مجهول. )- فرزع) = تقال عند الهجوم على جماعة من الناس باليدين أو بالسلاح. )- بلبل) : بالتفخيم، للدلالة على الكلام غير المجدي الذي لا فائدة منه. )- قزقز) : للدلالة على كثرة الحركة المزعجة أو على الإفراط في النشاط الحركي. ويدخل في خانة هذه الحالة التداولية أو التخاطبية محاكاة أصوات الطبيعة (صوت أمواج البحر، أوراق الأشجار وأغصانها...)، والحديث مع الطيور والحيوانات والتعبير عن حركاتها وتقليد أصوات بعضها بألفاظ مناسبة، فالكل سبق له أن سمع أو استعمل كلمات مثل : )كشكش)، (خشخش)، (عو عو)، (وعوع)، (حنطز)، (زعرط)، (قرقر)، (بشبش)، (تشيوتشيو)، (اصب)، (اتشر)... إلخ. لغة المحاكاة في الثقافات الأخرى : قلت في البداية إن لغة المحاكاة منها ما هو مشترك بين كل الشعوب ومنها ما هو خاص بثقافة دون أخرى، إلا أن هذه الخصوصية لا تعني وجود تعبير عن حالة معينة في ثقافة ما وغيابه في ثقافات أخرى، بل إن كل الثقافات لها ألفاظها الخاصة بها وأساليبها التعبيرية المستعملة لوصف نفس الحالة. لنأخذ أمثلة لما هو مشترك بين العاميات المغربية والفرنسية : )- ششت)) = Chuut للصمت والسكوت. )- ممم) = Mmm( للتعبير عن طعم لذيذ. )- بوم() = Boum للانفجار وإطلاق النار. - (هوهو) أو (واو = ! Waaou !, Houhou للتعجب. - (ألو) = Allo (للرد في الهاتف (مشترك بين أغلب اللغات. -(زززز) = Zzzz (لتقليد صوت النحل. )- لا لا لا) بالتفخيم : La la la دندنة غنائية. )- باف = Paf (للاصطدام المباشر. - (بششش)) = Pchhh لتسرب الهواء أو الغاز. وفيما يتعلق بما هو خاص بثقافة دون أخرى، نجدهم في العامية المغربية جهة الشرق وبني يزناسن مثلا يقولون : -(أخ) أو (أع) (بتشديد الخاء والعين) أو (اتفو) للتعبير عن كره شخص أو شيء ما، ويقابله في اللغة الفرنسية : ( !Aaah أو (Berk)، وفي اللغة الإنجليزية : (Yuk). - (أح) (بتشديد الحاء) أو (آي) للتوجع، وفي الفرنسية نقول : (Aïe, Ouïe, Ouille). وهناك سلسلة من الاستعمالات العامية في المنطقة الشرقية تقابلها في اللغة الفرنسية وفي غيرها من اللغات الأوروبية ألفاظ تامة المعنى، غالبا ما تكون أفعالا نحو : - (تشر - لطرد الكلب)، (اصب - لطرد القط)، (أر - لحث الحمار على التحرك)، (أشش - لطرد الدجاج)، (أخ - لحث البهائم على التحرك)، (أي - لحث الحصان والبغل والبقر على التحرك)... فكل هذه الأصوات المقطعية تترجم إلى الفرنسية باستعمال فعل واحد مصرف وتام المعنى، هو فعل ذهب = aller في صيغة الأمر=! Vas أو Vas-y. ويجمعها في الإنجليزية أيضا فعل واحد هو = Go. إلى غير ذلك من الاستعمالات اللغوية التي لها خصوصيات أخرى قد أعود إليها في مناسبة أخرى بحول الله.